سيد الأحجار السبعة
عابر الزمن الثالث
- المشاركات
- 882
- مستوى التفاعل
- 1,659
الوعي الغذائي أكثر من أن تعرف ما الذي يجب ان تأكله .. إنه أن تعرف لماذا تأكله ...
حتى لحظتك الراهنة ، كثير من الناس غير قادرين على التفريق بين قطبي التفاعل الحيوي ، الشعور ( اليقظة ) واللاشعور ( الغفلة ) ، أكثر الناس يعتقدون أن الشعور هو التوجه العقلي الواعي ( الإرادي ) نحو الفعل ، بحيث يتم اختيار الفعل اختياراً حراً في أثناء التركيز عليه، وهنا بالضبط يتدخل علم النفس المعرفي ليفهّمك الحقيقة الواضحة جداً : السلوك الاختياري ليس هو السلوك الشعوري ( النابع من وعي حق ) بالضرورة ، لأن الاختيار حتى وإن تم من قبل الوعي ، لكن الأسباب العميقة التي أدت إليه ربما لم يتم الوعي بها ، وهذا يدفعك للسؤال : إلى أي حد يكون الإنسان غير روبوتي التصرف ؟
لاحظ معي أن وعيك بالموضوع الذي تحسه مادياً ، ولنقل إنه البطاطا المقلية مع الكاري والمايونيز ، وعي بمعطى الموضوع الحسي ، ورغبتك أو شهوتك بهذه البطاطة هي أيضاً مُعطى حسي ولكنه فيزيولوجي داخلي ( ليس ضمن العالم الموضوعي ولا يعرفه المراقبون الخارجيون ) ، وضغط الانطباع الخاص بالشهوة عليك ، والذي لا ترى بالضبط أين يضغط ، يجعلك غير قادر على التركيز ... يجعلك غير قادر على الاستيقاظ ... يجعلك لا تدرك أصلاً لماذا أنت مقيّد بشهوة البطاطا هذه أو كيف يمكنك التحرر منها ، وبطريقة ما أصبحت البطاطا في تلك اللحظة ملئ عينيك ولم تعد تحس بالعالم الخارجي حولها ، وهنا بالضبط يجب أن تتفهم أن هذا السلوك ليس سلوكاً واعياً ، لأن الوعي مشغول بتحقيق السلوك ، ولا يمكنه فهم الدافع الحقيقي نحو هذا السلوك أو اتخاذ قرار به أو بعدمه.
إن هذه المحفزات البيئية المتمثلة بالجنس والطعام والنوم وتجنب الخطر والألم ، هي بالضبط ما يعيقك من إدراك الحقيقة ضمن أي مستوى من المستويات ، ولا يمكنك ادعاء أنك حر في اختيارك لمجرد أنك تحققه موضوعياً ، بينما الدافع الحقيقي له هو برنامج تشغيل حاسوبي ميكانيكي يوجهك نحو الأمر ، وأنت فقط تدرس كيف تستجيب ، وهذا النوع من التفاعل مع المحفزات البيئية يعتمد على القانون الخاص بالكلاب والأجراس والطعام ( مثير واستجابة ) دون المرور بمراحل الوعي العليا ، مثل فهم الدافع والتصرف بحكمة ، وفي الطب الرسمي هذا النوع من التحفيز الإجهادي هو ما يسمى ب"اضطراب الدوبامين" الذي ينقص بسبب زيادة استهلاكه مما يؤدي إلى محاولة تحفيزه من جديد عن طريق رفع معدل الاستثارة البيئية.
هذا يحدث في الطعام كما يحدث في الجنس ، لأن الجنس المعتمد على التجارب الجديدة ( خلق مجال لاختبار شيء جديد لتنشيط الدوبامين ) يؤدي حتمياً إلى الضعف الجنسي المديد ، وربما لا تعرف أن زيادة سرعة الجماع هي نتيجة لعدم القدرة على التركيز الكافي من أجل السرعة البطيئة والهادئة والتي ما إن تدخل في نمطها حتى تجد أنك مصاب بعجز جنسي ( إذا كنت ذكراً ) أو ببرود جنسي ( إذا كنتِ أنثى ) لأن النفس تعودت على العجلة، والهدوء يحتاج إلى تركيز ... وسرعة الاستجابة تؤدي إلى فقدان التركيز، ومن الواضح أن النظام العالمي الجديد يعزز عامل السرعة سواء في الجنس أو الطعام أو الدين ، لأن ذلك يزيد القوة الإنتاجية ، لأن الناس لا تمتلك الوقت حينها للتأمل ، وهذا يجعلهم أقصر عمراً وأضعف صحة مما يسمح بوضعهم في موقف صعب وتقييدهم بالتأمين الصحي والمعاشي وعدم إعطاء أي فرصة لهم للتطلع نحو آفاق الوجود المهيبة.
