بافومت - Baphomet

مواضيع Ile

الماضي هو ما يولد الوجود الفعلي (الذي يتم رصده كانطباعات حسية محلية)..

الجوهر - المطلق - اللاهوت هو المستوى الباطني الذي تنبعث منه العلل الجوهرية (الطاقة والتماهي والتوجيه والتحقيق) ومن العلل الجوهرية يولد الوجود بتجليه الخالص والأولي ، قبل أن يتشكل بطريقة معينة.

هيكل الزمان والمكان الأولي لم يكن له صورة مكونة من جزئيات منفصلة عن بعضها ومركبة على نحو تجميعي يوحي بالوجود المادي، ولكن هناك قوى كونية عليا، كائنات خارقة، كانت تتحكم بطريقة توجيه العالم نحو شكل معين ويبدو أن بعض هذه الكائنات قامت بأفعال على المستوى الكوني، أصبحت هي (الماضي) الذي يولد منه هذا الحاضر، فكما أن ماضي الشخصية يؤدي إلى حاضرها فكذلك أدى ماضي الكون (الذي نحن فيه حاليا) إلى تشكله الظاهري بهذه الخريطة وهذه القوانين.

هل وضحت الصورة يا سيدة أنجيل ؟

ما تعنيه كلمة المادة بالتحديد ليس الوجود، بل الوجود المتصف بالنسبية والتفارق والعزل والتقييد، ومن هنا تأتي صفة (الظاهرية) لأن الظاهر مفارق للإدراك ومعزول عن الحقيقة ومقيد بالخلفية ونسبي.

هذه الصفات .. تتلازم مع الوجود الفعلي الذي أدت أحداث الماضي الكوني إليه .. وليس مع الوجود الحقيقي.

سؤالك عن الحافة يدرك بنفس الطريقة، إذا استطعت الانتقال الآني أو بسرعة كونية وحاولت الوصول إلى حافة الكون فستجدين ما تتوقعينه بعقلك الباطن، أي أنك قد تجدين حافة مادية لا يمكن اختراقها، وقد تجدين أن الكون يتجدد عشوائيا بلا نهاية، وقد تجدين أنك وصلت إلى بداية الكون من الجهة الأخرى، وكل هذا ليس له معنى حقيقي لأن الكون ليس له شكل هندسي ثابت، لأن الشكل الهندسي الظاهر يحاكي نظاما باطنيا، إنه ذو بنية هلامية أو بالأحرى (محاكية) والمحاكاة هي حقيقة المادة النهائية، ورغم أن هذا بديهي، لأن المادة هي نتيجة لتفاعلات الطاقة ولرصد الجسد، ولكن السؤال في الفيزياء والفلسفة لم يكن حول ثبات المادة أو عدمه (كما تقولين) بل حول ثبات التفاعل الذي يحكم توليد المادة فإذا كانت القوانين الفيزيائية قائمة بذاتها فإن المادة محاكاة ثابتة، وإذا كانت القوانين الفيزيائية معتمدة على علل تتجاوزها فإن المادة والقوانين الفيزيائية مستويين للمحاكاة..

آمل أن أكون قد وفقت في البلاغ هذه المرة ...

تحياتي ...
 
أجل ...

صعوبة إدراك المعنى الروحي إدراكاً واضحاً ومحدداً هو سبب الحالة الضبابية التي تطوّق العلوم الروحية وتجعلها تبدو فاقدة للفاعلية والجدوى وكأنها "أفكار مجرّدة".

عدم اتصال الوعي بالموضوع يجعله خارج مجال التفاعل.

عدم إدراك معنى الروح يساوي عدم القدرة على التفاعل معها.. إذا كان الوعي يدرك معنى الروح ولكن لا يسميها باسم معين فهو قادر على التفاعل معها، إذا لم يكن قادراً على إدراك "المعنى" الذي يسمى بالروح فلن يستطيع التفاعل معه حتى ولو كرر الاسم إلى الأبد.

