هناك عدد محدود للقراءات المسموح بها للزوار

[2] هو عدد القراءات المتبقية

من الذي خلق الشيطان

  • بادئ الموضوع عضو محذوف 129
  • تاريخ البدء
بداية وقبل كل شيء ... فرّق بين الإيمان والاعتقاد :
الإيمان هو وسيلة معرفية يمكنك تسميتها بالتجريب الذاتي أو الملاحظة الاستبطانية ، يقابلها بالانجليزية مصطلحات مثل Introspictive أو Supersensible.
أما الاعتقاد فهو تصديق عقلي بموضوع غيابي بناءً على نوع من أنواع الحجج ... لذلك ليس الاعتقاد محصوراً في مسائل الثيولوجيا فقط. بينما الإيمان هو كشف وجداني وليس اعتقاداً بالموروث.

أصلاً الإيمان هو أعلى مراحل الوعي والإدراك ، لأنك حتى وإن رأيت الشمس فلا يمكن أن تجزم بثلاثة أمور : بحقيقتها ما وراء الرصد وبتطابق الرصد مع تلك الحقيقة ، وبرصدك نفسه.
هذه مشكلات إبستمولوجية الطبع وذات نكهة ميتافيزيقة لا يقوى عليها العلم التجريبي ، لأنه يتأسس مباشرة على شرط التسليم بالإجابة بالجزم لتلك الأمور الثلاثة ، بعبارة أخرى هو يبحث في واقع افتراضي ، داخل هذا النسق الواقع متماسك ويمكن تحقيق تجارب وملاحظات متكررة فيه ، ولكن علة التوافق بين تلك النتائج والتي يعزوها العلم للواقع نفسه ، وبالتالي أيضاً جوهر حقيقتها وما تعنيه فهو غائب عن مباحث العلم التجريبي.

إنه يوفر لك القدرة على الانتفاع ، ضمن الواقع هذا نفسه وليس يمكنه الإجابة عن الأسئلة الكبرى ، الحالة الوحيدة التي يتم فيها استبدال المعرفة التجريبية بالميتافيزيقا على نحو نهائي هو أن يكون الواقع غاية الإنسان ورغباته النهائية هي ضمن هذا النسق نفسه ... إذن هي مسألة اختيار وقرار ومصير ، وليست مبحثاً للعلم التجريبي وحده.

  • قضية معيار الحق ، هل هو التجريب أم البُرهان أم الإدراك ، وإذا كان التجريب فعلى أي نحو يكون ، ذاتي أم موضوعي ، هذه قضايا علم الإبستمولوجيا وهي تتأسس على نرية معرفة متعالية على أي منطق محصور بأسلوب معين ، سواء العقل أو النقل أو التجريب ....... ولذلك لا يمكنك القول إن التجريب الموضوعي على شرطك هو الحقيقة المُطلقة وطريقها الوحيد لأن هذه إيديولوجيا ، بالطبع أنت حر بموقفك ولكن أنت تقوم بفرضه على الآخرين.

  • حتى وإن حققت نتائج وظيفية فهذا ليس معياراً للحق ، فمثلاً من يؤمن بالإدراكية كمعيار يرى النتائج الذاتية والكلانية والأعم من تلك التي توظف فقط ضمن النسق ، هي نتائج الوصول إلى الحق ، حين تتحد مع الحقيقة وتحيا في رحابها. ويرى أيضاً أن التجريبية هي دليل إدراكي منقوص ولم يكتمل نضوجه بعد ، لذلك يؤتي ثماراً غير موجهة ، ويُعتبر مثال التجريب النموذجي هو البرهان الفينومينولوجي ( وبلغة القرآن هو "الذِّكر" ).

  • الوعي ليس علماً تجريبياً بالمعنى الخاص بالتجريبية الوضعية والموضوعية ، لأن نقل الوعي نحو الموضوعية يلغي حقيقته مباشرة ويحيله إلى محض إجراءات ، لا تختلف عن الذكاء الاصطناعي أو حتى السلوك الذري التوافقي بأي شيء ...

وأما نقطة الخلاف المركزية معكم فهي رفضكم لوجود أي بحثٍ علمي في مجال ما وراء الطبيعة الموضوعية ، أي حتى الكلمات التي تستخدمونها مثل ( الشيطان - الوعي - العقل - الوجود .... ) إنما تستخدمونها للدلالة على وظائف موضوعية معينة ضمن نسق الأحداث الموضوعي ، وليس على دلالتها على حقيقة ذاتية وجوهر حيوي له قيمة بحد ذاته ويمكن إدراكه كحالة متفردة.

المشكلة هي تسفيهك علوماً يبدو جيداً أنك لم تحط بأساسياتها ، فالشيطان مبحثٌ ميتافيزيقي علمي ، وليس مجرد مبحث ثيولوجي خاص بدين معين ومبني على الاستدلال من نصوصه وتراثه ، ربما قد تختلف التسمية ولكن ذلك لا يعني في حقيقة الأمر أي شيء على الإطلاق ، سمه الشيطان أو قوى الظلام أو ميلكوور أو غير ذلك ... كلها مجرد تسميات فلا تقف على سطوح الأمور.

نتفق على أن الشيطان ليس إنساناً بقدم عنزة وقرني كبش ، وليس ذو بشرة حمراء ... هذه المعلومات نتفق على استحالة التثبت من صدقها وفق المنهج التراثي وحده ، لكن هذا لا يعني أنها خرافة لمجرد ارتباطها بالتراث ، أولاً لابد من معيار لتمييز المسألة بحد ذاتها ومن حيث وجودها وبغض النظر عن مصدرها ، وحينها نقول : إن الشيطان بمعنى قوة التشتيت الظلامي للوعي عن الحضور في عالم النور وجعله يتوه بين الظلام والوهم والأحلام شاملة كل ما سيعانيه من جراء ذلك ، هي ليست مجرد كائنٍ مادي محدود وجزئي ، بل هي قانون من راسخات الكون ، وبالتالي تنتهي الصورة الساذجة التي رسمها التراث دون استبدالها بتراث جديد حداثي.

كما ولا يحق لأحد أن يملي عقائده على الآخرين ويقول لهم : الشيطان غير موجود ، أو أنه خرافة أو نحو ذلك ... ولا أن يسيء للمقدسات ، التي لم يستطع فك تلغيزها بعد ، القرآن الكريم يأتي بقداسته من البرهان والحجة البالغة ، وليس من التسليم الأعمى ، وكان الأحرى بك أن تقول : المعلومات التراثية عن تأويل القرآن الكريم هي خرافات ، وليس أن تجعل القضايا العلمية بعينها خرافات لمجرد ذكرها في الكتب المقدسة.

افتح المجال أمام البحث الميتافيزيقي ولا تكن يقينياً أكثر من اللازم بما انتهيت إليه فيه ، واعترف بأن ما يجهله الإنسان لا يقارن بمحدودية ما يعلمه حتى الوقت الراهن ، ليس فقط من الناحية التراكمية للطبيعة والوجود الموضوعي ، بل ايضاً من الناحية النوعية لمستويات الوجود نفسها ولأنواع الموجودات وطبقات العالمين. وعوضاً عن استخدام كلمة خرافة فيمكنك البحث العلمي الحر ، نقد التراث شيء ، ونقد العلم لمجرد صلته بالتراث وانقطاعه عن النزعة المهيمنة في الحداثة التاريخية اليوم شيء آخر..
 
التعديل الأخير:
بداية وقبل كل شيء ... فرّق بين الإيمان والاعتقاد :
الإيمان هو وسيلة معرفية يمكنك تسميتها بالتجريب الذاتي أو الملاحظة الاستبطانية ، يقابلها بالانجليزية مصطلحات مثل Introspictive أو Supersensible.
أما الاعتقاد فهو تصديق عقلي بموضوع غيابي بناءً على نوع من أنواع الحجج ... لذلك ليس الاعتقاد محصوراً في مسائل الثيولوجيا فقط. بينما الإيمان هو كشف وجداني وليس اعتقاداً بالموروث.

أصلاً الإيمان هو أعلى مراحل الوعي والإدراك ، لأنك حتى وإن رأيت الشمس فلا يمكن أن تجزم بثلاثة أمور : بحقيقتها ما وراء الرصد وبتطابق الرصد مع تلك الحقيقة ، وبرصدك نفسه.
هذه مشكلات إبستمولوجية الطبع وذات نكهة ميتافيزيقة لا يقوى عليها العلم التجريبي ، لأنه يتأسس مباشرة على شرط التسليم بالإجابة بالجزم لتلك الأمور الثلاثة ، بعبارة أخرى هو يبحث في واقع افتراضي ، داخل هذا النسق الواقع متماسك ويمكن تحقيق تجارب وملاحظات متكررة فيه ، ولكن علة التوافق بين تلك النتائج والتي يعزوها العلم للواقع نفسه ، وبالتالي أيضاً جوهر حقيقتها وما تعنيه فهو غائب عن مباحث العلم التجريبي.

إنه يوفر لك القدرة على الانتفاع ، ضمن الواقع هذا نفسه وليس يمكنه الإجابة عن الأسئلة الكبرى ، الحالة الوحيدة التي يتم فيها استبدال المعرفة التجريبية بالميتافيزيقا على نحو نهائي هو أن يكون الواقع غاية الإنسان ورغباته النهائية هي ضمن هذا النسق نفسه ... إذن هي مسألة اختيار وقرار ومصير ، وليست مبحثاً للعلم التجريبي وحده.

  • قضية معيار الحق ، هل هو التجريب أم البُرهان أم الإدراك ، وإذا كان التجريب فعلى أي نحو يكون ، ذاتي أم موضوعي ، هذه قضايا علم الإبستمولوجيا وهي تتأسس على نرية معرفة متعالية على أي منطق محصور بأسلوب معين ، سواء العقل أو النقل أو التجريب ....... ولذلك لا يمكنك القول إن التجريب الموضوعي على شرطك هو الحقيقة المُطلقة وطريقها الوحيد لأن هذه إيديولوجيا ، بالطبع أنت حر بموقفك ولكن أنت تقوم بفرضه على الآخرين.

  • حتى وإن حققت نتائج وظيفية فهذا ليس معياراً للحق ، فمثلاً من يؤمن بالإدراكية كمعيار يرى النتائج الذاتية والكلانية والأعم من تلك التي توظف فقط ضمن النسق ، هي نتائج الوصول إلى الحق ، حين تتحد مع الحقيقة وتحيا في رحابها. ويرى أيضاً أن التجريبية هي دليل إدراكي منقوص ولم يكتمل نضوجه بعد ، لذلك يؤتي ثماراً غير موجهة ، ويُعتبر مثال التجريب النموذجي هو البرهان الفينومينولوجي ( وبلغة القرآن هو "الذِّكر" ).

  • الوعي ليس علماً تجريبياً بالمعنى الخاص بالتجريبية الوضعية والموضوعية ، لأن نقل الوعي نحو الموضوعية يلغي حقيقته مباشرة ويحيله إلى محض إجراءات ، لا تختلف عن الذكاء الاصطناعي أو حتى السلوك الذري التوافقي بأي شيء ...