إن فلسفة اللذة والألم قائمة بالكامل على إغفال الدافعية وتفويضها للطبيعة والانشغال بالفاعلية انشغالاً مطلقاً ، وهذا ما يسمح بمنع البشر من إدراك العلوم الروحية التي تتطلب الصبر والتأني والتأمل ، وكذلك منعهم من إقامة صلاة روحية حقيقية مع الله ، أو رؤية تجلياته الجميلة والعظيمة في الوجود ، بل ، قل بل وصل الدين نفسه إلى حالة الحركية النارية هذه ، فأصبح الناس حين يقترفون الذنب يسارعون إلى دفق وابل من سهام الاستغفار من حلوقهم عساها تطفئ قلقهم النفسي من الذنب ، وبعضهم يناطحه شبح اليأس حينما يقع فريسة لذنب ما ، رغم أن فاعل الذنب الحقيقي هو (اللاشعور) وليس وعي الإنسان.
هذا فقط لتعرف كم هو مهم مراقبة وجباتك وكيفية طعامك وأسباب اندفاعك، وماذا تعني كل وجبة لك ، ما الدلالة التي يحملها كل طعم وكل نكهة بالنسبة لوعيك حتى يفضله أو يتركه ، هذا التأمل في الطعام سيعزز فيك خصالاً كثيرة جداً ، لا تتوقف عند موضوع القدرة على التحكم بالشهوة ، بل تعزز تجاوبك الحيوي مع العالم ، في كل المجالات.
إنه ليس مهماً فقط أن تقول "أنا حر" أو تدافع عن الحرية وتحتج على تقييد قدرك لك ، بينما في الحقيقة أنت تمتلك كافة مفاتح الحرية ولكنك تصر على عدم استغلالها بحكمة ، وتلوم القدر على تقييد نفسك بالوثاق الوهمي ... كما يقول دوستوفيسكي"نحن نسكر من الخمر الذي اعتصرناه من ألمنا" أي أننا نتعامل مع الألم واللذة كمواد تخديرية ، لا كعناصر إدراكية.
ولذلك نعم ... الطعام والشراب بحد ذاتهما كمادة موضوعية لا يضران ولا ينفعان ، ويمكنك حتى أن تحيا بدونهما فضلاً عن تطلّب صحتك لنمط معين من الغذاء ، ولكن هذا الأمر متوقف على مستوى تحرر وعيك من قيود اللاشعور ، لأن اللاشعور المقتنع تماماً أن هذا الطعام ضروري ، لن يسمح لك أن تكون بصحة جيدة إذا لم توفر ذلك النوع من الطعام ، والطريقة الوحيدة لتغيير ذلك هي أن تغيّر فهم اللاشعور لطعامك ، أو لعالمك ، وحينها وبدون أي جهد أو تدريب ، سيتحرر الوعي واللاشعور تلقائياً من هيمنة المعتقدات المسبقة.
إمساك النفس عن الاستجابة للشهوة ليس طريقة صحيحة لتغيير المشكلة ، المسألة ليست بطولات مونديال أو استعراض قدرات ، غالباً هذا النوع من الممارسات سيضيع الكثير من الوقت من أجل فائدة قليلة ، ولكي تستطيع ترويض نفسك ، يجب أن "تُقنعها" بوجهة نظرك ، لا أن تحاربها لتقتنع بها... ينطبق ذلك على الرغبات والمخاوف المختلفة ، بغض النظر عمّا تكون.
فهذا هو معنى "العلم النافع" أي الذي تآلفت نفسك معه فاتحدت بنوعية إدراكه واستخدمته للارتقاء.