يميل المتدينون في هذا الموضوع إلى المذاهب الروحية لأنها تدعم افتراضاتهم الدينية ضد المادية ، لكن هذا نوع من توظيف الروحية في خدمة الانتماء الديني ، فهم ليسوا روحيين جوهرياً ، لكن منظومة معتقداتهم التي يسلمون بها وراثياً تقتضي منهم هذا التوجه.

المتدين هو مادي زاد عليه بناء عقلياً من الافتراضات والمعتقدات المسلم مسبقاً بصحتها والمتعلقة ببقائه ومجتمعه.

المتدين لا يملك ميولاً روحية حقيقية لمجرد أنه ينتمي إلى الدين ...

هذا الأمر أوضحه ، حتى نعلم أولاً أن "المذهب الروحي" هو أقل المذاهب شيوعاً واتباعاً في العالم ، وثانياً الميول الروحية تختلف عن الميول التّدينية ومن الصحيح ، أن الدافع نحو الانتماء الديني هو "الخوف من المجهول" ، ومن الخاطئ اعتباره هو نفس الدافع نحو البحث الروحي ، وإن الانتماء الديني يريد وضع قواعد نهائية ، والبحث الروحي يريد التحرر من القواعد ، ومعنى الروح يتجلى للباحث الروحي من فرط تحرره من القيود والقواعد المسبقة على المعرفة والإدراك ، فهو يرفض أي شرط مسبق يوجه معرفته أو إدراكه للوجود ، ويبني معرفته بنفسه بكل حرية وانفتاح ، فتأتي مفاهيمه عن الروح من قوة نفاذه من أقطار الأرض المادية.

لذلك لا يستوي معنى الروح بالنسبة للباحثين الروحيين وبالنسبة للمتدينين ، ومن المستحيل المساواة بين مفهوم الروح الناتج عن الاتباع الديني للكتب المقدسة والأنبياء الذين أكدوا وجودها ، ومفهوم الروح الناتج عن البحث الحيوي الحر عن الحقيقة خارج دائرة الاشتراط والمادية والذي يسمح للوعي أن يلامس ما وراء المجال المادي.

هدف العلم الروحي هو الوصول المنهجي إلى معنى الروح بحيث يكون متجلياً للإدراك وذا قيمة في الوجود.

يفصل الإدراك الروحي بين "العالم المادي (الظاهر)" وبين الحقيقة المطلقة، ويفصل بين ما هو حقيقي على شرط الظاهر وما هو حقيقي بذاته.

ظهور الشيء للإدراك ليس أكثر من "رصد الصورة" ومن الممكن اعتبار العالم الذي يظهر في "الحياة الإنسانية" لفرد واحد، صورة هائلة متشعبة ومعقدة، ولكن الصورة موجودة ضمن حدود الصورة وفقط، بغض النظر عن مدى إقناعها وتعقيدها.

على هذا الأساس ، لا يمكن البحث عن الحقيقة المطلقة ضمن المجال المعرفي الذي يوفره ظاهر العالم.


الوجود الظاهر والوجود الباطن منفصلان في الإدراك ومتحدان في الوجود، يمكن إدراك أحدهما دون إدراك الآخر ، لكن لا يمكن وجود أحدهما دون وجود الآخر.

كما أن الباطن ليس مجرد (ظاهر أكثر تعقيداً) فالناحية الموضوعية من الخلايا الحية أو من الذرات والجسيمات الذرية ليست (باطناً) ولكنها ظواهر يصعب إدراكها أو الكشف عنها بطريقة بسيطة.

الذبذبة الفيزيائية والفوتونات الضوئية وأمواج الصوت والأشعة الكونية، (ظاهر) ولكن رصده ودراسته عمل معقد، إما لأن هذه الظواهر سريعة جداً بالنسبة للراصد، أو صغيرة جداً، أو نادرة جداً... لكن خفائها سببه قصور أجهزة الرصد المادي.

خفاء الباطن (الإيزوتيريك) وغموضه لا يتعلق بمستوى قدرات الراصد أو أجهزة القياس،

ووجود الباطن والظاهر بل أن العالم الظاهري لا يكفي لتفسير نفسه ولا يشكل نظاماً مغلقاً ، أن الظاهر نفسه يؤدي إلى إدراك اتصاله بالباطن واعتماده عليه ، عندما يتم التأمل العميق فيه.

المعاني المحددة جداً والواضحة جداً، بالنسبة للمذهب الروحي، تستمد وضوحها وتحديدها من ضعف اتصالها مع الحقيقة الجوهرية للوجود، فهي لا تحتاج للتأمل من أجل إدراكها، وهذا يعني أنها لا تحتاج إلى أن تكون "حقيقية" أو يتم السؤال عن مدى قيمتها وجوهريتها.

أي أنك حين تريد وضع "تعريف واضح ومحدد" للروح، فإنك تلغي إدراك معنى الروح الحقيقي.

المنطلق الأساسي للرؤى الروحية هو أن "المعاني الروحية تُدرَك روحياً" : فالمعنى الذي تشير إليه كلمة مثل "الروح" أو "الحقيقة" أو "الجمال" أو "الذات" أو "الله" ... حقيقي في مستوى وجودي آخر، يختلف في تكوينه وإحداثياته عن تكوين المستوى المادي المنظور وما تسمح به آفاقه الزمكانية من المعاني.

طريقة الاتصال بالمستوى الروحي هي ما يوصلك إلى المعاني الروحية، وهذه الطريقة متعالية، يمكننا تسميتها بالإدراك الروحي ، وهو إدراك موجه نحو الجانب الحيوي والقيمي من الواقع ، أو نحو أبعاد ومجالات وجودية أخرى ، ولا يمر الإدراك الروحي بالعالم المادي أولاً، أي : لا يمر الإدراك بالحواس المادية أولاً ، ولا يعتمد على رصد شيء مادي ثم "الانتقال ذهنياً منه إلى ذلك الوجود العُلوي" بل على إدراك المستوى الروحي لأي معطىً كان، مباشرة (هل هذا الشرح واضح كفاية ؟...) ، ولذلك تبدو تلك "المعاني الحيوية" مفقودة أو "ذائبة" إذا تم البحث عنها في المستوى المادي.

_______________





بالنسبة للإنسان الذي يبحث عن معنىً يشابه المعاني المتحصلة من الاتصال بعالم المادة فإن الروح ستبدو له شيئاً هلامياً غير مفهوم وغير محدد ويمكن ربطه بمعاني كثيرة ، يجمع بينها كونها (غير مفهومة).

لكن من يتوجه نحو البحث الروحي ، أصلاً ... لا تروي المادة بكل ما فيها ضمأه العلمي .. إنه يبحث عن إجابات أخرى ، إجابات كاملة ، مطلقة ، كلانية ... بعيدة عن الإجابات التي يوفرها عالم المادة.

المشكلة الجوهرية في المعرفة المادية (بالنسبة للباحث الروحي) أن الموضوعات المادية (التي تبدو لك محددة وواضحة جداً) لا تحمل معاني قادرة على التعامل مع الأسئلة التي يطرحها الباحث الروحي، أو تحقيق رغباته، أو إعطائه القوة التي يحتاجها.

إن المعاني المحددة والواضحة مثل (هذه الطاولة) و (هذا الكرسي) تأخذ وضوحها وتحديدها من سهولة إدراكها لأنها معاني "مُتلقاة" وكل ما يلزمك هو تلقيها كما هي عليه دون التحقيق جدياً فيها، وحين نقول (هذه الطاولة) فنحن نقصد البُعد المرئي منها، ضمن حدود الوظيفة المعروفة عنها وهي حمل أشياء صغيرة في الغرفة ، إن هذا المعنى المركب من موضوع محسوس وتأويل عقلي له ، هو ما تعنيه كلمة (هذه الطاولة) بحيث أن الإدراك يتوجه مباشرة نحو المجال الذي يتيحه هذا التركيب.

تتكوّن المعاني المُركبة من (المعطيات الحسية الموضوعية) القادمة عبر منافذ الجسم المادي، و(الإطار الذهني) الذي يعيد قولبة وتوجيه هذه المعيطات بحسب الحقل الدلالي الذي يتبناه العقل، فترى الطاولة ببُعدها المادي وتقوم بتأويله بناء على معتقداتك المسبقة، وبهذه الطريقة تحصل على "معنىً محدد وواضح".

إذا حذفت المعطيات الموضوعية المحسوسة من المعاني المركبة فستحصل على كلمات جوفاء، يوجد مفهوم ذهني ولكن لا يوجد شيء "يحمله"، يوجد مفهوم فكري عن "الطاولة" وهو ما يسمى عادة بال"المجرّد" وبالطبع هو ليس مجرداً، إنه محض "فكرة ذهنية"، أما التجريد فله معنىً آخر..

إذا حذفت التأويل الذهني فسيبقى موضوع مادي بلا حدود مبدئية ، بلا قالب وظيفي مسبق ، بلا تعريف ... إذا حذفت (ما تعنيه الطاولة ذهنياً) فسيبقى بناؤها المادي الموضوعي، والذي قد يمثل أي شيء وقد يكون له أي امتداد وجودي، إذا تم إدراك الموضوع المادي دون الحكم ذهنياً عليه على نحو مسبق، فيمكن تجريده من ماديته ، إنه لا يكون مادياً بالمعنى المتداول، لأنه لن يكون مشتملاً على صفة (الثبات) و(الصلابة) و(الانعزال) و(اللا حيوية).

دون تأويل ذهني وأحكام مسبقة، ربما تكون هذه الطاولة حية بالضبط مثلك، ولها منافذها الحسية، وتتخاطر، وقد لا تكون نفس الطاولة التي تعرفها قبل عدة أيام، وقد تكون صورتها المحسوسة صادرة عن شيء آخر تماماً، كجهاز محاكاة ، أو توهم عقلي.


ليس من الضروري أن عقلك هو الذي يتوهم، ربما عقل الكون هو الذي يتوهم، ربما الحياة هي الهلوسة التي تصيب العقل الكوني، أو المنام الذي يعيشه الوعي الأكبر، أصلاً ستتلاشى الحدود الفاصلة بينك وبني الأشياء، إنك منفصل عن الأشياء في البعد الفيزياء، وللتو أدركت أن هذا البعد ناتج عن الصورة..

ومن الممكن أن تعيد فهم الأسباب التي تؤدي إلى تكوينها وحركتها من جديد، فلا تربطها بالفيزياء، لأن الفيزياء نفسها ستصبح مجموعة أحكام مسبقة.. أي أن قوانين الكهرباء والكتل والميكانيك ستبدو "أحكاماً استباقية وجزئية) تبناها الناس بسبب استعجالهم في الوصول إلى نتيجة والقدرة على التكيف مع واقعهم، ففهموا الصورة الجزئية المتاحة لهم بسرعة وأهملوا في طريقهم أغلب الحقيقة، فكانت القوانين الطبيعية شرحاً للأشياء الضرورية وللجزء العملي من الصورة.

الإنسان عموماً يشغله التنافس على البقاء أكثر بكثير مما تشغله رغبة المعرفة والوصول إلى الحقيقة، المجتمع يبحث عن أسباب تجعله يتفوق على بقية المجتمعات، الإنسان يبحث عن أسباب تجعله يصل إلى فرص جيدة أو متميزة للنجاح الفردي، البشر غير قادرين على الصبر الذي تتطلبه عملية البحث عن الحقيقة، وغير قادرين على موازنة حياتهم الدنيوية والروحية، وهذا يجعل المعرفة البشرية بالكامل ... معرفة تمت ((على عجل)).. وتراكمت نتائجها دون فرصة لإعادة التحقيق في مبادئها الأولية.

