السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هم اصحاب القرار في قضية الطوفان ... يعني هم الجانب التطبيقي والعملي لامر التنفيذ ... فكان من الطبيعي ان يخاطب اعضاء ذلك المجلس ... ويطلب منهم ماطلب ...
((وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ ))
ولان ممثلهم موجود على السفينة وقت الشدة لغرض تحقيق المطلب العظيم ... في ازالة هذه السلالة المبطلة من االانس ... وباشرافه وادارته ...
فكان ذلك الخطاب والمنادات ... عليهم اولا وعليه ثانيا ... لانه علم القصة برمتها منهم ... وان برنامج ازالة هذه المستويات من الوعي ...مطلب ضروري وملح جدا ...
لان نوح رسالته عالمية ( من اولي العزم ) فرفع تقريره الى ربه ... فتم اتخاذ القرار بشانه ... ولعلك لاحظت ان الخطاب في قضية نوح كان يتصدره اصحاب الضمائر الجمعيه ...
فهم اصحاب الشان في عالم المادة والمتصرفين بالنواميس كافة( المادية على مستوى الكون ) ويديرون الامر من عليائهم النورانية ... باشراف مباشر وتاييد من الجلالة العظمى ( الله سبحانه ).
(( لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ )).
هذا هو التكليف الذين كلفوه بالقيام به ..
ثم كانت النتائج ...
(( قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ )).
(( قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ )).
(( أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ )).
يبلغ الرسائل .... ويبين علمه الالهي مما تم تعليمه من قبلهم .
(( أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)).
(( فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ )).
انظر الى الرسالة المنقولة اليه منهم وتكليفهم والاشراف عليه من قبلهم .. وتنفيذه المباشر ...
(( إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (1) قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (2) أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (3) يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ )).
انظر الى التقرير الذي رفعه لربه ...
(( قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (6) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (7) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (9) فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12) .
وهنا انهى تقريره للمسؤول الذي يخاطبه ..
ثم بدأ يبين فقرات من تبليغه للرسائل العظيمة عن التوحيد الالهي .. حيث بين لهم ان الله هو الشامل المطلع المصمم العظيم ... لكل شيء .. بحسب ماتم تعليمه له .. من قبلهم .
(( مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (14) أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16) وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (17) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا (18) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا (19) لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا (20) ))
هنا بين ان الماتركس السماوي والماتركس الارضي كله صنيعة الله سبحانه وبامرة ... لكن اداة التنفيذ المادية كانت من قبل اصحاب الضمائر الجمعية ... وباشراف الله ... حيث يستطيع التدخل متى ما اراد ...
ثم بين الاسباب الموجبة للمسؤول المباشر على نظام الماتركس الارضي ... لكي يبين ان هذه السلالات غير صالحة للتكليف العظيم .
قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا (21) وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا (22) وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا (24) مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا (25) وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (27) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28)
ولاحظ اخي الكريم ان نوحا كان مصدوما بولده وفقدانه بتلك الطريقة وخطابهم له بانه عمل غير صالح ... لانه اصلا كان يتكلم بالموضوع طوال الوقت ..
(( قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا ))..
(( إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا )) ..
كان ينتقد تصرفاتهم ويتوقع منهم الاسوء...!!!
لم يتصور ان ولده منهم .... واراد الوساطة .... فتم نهيه عن الامر .... واخبروه .. ان فعل واستمر سيكون من ...الجاهلين .. وهو نبي ...
وكل هذه المخاطبات محكومة بصورة غير مباشرة في الاتصال (( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ)) .
والمنادات ... كانت وسيلة اتصال اخرى ... غير الاتصال الرسمي بالله ... سبحانه .
خلاصة الخلاصة ....
النبي يخاطب المسؤول عنه ....
المسؤول يرفع التقرير الى المجلس ...
المجلس يرفع التقرير ... الى الجلالة ...
فتنزل الاوامر والموافقات .... فيتم التنفيذ ....
قال امير المؤمنين علي ع..
(((( ان امرنا صعب مستصعب ... لايعقله الا ملك مقرب ... او نبي مرسل .... او عبد امتحن الله قلبه للايمان )))) .
وعذرا مجددا على الاطالة ... لكن الحكمة تقتضي البيان احيانا ...