ومرة أخرى سيكون التطور الروحي والتهذيب النفسي هو نتيجة الفهم ، لا نتيجة العنف ... بل إن النتائج التي تتحصلها سبب المناوشات العنيفة تغذي فيك تعظيم إنجازاتك وهذا يحجبك عن الحقيقة ويخلق الأنا المزيفة ويجعلك تنظر إلى الكائنات الأخرى نظرة استحقار ، لأنك تقارن إنجازاتها بإنجازاتك ، وهذا هو السبب في تبرير بعض المقتدرين على التحكم بالقوى النفسية لافتراس وعي الكائنات الضعيفة والتغذي عليها من أجل زيادة قوتهم ، لأنهم يعتقدون أن مسار حياتهم أهم من مسار حياة تلك الكائنات.
النباتية حين تنبع من الضمير الحي ، تكون هي قمة الوعي الغذائي ، ولكن هذا ليس هو الحال دائماً ، فالنباتيون يصابون بالغرور نتيجة الممارسات العنيفة التي اختبروها للتحكم بشهواتهم ، ورغم نجاحهم موضوعياً ولكنهم فعلوه عن واجب عقلي ، لا عن إدراك حي ، إنها قضية "نحن يجب أن نكون نباتيين" وليس "نحن نباتيين" فكلمة يجب دائماً تصنع حجاباً بين الأمر والذات المنفذة له ، لأن الذات التي تفهم بحرية لا تحتاج إلى قواعد مسبقة.
النباتية هي نتيجة حتمية لارتفاع الوعي وتحرر النفس من قيود الشهوة ، وليست شيئاً يجب فرضه عنوة عليك، وكذلك هو التحرر من الجنس ، أو من طلب المال ، أو أي رغبة ضاغطة فلا يمكنك التحرر حقاً منها حتى تفهم معنى حريتك.
ولذلك قد لا يمكنك أن تكون نباتياً حتى تختبر معنى افتراس اللحمة وتجعل نفسك تستوعبها قليلاً وتدرك أين العُطب بالضبط ، لأن المقاومة مثلها مثل الاستجابة اللاشعورية ، يتم فيها التركيز على الفاعلية والغفلة عن الدافعية... حتى ولو كانت تسعى لهدف نبيل.
إن الحكمة هي مركز التوازن بين الاستجابة المتسيبة والامتناع المتزمت وهو بوابة الوعي بالدافعية ، والسفاهة إما استجابة مبذّرة وإما امتناع متطرف ...
حتى لحظتك الراهنة ، كثير من الناس غير قادرين على التفريق بين قطبي التفاعل الحيوي ، الشعور ( اليقظة ) واللاشعور ( الغفلة ) ، أكثر الناس يعتقدون أن الشعور هو التوجه العقلي الواعي ( الإرادي ) نحو الفعل ، بحيث يتم اختيار الفعل اختياراً حراً في أثناء التركيز عليه، وهنا بالضبط يتدخل علم النفس المعرفي ليفهّمك الحقيقة الواضحة جداً : السلوك الاختياري ليس هو السلوك الشعوري ( النابع من وعي حق ) بالضرورة ، لأن الاختيار حتى وإن تم من قبل الوعي ، لكن الأسباب العميقة التي أدت إليه ربما لم يتم الوعي بها ، وهذا يدفعك للسؤال : إلى أي حد يكون الإنسان غير روبوتي التصرف ؟
لاحظ معي أن وعيك بالموضوع الذي تحسه مادياً ، ولنقل إنه البطاطا المقلية مع الكاري والمايونيز ، وعي بمعطى الموضوع الحسي ، ورغبتك أو شهوتك بهذه البطاطة هي أيضاً مُعطى حسي ولكنه فيزيولوجي داخلي ( ليس ضمن العالم الموضوعي ولا يعرفه المراقبون الخارجيون ) ، وضغط الانطباع الخاص بالشهوة عليك ، والذي لا ترى بالضبط أين يضغط ، يجعلك غير قادر على التركيز ... يجعلك غير قادر على الاستيقاظ ... يجعلك لا تدرك أصلاً لماذا أنت مقيّد بشهوة البطاطا هذه أو كيف يمكنك التحرر منها ، وبطريقة ما أصبحت البطاطا في تلك اللحظة ملئ عينيك ولم تعد تحس بالعالم الخارجي حولها ، وهنا بالضبط يجب أن تتفهم أن هذا السلوك ليس سلوكاً واعياً ، لأن الوعي مشغول بتحقيق السلوك ، ولا يمكنه فهم الدافع الحقيقي نحو هذا السلوك أو اتخاذ قرار به أو بعدمه.