وأما نقطة الخلاف المركزية معكم فهي رفضكم لوجود أي بحثٍ علمي في مجال ما وراء الطبيعة الموضوعية ، أي حتى الكلمات التي تستخدمونها مثل ( الشيطان - الوعي - العقل - الوجود .... ) إنما تستخدمونها للدلالة على وظائف موضوعية معينة ضمن نسق الأحداث الموضوعي ، وليس على دلالتها على حقيقة ذاتية وجوهر حيوي له قيمة بحد ذاته ويمكن إدراكه كحالة متفردة.

المشكلة هي تسفيهك علوماً يبدو جيداً أنك لم تحط بأساسياتها ، فالشيطان مبحثٌ ميتافيزيقي علمي ، وليس مجرد مبحث ثيولوجي خاص بدين معين ومبني على الاستدلال من نصوصه وتراثه ، ربما قد تختلف التسمية ولكن ذلك لا يعني في حقيقة الأمر أي شيء على الإطلاق ، سمه الشيطان أو قوى الظلام أو ميلكوور أو غير ذلك ... كلها مجرد تسميات فلا تقف على سطوح الأمور.

نتفق على أن الشيطان ليس إنساناً بقدم عنزة وقرني كبش ، وليس ذو بشرة حمراء ... هذه المعلومات نتفق على استحالة التثبت من صدقها وفق المنهج التراثي وحده ، لكن هذا لا يعني أنها خرافة لمجرد ارتباطها بالتراث ، أولاً لابد من معيار لتمييز المسألة بحد ذاتها ومن حيث وجودها وبغض النظر عن مصدرها ، وحينها نقول : إن الشيطان بمعنى قوة التشتيت الظلامي للوعي عن الحضور في عالم النور وجعله يتوه بين الظلام والوهم والأحلام شاملة كل ما سيعانيه من جراء ذلك ، هي ليست مجرد كائنٍ مادي محدود وجزئي ، بل هي قانون من راسخات الكون ، وبالتالي تنتهي الصورة الساذجة التي رسمها التراث دون استبدالها بتراث جديد حداثي.

كما ولا يحق لأحد أن يملي عقائده على الآخرين ويقول لهم : الشيطان غير موجود ، أو أنه خرافة أو نحو ذلك ... ولا أن يسيء للمقدسات ، التي لم يستطع فك تلغيزها بعد ، القرآن الكريم يأتي بقداسته من البرهان والحجة البالغة ، وليس من التسليم الأعمى ، وكان الأحرى بك أن تقول : المعلومات التراثية عن تأويل القرآن الكريم هي خرافات ، وليس أن تجعل القضايا العلمية بعينها خرافات لمجرد ذكرها في الكتب المقدسة.

افتح المجال أمام البحث الميتافيزيقي ولا تكن يقينياً أكثر من اللازم بما انتهيت إليه فيه ، واعترف بأن ما يجهله الإنسان لا يقارن بمحدودية ما يعلمه حتى الوقت الراهن ، ليس فقط من الناحية التراكمية للطبيعة والوجود الموضوعي ، بل ايضاً من الناحية النوعية لمستويات الوجود نفسها ولأنواع الموجودات وطبقات العالمين. وعوضاً عن استخدام كلمة خرافة فيمكنك البحث العلمي الحر ، نقد التراث شيء ، ونقد العلم لمجرد صلته بالتراث وانقطاعه عن النزعة المهيمنة في الحداثة التاريخية اليوم شيء آخر..
هل تعرف شئ غير المادة هل جربت واختبرت شئ عن المادة هل لديك تجارب بدل هذا الأسلوب الإيمان اعلي مراحل الوعي يا سلام يعني اليونانيين القدماء كانوا في اعلي مراحل الوعي... كل هذا كي تثبت لنفسك ان معتقدك صح... علي فكرة ممكن تكون فكرة منطقية وبالتجربة تطلع غلط
 
  • لايك
التفاعلات: Ile
بداية وقبل كل شيء ... فرّق بين الإيمان والاعتقاد :
الإيمان هو وسيلة معرفية يمكنك تسميتها بالتجريب الذاتي أو الملاحظة الاستبطانية ، يقابلها بالانجليزية مصطلحات مثل Introspictive أو Supersensible.
أما الاعتقاد فهو تصديق عقلي بموضوع غيابي بناءً على نوع من أنواع الحجج ... لذلك ليس الاعتقاد محصوراً في مسائل الثيولوجيا فقط. بينما الإيمان هو كشف وجداني وليس اعتقاداً بالموروث.

أصلاً الإيمان هو أعلى مراحل الوعي والإدراك ، لأنك حتى وإن رأيت الشمس فلا يمكن أن تجزم بثلاثة أمور : بحقيقتها ما وراء الرصد وبتطابق الرصد مع تلك الحقيقة ، وبرصدك نفسه.
هذه مشكلات إبستمولوجية الطبع وذات نكهة ميتافيزيقة لا يقوى عليها العلم التجريبي ، لأنه يتأسس مباشرة على شرط التسليم بالإجابة بالجزم لتلك الأمور الثلاثة ، بعبارة أخرى هو يبحث في واقع افتراضي ، داخل هذا النسق الواقع متماسك ويمكن تحقيق تجارب وملاحظات متكررة فيه ، ولكن علة التوافق بين تلك النتائج والتي يعزوها العلم للواقع نفسه ، وبالتالي أيضاً جوهر حقيقتها وما تعنيه فهو غائب عن مباحث العلم التجريبي.

إنه يوفر لك القدرة على الانتفاع ، ضمن الواقع هذا نفسه وليس يمكنه الإجابة عن الأسئلة الكبرى ، الحالة الوحيدة التي يتم فيها استبدال المعرفة التجريبية بالميتافيزيقا على نحو نهائي هو أن يكون الواقع غاية الإنسان ورغباته النهائية هي ضمن هذا النسق نفسه ... إذن هي مسألة اختيار وقرار ومصير ، وليست مبحثاً للعلم التجريبي وحده.

  • قضية معيار الحق ، هل هو التجريب أم البُرهان أم الإدراك ، وإذا كان التجريب فعلى أي نحو يكون ، ذاتي أم موضوعي ، هذه قضايا علم الإبستمولوجيا وهي تتأسس على نرية معرفة متعالية على أي منطق محصور بأسلوب معين ، سواء العقل أو النقل أو التجريب ....... ولذلك لا يمكنك القول إن التجريب الموضوعي على شرطك هو الحقيقة المُطلقة وطريقها الوحيد لأن هذه إيديولوجيا ، بالطبع أنت حر بموقفك ولكن أنت تقوم بفرضه على الآخرين.

  • حتى وإن حققت نتائج وظيفية فهذا ليس معياراً للحق ، فمثلاً من يؤمن بالإدراكية كمعيار يرى النتائج الذاتية والكلانية والأعم من تلك التي توظف فقط ضمن النسق ، هي نتائج الوصول إلى الحق ، حين تتحد مع الحقيقة وتحيا في رحابها. ويرى أيضاً أن التجريبية هي دليل إدراكي منقوص ولم يكتمل نضوجه بعد ، لذلك يؤتي ثماراً غير موجهة ، ويُعتبر مثال التجريب النموذجي هو البرهان الفينومينولوجي ( وبلغة القرآن هو "الذِّكر" ).

  • الوعي ليس علماً تجريبياً بالمعنى الخاص بالتجريبية الوضعية والموضوعية ، لأن نقل الوعي نحو الموضوعية يلغي حقيقته مباشرة ويحيله إلى محض إجراءات ، لا تختلف عن الذكاء الاصطناعي أو حتى السلوك الذري التوافقي بأي شيء ...

وأما نقطة الخلاف المركزية معكم فهي رفضكم لوجود أي بحثٍ علمي في مجال ما وراء الطبيعة الموضوعية ، أي حتى الكلمات التي تستخدمونها مثل ( الشيطان - الوعي - العقل - الوجود .... ) إنما تستخدمونها للدلالة على وظائف موضوعية معينة ضمن نسق الأحداث الموضوعي ، وليس على دلالتها على حقيقة ذاتية وجوهر حيوي له قيمة بحد ذاته ويمكن إدراكه كحالة متفردة.

المشكلة هي تسفيهك علوماً يبدو جيداً أنك لم تحط بأساسياتها ، فالشيطان مبحثٌ ميتافيزيقي علمي ، وليس مجرد مبحث ثيولوجي خاص بدين معين ومبني على الاستدلال من نصوصه وتراثه ، ربما قد تختلف التسمية ولكن ذلك لا يعني في حقيقة الأمر أي شيء على الإطلاق ، سمه الشيطان أو قوى الظلام أو ميلكوور أو غير ذلك ... كلها مجرد تسميات فلا تقف على سطوح الأمور.

نتفق على أن الشيطان ليس إنساناً بقدم عنزة وقرني كبش ، وليس ذو بشرة حمراء ... هذه المعلومات نتفق على استحالة التثبت من صدقها وفق المنهج التراثي وحده ، لكن هذا لا يعني أنها خرافة لمجرد ارتباطها بالتراث ، أولاً لابد من معيار لتمييز المسألة بحد ذاتها ومن حيث وجودها وبغض النظر عن مصدرها ، وحينها نقول : إن الشيطان بمعنى قوة التشتيت الظلامي للوعي عن الحضور في عالم النور وجعله يتوه بين الظلام والوهم والأحلام شاملة كل ما سيعانيه من جراء ذلك ، هي ليست مجرد كائنٍ مادي محدود وجزئي ، بل هي قانون من راسخات الكون ، وبالتالي تنتهي الصورة الساذجة التي رسمها التراث دون استبدالها بتراث جديد حداثي.

كما ولا يحق لأحد أن يملي عقائده على الآخرين ويقول لهم : الشيطان غير موجود ، أو أنه خرافة أو نحو ذلك ... ولا أن يسيء للمقدسات ، التي لم يستطع فك تلغيزها بعد ، القرآن الكريم يأتي بقداسته من البرهان والحجة البالغة ، وليس من التسليم الأعمى ، وكان الأحرى بك أن تقول : المعلومات التراثية عن تأويل القرآن الكريم هي خرافات ، وليس أن تجعل القضايا العلمية بعينها خرافات لمجرد ذكرها في الكتب المقدسة.

افتح المجال أمام البحث الميتافيزيقي ولا تكن يقينياً أكثر من اللازم بما انتهيت إليه فيه ، واعترف بأن ما يجهله الإنسان لا يقارن بمحدودية ما يعلمه حتى الوقت الراهن ، ليس فقط من الناحية التراكمية للطبيعة والوجود الموضوعي ، بل ايضاً من الناحية النوعية لمستويات الوجود نفسها ولأنواع الموجودات وطبقات العالمين. وعوضاً عن استخدام كلمة خرافة فيمكنك البحث العلمي الحر ، نقد التراث شيء ، ونقد العلم لمجرد صلته بالتراث وانقطاعه عن النزعة المهيمنة في الحداثة التاريخية اليوم شيء آخر..
ربما قد لا تفهمني و و لكن دعنا من مسألة الاعتقاد والإيمان , لأنني أقصد مصطلح believing , كما اتمنى منك ان تكف على مهاجمتي بأنني لا اعرف او انني اسفه علوما و تقولها بكل ثقة في نفس , الآن هذا ليس من شيم الباحثين و لكن لا بأس قد سامحتك .
وانا لست من محبي الجدال و السفسطة الفلسفية و استخدام الجمباز العقلي , الانني مهتم فقط بالوعي لا العقل .