مفهوم الطاولة والكرسي لا يختلف كثيراً عن هذا الوضع، عليك أن تفهمه فهماً سريعاً، حتى تسابق الزمن وتستطيع توظيفه في منافعك الشخصية، لأنك إذا استغرقت وقتاً طويلاً في التأمل فسوف تخسر زمن حياتك الافتراضي (أو هكذا يبدو الموضوع) ولذلك هناك "مقاومة نفسية" داخلية لأي محاولة للتأمل، بالنسبة لكل البشر، التأمل صعب، المبتدئون لا يعلمون أن صعوبة التأمل تنبع من اعتلال جوهري في الكينونة البشرية والحياة البشرية، ولذلك يستخدمون أساليب خاطئة للتفوق على هذه الصعوبة مثل محاولة التحكم بالتنفس أو التضرع للسماء، هذا مفيد موضعياً، لكن السبب الأساسي هو أن النفس البشرية تخاف على بقائها ولذلك تخاف من أي لحظة لا يتم توظيفها على نحو فاعل في الإنجاز والحياة العملية، أو على الأقل ، في التفكير بالحياة العملية.

واللاشعور غبي لتلك الدرجة التي قد تجعله يقضي سنين ، في محاولة تجنب الاستبطان والاستغراق في التأمل لبعض الوقت ، محارباً التواصل مع الحقيقة وراء الحياة الشخصية بكل شراسة وضراوة، لأنه يعتقد أنه سيموت في تلك اللحظة التي يتم فيها التأمل بيقظة ووعي يخلو من الأفكار ويتواصل مع "الوجود" لا مع الواقع فقط ...
جميل، لكن لمزيد من الوضوح فأنا قصدت كلمة الروح تحديدا، الكلمة اللغوية المرمزة صوتيا وبصريا، يعني بشكل مختصر اتحدث عن الإلتباس اللفظي (او الإشتراك اللفظي)، مشكلة الناس حاليا انهم اصبحوا يتواصلون حتى مع انفسهم باللغة، يتحدث في نفسه باللغة ويضع جدارا على نفسه ويعقد الأمور، كلمة الروح ليست سوى علم حصولي يتم تداوله سواء بين المسلمين او بين الروحانيين، هذا ينسب معنى للروح والأخر ينسب معنى للروح، ثم يتم نشر المعاني تحت مسمى "الروح"، ولماذا الروح موجودة؟، لأن القرآن قال كذا وكذا، لأن فلان قال كذا وكذا، لأن الحديث قال كذا وكذا، إن سألت شخص عن معنى الروح فقد يجيبك بأنه لا يعرف، لكنه قد يعرف، لكن ما قد يعرفه هو معنى الروح التي تعرفها لكن تحت مسمى اخر. الإتحاد والتفاهم على معنى واحد لكلمة الروح يناسب المسلمين خاصة السنة، هذا لأنهم مجموعة، ومنذ أيام محمد يجب عليهم التواصل بين بعضهم والتحدث عن محتويات القرآن والمناقشة في الفقه، ومن محتويات القرآن ذكرت الروح، فكيف يمكن ان يعرف الشخص ما هي الروح المقصودة في القرآن من دون ان يكون هناك صدام بين المعاني؟، موضوع إدراك الروح او جعلها علما حضوريا لا ينفع مع الإسلام والمسلمين، والذي ربما اول ذكر لكلمة الروح موجود في القرآن.


إذا حذفت التأويل الذهني فسيبقى موضوع مادي بلا حدود مبدئية ، بلا قالب وظيفي مسبق ، بلا تعريف ... إذا حذفت (ما تعنيه الطاولة ذهنياً) فسيبقى بناؤها المادي الموضوعي، والذي قد يمثل أي شيء وقد يكون له أي امتداد وجودي، إذا تم إدراك الموضوع المادي دون الحكم ذهنياً عليه على نحو مسبق، فيمكن تجريده من ماديته ، إنه لا يكون مادياً بالمعنى المتداول، لأنه لن يكون مشتملاً على صفة (الثبات) و(الصلابة) و(الانعزال) و(اللا حيوية).

دون تأويل ذهني وأحكام مسبقة، ربما تكون هذه الطاولة حية بالضبط مثلك، ولها منافذها الحسية، وتتخاطر، وقد لا تكون نفس الطاولة التي تعرفها قبل عدة أيام، وقد تكون صورتها المحسوسة صادرة عن شيء آخر تماماً، كجهاز محاكاة ، أو توهم عقلي.


ليس من الضروري أن عقلك هو الذي يتوهم، ربما عقل الكون هو الذي يتوهم، ربما الحياة هي الهلوسة التي تصيب العقل الكوني، أو المنام الذي يعيشه الوعي الأكبر، أصلاً ستتلاشى الحدود الفاصلة بينك وبني الأشياء، إنك منفصل عن الأشياء في البعد الفيزياء، وللتو أدركت أن هذا البعد ناتج عن الصورة..
فينومينولوجيا جيدة...
الإنسان عموماً يشغله التنافس على البقاء أكثر بكثير مما تشغله رغبة المعرفة والوصول إلى الحقيقة، المجتمع يبحث عن أسباب تجعله يتفوق على بقية المجتمعات، الإنسان يبحث عن أسباب تجعله يصل إلى فرص جيدة أو متميزة للنجاح الفردي، البشر غير قادرين على الصبر الذي تتطلبه عملية البحث عن الحقيقة، وغير قادرين على موازنة حياتهم الدنيوية والروحية، وهذا يجعل المعرفة البشرية بالكامل ... معرفة تمت ((على عجل)).. وتراكمت نتائجها دون فرصة لإعادة التحقيق في مبادئها الأولية.

مفهوم الطاولة والكرسي لا يختلف كثيراً عن هذا الوضع، عليك أن تفهمه فهماً سريعاً، حتى تسابق الزمن وتستطيع توظيفه في منافعك الشخصية، لأنك إذا استغرقت وقتاً طويلاً في التأمل فسوف تخسر زمن حياتك الافتراضي (أو هكذا يبدو الموضوع) ولذلك هناك "مقاومة نفسية" داخلية لأي محاولة للتأمل، بالنسبة لكل البشر، التأمل صعب، المبتدئون لا يعلمون أن صعوبة التأمل تنبع من اعتلال جوهري في الكينونة البشرية والحياة البشرية، ولذلك يستخدمون أساليب خاطئة للتفوق على هذه الصعوبة مثل محاولة التحكم بالتنفس أو التضرع للسماء، هذا مفيد موضعياً، لكن السبب الأساسي هو أن النفس البشرية تخاف على بقائها ولذلك تخاف من أي لحظة لا يتم توظيفها على نحو فاعل في الإنجاز والحياة العملية، أو على الأقل ، في التفكير بالحياة العملية.

واللاشعور غبي لتلك الدرجة التي قد تجعله يقضي سنين ، في محاولة تجنب الاستبطان والاستغراق في التأمل لبعض الوقت ، محارباً التواصل مع الحقيقة وراء الحياة الشخصية بكل شراسة وضراوة، لأنه يعتقد أنه سيموت في تلك اللحظة التي يتم فيها التأمل بيقظة ووعي يخلو من الأفكار ويتواصل مع "الوجود" لا مع الواقع فقط ...
اذن الن يكون التأمل عميقا ثم توظيف الشيء في الفعل هو الحل؟
 
هذا بسبب الإعتماد على النصوص النقلية او الشفهية، نصوص كانت موجود وانت قرأتها سواء قرآن او سنة، وإن عارضتها ولم تعد عن قرارك فسوف تصبح مرتد في نظر إخوانك المسلمين المزعومين، حسنا كان علي ان اقول وأحدد الإسلام الشائع مثل طائفتي السنة والشيعة وليست الإسلام بشكل كامل، لأن هناك من يفسر حسب ما يريد.
 
أنا قصدت كلمة الروح تحديدا، الكلمة اللغوية المرمزة صوتيا وبصريا، يعني بشكل مختصر اتحدث عن الإلتباس اللفظي (او الإشتراك اللفظي)​
عدم القدرة على إدراك آلية عمل "الدلالة اللغوية" هو السبب في اعتقادك أن لفظ الروح يصعب تحديد معناه.

أما في الحقيقة فإن الإشكالية لا تخص "لفظ الروح" بل تخص "القدرة على تحديد المعنى" من الأساس، وبسبب البون الفاصل بين إدراك كل ذات وبين إدراك بقية الناس فإن المعاني لا تُدرَك إلا "ذاتياً" والألفاظ الموضوعية المستخدمة للتحدث مع الآخرين تبدأ مباشرة من مجال موضوعي منفصل عن الإدراك الذاتي، أي أنها منقطعة عن "مجال إدراك المعنى".

هذا لا يتوقف على الروح، حتى إدراك اللون الأحمر والأخضر يتم ذاتياً، ولكمة "أحمر" أو "اخضر" لا تشير إلى "المعنى" الذي يمكنك اختباره، بل إلى "موضوع قابل للاتفاق على وحدة معناه وأحكامه"، مثلاً، إذا كنت ترى كل شيء أخضر أحمراً وكل شيء أحمر أخضراً فإنك ستشير إلى كل الأشياء ذات اللون الأخضر بنفس الطريقة، ومع أن الناس يرونها بشكل مختلف عنك، فلا يمكنك أن تعرف هذا الاختلاف لأنكم متفقون على "وحدة النسق" المعبر عن الأخضر، لأن دلالة الأخضر لا تأتي من إدراكه الذاتي كمعطى حسي مباشر، بل من الأشياء التي يرتبط بها ويعبر عنها، ونسق هذه الأشياء واحد سواء بالنسبة لك أو للناس، فالأخضر في اللغة هو ما يعبر عن لون (العشب-النباتات-بعض أنواع الثياب-بعض المفرزات العضوية-بعض المواد في الجسم-أنواع من الأصباغ) وهذا ((النسق)) الذي يربط كل هذه الأشياء معاً بصفة واحدة هو الأخضر، أي أن الأخضر (أو اللون) يعبر عن أن لكل هذه الأشياء صفة واحدة، ولكنه لا يعبر عن "الانطباع الحسي المُدرك" لهذه الصفة.

المعاني الذاتية هي ما يتم إدراكه، المعاني الموضوعية هي أنساق ودوال منطقية تشابه آلية عمل الحاسوب والذكاء الاصطناعي.

الحاسوب لا يدرك حسياً اللون الأخضر، ولكنه يستطيع الربط بين الاشياء الخضراء بناء على طبيعة الترددات المنبعثة عنها، وهذا ((الربط)) يولد نسقاً منطقياً للصفة الموحدة للموضوعات ، والذي يتحول إلى "كلمة لغوية" عند الإشارة إليه.

أي أن كلمة الأخضر تشير ذاتياً إلى "المعنى الإدراكي للون" وهذا المعنى سيبقى في مجال الذاتي على الأقل حتى يوم القيامة، وكذلك تشير إلى "المعنى النسقي المنطقي الرابط بين مجموعة الأشياء الخضراء" والذي أتى من اتفاق كل من هب ودب على أن لهذه الأشياء صفة حسية مشتركة.

قل نفس ذلك على كافة المعاني، نحن لا ندرك شيئاً، أنا وأنت يدرك كل منا شيئاً بذاته، لكن "نحن" ضمير يعبر عن ذكاء اصطناعي، لا عن كائن قادر على الوعي.

لكن الأمر يصبح أكثر وضوحاً بالنسبة للكلمات الميتافيزيقية والماورائية والباطنية (مثل الروح) لأنها وعلى عكس اللون، لا تشير إلى "صفة مشتركة بين أشياء موضوعية يمكن تمييزها بالعلاقات المندرجة تحت المنطق الرياضي التقليدي" فهي معاني مستقلة عن العالم الموضوعي المكون من جزئيات تربطها علاقات منطقية، والطريقة الوحيدة لإدراكها هي الكشف عنها ذاتياً، على عكس اللون الذي يمكن أن يشير البعض إليه على أنه هنا أو هناك، ومع أنك لا تراه بنفس طريقة الشخص الذي يشير إليه، ولكن كل منكما يمكنه الإشارة إلى الموضوعات التي تحمل هذه الصفة، مجال الموضوعات الحسية الذي يراه الجميع، لا يوفر إدراكاً للمعاني الخاصة بالكلمات الميتفيزيقية والروحية، لأنها غير موجودة فيه (غير موجودة في أنساق العالم الموضوعي) ولكن يمكن الغشارة إليها لغوياً من خلال الإشارة إلى "بوابات الانفصال عن العالم الموضوعي".​
 
  • لايك
التفاعلات: Ile
إدراك الروح او جعلها علما حضوريا لا ينفع مع الإسلام والمسلمين
نعم، إدراك الروح كعلم حضوري (كمعطى محايث للإدراك) لا ينفع (المسلمين) ولكنه ينفع كل ذات على حدى في إدراك ذاتيتها وخلاصها.

إن الارتباط بالمجموعات (المسلمين-المسيحيين-اليهود-الملحدين) يؤدي إلى أن تكون المنطلقات مبنية على ما ينفع "المجموعة"، والمجموعة هي النسق الموحد بين الذوات، بطريقة ما هي "القيد" الذي يمنع كل ذات من هذه الذوات أن تختبر ذاتيتها وتحرر نفسها، فبقاء المجموعة يعني استهلاك كل ذات من الذوات، وما ينفع المجموعة هو بالضبط ما يضر كل فرد من أفرادها على حدى ويجرده من فردانيته، أي أن هدف المجموعة النهائي هو هدف "نسقي" وليس قيمياً، فلا يوجد قيمة تحاول المجموعة الوصول إليها، لكن يوجد "أوامر تشغيل" تحاول الحفاظ عليها.

البشرية أيضاً مجموعة، وما ينفع البشرية هو ما يضر كل ذات من الذوات المأسورة في المجتمع البشري، أي ، ما ينفع البشرية هو أيضاً ما يضر الحياة.

الأعمال التي تحاول نفع البشرية هي التي تراعي وحدة النسق كمعيار نهائي، مثلاً يمكن للبشر أن يقتلوا كل الكائنات الأخرى حتى يستمروا في البقاء، هذا ذكاء اصطناعي، يمكن للبشر أن يضحوا بشخص واحد بريء من أجل أن يتم حفظ النوع بأسره دون أن تندى لهم دمعة عين حقيقية، لأن المنطلق هو برنامج تشغيل اسمه "البقاء النسقي" أو بقاء المجموعة.

الأعمال التي تخدم الحياة والقيم هي أعمال مضادة غالباً لمصلحة النوع البشري أو النسق الموحد للناس، لأنها تريد تحريرهم من نسقهم..

الروحانية التي يحاول النظام العالمي الترويج لها هي الروحانية المبنية على "بقاء النسق" حتى في لعبة مورتال الكومبات يكون الشخص الذي يريد تخليص العالم من النسق هو الشرير (شينوك) إله الظلام، أما الذي يحاول أن يبقي على النظام (إيلدر غود".
 
  • لايك
التفاعلات: Ile

أداب الحوار

المرجو التحلي بأداب الحوار وعدم الإنجرار خلف المشاحنات، بحال مضايقة إستخدم زر الإبلاغ وسنتخذ الإجراء المناسب، يمكنك الإطلاع على [ قوانين وسياسة الموقع ] و [ ماهو سايكوجين ]
أعلى أسفل