إن هذه المحفزات البيئية المتمثلة بالجنس والطعام والنوم وتجنب الخطر والألم ، هي بالضبط ما يعيقك من إدراك الحقيقة ضمن أي مستوى من المستويات ، ولا يمكنك ادعاء أنك حر في اختيارك لمجرد أنك تحققه موضوعياً ، بينما الدافع الحقيقي له هو برنامج تشغيل حاسوبي ميكانيكي يوجهك نحو الأمر ، وأنت فقط تدرس كيف تستجيب ، وهذا النوع من التفاعل مع المحفزات البيئية يعتمد على القانون الخاص بالكلاب والأجراس والطعام ( مثير واستجابة ) دون المرور بمراحل الوعي العليا ، مثل فهم الدافع والتصرف بحكمة ، وفي الطب الرسمي هذا النوع من التحفيز الإجهادي هو ما يسمى ب"اضطراب الدوبامين" الذي ينقص بسبب زيادة استهلاكه مما يؤدي إلى محاولة تحفيزه من جديد عن طريق رفع معدل الاستثارة البيئية.
هذا يحدث في الطعام كما يحدث في الجنس ، لأن الجنس المعتمد على التجارب الجديدة ( خلق مجال لاختبار شيء جديد لتنشيط الدوبامين ) يؤدي حتمياً إلى الضعف الجنسي المديد ، وربما لا تعرف أن زيادة سرعة الجماع هي نتيجة لعدم القدرة على التركيز الكافي من أجل السرعة البطيئة والهادئة والتي ما إن تدخل في نمطها حتى تجد أنك مصاب بعجز جنسي ( إذا كنت ذكراً ) أو ببرود جنسي ( إذا كنتِ أنثى ) لأن النفس تعودت على العجلة، والهدوء يحتاج إلى تركيز ... وسرعة الاستجابة تؤدي إلى فقدان التركيز، ومن الواضح أن النظام العالمي الجديد يعزز عامل السرعة سواء في الجنس أو الطعام أو الدين ، لأن ذلك يزيد القوة الإنتاجية ، لأن الناس لا تمتلك الوقت حينها للتأمل ، وهذا يجعلهم أقصر عمراً وأضعف صحة مما يسمح بوضعهم في موقف صعب وتقييدهم بالتأمين الصحي والمعاشي وعدم إعطاء أي فرصة لهم للتطلع نحو آفاق الوجود المهيبة.
إن فلسفة اللذة والألم قائمة بالكامل على إغفال الدافعية وتفويضها للطبيعة والانشغال بالفاعلية انشغالاً مطلقاً ، وهذا ما يسمح بمنع البشر من إدراك العلوم الروحية التي تتطلب الصبر والتأني والتأمل ، وكذلك منعهم من إقامة صلاة روحية حقيقية مع الله ، أو رؤية تجلياته الجميلة والعظيمة في الوجود ، بل ، قل بل وصل الدين نفسه إلى حالة الحركية النارية هذه ، فأصبح الناس حين يقترفون الذنب يسارعون إلى دفق وابل من سهام الاستغفار من حلوقهم عساها تطفئ قلقهم النفسي من الذنب ، وبعضهم يناطحه شبح اليأس حينما يقع فريسة لذنب ما ، رغم أن فاعل الذنب الحقيقي هو (اللاشعور) وليس وعي الإنسان.
هذا فقط لتعرف كم هو مهم مراقبة وجباتك وكيفية طعامك وأسباب اندفاعك، وماذا تعني كل وجبة لك ، ما الدلالة التي يحملها كل طعم وكل نكهة بالنسبة لوعيك حتى يفضله أو يتركه ، هذا التأمل في الطعام سيعزز فيك خصالاً كثيرة جداً ، لا تتوقف عند موضوع القدرة على التحكم بالشهوة ، بل تعزز تجاوبك الحيوي مع العالم ، في كل المجالات.
إنه ليس مهماً فقط أن تقول "أنا حر" أو تدافع عن الحرية وتحتج على تقييد قدرك لك ، بينما في الحقيقة أنت تمتلك كافة مفاتح الحرية ولكنك تصر على عدم استغلالها بحكمة ، وتلوم القدر على تقييد نفسك بالوثاق الوهمي ... كما يقول دوستوفيسكي"نحن نسكر من الخمر الذي اعتصرناه من ألمنا" أي أننا نتعامل مع الألم واللذة كمواد تخديرية ، لا كعناصر إدراكية.