عندما اخبرتني ان الوعي ليس علما تجربيا ..فهنا يا صديقي لم ترى الامر بشكل جيد , الان التجربة تحتوى على شقين
المراقب و الموضوع ., الان الوعي هو المراقب هو التأمل و يعتبر كل شيئ من عالم المادة الى عالم الافكار بمثابة موضوعات خارجية و منفصلة عنه , اذا كنت تمارس التأمل ستعرف هذا بالـتأكيد .

كما ارجوا منك ان تكف على المهاجمة, الانني في الاصل لست ضد علم الوعي والذي تسميه الميتافيزيقا , الانني بنفسي اكتب وانشر حول موضوعات مثل التأمل و الفضائيين و بعض الاشياء الخارقة و و قد كنت على خطا في بعضها و قد راجعت نفسي في امور اخرى و الان هذه هي رحلة التعلم , الاعتراف بأخطائك و مراجعتها و تبني حقائق جديدة توافق التجربة التي مررت بها .
ما انا ضده هو الخرافات و الاساطير مثل
" الالهة , الشياطين و الملائكة , الجنة و الجحيم " في اساسها الديني و الفولكلوري
ولكن اذا اردت النقاش في اصلها الثيوصوفي و اسرارها التي تقبع ما وراء الاسطورة فأنا معك .
الان اي باحث في هذا المجال يعرف اساسا مثل هذا ان القصص الفولكلورية هي مجرد قصص مشفرة تنتظر الحل .


الانه اذا كنت تصدق مثلا ان الارض موضوعة فوق سلحفاة ضخمة و تريدني ان اؤمن بها ايضا , سيكون عليك اثباث الدليل , لا يهم اي دليل سواء كان مادي او غير مادي و المهم ان يكون الدليل حقيقة موضوعة امامي و استطيع مراقبته و تجربته ايضا سواء بعيني المادية او باسقاط نجمي , والطبع استطيع ان اقول ان هذا مجرد تعبير مجازي استخدمه القدماء على حركة الارض .
 
هل تعرف شئ غير المادة هل جربت واختبرت شئ عن المادة هل لديك تجارب بدل هذا الأسلوب الإيمان اعلي مراحل الوعي يا سلام يعني اليونانيين القدماء كانوا في اعلي مراحل الوعي... كل هذا كي تثبت لنفسك ان معتقدك صح... علي فكرة ممكن تكون فكرة منطقية وبالتجربة تطلع غلط
كما قلتُ لك ... الإيمان هو أعلى مراحل الدليل ، وهو نوع من التجريب والحس الفائق ...
طبعاً اليونان كانوا أعلى وعياً من أكثر البشر ، أرسطو وضع قواعداً لسير المنطق أحكمت سيطرتها على التاريخ ولم يقدر أي فيلسوف على الخروج عنها ولا أي عالم ، ولا أي شخص في أي مجال ، لأنه تكلم عن نظام العالم البرمجي المبني على المُفارقات ... طبعاً أنت لم تجرب أن تقرأ كتب أرسطو مباشرة.
ولم تجرب أن تقرأ كتبَ أفلاطون ... وقد قدم خلاصة كافة مذاهب الأرواحيات في رواياته السبعة المتوسطة الحجم.
حتى السفسطائيين الذين نسخر منهم ومن سفسطتهم وضعوا الأساس لجميع المذاهب المادية والعدمية ، ولم يخرج منظروا هذا العصر كثيراً أو حتى قليلاً عن ما وضعه السفسطائيون ، ولا تنسى أنه بين اليونان وبيننا قطيعة تاريخية الله وحده يعلم بحقيقتها ، ويذكر أن أرسطو كتب 200 كتاب ووصلنا منها عشرة ، وكتب أفلاطون عدداً ضخماً من الكتب والتي لم يصلنا منها إلا المحاورات.

حتى الميثولوجيا اليونانية نظام فلسفي وعلمي شديد التعمق في الذات والوجود ... رغم أنه مرمز بطريقة يصعب كثيراً فكها.

أصلاً ما هو معيار الوعي عندك ؟ هل هو ريتشارد دوكينز مثلاً وهو يلفق الأكاذيب بكل وقاحة عن من يرفض المادية ؟ هل هذه قمة الوعي ؟ ما أنتجته الحضارة الغربية من تكنولوجيا استهلكت بها 80% من موارد الأرض واحترت الأرض ثم يبدأ الإعلام بالترقيع وتغيير الحقائق وتكذيب المؤامرة ؟ هل الحرارة اليوم أنت تحسها منذ عشرين سنة خلت ؟ الأرض تموت اليوم وتنهدم في نظام بيئتها ... غابة الأمازون العريقة احترقت بشكل شبه كامل ، وتم إعدام 10000 جمل في أستراليا بتهمة تلويث الجو بالغازات ! هذه هي قمة الوعي التي تطمح لها ؟ مبارك على من يطمح لهذا وعيه الفائق إذن ...

سؤال : هل لديك دليل على وجود أمور تقع في مستويات غير مادية من الوجود ؟

لنتفق أولاً أن المادة مصطلح عصي على العلم التجريبي المعاصر ، ليس هناك تعريف محدد لها ، ولكن الاختبار المباشر يمكنه أن يوصلك إلى تعريفها ، ولقد حاول برتنارد راسل وفتجنشتاين ذلك النوع من الاستبطان وتوصلا إلى تعريف لائق وهو أن المادة هي الوجود الذري المحلي
وكلمة ذري تعني أنه مكون من وقائع لا نهاية لها ، كلمة محلي تعني أنه مقترن ب"هُنا والآن" في عالمك ، أما وجود فهي حضوره نحو الإدراك ... أي هناك ثلاث شروط لنقول عن أمر ما إنه مادي :

أولاً هو مفارق للذات المدركة.

ثانياً هو مقترن بعلاقات نسبية ضمن شبكة المحليات تسمح بتحديده بإحداثيات على موقعه من الشبكة بكلمة "هُنا والآن" ضمن هذا المحل ، وبالنسبة لعلاقاته مع المكونات الأخرى للواقع المحلي.

ثالثاً ينعكس جبرياً على الحواس ويدركه الإدراك على ذلك النحو.


إن أحداً من هذه الشروط لا يستدعي اليقين ، وإن كل شيء تصف بالمادة لا يحقق كافة هذه الشروط يكون الخطأ في تسميتك له بالمادة ، مثلاً ، الهلوسة والحلم والتهيؤات المرضية جميعها مفارقة للإدراك ومرتبة ضمن علاقات مع الواقع الخارجي ، ليس هناك شيء يمكن أن تحتج به على الفصامي إذا رآى كائناً كبيراً أو أباه المتوفى أو حتى خاله المسافر منذ زمن ، وتقول له أنت لا ترى مادة !! حقيقة ، ليس هناك فرقٌ بين ما يراه الفصامي أو ما تراه نفسك في أحد أحلامك الواضحة والصافية بين الواقع الذي أمامك الآن ، لا فرق إلا في "عملية الإحصاء والترجيح الموضوعي" لأن ما يراه الفصامي يراه وحده كذلك ، أما رئيس دولة ما فيراه أكثر الناس ، وأكثر الناس لا يرون ما يراه الفصامي والمهلوس ، ولكن هل هذا معيارٌ للحق ؟ إذا شككت في ما يراه الفصامي فما المانع أن يكون جميع الناس كذلك يرون أوهاماً يدعونها واقعاً ؟

انتبه !! لا أقول إن ما يراه الفصامي حقيقة أو ما يراه الآخرون زيف ، ولكن معيار مادية الأرصاد لا يمكنه التفريق بينهما على نحو قاطع مهما حدث ، والتجارب في روسيا عن "الوهم" تثبت ذلك ، خذ موزة بيدك واهجم بها على شخص في فصل دراسي على نحو مباغت وسيرى الجميع تلك الموزة سكيناً قاطعة ...

ثم أخبرني عن أي معرفة مادية تتحدث ؟ المادة ليس فيها مفاهيم ... ليس فيها علاقات ... ليس فيها أحكام
ليس فيها معادلات ... تفاعلات ... ماهيات .... ذاكرة ... المادة حاضرة أمامك الآن كحاسوب وغرفة ، مفهوم الحاسوب والغرفة ليس مادياً وأنت تدركه رغم ذلك ...
مفهوم العلاقات والماهيات بين الأشياء التي تنسبها لبعضها البعض بسبب اقترانها الزمكاني ليس حاضراً إليك كخبرة مادية ...
أصلاً بناؤك المعرفي من أوله إلى آخره ليس فيه شيء مادي ، ذكرياتك لا تقع ضمن المحل بل ضمن المخيلة ولا يمكنك حتى إقامة الربط المادي بينها وبين المحل ... أنت ترى الآن غرفتك ، ولا ترى العالم بأسره ، ورغم ذلك تطلق أحكاماً جزافية على هذا العالم الغائب عنك وتبني منه نموذجاً عقلياً تتفاعل فيه المادة .... وما الذي يضمن لك أن المواد موجودة ؟ أو أن رصدك لها حقيقة ؟ ولماذا تختار شيئاً ضئيلاً كهذا الواقع لتبني عليه حياتك ؟ ثم تدعي أنها قمة الوعي .....

لا يا أخي ... أنت واهم ... المستوى التجريدي من الوجود حاضر نحوك على طول مسار خطك الزمني وحياتك في هذه الدنيا ... إن المعقولات أو المعرفة التجريدية ربما يكون من الصعب فصل تزامنها في الرصد مع رصد المادة ، ولكن فصل وجودها ونوعية حضورها حتى أثناء حضور المادة هو أمر هين جداً بل هو مجرد تركيز على اختبارك الطبيعي للموجودات التي تُدركها ، فالرقم المجرد والشكل المجرد والعلاقة المجردة والحكم المجرد والتشخصات ... كل تلك ضروب من المعقولات التي تتخلى عن انحصارها في العالم المحلي من حيث مادتها الوجودية على الأقل ، التي تتمايز عن كل الماديات زمناً ووجوداً.

وكذلك المستوى الروحي حاضر إليك وهو الإدراك نفسه حينما يتحرر من ارتهان مفارقة الموضوع ، سواء من حيث اقترانه به في زمن الرصد أو حتى من حيث تعاملك مع حضور الوجود الروحي بنوع من الإهمال والتناسي والغفلة ...

وأخيراً المادة في جوهرها ليست ذلك الشبح الذي في إدراكك ... المادة في حقيقتها هي تعبير عن الروح وعن التجريد ، وعن الحيوية والقيمية في الوجود ... تبدأ التفاعلات من المستويات العليا ثم تتكاثف حتى تبني شيئاً يمكن تقييده بعلاقات المحل ثلاثية ورباعية الأبعاد ، ويمكن نسبه لبقية الكائنات المحلية ويأخذ أصلاً تعريفه من تلك النسبة ( المادة مجرد علاقات تناسبية بين المحليات ، وكل كائن محلي يفقد ماديته بمجرد زوال نسبيته التي تقيده لهذا النسق بالذات ) ولقد قدمت في هذا الموقع قبل فترة من الزمن شرحاً كافياً عن ذلك الموضوع في ما كتبته لترجمة محاضرة إدنبرة الأولى لتوماس تراورد.
ربما قد لا تفهمني و و لكن دعنا من مسألة الاعتقاد والإيمان , لأنني أقصد مصطلح believing , كما اتمنى منك ان تكف على مهاجمتي بأنني لا اعرف او انني اسفه علوما و تقولها بكل ثقة في نفس , الآن هذا ليس من شيم الباحثين و لكن لا بأس قد سامحتك .
وانا لست من محبي الجدال و السفسطة الفلسفية و استخدام الجمباز العقلي , الانني مهتم فقط بالوعي لا العقل .

عندما اخبرتني ان الوعي ليس علما تجربيا ..فهنا يا صديقي لم ترى الامر بشكل جيد , الان التجربة تحتوى على شقين
المراقب و الموضوع ., الان الوعي هو المراقب هو التأمل و يعتبر كل شيئ من عالم المادة الى عالم الافكار بمثابة موضوعات خارجية و منفصلة عنه , اذا كنت تمارس التأمل ستعرف هذا بالـتأكيد .

كما ارجوا منك ان تكف على المهاجمة, الانني في الاصل لست ضد علم الوعي والذي تسميه الميتافيزيقا , الانني بنفسي اكتب وانشر حول موضوعات مثل التأمل و الفضائيين و بعض الاشياء الخارقة و و قد كنت على خطا في بعضها و قد راجعت نفسي في امور اخرى و الان هذه هي رحلة التعلم , الاعتراف بأخطائك و مراجعتها و تبني حقائق جديدة توافق التجربة التي مررت بها .
ما انا ضده هو الخرافات و الاساطير مثل
" الالهة , الشياطين و الملائكة , الجنة و الجحيم " في اساسها الديني و الفولكلوري
ولكن اذا اردت النقاش في اصلها الثيوصوفي و اسرارها التي تقبع ما وراء الاسطورة فأنا معك .
الان اي باحث في هذا المجال يعرف اساسا مثل هذا ان القصص الفولكلورية هي مجرد قصص مشفرة تنتظر الحل .


الانه اذا كنت تصدق مثلا ان الارض موضوعة فوق سلحفاة ضخمة و تريدني ان اؤمن بها ايضا , سيكون عليك اثباث الدليل , لا يهم اي دليل سواء كان مادي او غير مادي و المهم ان يكون الدليل حقيقة موضوعة امامي و استطيع مراقبته و تجربته ايضا سواء بعيني المادية او باسقاط نجمي , والطبع استطيع ان اقول ان هذا مجرد تعبير مجازي استخدمه القدماء على حركة الارض .

لا يهمني أن تؤمن بشيء ، الإيمان قرار شخصي وأنت وحدك المسؤول عنه ، أنا لن أنفعك ، ولن أغني عنك شيئاً ولا العكس ....
ولكن إنني أدعو الدعوة من حقي وليس من حق أحدٍ إزالتها أو تجريحي لمجرد دعوتي إلى الله وما أؤمن به ... بل لست مطالباً حتى بوضع الدليل فأنا أكتب دعوتي ولا أرغم الناس عليها ولا أدعي أني أملك الحقيقة المُطلقة ، ولكني على يقين بإمكانية الوصول إليها وتجاوز واقعك الذي أمامك الآن.

بلى أنا أفهمك جيداً ولكن وجب التنبيه على الفرق بين الاعتقاد Believing والإيمان Supersensible لأن لفظ المؤمن أصبح يطلَق بشكل مقزز على كل شخص يعلن أمام الناس أنه يصدق بوجود إله خالق ، ومجرد تصديقه هذا يعني أنه ليس بمؤمن بل ب"معتقد" بالنسبة للاصطلاح القرآني واللغة العربية. هناك تحريفات كثيرة تمارس على الترجمة كلفظ "العلم" الذي يقابله perceive perception و Truth وليس science.
أي أن الوطن العربي بالذات تمارس عليها تحريفات ثقافية من الداخل وليس فقط من الخارج فهو حالة معقدة للغاية من التشويه العلمي والإعلامي.

أيضاً بالنسبة للوعي فهو ليس علماً تجريبياً بنحو الساينس ولن يكون ، لأنه يبحث في الوعي من حيث ظهوره ومن حيث جوانيته ، كما يقال في علم النفس : بحثٌ في المُدرَك الذاتي وبحثٌ في الوظيفة الموضوعية. فالبحث في الناحية الذاتية للوعي وحقيقته حتى وإن كان تجريبياً فهو ليس كذلك بمعنى الاستقراء والتكرار وبناء الافتراضات ، بل لمعنى الاختبار المباشر والكشف ، وتصفية الكشوف عن الظنون والتأويلات ثم بناء اللغة العلمية المناسبة للدلالة على تلك الخبرات ...

طبعاً علم الوعي يبحث في الوعي ذاته ، وفي ظهوره الخارجي كوظائف عبر الزمن الموضوعي ، وأيضاً في التفاعل القائم بين الوعي وبين الموضوعات ، ولكل نوع من هذه الأنواع مناهج البحث والتفرعات الخاصة به ، فضلاً عن ذلك ، ليس لأحد الحق في تقريرها ولا احتكارها فهي قضايا أنطولوجية وليس مجرد قضايا أكاديمية.

..............


والله يا أستاذ ، كف أنت عن المهاجمة وكذلك الأخت أنجيلا والأخ مصطفى وأنا بدوري لم أتعرض لكم بسوء من البداية ، دائماً تلاحقونني وتنتقدونني ، وبعد أن أساء أنجيلا بصريح العبارة إلي تم حظري من مجال الشات ولم تتخذ أي إجراءات بحقه ... أما أنا فلا رغبة لي بمهاجمة أي أحد منكم ولو كنت أرغب بهجوم على شخص ما فلدي أساليب حقيقية للهجوم، وليس مجرد الكلام والحرب على الانترنت ، إلا أن الموضوع لا يستحق كل هذا الذي يحدث ، وهناك من شن علي حروباً أعنف بكثير ولم أقم بردها له وقد استطعت ذلك.

ليس بيني وبينكم شيء شخصي، أصلاً لا أعرفكم ولا أريد ، ولكنكم تحاولون قلب الأمر إلى الشخصنة منذ البداية ، كل ما في الأمر هو الحقائق الثقيلة التي يتم الإعلان عنها وبالكاد تحتملها النفوس ...

أوقفوا لهجة السخرية ، وأوقفوا الحديث الناقد لشخص الباحثين في موقعكم ، والتزموا بالبرهان والمنطق الصحيح، هذا إذا أردتم لهذا الموقع أن يستمر حقاً ولا يضيع أدراج الرياح ...


..............

المهم أننا اتفقنا ... في النهاية أن نفرق بين "الموروث الشعبي والديني كمصدر للمعرفة عن موضوعات ميتافيزيقية وأنطولوجية" وبين "البحث العلمي والإدراكي في هذه الموضوعات نفسها" .
وفقط وجب التنويه للمرة الأخيرة ... أن استخدام الاسم الذي يراه الكاتب أنسب وأقرب إلى الحقيقة ، أو التعبير الأنسب والأقرب إلى الحقيقة ، ليس استعانة بالتراث وإنما بالأصل اللغوي للتراث، فحين أتحدث عن الله أو عن الوجود ، وهي أسماء موجودة في التراث الإسلامي والمسيحية العربية المبكرة ، فلست ملزماً بأن أعامل كأنني أتحدث على لسان المسلمين أو المسيحيين ... فهذا الترميز له علاقة ببحث الدلالة وتكوين الرموز وصلتها بالمعاني ، لا ببحث التراث ونقده.

سلام ...
 
كما قلتُ لك ... الإيمان هو أعلى مراحل الدليل ، وهو نوع من التجريب والحس الفائق ...
طبعاً اليونان كانوا أعلى وعياً من أكثر البشر ، أرسطو وضع قواعداً لسير المنطق أحكمت سيطرتها على التاريخ ولم يقدر أي فيلسوف على الخروج عنها ولا أي عالم ، ولا أي شخص في أي مجال ، لأنه تكلم عن نظام العالم البرمجي المبني على المُفارقات ... طبعاً أنت لم تجرب أن تقرأ كتب أرسطو مباشرة.
ولم تجرب أن تقرأ كتبَ أفلاطون ... وقد قدم خلاصة كافة مذاهب الأرواحيات في رواياته السبعة المتوسطة الحجم.
حتى السفسطائيين الذين نسخر منهم ومن سفسطتهم وضعوا الأساس لجميع المذاهب المادية والعدمية ، ولم يخرج منظروا هذا العصر كثيراً أو حتى قليلاً عن ما وضعه السفسطائيون ، ولا تنسى أنه بين اليونان وبيننا قطيعة تاريخية الله وحده يعلم بحقيقتها ، ويذكر أن أرسطو كتب 200 كتاب ووصلنا منها عشرة ، وكتب أفلاطون عدداً ضخماً من الكتب والتي لم يصلنا منها إلا المحاورات.

حتى الميثولوجيا اليونانية نظام فلسفي وعلمي شديد التعمق في الذات والوجود ... رغم أنه مرمز بطريقة يصعب كثيراً فكها.

أصلاً ما هو معيار الوعي عندك ؟ هل هو ريتشارد دوكينز مثلاً وهو يلفق الأكاذيب بكل وقاحة عن من يرفض المادية ؟ هل هذه قمة الوعي ؟ ما أنتجته الحضارة الغربية من تكنولوجيا استهلكت بها 80% من موارد الأرض واحترت الأرض ثم يبدأ الإعلام بالترقيع وتغيير الحقائق وتكذيب المؤامرة ؟ هل الحرارة اليوم أنت تحسها منذ عشرين سنة خلت ؟ الأرض تموت اليوم وتنهدم في نظام بيئتها ... غابة الأمازون العريقة احترقت بشكل شبه كامل ، وتم إعدام 10000 جمل في أستراليا بتهمة تلويث الجو بالغازات ! هذه هي قمة الوعي التي تطمح لها ؟ مبارك على من يطمح لهذا وعيه الفائق إذن ...

سؤال : هل لديك دليل على وجود أمور تقع في مستويات غير مادية من الوجود ؟

لنتفق أولاً أن المادة مصطلح عصي على العلم التجريبي المعاصر ، ليس هناك تعريف محدد لها ، ولكن الاختبار المباشر يمكنه أن يوصلك إلى تعريفها ، ولقد حاول برتنارد راسل وفتجنشتاين ذلك النوع من الاستبطان وتوصلا إلى تعريف لائق وهو أن المادة هي الوجود الذري المحلي
وكلمة ذري تعني أنه مكون من وقائع لا نهاية لها ، كلمة محلي تعني أنه مقترن ب"هُنا والآن" في عالمك ، أما وجود فهي حضوره نحو الإدراك ... أي هناك ثلاث شروط لنقول عن أمر ما إنه مادي :

أولاً هو مفارق للذات المدركة.

ثانياً هو مقترن بعلاقات نسبية ضمن شبكة المحليات تسمح بتحديده بإحداثيات على موقعه من الشبكة بكلمة "هُنا والآن" ضمن هذا المحل ، وبالنسبة لعلاقاته مع المكونات الأخرى للواقع المحلي.

ثالثاً ينعكس جبرياً على الحواس ويدركه الإدراك على ذلك النحو.


إن أحداً من هذه الشروط لا يستدعي اليقين ، وإن كل شيء تصف بالمادة لا يحقق كافة هذه الشروط يكون الخطأ في تسميتك له بالمادة ، مثلاً ، الهلوسة والحلم والتهيؤات المرضية جميعها مفارقة للإدراك ومرتبة ضمن علاقات مع الواقع الخارجي ، ليس هناك شيء يمكن أن تحتج به على الفصامي إذا رآى كائناً كبيراً أو أباه المتوفى أو حتى خاله المسافر منذ زمن ، وتقول له أنت لا ترى مادة !! حقيقة ، ليس هناك فرقٌ بين ما يراه الفصامي أو ما تراه نفسك في أحد أحلامك الواضحة والصافية بين الواقع الذي أمامك الآن ، لا فرق إلا في "عملية الإحصاء والترجيح الموضوعي" لأن ما يراه الفصامي يراه وحده كذلك ، أما رئيس دولة ما فيراه أكثر الناس ، وأكثر الناس لا يرون ما يراه الفصامي والمهلوس ، ولكن هل هذا معيارٌ للحق ؟ إذا شككت في ما يراه الفصامي فما المانع أن يكون جميع الناس كذلك يرون أوهاماً يدعونها واقعاً ؟

انتبه !! لا أقول إن ما يراه الفصامي حقيقة أو ما يراه الآخرون زيف ، ولكن معيار مادية الأرصاد لا يمكنه التفريق بينهما على نحو قاطع مهما حدث ، والتجارب في روسيا عن "الوهم" تثبت ذلك ، خذ موزة بيدك واهجم بها على شخص في فصل دراسي على نحو مباغت وسيرى الجميع تلك الموزة سكيناً قاطعة ...

ثم أخبرني عن أي معرفة مادية تتحدث ؟ المادة ليس فيها مفاهيم ... ليس فيها علاقات ... ليس فيها أحكام
ليس فيها معادلات ... تفاعلات ... ماهيات .... ذاكرة ... المادة حاضرة أمامك الآن كحاسوب وغرفة ، مفهوم الحاسوب والغرفة ليس مادياً وأنت تدركه رغم ذلك ...
مفهوم العلاقات والماهيات بين الأشياء التي تنسبها لبعضها البعض بسبب اقترانها الزمكاني ليس حاضراً إليك كخبرة مادية ...
أصلاً بناؤك المعرفي من أوله إلى آخره ليس فيه شيء مادي ، ذكرياتك لا تقع ضمن المحل بل ضمن المخيلة ولا يمكنك حتى إقامة الربط المادي بينها وبين المحل ... أنت ترى الآن غرفتك ، ولا ترى العالم بأسره ، ورغم ذلك تطلق أحكاماً جزافية على هذا العالم الغائب عنك وتبني منه نموذجاً عقلياً تتفاعل فيه المادة .... وما الذي يضمن لك أن المواد موجودة ؟ أو أن رصدك لها حقيقة ؟ ولماذا تختار شيئاً ضئيلاً كهذا الواقع لتبني عليه حياتك ؟ ثم تدعي أنها قمة الوعي .....

لا يا أخي ... أنت واهم ... المستوى التجريدي من الوجود حاضر نحوك على طول مسار خطك الزمني وحياتك في هذه الدنيا ... إن المعقولات أو المعرفة التجريدية ربما يكون من الصعب فصل تزامنها في الرصد مع رصد المادة ، ولكن فصل وجودها ونوعية حضورها حتى أثناء حضور المادة هو أمر هين جداً بل هو مجرد تركيز على اختبارك الطبيعي للموجودات التي تُدركها ، فالرقم المجرد والشكل المجرد والعلاقة المجردة والحكم المجرد والتشخصات ... كل تلك ضروب من المعقولات التي تتخلى عن انحصارها في العالم المحلي من حيث مادتها الوجودية على الأقل ، التي تتمايز عن كل الماديات زمناً ووجوداً.

وكذلك المستوى الروحي حاضر إليك وهو الإدراك نفسه حينما يتحرر من ارتهان مفارقة الموضوع ، سواء من حيث اقترانه به في زمن الرصد أو حتى من حيث تعاملك مع حضور الوجود الروحي بنوع من الإهمال والتناسي والغفلة ...

وأخيراً المادة في جوهرها ليست ذلك الشبح الذي في إدراكك ... المادة في حقيقتها هي تعبير عن الروح وعن التجريد ، وعن الحيوية والقيمية في الوجود ... تبدأ التفاعلات من المستويات العليا ثم تتكاثف حتى تبني شيئاً يمكن تقييده بعلاقات المحل ثلاثية ورباعية الأبعاد ، ويمكن نسبه لبقية الكائنات المحلية ويأخذ أصلاً تعريفه من تلك النسبة ( المادة مجرد علاقات تناسبية بين المحليات ، وكل كائن محلي يفقد ماديته بمجرد زوال نسبيته التي تقيده لهذا النسق بالذات ) ولقد قدمت في هذا الموقع قبل فترة من الزمن شرحاً كافياً عن ذلك الموضوع في ما كتبته لترجمة محاضرة إدنبرة الأولى لتوماس تراورد.



لا يهمني أن تؤمن بشيء ، الإيمان قرار شخصي وأنت وحدك المسؤول عنه ، أنا لن أنفعك ، ولن أغني عنك شيئاً ولا العكس ....
ولكن إنني أدعو الدعوة من حقي وليس من حق أحدٍ إزالتها أو تجريحي لمجرد دعوتي إلى الله وما أؤمن به ... بل لست مطالباً حتى بوضع الدليل فأنا أكتب دعوتي ولا أرغم الناس عليها ولا أدعي أني أملك الحقيقة المُطلقة ، ولكني على يقين بإمكانية الوصول إليها وتجاوز واقعك الذي أمامك الآن.

بلى أنا أفهمك جيداً ولكن وجب التنبيه على الفرق بين الاعتقاد Believing والإيمان Supersensible لأن لفظ المؤمن أصبح يطلَق بشكل مقزز على كل شخص يعلن أمام الناس أنه يصدق بوجود إله خالق ، ومجرد تصديقه هذا يعني أنه ليس بمؤمن بل ب"معتقد" بالنسبة للاصطلاح القرآني واللغة العربية. هناك تحريفات كثيرة تمارس على الترجمة كلفظ "العلم" الذي يقابله perceive perception و Truth وليس science.
أي أن الوطن العربي بالذات تمارس عليها تحريفات ثقافية من الداخل وليس فقط من الخارج فهو حالة معقدة للغاية من التشويه العلمي والإعلامي.

أيضاً بالنسبة للوعي فهو ليس علماً تجريبياً بنحو الساينس ولن يكون ، لأنه يبحث في الوعي من حيث ظهوره ومن حيث جوانيته ، كما يقال في علم النفس : بحثٌ في المُدرَك الذاتي وبحثٌ في الوظيفة الموضوعية. فالبحث في الناحية الذاتية للوعي وحقيقته حتى وإن كان تجريبياً فهو ليس كذلك بمعنى الاستقراء والتكرار وبناء الافتراضات ، بل لمعنى الاختبار المباشر والكشف ، وتصفية الكشوف عن الظنون والتأويلات ثم بناء اللغة العلمية المناسبة للدلالة على تلك الخبرات ...

طبعاً علم الوعي يبحث في الوعي ذاته ، وفي ظهوره الخارجي كوظائف عبر الزمن الموضوعي ، وأيضاً في التفاعل القائم بين الوعي وبين الموضوعات ، ولكل نوع من هذه الأنواع مناهج البحث والتفرعات الخاصة به ، فضلاً عن ذلك ، ليس لأحد الحق في تقريرها ولا احتكارها فهي قضايا أنطولوجية وليس مجرد قضايا أكاديمية.

..............


والله يا أستاذ ، كف أنت عن المهاجمة وكذلك الأخت أنجيلا والأخ مصطفى وأنا بدوري لم أتعرض لكم بسوء من البداية ، دائماً تلاحقونني وتنتقدونني ، وبعد أن أساء أنجيلا بصريح العبارة إلي تم حظري من مجال الشات ولم تتخذ أي إجراءات بحقه ... أما أنا فلا رغبة لي بمهاجمة أي أحد منكم ولو كنت أرغب بهجوم على شخص ما فلدي أساليب حقيقية للهجوم، وليس مجرد الكلام والحرب على الانترنت ، إلا أن الموضوع لا يستحق كل هذا الذي يحدث ، وهناك من شن علي حروباً أعنف بكثير ولم أقم بردها له وقد استطعت ذلك.

ليس بيني وبينكم شيء شخصي، أصلاً لا أعرفكم ولا أريد ، ولكنكم تحاولون قلب الأمر إلى الشخصنة منذ البداية ، كل ما في الأمر هو الحقائق الثقيلة التي يتم الإعلان عنها وبالكاد تحتملها النفوس ...

أوقفوا لهجة السخرية ، وأوقفوا الحديث الناقد لشخص الباحثين في موقعكم ، والتزموا بالبرهان والمنطق الصحيح، هذا إذا أردتم لهذا الموقع أن يستمر حقاً ولا يضيع أدراج الرياح ...


..............

المهم أننا اتفقنا ... في النهاية أن نفرق بين "الموروث الشعبي والديني كمصدر للمعرفة عن موضوعات ميتافيزيقية وأنطولوجية" وبين "البحث العلمي والإدراكي في هذه الموضوعات نفسها" .
وفقط وجب التنويه للمرة الأخيرة ... أن استخدام الاسم الذي يراه الكاتب أنسب وأقرب إلى الحقيقة ، أو التعبير الأنسب والأقرب إلى الحقيقة ، ليس استعانة بالتراث وإنما بالأصل اللغوي للتراث، فحين أتحدث عن الله أو عن الوجود ، وهي أسماء موجودة في التراث الإسلامي والمسيحية العربية المبكرة ، فلست ملزماً بأن أعامل كأنني أتحدث على لسان المسلمين أو المسيحيين ... فهذا الترميز له علاقة ببحث الدلالة وتكوين الرموز وصلتها بالمعاني ، لا ببحث التراث ونقده.

سلام ...
اعتقد انني افهمك , عندما اخبرتني ان اليونانين هم اكثر وعيا من باقي البشر فأنت اغلقت الموضوع هنا . ولا داعي للنقاش
و المفارقة ان اليونانيون الذي تبجلهم هم من انشئوا مذهب المادية و المنطقية التي تنتقده حاليا و هم اباء ريشتارد دوكيز و التفكير الغربي كله .
الان ان كان هناك اشخاص اعتبرهم معيار للوعي فهم
بوذا
ساراها
لاو تزو
مهافيرا
تشاونغ زو
باتنجالي
كل هؤلاء الاشخاص هم اساس التأمل و الوعي والتجربة الروحية
.
سلام
 
كما قلتُ لك ... الإيمان هو أعلى مراحل الدليل ، وهو نوع من التجريب والحس الفائق ...
طبعاً اليونان كانوا أعلى وعياً من أكثر البشر ، أرسطو وضع قواعداً لسير المنطق أحكمت سيطرتها على التاريخ ولم يقدر أي فيلسوف على الخروج عنها ولا أي عالم ، ولا أي شخص في أي مجال ، لأنه تكلم عن نظام العالم البرمجي المبني على المُفارقات ... طبعاً أنت لم تجرب أن تقرأ كتب أرسطو مباشرة.
ولم تجرب أن تقرأ كتبَ أفلاطون ... وقد قدم خلاصة كافة مذاهب الأرواحيات في رواياته السبعة المتوسطة الحجم.
حتى السفسطائيين الذين نسخر منهم ومن سفسطتهم وضعوا الأساس لجميع المذاهب المادية والعدمية ، ولم يخرج منظروا هذا العصر كثيراً أو حتى قليلاً عن ما وضعه السفسطائيون ، ولا تنسى أنه بين اليونان وبيننا قطيعة تاريخية الله وحده يعلم بحقيقتها ، ويذكر أن أرسطو كتب 200 كتاب ووصلنا منها عشرة ، وكتب أفلاطون عدداً ضخماً من الكتب والتي لم يصلنا منها إلا المحاورات.

حتى الميثولوجيا اليونانية نظام فلسفي وعلمي شديد التعمق في الذات والوجود ... رغم أنه مرمز بطريقة يصعب كثيراً فكها.

أصلاً ما هو معيار الوعي عندك ؟ هل هو ريتشارد دوكينز مثلاً وهو يلفق الأكاذيب بكل وقاحة عن من يرفض المادية ؟ هل هذه قمة الوعي ؟ ما أنتجته الحضارة الغربية من تكنولوجيا استهلكت بها 80% من موارد الأرض واحترت الأرض ثم يبدأ الإعلام بالترقيع وتغيير الحقائق وتكذيب المؤامرة ؟ هل الحرارة اليوم أنت تحسها منذ عشرين سنة خلت ؟ الأرض تموت اليوم وتنهدم في نظام بيئتها ... غابة الأمازون العريقة احترقت بشكل شبه كامل ، وتم إعدام 10000 جمل في أستراليا بتهمة تلويث الجو بالغازات ! هذه هي قمة الوعي التي تطمح لها ؟ مبارك على من يطمح لهذا وعيه الفائق إذن ...

سؤال : هل لديك دليل على وجود أمور تقع في مستويات غير مادية من الوجود ؟

لنتفق أولاً أن المادة مصطلح عصي على العلم التجريبي المعاصر ، ليس هناك تعريف محدد لها ، ولكن الاختبار المباشر يمكنه أن يوصلك إلى تعريفها ، ولقد حاول برتنارد راسل وفتجنشتاين ذلك النوع من الاستبطان وتوصلا إلى تعريف لائق وهو أن المادة هي الوجود الذري المحلي
وكلمة ذري تعني أنه مكون من وقائع لا نهاية لها ، كلمة محلي تعني أنه مقترن ب"هُنا والآن" في عالمك ، أما وجود فهي حضوره نحو الإدراك ... أي هناك ثلاث شروط لنقول عن أمر ما إنه مادي :

أولاً هو مفارق للذات المدركة.

ثانياً هو مقترن بعلاقات نسبية ضمن شبكة المحليات تسمح بتحديده بإحداثيات على موقعه من الشبكة بكلمة "هُنا والآن" ضمن هذا المحل ، وبالنسبة لعلاقاته مع المكونات الأخرى للواقع المحلي.

ثالثاً ينعكس جبرياً على الحواس ويدركه الإدراك على ذلك النحو.


إن أحداً من هذه الشروط لا يستدعي اليقين ، وإن كل شيء تصف بالمادة لا يحقق كافة هذه الشروط يكون الخطأ في تسميتك له بالمادة ، مثلاً ، الهلوسة والحلم والتهيؤات المرضية جميعها مفارقة للإدراك ومرتبة ضمن علاقات مع الواقع الخارجي ، ليس هناك شيء يمكن أن تحتج به على الفصامي إذا رآى كائناً كبيراً أو أباه المتوفى أو حتى خاله المسافر منذ زمن ، وتقول له أنت لا ترى مادة !! حقيقة ، ليس هناك فرقٌ بين ما يراه الفصامي أو ما تراه نفسك في أحد أحلامك الواضحة والصافية بين الواقع الذي أمامك الآن ، لا فرق إلا في "عملية الإحصاء والترجيح الموضوعي" لأن ما يراه الفصامي يراه وحده كذلك ، أما رئيس دولة ما فيراه أكثر الناس ، وأكثر الناس لا يرون ما يراه الفصامي والمهلوس ، ولكن هل هذا معيارٌ للحق ؟ إذا شككت في ما يراه الفصامي فما المانع أن يكون جميع الناس كذلك يرون أوهاماً يدعونها واقعاً ؟

انتبه !! لا أقول إن ما يراه الفصامي حقيقة أو ما يراه الآخرون زيف ، ولكن معيار مادية الأرصاد لا يمكنه التفريق بينهما على نحو قاطع مهما حدث ، والتجارب في روسيا عن "الوهم" تثبت ذلك ، خذ موزة بيدك واهجم بها على شخص في فصل دراسي على نحو مباغت وسيرى الجميع تلك الموزة سكيناً قاطعة ...

ثم أخبرني عن أي معرفة مادية تتحدث ؟ المادة ليس فيها مفاهيم ... ليس فيها علاقات ... ليس فيها أحكام
ليس فيها معادلات ... تفاعلات ... ماهيات .... ذاكرة ... المادة حاضرة أمامك الآن كحاسوب وغرفة ، مفهوم الحاسوب والغرفة ليس مادياً وأنت تدركه رغم ذلك ...
مفهوم العلاقات والماهيات بين الأشياء التي تنسبها لبعضها البعض بسبب اقترانها الزمكاني ليس حاضراً إليك كخبرة مادية ...
أصلاً بناؤك المعرفي من أوله إلى آخره ليس فيه شيء مادي ، ذكرياتك لا تقع ضمن المحل بل ضمن المخيلة ولا يمكنك حتى إقامة الربط المادي بينها وبين المحل ... أنت ترى الآن غرفتك ، ولا ترى العالم بأسره ، ورغم ذلك تطلق أحكاماً جزافية على هذا العالم الغائب عنك وتبني منه نموذجاً عقلياً تتفاعل فيه المادة .... وما الذي يضمن لك أن المواد موجودة ؟ أو أن رصدك لها حقيقة ؟ ولماذا تختار شيئاً ضئيلاً كهذا الواقع لتبني عليه حياتك ؟ ثم تدعي أنها قمة الوعي .....

لا يا أخي ... أنت واهم ... المستوى التجريدي من الوجود حاضر نحوك على طول مسار خطك الزمني وحياتك في هذه الدنيا ... إن المعقولات أو المعرفة التجريدية ربما يكون من الصعب فصل تزامنها في الرصد مع رصد المادة ، ولكن فصل وجودها ونوعية حضورها حتى أثناء حضور المادة هو أمر هين جداً بل هو مجرد تركيز على اختبارك الطبيعي للموجودات التي تُدركها ، فالرقم المجرد والشكل المجرد والعلاقة المجردة والحكم المجرد والتشخصات ... كل تلك ضروب من المعقولات التي تتخلى عن انحصارها في العالم المحلي من حيث مادتها الوجودية على الأقل ، التي تتمايز عن كل الماديات زمناً ووجوداً.

وكذلك المستوى الروحي حاضر إليك وهو الإدراك نفسه حينما يتحرر من ارتهان مفارقة الموضوع ، سواء من حيث اقترانه به في زمن الرصد أو حتى من حيث تعاملك مع حضور الوجود الروحي بنوع من الإهمال والتناسي والغفلة ...

وأخيراً المادة في جوهرها ليست ذلك الشبح الذي في إدراكك ... المادة في حقيقتها هي تعبير عن الروح وعن التجريد ، وعن الحيوية والقيمية في الوجود ... تبدأ التفاعلات من المستويات العليا ثم تتكاثف حتى تبني شيئاً يمكن تقييده بعلاقات المحل ثلاثية ورباعية الأبعاد ، ويمكن نسبه لبقية الكائنات المحلية ويأخذ أصلاً تعريفه من تلك النسبة ( المادة مجرد علاقات تناسبية بين المحليات ، وكل كائن محلي يفقد ماديته بمجرد زوال نسبيته التي تقيده لهذا النسق بالذات ) ولقد قدمت في هذا الموقع قبل فترة من الزمن شرحاً كافياً عن ذلك الموضوع في ما كتبته لترجمة محاضرة إدنبرة الأولى لتوماس تراورد.



لا يهمني أن تؤمن بشيء ، الإيمان قرار شخصي وأنت وحدك المسؤول عنه ، أنا لن أنفعك ، ولن أغني عنك شيئاً ولا العكس ....
ولكن إنني أدعو الدعوة من حقي وليس من حق أحدٍ إزالتها أو تجريحي لمجرد دعوتي إلى الله وما أؤمن به ... بل لست مطالباً حتى بوضع الدليل فأنا أكتب دعوتي ولا أرغم الناس عليها ولا أدعي أني أملك الحقيقة المُطلقة ، ولكني على يقين بإمكانية الوصول إليها وتجاوز واقعك الذي أمامك الآن.

بلى أنا أفهمك جيداً ولكن وجب التنبيه على الفرق بين الاعتقاد Believing والإيمان Supersensible لأن لفظ المؤمن أصبح يطلَق بشكل مقزز على كل شخص يعلن أمام الناس أنه يصدق بوجود إله خالق ، ومجرد تصديقه هذا يعني أنه ليس بمؤمن بل ب"معتقد" بالنسبة للاصطلاح القرآني واللغة العربية. هناك تحريفات كثيرة تمارس على الترجمة كلفظ "العلم" الذي يقابله perceive perception و Truth وليس science.
أي أن الوطن العربي بالذات تمارس عليها تحريفات ثقافية من الداخل وليس فقط من الخارج فهو حالة معقدة للغاية من التشويه العلمي والإعلامي.

أيضاً بالنسبة للوعي فهو ليس علماً تجريبياً بنحو الساينس ولن يكون ، لأنه يبحث في الوعي من حيث ظهوره ومن حيث جوانيته ، كما يقال في علم النفس : بحثٌ في المُدرَك الذاتي وبحثٌ في الوظيفة الموضوعية. فالبحث في الناحية الذاتية للوعي وحقيقته حتى وإن كان تجريبياً فهو ليس كذلك بمعنى الاستقراء والتكرار وبناء الافتراضات ، بل لمعنى الاختبار المباشر والكشف ، وتصفية الكشوف عن الظنون والتأويلات ثم بناء اللغة العلمية المناسبة للدلالة على تلك الخبرات ...

طبعاً علم الوعي يبحث في الوعي ذاته ، وفي ظهوره الخارجي كوظائف عبر الزمن الموضوعي ، وأيضاً في التفاعل القائم بين الوعي وبين الموضوعات ، ولكل نوع من هذه الأنواع مناهج البحث والتفرعات الخاصة به ، فضلاً عن ذلك ، ليس لأحد الحق في تقريرها ولا احتكارها فهي قضايا أنطولوجية وليس مجرد قضايا أكاديمية.

..............


والله يا أستاذ ، كف أنت عن المهاجمة وكذلك الأخت أنجيلا والأخ مصطفى وأنا بدوري لم أتعرض لكم بسوء من البداية ، دائماً تلاحقونني وتنتقدونني ، وبعد أن أساء أنجيلا بصريح العبارة إلي تم حظري من مجال الشات ولم تتخذ أي إجراءات بحقه ... أما أنا فلا رغبة لي بمهاجمة أي أحد منكم ولو كنت أرغب بهجوم على شخص ما فلدي أساليب حقيقية للهجوم، وليس مجرد الكلام والحرب على الانترنت ، إلا أن الموضوع لا يستحق كل هذا الذي يحدث ، وهناك من شن علي حروباً أعنف بكثير ولم أقم بردها له وقد استطعت ذلك.

ليس بيني وبينكم شيء شخصي، أصلاً لا أعرفكم ولا أريد ، ولكنكم تحاولون قلب الأمر إلى الشخصنة منذ البداية ، كل ما في الأمر هو الحقائق الثقيلة التي يتم الإعلان عنها وبالكاد تحتملها النفوس ...

أوقفوا لهجة السخرية ، وأوقفوا الحديث الناقد لشخص الباحثين في موقعكم ، والتزموا بالبرهان والمنطق الصحيح، هذا إذا أردتم لهذا الموقع أن يستمر حقاً ولا يضيع أدراج الرياح ...


..............

المهم أننا اتفقنا ... في النهاية أن نفرق بين "الموروث الشعبي والديني كمصدر للمعرفة عن موضوعات ميتافيزيقية وأنطولوجية" وبين "البحث العلمي والإدراكي في هذه الموضوعات نفسها" .
وفقط وجب التنويه للمرة الأخيرة ... أن استخدام الاسم الذي يراه الكاتب أنسب وأقرب إلى الحقيقة ، أو التعبير الأنسب والأقرب إلى الحقيقة ، ليس استعانة بالتراث وإنما بالأصل اللغوي للتراث، فحين أتحدث عن الله أو عن الوجود ، وهي أسماء موجودة في التراث الإسلامي والمسيحية العربية المبكرة ، فلست ملزماً بأن أعامل كأنني أتحدث على لسان المسلمين أو المسيحيين ... فهذا الترميز له علاقة ببحث الدلالة وتكوين الرموز وصلتها بالمعاني ، لا ببحث التراث ونقده.

سلام ...
انسحب من الكلام معك قال الإيمان ان دليل وتجربة قال هل تسخر منا يا رجل علي فكرة انا اؤمن بالاله زيوس اذا هو موجود وعلي فكرة كل الاديان صح بردو الإيمان تجربة ودليل أتحدث عن الإلهة القديمة وليس ارسطو وافلاطون لو مشينا حسب كلامك عليك عبادة الهتهم لأنهم مصدر الكثير من الامور الصحيحة
 
للتوضيح للقارئ الحر صاحب العين البصيرة واليقظة الكافية ...

ما تراه الآن هو نفس ما حدث في اليونان على عهد سقراط حينما كان السفسطائيون يغزون البلاد بأدلة تستند إلى الخطابة والشعر والشخصنة ولي أعناق الحوار والنصوص ... والحرب النفسية على المحاور.

وهو نفسه ما يحدث على مر العصور ...

طبعاً لا يوجد نسبة وتناسب بين ما قدمه اليونانيين وبين الحضارة الغربية الحالية ( وليس بين اليونان وباقي البشر مُطلقاً كما تم تحريف مسار كلماتي كالعادة - أكثر البشر اليوم غربيون قحاح وعقلهم غربي ليبرالي وحداثي بامتياز والعرب أولهم طبعاً )، اليونانيين لمن لا يعرف عنهم شيئاً هم الذي أسسوا لأنظمة السياسة والحكم والاقتصاد وما جاء بعدهم ليس أنظمة جديدة وإنما تطويرات تكيفت مع الظروف الجديدة ، الحياة في اليونان القديمة اتسمت باحترام الجمال والأخلاقيات وكانت الحدائق تنتشر في كافة المدن وكانت الطرقات تضاء بالقناديل وتمتلئ بأروقة الحوار ... لقد كانت اليونان بلداً آمناً وجنة في هذه الدنيا الجحيمية ... على مستوى الحقوق والحريات كان اليونانيون هم أولي السبق في وضع الدساتير المتكاملة التي ليس لها ثغرات ... وعلى مستوى العلوم يكفي آلات أرخميدس العجيبة كشاهد على ما قدموه ... في البحوث الحديثة تم التأكد من أسبقية اليونانيين في علم حسابات المخاريط والقطوع وهي حسابات لا يمكن أن تخطر على بال الباحثين إلا في إطار علم الفلكيات المتقدم جداً ، لا تنسى أن هذا كله جزء مما تخبرنا به بعض التاريخيات عن حضارة اليونان العريقة ، كما أن منحوتاتهم الباقية إلى حد اليوم تقاس بالليزر مع نسبة صفرية من الانحراف ، وهذا يعني استحالة نحتها بالطرق اليدوية.

بالتأكيد من يقرأ عن علم الحضارة وفلسفة التاريخ ، يعلم أن عجلة دفع التاريخ هي "مبدأ التحدي والاستجابة" لذلك بالتأكيد ، كان هناك عصور ظلامية ولدت ازدهار اليونان ، وتمثلت هذه العصور في مرحلة المادية والأبيقورية والسفسطائية والإيونية ، ودستور الديموقراطية والبيروقراطية ، قبل أن يصلح ثلاثي السقراطيين ما أصلحوا وتولد إمبراطورية لا مثيل لها في التاريخ الحديث ...

لا مجال للشك أنهم ، أكثر وعياً من حضارة الغرب الحالية ، هذه الحضارة التي لم تنجب إلا آلة القتل والتدمير وحرق الغابات واستعباد الحيوانات ... واستعباد البشر في مخابرهم ومعاملهم.

محتوى مخفي تسجيل الدخول أو تسجيل لمشاهدة الروابط

محتوى مخفي تسجيل الدخول أو تسجيل لمشاهدة الروابط

محتوى مخفي تسجيل الدخول أو تسجيل لمشاهدة الروابط

أحيل القارئ إلى بعض المراجع (تاريخ الفلسفة كوبلستون - فجر الفلسفة اليونانية - ... ولقد ذكر مانلي بالمر هول في مقدمة التعاليم السرية لكافة العصور سرداً مطولاً عن ما ذكره التاريخ حول حضارة اليونان وكيف أنها تفوقت على ما تلاها من مرحلة "موت الفلسفة" التي استمرت حتى يومنا هذا ... لقد كانت الرواقية والأفلاطونية والأرسطية أكثر المنظومات العلمية والفلسفية تأثيراً في التاريخ كله من ناحية النور ، وكانت السفسطائية والأيقورية والإيونية أكثرها تأثيراً في التاريخ كله من ناحية الظلام ، وكل ما جاء بعد ذلك في الغرب تحديداً ما هو إلا "امتداد تكيفي مبني على نفس الأسس".

وما معنى ذلك ؟

معناه أن الغرب ليس له مركزية في التاريخ ، وإنما هو متمركز على تراثه ولا يقوم بتغييره ، وصحيح أن الحضارة الإسلامية تفاعلت وتزاوجت مع المنظومة اليونانية الأصيلة ، ولكنها لم تتلقاها بموقف السلب المُطلق ، فلقد كان عدد مسائل الفلسفة الموروثة عن اليونان حوالي 200 موضوع وتحول إلى أكثر من 700 موضوع ، وتم نقاش أصالة الوجود والتفريق بين الوجودين المُدرَك والحقيقي وبين العلمين الحضوري والحصولي وبين النموذجين الذهني والواقعي وهي كلها أمور لم تتطرق لها اليونان ولكن تم بحثها بإسهاب شديد في منظومات الفلسفة الإسلامية ....

بينما الغرب اليوم نسي جوهر فلسفة اليونان وبقي يركز على أنساقها وعلى شخوص التاريخ ومذاهب الفكر ونسي أنها مجرد خريطة وليست منطقة ، وهذا ما قد ولد المركزية الأوربية وهي تمركز حول الذات التاريخية لأوروبا وقطيعة مع العالم الخارجي ، تم كسرها فقط في القرنين الأخيرين.

لا يهمني التاريخ بحد ذاته ولست أدافع عن حضارة بعينها أو شخص بعينه ... ولكن الحق يقال ... ويشهد له القلم الصادق

والحق أن اليونان من حيث خوارزميات التفاعل الزمني الحضاري ، وكذلك من حيث ارتقاء الوعي عن السطح والظاهر والمادة ، تتفوق على الغرب الحالي ، الذي ركز إنتاجه في حيز ضيق من آفاق الوجود الإنساني ، ووجه سعيه بالكامل نحو النسق الموضوعي وتحليل الغياب ، وهذه النتيجة اليوم ... أمامك ... حروب باسم الإنسانية ... ومجاعات باسم التعاون النقدي الدولي ... وقمع للحريات بحجة الحفاظ على الحرية .... وقمع للعلوم بحجة أن تلك العلوم هي الزائفة وأن ما يسمونه علماً هو الحقيقي ....

وإلا فكافة الحضارات القديمة كان فيها انبعاث أشعة النور المقدس ... وكذلك كل العصور ... ومن بين تلك الحضارات حضارة الهند وأنظمة اليوغا ، وهي أنظمة تتخذ موقفاً متعالياً عن جدلية العقل والمادة ، ولا يمكن لمن يؤمن بها أن يستخدم أسلوباً سفسطائياً لبناء معتقداته ثم لنشرها ولمنع أي رأي سواها من الإعلان عن نفسه. ما هذه بدعوى بوذا ولا كريشنا ولا لاو تزو ... الذين يحاول العقل الغربي النفعي المادي إلصاقهم بماديته بأي طريقة من الطرق ، مع أنهم ما كان لوجودهم بحد ذاته قيمة إلا الخروج عن مصفوفة المادة والقوقعة الزمنية في التاريخ المعاصر للحدث.

الحضارات الكبرى في العالم ، اليونان - الهند - شرق آسية - الحضارة الإسلامية - الإسكندرية .... هذا ما بقي ما التاريخ ، كلها تتفوق من حيث الوعي والإدراك على حضارتنا الحالية ، المُقنعة بقناع المدنية والوحشية من وراء الستار .... هناك ظلام في كل العصور ، وظلام هذا العصر فاق في رؤيتي ظلام كل العصور ... ولكنه لم يأت بشيء جديد ، هو فقط تكرار وتجميع وتنسيق حسب التكيف ومقتضى الحال لا أكثر.

دمت بخير ويقظة يا قارئ هذه الكلمات المحترم والكريم ... تحياتي لحضرتك.
 
التعديل الأخير:
للتوضيح للقارئ الحر صاحب العين البصيرة واليقظة الكافية ...

ما تراه الآن هو نفس ما حدث في اليونان على عهد سقراط حينما كان السفسطائيون يغزون البلاد بأدلة تستند إلى الخطابة والشعر والشخصنة ولي أعناق الحوار والنصوص ... والحرب النفسية على المحاور.

وهو نفسه ما يحدث على مر العصور ...

طبعاً لا يوجد نسبة وتناسب بين ما قدمه اليونانيين وبين الحضارة الغربية الحالية ( وليس بين اليونان وباقي البشر مُطلقاً كما تم تحريف مسار كلماتي كالعادة - أكثر البشر اليوم غربيون قحاح وعقلهم غربي ليبرالي وحداثي بامتياز والعرب أولهم طبعاً )، اليونانيين لمن لا يعرف عنهم شيئاً هم الذي أسسوا لأنظمة السياسة والحكم والاقتصاد وما جاء بعدهم ليس أنظمة جديدة وإنما تطويرات تكيفت مع الظروف الجديدة ، الحياة في اليونان القديمة اتسمت باحترام الجمال والأخلاقيات وكانت الحدائق تنتشر في كافة المدن وكانت الطرقات تضاء بالقناديل وتمتلئ بأروقة الحوار ... لقد كانت اليونان بلداً آمناً وجنة في هذه الدنيا الجحيمية ... على مستوى الحقوق والحريات كان اليونانيون هم أولي السبق في وضع الدساتير المتكاملة التي ليس لها ثغرات ... وعلى مستوى العلوم يكفي آلات أرخميدس العجيبة كشاهد على ما قدموه ... في البحوث الحديثة تم التأكد من أسبقية اليونانيين في علم حسابات المخاريط والقطوع وهي حسابات لا يمكن أن تخطر على بال الباحثين إلا في إطار علم الفلكيات المتقدم جداً ، لا تنسى أن هذا كله جزء مما تخبرنا به بعض التاريخيات عن حضارة اليونان العريقة ، كما أن منحوتاتهم الباقية إلى حد اليوم تقاس بالليزر مع نسبة صفرية من الانحراف ، وهذا يعني استحالة نحتها بالطرق اليدوية.

بالتأكيد من يقرأ عن علم الحضارة وفلسفة التاريخ ، يعلم أن عجلة دفع التاريخ هي "مبدأ التحدي والاستجابة" لذلك بالتأكيد ، كان هناك عصور ظلامية ولدت ازدهار اليونان ، وتمثلت هذه العصور في مرحلة المادية والأبيقورية والسفسطائية والإيونية ، ودستور الديموقراطية والبيروقراطية ، قبل أن يصلح ثلاثي السقراطيين ما أصلحوا وتولد إمبراطورية لا مثيل لها في التاريخ الحديث ...

لا مجال للشك أنهم ، أكثر وعياً من حضارة الغرب الحالية ، هذه الحضارة التي لم تنجب إلا آلة القتل والتدمير وحرق الغابات واستعباد الحيوانات ... واستعباد البشر في مخابرهم ومعاملهم.

محتوى مخفي تسجيل الدخول أو تسجيل لمشاهدة الروابط

محتوى مخفي تسجيل الدخول أو تسجيل لمشاهدة الروابط

محتوى مخفي تسجيل الدخول أو تسجيل لمشاهدة الروابط

أحيل القارئ إلى بعض المراجع (تاريخ الفلسفة كوبلستون - فجر الفلسفة اليونانية - ... ولقد ذكر مانلي بالمر هول في مقدمة التعاليم السرية لكافة العصور سرداً مطولاً عن ما ذكره التاريخ حول حضارة اليونان وكيف أنها تفوقت على ما تلاها من مرحلة "موت الفلسفة" التي استمرت حتى يومنا هذا ... لقد كانت الرواقية والأفلاطونية والأرسطية أكثر المنظومات العلمية والفلسفية تأثيراً في التاريخ كله من ناحية النور ، وكانت السفسطائية والأيقورية والإيونية أكثرها تأثيراً في التاريخ كله من ناحية الظلام ، وكل ما جاء بعد ذلك في الغرب تحديداً ما هو إلا "امتداد تكيفي مبني على نفس الأسس".

وما معنى ذلك ؟

معناه أن الغرب ليس له مركزية في التاريخ ، وإنما هو متمركز على تراثه ولا يقوم بتغييره ، وصحيح أن الحضارة الإسلامية تفاعلت وتزاوجت مع المنظومة اليونانية الأصيلة ، ولكنها لم تتلقاها بموقف السلب المُطلق ، فلقد كان عدد مسائل الفلسفة الموروثة عن اليونان حوالي 200 موضوع وتحول إلى أكثر من 700 موضوع ، وتم نقاش أصالة الوجود والتفريق بين الوجودين المُدرَك والحقيقي وبين العلمين الحضوري والحصولي وبين النموذجين الذهني والواقعي وهي كلها أمور لم تتطرق لها اليونان ولكن تم بحثها بإسهاب شديد في منظومات الفلسفة الإسلامية ....

بينما الغرب اليوم نسي جوهر فلسفة اليونان وبقي يركز على أنساقها وعلى شخوص التاريخ ومذاهب الفكر ونسي أنها مجرد خريطة وليست منطقة ، وهذا ما قد ولد المركزية الأوربية وهي تمركز حول الذات التاريخية لأوروبا وقطيعة مع العالم الخارجي ، تم كسرها فقط في القرنين الأخيرين.

لا يهمني التاريخ بحد ذاته ولست أدافع عن حضارة بعينها أو شخص بعينه ... ولكن الحق يقال ... ويشهد له القلم الصادق

والحق أن اليونان من حيث خوارزميات التفاعل الزمني الحضاري ، وكذلك من حيث ارتقاء الوعي عن السطح والظاهر والمادة ، تتفوق على الغرب الحالي ، الذي ركز إنتاجه في حيز ضيق من آفاق الوجود الإنساني ، ووجه سعيه بالكامل نحو النسق الموضوعي وتحليل الغياب ، وهذه النتيجة اليوم ... أمامك ... حروب باسم الإنسانية ... ومجاعات باسم التعاون النقدي الدولي ... وقمع للحريات بحجة الحفاظ على الحرية .... وقمع للعلوم بحجة أن تلك العلوم هي الزائفة وأن ما يسمونه علماً هو الحقيقي ....

وإلا فكافة الحضارات القديمة كان فيها انبعاث أشعة النور المقدس ... وكذلك كل العصور ... ومن بين تلك الحضارات حضارة الهند وأنظمة اليوغا ، وهي أنظمة تتخذ موقفاً متعالياً عن جدلية العقل والمادة ، ولا يمكن لمن يؤمن بها أن يستخدم أسلوباً سفسطائياً لبناء معتقداته ثم لنشرها ولمنع أي رأي سواها من الإعلان عن نفسه. ما هذه بدعوى بوذا ولا كريشنا ولا لاو تزو ... الذين يحاول العقل الغربي النفعي المادي إلصاقهم بماديته بأي طريقة من الطرق ، مع أنهم ما كان لوجودهم بحد ذاته قيمة إلا الخروج عن مصفوفة المادة والقوقعة الزمنية في التاريخ المعاصر للحدث.

الحضارات الكبرى في العالم ، اليونان - الهند - شرق آسية - الحضارة الإسلامية - الإسكندرية .... هذا ما بقي ما التاريخ ، كلها تتفوق من حيث الوعي والإدراك على حضارتنا الحالية ، المُقنعة بقناع المدنية والوحشية من وراء الستار .... هناك ظلام في كل العصور ، وظلام هذا العصر فاق في رؤيتي ظلام كل العصور ... ولكنه لم يأت بشيء جديد ، هو فقط تكرار وتجميع وتنسيق حسب التكيف ومقتضى الحال لا أكثر.

دمت بخير ويقظة يا قارئ هذه الكلمات المحترم والكريم ... تحياتي لحضرتك.
كتعقيب سريع فقط على الحضارة اليونانية، هي لم تكن متطورة فقط فيالشؤون الدنيوية والإجتماعية فهذا التطور ماهو إلا نتاج طبيعي لتطورهم الروحي وإدراكهم لطبيعة الكون

الفيلسوف عندهم لم يكن مجرد حافظ لمقالات أو كتب بل كان روحاني بامتياز ولن تطلق كلمة فيلسوف إلا على الشخص الزاهد الذي سخر حياته للحقيقة لدرجة أنه إذا كان شخص ما فيلسوف و بعدها تخلى عن طريق الفلسفة يشيدون له قبرا فبالنسبة لهم الذي تخلى عن البحث عن الحقيقة أشبه بالميت، لكن أكثر ما اشتهرت به هي معابد النبوءة وأشهرها معبد ديلفي فهم كانوا ماهرين جدا في هذا المجال خصيصا

كانت أنظمة اليونان الروحانية شديدة الكمال بعد وراثتها من الحضارة المصرية والتي بدورها لديها التأثير الأكبر على الحضارات الشرقية الهندية والصينية وسبب عدم وصولها إلينا هو أنه لم تصلنا سوى أقل من واحد بالمئة من مخطوطات وكتب اليونان فيمكننا القول أننا لا نعرف شيئا عن ماكان سائدا حينها، والسبب هو أن الإنقلاب الكبير حصل في زمن أفلاطون في مصر واليونان كأحد تبعاتها لذلك التدمير الحضاري الذي تعرضت له هو من بين الأكبر بعد مصر في تاريخنا الحديث، بينما الهند وشرق آسيا كانت بعيدة عن الحادثة فنجت علومها واستمرت عبر التاريخ
 

أداب الحوار

المرجو التحلي بأداب الحوار وعدم الإنجرار خلف المشاحنات، بحال مضايقة إستخدم زر الإبلاغ وسنتخذ الإجراء المناسب، يمكنك الإطلاع على [ قوانين وسياسة الموقع ] و [ ماهو سايكوجين ]
أعلى