ولذلك نعم ... الطعام والشراب بحد ذاتهما كمادة موضوعية لا يضران ولا ينفعان ، ويمكنك حتى أن تحيا بدونهما فضلاً عن تطلّب صحتك لنمط معين من الغذاء ، ولكن هذا الأمر متوقف على مستوى تحرر وعيك من قيود اللاشعور ، لأن اللاشعور المقتنع تماماً أن هذا الطعام ضروري ، لن يسمح لك أن تكون بصحة جيدة إذا لم توفر ذلك النوع من الطعام ، والطريقة الوحيدة لتغيير ذلك هي أن تغيّر فهم اللاشعور لطعامك ، أو لعالمك ، وحينها وبدون أي جهد أو تدريب ، سيتحرر الوعي واللاشعور تلقائياً من هيمنة المعتقدات المسبقة.
إمساك النفس عن الاستجابة للشهوة ليس طريقة صحيحة لتغيير المشكلة ، المسألة ليست بطولات مونديال أو استعراض قدرات ، غالباً هذا النوع من الممارسات سيضيع الكثير من الوقت من أجل فائدة قليلة ، ولكي تستطيع ترويض نفسك ، يجب أن "تُقنعها" بوجهة نظرك ، لا أن تحاربها لتقتنع بها... ينطبق ذلك على الرغبات والمخاوف المختلفة ، بغض النظر عمّا تكون.
فهذا هو معنى "العلم النافع" أي الذي تآلفت نفسك معه فاتحدت بنوعية إدراكه واستخدمته للارتقاء.
ومرة أخرى سيكون التطور الروحي والتهذيب النفسي هو نتيجة الفهم ، لا نتيجة العنف ... بل إن النتائج التي تتحصلها سبب المناوشات العنيفة تغذي فيك تعظيم إنجازاتك وهذا يحجبك عن الحقيقة ويخلق الأنا المزيفة ويجعلك تنظر إلى الكائنات الأخرى نظرة استحقار ، لأنك تقارن إنجازاتها بإنجازاتك ، وهذا هو السبب في تبرير بعض المقتدرين على التحكم بالقوى النفسية لافتراس وعي الكائنات الضعيفة والتغذي عليها من أجل زيادة قوتهم ، لأنهم يعتقدون أن مسار حياتهم أهم من مسار حياة تلك الكائنات.
النباتية حين تنبع من الضمير الحي ، تكون هي قمة الوعي الغذائي ، ولكن هذا ليس هو الحال دائماً ، فالنباتيون يصابون بالغرور نتيجة الممارسات العنيفة التي اختبروها للتحكم بشهواتهم ، ورغم نجاحهم موضوعياً ولكنهم فعلوه عن واجب عقلي ، لا عن إدراك حي ، إنها قضية "نحن يجب أن نكون نباتيين" وليس "نحن نباتيين" فكلمة يجب دائماً تصنع حجاباً بين الأمر والذات المنفذة له ، لأن الذات التي تفهم بحرية لا تحتاج إلى قواعد مسبقة.
النباتية هي نتيجة حتمية لارتفاع الوعي وتحرر النفس من قيود الشهوة ، وليست شيئاً يجب فرضه عنوة عليك، وكذلك هو التحرر من الجنس ، أو من طلب المال ، أو أي رغبة ضاغطة فلا يمكنك التحرر حقاً منها حتى تفهم معنى حريتك.
ولذلك قد لا يمكنك أن تكون نباتياً حتى تختبر معنى افتراس اللحمة وتجعل نفسك تستوعبها قليلاً وتدرك أين العُطب بالضبط ، لأن المقاومة مثلها مثل الاستجابة اللاشعورية ، يتم فيها التركيز على الفاعلية والغفلة عن الدافعية... حتى ولو كانت تسعى لهدف نبيل.
إن الحكمة هي مركز التوازن بين الاستجابة المتسيبة والامتناع المتزمت وهو بوابة الوعي بالدافعية ، والسفاهة إما استجابة مبذّرة وإما امتناع متطرف ...
التعديل الأخير: