هناك عدد محدود للقراءات المسموح بها للزوار

[2] هو عدد القراءات المتبقية

معرفة الصواب عن الخطأ

الظل الباحث عن الحقيقة

الصمت يحتاج موهبة كبيرة
المشاركات
136
مستوى التفاعل
227
الجزء الأول

مالذي يحدد سواء اذا كان فعلنا خير او شر، ومن الذي يقرر ذلك؟

لماذا يختلف تعريف الخير في منطقة جغرافيا معينة عن أخرى؟ وهل هناك احد يصنف نفسه بأنه شخص غير أخلاقي؟

هنا تكمن المعضلة الأخلاقية:

لا احد يعتبر نفسه بأنه شخص شرير او غير أخلاقي

مع ذلك، يوجد الكثير من الشر المنتشر حول العالم؛ فكيف يمكن ان يعتبر الجميع انفسهم أبرياء خيّرين، ولكن الشر يحدث طوال الوقت؟.اذا كان كل فرد يعتبر نفسه طيبة وتطمح للخير، فستكون النتيجة ان الحياة عبارة عن خير ضد خير آخر.

‘If everyone is moral, then instead of LIFE being a BATTLE OF GOOD VERSU EVIL…

It’s actually a BATTLE OF GOOD VERSUS GOOD’

من هنا سننطلق لتشريح مصدر الاخلاقيات ومنبعها، كيف تعمل وكيف انها متجذرة تطويريا في جسم الانسان.

لنبدأ بذكر الصفات التي تصنف على انها مزايا في الشخص الخير

العدل: ان تأخذ ما تستحق، فلا اكثر من ذلك
العطف: ان تحتوي الشخص الآخر مشاعريا
الولاء: ان تضحي بنفسك لأجل شخص آخر انت تعتبره اهم منك

هذه الصفات والكثير غيرها لا تقوم بنفسها، بل هي موجودة لإنشاء علاقة صحية بين الأفراد في المجموعة، فلو نظرنا بقرب لهذه الصفات نجد انها تتطلب وجود فرد آخر غيرك ليتم تفعيلها، نحتاج شخصين على الأقل.

هذا يوضح أن الخير يكون خير للمجموعة، فالصفات الخيّرة هنا تتطلب تكوين علاقة بين فردين ثم اكثر لتتفعل، وذلك يولد الثقة والتعاون في حال كان افراد هذه المجموعة يسعون لتحفيز الصفات المذكورة اعلاه.

هل تعتبر نفسك شخص يحكم على الآخرين؟ وهل هذا شيء مصدره خير ام شر؟، وهل تصنيف الأشياء كشر وخير هو تصنيف نابع عن عدم نضوج في الوعي؟ فهو تصنيف لوجهين لعملة واحدة. الكثير ممن يعتبرون انفسم روحانين قد يعتقدون ذلك فيبتعدون عن الازدواجية التي في نظرهم هي مجرد فخ في الماتركس...

هناك عائلة وجدوا كلبا قد صدمته مركبة أمام منزلهم، خرجت العائلة من المنزل ليروا الكلب فوجدو انه فارق الحياة. هذه العائلة سمعت ان لحم الكلب لذيذ و كان في نظرهم انه سيكون خسارة للموارد الأرضية ان يتخلصوا من لحم الكلب، فقررا ان يطبخوه دون علم أحد.
لو طُلب منك الحكم على تصرف هذه العائلة ماذا ستقول؟ هل كان تصرفهم مؤذي، مقزز، غير أخلاقي؟ أم جميعهم؟
قد يكون هذا التصرف غير معتاد عليه في ثقاقة معينة، ولكن في التسعينات كان اكل الكلاب شيء روتيني في غرب افريقيا
لو افترضنا ان هذا التصرف خاطئ لأنه مقرف و مقزز، فهل هذا يعني ان حكمنا الأخلاقي مبني على كون الأشياء مقززة ام لا؟ فمن الواضح ان العائلة لم تؤذي احد بتصرفها
هل كون الاشياء مقززة يعني انها غير اخلاقية؟
ماذا عن الدعارة؟ البعض يتقزز منها فيراها غير اخلاقية ولكن هناك دول تسمح بها. فهذا يرينا ان التقزز من شيء قد يكون نسبي، فليس الكل يتقزز من ذات الشيء، اذن هل نعتبر التقزز شيء مستقل ليس له صلة بكون الشيء اخلاقي ام لا؟


يُتبع...
 
التعديل الأخير:
الجزء الثاني

لقد تبين في المقال السابق أن ما يُعتبر تصرف غير أخلاقي في نظر شخص ما، من الممكن أن يكون تصرف أخلاقي بالنسبة لشخص غيره. من أين تأتي هذه النظرة الأخلاقية؟ ولماذا قد تختلف من شخص لآخر؟

قبل الثمانينات، فكر العلماء بأنه لو تمكنوا من فهم نظرة الأطفال للخير والشر، سيتمكنوا كنتيجة من تتبع مصدر هذه الأخلاقيات. بمعنى لو اصطدنا النظرة الأخلاقية في لحظة تجسدها عند الأطفال، سنعرف من اين أتت؛ فالأطفال في الحالات الطبيعية لم يتأثروا بعد بالمحيط المولودين فيه.

هناك ثلاث مدارس لها تفسيراتها المستقلة عن مصدر النظرة الأخلاقية في الانسان:

Nativist (inborn)

(مع الولادة)

هذه المدرسة ترى ان الطفل يُولد مع نظرة أخلاقية مزروعة فيه إما من الخالق (كما تقترح العديد من الأديان)، أو أن النظرة الأخلاقية هي نتيجة عن تطور الانسان (كما يقترح العلم باستخدام نظرية التطور)، في كلتا الحالتين: تكون النظرة الأخلاقية عند الانسان شيء فطري ناتج من الخالق او عن التطور.

Empiricist (taught)

هذه المدرسة ترى أننا نولد دون برمجة مسبقة عن ماهو خير او شر، نحن صفحة بيضاء لا نعرف الصواب من الخطأ الا عن طريق أن يتم تعلينا ذلك. الانسان هنا يعرف الصواب والخطأ عن طريق التعلم من الناضجين ، او ممن لديهم نفوذ من سلطة مجتمعية ونظام دولة.

المجتمع يعلمنا القوانين فيعاقبنا ان خالفناها، ويكافئنا ان تتبعناها.

الانسان هنا يسعى ان يصلح نفسه بما يتوافق مع النظرة الأخلاقية التي تم تعليمه إياها، مع افتراض انه تم تعليمنا النظرة الصحيحة.

Rationalist (self taught)

هذه المدرسة ترى أننا نصل للنظرة الأخلاقية بأنفسنا أثناء نمونا، عن طريق استخدام القدرات العقلية ( الاستنتاج)

عندما نرى انه تم إساءة التعامل معنا، وأيضا عبر رؤية أنه تم إساءة التعامل مع غيرنا، نُدرك ان الأفعال والتصرفات لها عواقب علينا وعلى غيرنا. عن طريق استنتاج عواقب كل فعل عن ما اذا كان له نتيجة سارّة او ضارّة، يبدأ الإنسان بتطوير خصلة الإحساس بالغير فيضع نفسه محل غيره؛ هل تصرفي يؤذي الطرف الآخر؟ سأضع نفسي في موضعه، وأرى ماذا لو عاملني احد كما عاملته، هل سأنزعج؟

هنا يبدأ الانسان يصنف تصرفاته عن طريق تحليل الموقف ثم استنتاج العواقب. يطور الفرد هنا عاطفة عقلية، عاطفة مبنية على الاستنتاج والمنطق. فيطور الفرد شفرات أخلاقية تفيد المجتمع، فهو يتوقع ان يتم معاملته بالمثل.

النظرة الأخلاقية هنا يتم تحديدها عبر الاستنتاج من التجارب التي يمر بها الفرد، فيطور الانسان النظرة المناسبة لتحسين تجربته وتجربة غيره.

يُتبع...
 
الجزء الثالث

Jean Piaget’s Rationalist Approach

العالم النفسي جين بياقيت، كان يتبع منهج المدرسة الثالثة، وهي المدرسة التحليلية، وهو ان النظرة الأخلاقية يستنتجها الفرد بنفسه، عبر التجارب. يبدأ الطفل بتحليل المواقف باستخدام المستوى الحالي لقدرة التحليل في عقله ومن خلال ذلك التحليل يستنتج الطفل اذا كان تصرفه خير ام شر. هذه القدرة على تحليل المواقف والتجارب ترتقي وتتطور تزامنا مع المرحلة العمرية والتجارب التي يمر بها الطفل.

من التجارب التي عملها بياقيت ليصل لهذه النتيجة، كان يلعب مع أطفال صغار ومن ثم يغش أثناء اللعب معهم؛ فيرى كيف يستجيب الأطفال لهذا التصرف. لاحظ بياقيت ان استيعاب الأطفال للعدل كان يتطور تدريجيا، مثل فهم شخص لقوانين حفظ الطاقة. فهنا، بياقيت رأى ان النظرة الأخلاقية يطورها الفرد بنفسه، مع كل مرحلة عمرية ونضوج فكري، يقدر الفرد على تحسين نظرته الأخلاقية. يبدأ بشكل بسيط في مرحلة الطفولة، ومن ثم ينضج الى مستوى اعلى منه.

العالم بياقيت اختتم دراسته بأن الأطفال يتعلمون النظرة الأخلاقية عبر تعرضهم لتجارب فيها افراد يغشون او لا يتعاونون، ومن ذلك يحلل الطفل الموقف فيرى عدم العدل، ومن هنا يتعلم درس العدل.

بالمختصر، يرى بياقيت بأن تحليل المواقف وتفكيكيها، هو مصدر النظرة الأخلاقية عن ماهو خير او شر

Kohlberg’s Rationalist Approach

أتى بعد ذلك تلميذ بياقيت، كولبرج، بنى كولبرج على تعاليم استاذه وتعمق اكثر.

عرض كولبرج معضلات أخلاقية على الأطفال ليرى كيف يستجيب الأطفال لهذه المعضلات، لو عرضنا على طفل أفكار متضاربة ومتضادة، أي خيار أخلاقي سيختاره الطفل، وماهي الأسباب التي بناءً عليها قرر الطفل اتخاذ قرار أخلاقي ما.

هل ينبغي على صالح أن يقتحم الصيدلية، ليسرق دواء ينقذ به زوجته التي تحتضر؟

القاعدة الأخلاقية تقول لا تسرق من احد، ولكن هناك قاعدة أخلاقية أخرى تقول دائما انقذ حياة شخص.

هل أخبر المعلم عن الطلبة الذين يغشون؟

لا ترضى بالغش، ولكن أيضا لا تكن خائنًا لأقرانك الطلبة وتنقل اخبار عنهم

مالذي يحدد أي قاعدة أخلاقية يجب ان نختارها؟ صحيح ان الفرد يطور نظرة أخلاقية اثناء نموه ، ولكن ماذا لو تعارضت قواعد أخلاقية مع بعضها في مواقف معينة، ماذا يجب ان نختار؟

كان كولبرج يثير هذه التساؤلات ليعرف تجاوب الأطفال، لم يكن الخيار الذي يختاره الطفل في هذه المواقف هو المهم، بالنسبة لكولبرج، كان السبب وراء هذا الخيار هو الذي يكشف الكثير. لماذا قرر الطفل اخذ هذا القرار.

كان يرى كولبرج ان الأسباب التي يدعم بها فرد ما قراره الأخلاقي، تعكس مستوى التحليل لذلك الفرد. بمعنى اذا كانت الأسباب قوية وناضجة وراء قرار أخلاقي ما، فإن الشخص الذي اصدر هذا القرار الأخلاقي يمتلك مستوى تحليل متطور.

وضع كولبرج ثلاث مستويات لقدرة التحليل في العقل:

Kohlberg’s 3 Moral Stages

  • Preconventional 3-6 (punishment)
  • Conventional 7-12 (situated rules)
  • Postconventional 13+ (abstract principles)

1) ما قبل التقليدي

هذه المرحلة الأولى يمر فيها الأطفال ذوي الأعمار المتراوحة بين الثلاث والست أعوام. تكون تصرفات الطفل مبنية على مبدأ الهرب، هل تصرفاتي ستجعل الأشخاص يعاقبوني؟، ام هل تصرفي سيوقعني في مشكلة؟، اذا كان الجواب انه يمكنني الهرب من العقاب ولن اقع في مشكلة، اذن سأفعل هذا التصرف. تكون تصرفات الطفل هنا قبل معرفة ماهي القواعد الأخلاقية. اذا كان بإمكانك الهرب من العقاب فهذا التصرف غير خاطئ.

2) التقليدي

هذه المرحلة الثانية يمر فيها المراهقين ذوي الأعمار المتراوحة بين ال7 وال 12عام. تكون تصرفات الشخص في هذه المرحلة الفكرية مبينة على القواعد التي وضعها المجتمع، قوانين الدول والمجتمع المولود فيه الفرد، وكل مايتضمن العادات والتقاليد. هل تصرفي يناقض تصرفات المجتمع؟ جميع التلقينات والأديولوجيات والحشو الفكري هنا.

3) مابعد التقليدي

هذه المرحلة الثالثة والأخيرة تبدأ أثناء مرحلة البلوغ وتستمر الى مابعد ذلك. يبدأ الأفراد تقييم المواقف من خلال جعل الأولوية للمبادئ الأخلاقية الأكثر أهمية. سرقة دواء او تقديم رشوة قد يكون أخلاقي في حال كان هذا التصرف يحقق هدف سامي، لإنقاذ حياة شخص مثلا. الفرد في هذه المرحلة الفكرية يحلل الموقف ويبني تصرفاته على مبادئ أخلاقية مجردة مثل العدل.



بالمختصر:

ماقبل التقليدي: القوانين ليست مهمة، العقاب والهرب منه هو الأهم.

التقليدي: القوانين المجتمعية تحدد التصرف الصواب من الخطأ

مابعد التقليدي: التصرف خاطئ في حال كان يتعارض مع مبدأ أخلاقي سامي، بغض النظر عن القوانين المجتمعية والعواقب.



هنا من الممكن ان يتساءل البعض، هل ينبغي للمراهقين في المرحلة الثانية الانصياع للتعاليم التقليدية التي يفرضها عليهم المجتمع من اباء ومعلمين وغيرهم؟ هل هذه الطريقة المثلى للحصول على النظرة الأخلاقية السليمة؟

بالنسبة لكولبرج، الفرد الممتلك لنظرة أخلاقية حقيقية، هو الذي يصل لمرحلة التفكير مابعد التقليدي، المرحلة الثالثة، ان يتجاوز التلقين للقوانين المجتميعة ويفهم بنفسه النظرة الأخلاقية.

تتوافق نظرية كولبرج عن مصدر النظرة الأخلاقية السليم( تطوير النظرة الأخلاقية عبر التحليل والاستنتاج للمواقف في المرحلة الثالثة من النضوج الفكري)، تتوافق هذه النظرة مع الفترة الزمنية التي أتت بعد الستينات في الثقافة الغربية. الرسالة التي حملها التيار الفكري في الغرب في ذلك الوقت كانت تتضمن لـــــ "إذا اردتم من أطفالكم ان يمتلكوا نظرة أخلاقية سليمة، تجنبوا تلقينهم عن ماهو صواب او خاطئ، تجنبوا جبرهم على الخضوع للمعلمين والعادات ، بل تجنبوا أيضًا جعلهم يخضعوا لنظرتكم الأخلاقية كأباء لهم". هذا التلقين قد يجمد قدرة التحليل لدى المراهقين، ويجعلهم عالقين في مرحلة الانصياع واتباع القوانين المجتمعية في المرحلة الثانية. بدلًا عن ذلك، يجب على الأهالي تحفيز أبنائهم للتساؤل عن كل قانون أخلاقي، لتشجيعهم للوصول للمرحلة الثالثة وهي مرحلة التفكير مابعد التقليدي.



يُتبع...
 
الجزء الرابع

الآن، لقد شرحنا في الجزء الثالث بأن كولبرج اعتبر النظرة الأخلاقية الصحية تكون مبنية على مقدرة الفرد في تحليل المواقف، ومن ثم استنتاج الصواب عن الخطأ، ذلك يكون في مرحلة التفكير مابعد التقليدي كما شرحنا بالأعلى.

ولكن هل فعلًا يحتاج الفرد الى تحليل تجريدي للموقف للوصول الى الصواب؟

هل التحليل يقود الى النظرة الأخلاقية ام ان النظرة الأخلاقية موجودة و مستقلة بذاتها؟ بمعنى، هل التحليل هو فقط لغو و كلام إضافي لإيصال مبدأ أخلاقي واحد؟ هل المبدأ الأخلاقي موجود دائما بذاته ولكن التحليل يعبر عنه بشكل حرفي منطوق فقط؟

Elliot Turiel

الأمر لم ينتهي هنا، جاء تلميذ كولبرج والذي كان اسمه إليوت توريل، جاء ليضيف على تراث معلمه ومعلم معلمه، (الجماعة مصرين يطولون الموضوع). كان توريل يجري تجارب على الأطفال ليقيس مدى ادراكهم للنظرة الأخلاقية( معرفة الصواب عن الخطأ) ، ولكن الذي ميزه عن معلمه، كان توريل يسعى الى فصل النظرة الأخلاقية عن مركز التحليل والتعليل المنطقي في العقل. كان يريد التأكد منــــ هل نحتاج الى التعبير اللغوي واستخدام الأسباب المنطقية للتبرير عن النظرة الأخلاقية؟

من تجارب توريل، كان يقص على الأطفال قصصا فيها كسر لقواعد أخلاقية

القصة الأولى: طفل ذهب للمدرسة دون ارتداء الزي الرسمي الإجباري.

القصة الثانية: طفل دفع طفلا اخر عن اللعبة، لكي يأخذ محله.

بدل أن يسأل توريل هؤلاء الأطفال عن التصرفات في القصتين، سواء أكانت تصرفات صحيحة ام خاطئة، وبدلا عن الطلب منهم ان يبرروا موقفهم واستخدام التعليل وذكر الأسباب والتحليل، قام توريل بسؤال الأطفال أسئلة مبنية على نعم أو لا، ليرى هل النظرة الأخلاقية تحتاج الى قدرة التحليل والتعليل المنطقي.

وجد توريل ان الأطفال يستطيعون اظهار فهم أخلاقي دون الحاجة الى التبرير والتعبير اللغوي ، فالنظرة الأخلاقية كانت مبنية على مبادئ سامية، قبل ان يتم التعبير عنها بشكل لغوي وتحليلي، وذلك كان عكس ما يراه معلم توريل ومعلم معلمه.

وجد توريل ان الأطفال في سن الخامسة اظهروا مقدرة في تمميز الصواب عن الخطأ بسؤالهم أسئلة نعم ام لا. على وجه التحديد، وجد توريل ان الأطفال يستطيعون التفريق بين:

1) قواعد العادات والتقاليد في المجتمع:

وهي القواعد التي تكون مبنية على الموقف والسياق.

يجب عليك ارتداء الزي المدرسي الا اذا كان لديك اذن من المعلم يسمح لك بأن لا ترتدي الزي، (لاحظ هنا الشرط، فيمكنك عدم ارتداء الزي المدرسي تحت عذر معين)

2) القواعد الأخلاقية:

وهي القواعد التي تكون عالمية، بغض النظر عن الموقف والسياق.

دفع طفل عن اللعبة لأخذ محله دائما تصرف خاطئ مهما كان السبب، وحتى وان كان لديك اذن مع المعلم!

كان الأطفال بسن الخامسة يدركون ان اذية الشخص خاطئة مهما كان السياق.

اختتم توريل ان النظرة الأخلاقية لا تحتاج الى قدرة التحليل المنطقي ، فجوهر النظرة الأخلاقية هو تجنب إيذاء الآخرين دون الحاجة الى التعليل واللغو. وكل القواعد الأخلاقية يكون مصدرها تجنب إيذاء الآخرين، وإلا فإنها قوانين مجتمعية او من العادات والتقاليد في ذلك المجتمع.

نحن كبشر سويين، موجود في جوهرنا رغبة في تجنب إيذاء الآخرين، وذلك ترتب عليه تطور النظرة الأخلاقية، والبقية هي قوانين مجتمعية وليست لها صلة بالنظرة الأخلاقية.

ولكن هل هذا صحيح؟ هل القوانين المجتمعية والعادات والتقاليد مفصولين عن النظرة الأخلاقية؟ وهل النظرة الأخلاقية فقط تتمحور حول تجنب اذية الآخرين؟



يُتبع...
 
أشكرك @الظل الباحث عن الحقيقة

موضوع رائع


اضافة مني...

حتى القردة لديها ادراك لمفهوم العدل فما بالك بالإنسان

هنا تقوم المختبرة بإعطاء القردين حصوات صغيرة وتلك الحصوات يجب اعادتها لها يعني هي بمثابة المال وعندما تستعيدها تعطي القردة عنب لكن في المحاولة الثانية اعطت احد القرود عنب والاخر قطعة خيار وهذا اغضبه فهو يعرف ان العنب طعمه الذ من الخيار

 
أشكرك @الظل الباحث عن الحقيقة

موضوع رائع


اضافة مني...

حتى القردة لديها ادراك لمفهوم العدل فما بالك بالإنسان

هنا تقوم المختبرة بإعطاء القردين حصوات صغيرة وتلك الحصوات يجب اعادتها لها يعني هي بمثابة المال وعندما تستعيدها تعطي القردة عنب لكن في المحاولة الثانية اعطت احد القرود عنب والاخر قطعة خيار وهذا اغضبه فهو يعرف ان العنب طعمه الذ من الخيار

مشاهدة المرفق 5115

شكرا لك على اضافتك Ile وعلى اطرائك

بالفعل في الأجزاء القادمة سيتضح ان الموضوع اعمق من مجرد استخدام العقل التحلليلي للوصول الى الصواب، وخير مثال هو الفديو الذي ادرجته انت، ولكن لا أود ان احرق ترتيب الأحداث وسأصل إلى هناك بالتدريج :)
 
الجزء الخامس

لقد انتهى الجزء السابق بأن توريل اعتبر مركز النظرة الأخلاقية هو تجنب اذية الآخرين، وأي شيء غيره هو قوانين مجتمعية ليس لها علاقة بالمبادئ الأخلاقية.

لكن ماذا عن قوانين الطعام واحترامه؟ هل هذا أيضا تركيبة مجتمعية ليس لها صلة بالنظرة الأخلاقية؟

Hua of Papua New Guinea

هذه القبيلة باللغلة الأنجليزية أعلاه، لم اجد ترجمة لأسمهم، لديهم قوانين تحرّم على الرجال تناول الطعام الذي يشبه العضو الجنسي الأنثوي: أي شيء لونه أحمر أو رطب أو يأتي من تجويف.

بالنسبة لتوريل، وغيره من المتعلمين الغربيين، سيصنفون هذه الأفعال في هذه القبيلة بأنها مجرد قوانين مجتمعية وليس لها أي صلة بالنظرة الأخلاقية، فلا يوجد أحد يتأذى من إلتهام المأكولات التي تعتبر خطيئة.

على الرغم من صحة ذلك، وانه لا احد يتأذى بشكل جسدي في هذه القبائل عند التهام هذه المأكولات، هذا الشعب يعتبر إلتهام هذه المأكولات ذنب بغض النظر عن الوضع، من الخطأ تناول هذه المأكولات سواء أكان لديك اذن ام لا، هذه القبيلة تعتبر تناول هذه المأكولات للرجال شيء خاطئ عالميا، وهذا أوسع من منظار توريل عن الصواب والخطأ.

توريل استنتج ان تجنب اذية الشخص هو محور النظرة الأخلاقية، فهو اعتبر انه من المتفق عليه ان الأذية هي خاطئة بغض النظر عن الموقف، سواء أكان لديك اذن ام لا، كما في قصة الأطفال ، دفع طفل عن اللعبة لأخذ مكانه هو خاطئ بغض النظر عن السياق، وحتى ان كان لديك اذن من المعلم. ولكن بشكل مماثل، هذه القبيلة أيضا تعتبر أكل هذه المأكولات للرجال شيء خاطئ بغض النظر عن ما إذا كانت هذه المأكولات ليس لها ضرر!

بالمختصر، هذه القبيلة، ترى ان النظرة الأخلاقية ليست مقتصرة فقط على تجنب اذية الآخرين، بل ان النظرة الأخلاقية لها صلة أيضا بنوع الطعام الذي يتناوله الرجل.

هناك أيضا الشعوب التي تتبع الديانات السماوية، النظرة الأخلاقية لدى هذه الشعوب تتجاوز ان تكون متعلقة فقط بتجنب اذية الأخرين، هي أيضا تهتم بنوع الطعام، وغيرها من الأمور التي ليس لفعلها ضرر ملموس. هذه الشعوب تعتبر أيضا ان قوانين دينها عبارة عن قواعد أخلاقية، فتجنب طعام معين هو قاعدة أخلاقية للنظرة الأخلاقية السليمة، فهنا أيضا تجنب اذية الآخرين ليس له صلة بالموضوع.

إذا كانت نظرة توريل صواب، وان النظرة الأخلاقية السليمة هي فقط بتجنب اذية الآخرين، لماذا يوجد العديد من الشعوب الغير غربية التي تصنف بعض الأفعال على انها صواب او خاطئة ، بغض النظر عن ما اذا كانت ضارة ام لا؟ بل انه حتى في الغرب، لا زال البعض يعتبر زواج المثليين شيء غير أخلاقي، وحتى وان كان لا احد سيتضرر بهذا الفعل؟

هل توريل محق بأن النظرة الأخلاقية فقط مبنية على تجنب اذية الأخرين؟ ، ام ان شعاع النظرة الأخلاقية يمتد لأمور أخرى في جوانب الحياة، اكثر من كونه فقط متعلق بتجنب اذية الآخرين؟ هل الثقافة المجتمعية والعادات والتقاليد تلعب دورا أيضا؟


الفروق الثقافية للنظرة الأخلاقية:

1) Individualist Cultures (individualism)

The individual is the center of moral concern


2) Collectivist Cultures (collectivism)

The group is the center of moral concern



1) الفردانية: أن يكون الفرد هو محور النظرة الأخلاقية

2) الجماعية او المجتمع: أن تكون الجماعة هي محور النظرة الأخلاقية

لنتعمق هنا قليلا، عند الغرب، يستخدم مصطلح غير أخلاقي للإشارة إلى التصرفات التي تتضمن اذية شخص ما، او التدخل في حرية تعبيره عن نفسه، او التعامل مع الفرد بشكل غير عادل. النظرة الأخلاقية عند الغرب تكون تهتم بالفرد أكثر من كونها تهتم بتكوين روابط اجتماعية متينة بين فرد ما وفرد غيره. أما بالنسبة للشرقيين من الصين والهند، والشرق الأوسط، يطلق مصطلح غير أخلاقي للتصرفات الغير حضارية المعيبة. الأمور التي عيب فعلها والتي تسيء لمبادئ المجموعة تعتبر شيء غير أخلاقي عند الثقافة الشرقية من الدول العربية وغيرهم من الهند والصين.

عند الغرب سابقا، يجب على المجتمعات الاهتمام باحتياجات الفرد ورغبته بالتفرد والتعبير عن نفسه باستقلالية وعصامية، حتى وان كان ذلك ضد رغبة المجموعة والتي تهتم بالاستقرار والهوية الثقافية.

الفردانية لعبت دورا في عصر التنوير عند الغرب، واستمرت لتهيمن على الثقافة الغربية هذه فكرة الفردانية.

اما النظرة الأخلاقية الجماعية، تركز على مسؤوليات الفرد ودوره وواجباته اتجاه المجموعة التي ينتمي لهاٍ.

ماذا بنظرك كقارئ يعتبر اهم؟ الفردانية، ام المجتمع، ام ان الفردانية والمجتمع كلاهما شيئان مهمان؟



هناك شيء يجب توضيحه، الغرب وخصوصا أمريكا هي حالات متطرفة للفردانية. الأشخاص الذين يعتبرون ان اذية الشخص هي محور النظرة الأخلاقية يكونون اقل فئة تُستخدم عند عمل الدراسات التعميمية. اذا أراد باحث اجراء دراسة، فهو يأخذ مجموعة من مجتمع ويجري عليهم التجربة ثم يعمم نتائج التجربة على هذا المجتمع، ولكن أصحاب النظرة الفردانية في الغالب لا يُستعملون كعينة في تمثيل ثقافة معينة. فكل فرد لديه نظرته للحياة. هل ذلك يولد تفرقة و تفكك مجتمعي؟ ماذا عن النظرة الأخلاقية عند الشرقيين، على ماذا تتمحور؟



يُتبع...
 
الجزء الخامس

لقد انتهى الجزء السابق بأن توريل اعتبر مركز النظرة الأخلاقية هو تجنب اذية الآخرين، وأي شيء غيره هو قوانين مجتمعية ليس لها علاقة بالمبادئ الأخلاقية.

لكن ماذا عن قوانين الطعام واحترامه؟ هل هذا أيضا تركيبة مجتمعية ليس لها صلة بالنظرة الأخلاقية؟

Hua of Papua New Guinea

هذه القبيلة باللغلة الأنجليزية أعلاه، لم اجد ترجمة لأسمهم، لديهم قوانين تحرّم على الرجال تناول الطعام الذي يشبه العضو الجنسي الأنثوي: أي شيء لونه أحمر أو رطب أو يأتي من تجويف.

بالنسبة لتوريل، وغيره من المتعلمين الغربيين، سيصنفون هذه الأفعال في هذه القبيلة بأنها مجرد قوانين مجتمعية وليس لها أي صلة بالنظرة الأخلاقية، فلا يوجد أحد يتأذى من إلتهام المأكولات التي تعتبر خطيئة.

على الرغم من صحة ذلك، وانه لا احد يتأذى بشكل جسدي في هذه القبائل عند التهام هذه المأكولات، هذا الشعب يعتبر إلتهام هذه المأكولات ذنب بغض النظر عن الوضع، من الخطأ تناول هذه المأكولات سواء أكان لديك اذن ام لا، هذه القبيلة تعتبر تناول هذه المأكولات للرجال شيء خاطئ عالميا، وهذا أوسع من منظار توريل عن الصواب والخطأ.

توريل استنتج ان تجنب اذية الشخص هو محور النظرة الأخلاقية، فهو اعتبر انه من المتفق عليه ان الأذية هي خاطئة بغض النظر عن الموقف، سواء أكان لديك اذن ام لا، كما في قصة الأطفال ، دفع طفل عن اللعبة لأخذ مكانه هو خاطئ بغض النظر عن السياق، وحتى ان كان لديك اذن من المعلم. ولكن بشكل مماثل، هذه القبيلة أيضا تعتبر أكل هذه المأكولات للرجال شيء خاطئ بغض النظر عن ما إذا كانت هذه المأكولات ليس لها ضرر!

بالمختصر، هذه القبيلة، ترى ان النظرة الأخلاقية ليست مقتصرة فقط على تجنب اذية الآخرين، بل ان النظرة الأخلاقية لها صلة أيضا بنوع الطعام الذي يتناوله الرجل.

هناك أيضا الشعوب التي تتبع الديانات السماوية، النظرة الأخلاقية لدى هذه الشعوب تتجاوز ان تكون متعلقة فقط بتجنب اذية الأخرين، هي أيضا تهتم بنوع الطعام، وغيرها من الأمور التي ليس لفعلها ضرر ملموس. هذه الشعوب تعتبر أيضا ان قوانين دينها عبارة عن قواعد أخلاقية، فتجنب طعام معين هو قاعدة أخلاقية للنظرة الأخلاقية السليمة، فهنا أيضا تجنب اذية الآخرين ليس له صلة بالموضوع.

إذا كانت نظرة توريل صواب، وان النظرة الأخلاقية السليمة هي فقط بتجنب اذية الآخرين، لماذا يوجد العديد من الشعوب الغير غربية التي تصنف بعض الأفعال على انها صواب او خاطئة ، بغض النظر عن ما اذا كانت ضارة ام لا؟ بل انه حتى في الغرب، لا زال البعض يعتبر زواج المثليين شيء غير أخلاقي، وحتى وان كان لا احد سيتضرر بهذا الفعل؟

هل توريل محق بأن النظرة الأخلاقية فقط مبنية على تجنب اذية الأخرين؟ ، ام ان شعاع النظرة الأخلاقية يمتد لأمور أخرى في جوانب الحياة، اكثر من كونه فقط متعلق بتجنب اذية الآخرين؟ هل الثقافة المجتمعية والعادات والتقاليد تلعب دورا أيضا؟


الفروق الثقافية للنظرة الأخلاقية:

1) Individualist Cultures (individualism)

The individual is the center of moral concern


2) Collectivist Cultures (collectivism)

The group is the center of moral concern



1) الفردانية: أن يكون الفرد هو محور النظرة الأخلاقية

2) الجماعية او المجتمع: أن تكون الجماعة هي محور النظرة الأخلاقية

لنتعمق هنا قليلا، عند الغرب، يستخدم مصطلح غير أخلاقي للإشارة إلى التصرفات التي تتضمن اذية شخص ما، او التدخل في حرية تعبيره عن نفسه، او التعامل مع الفرد بشكل غير عادل. النظرة الأخلاقية عند الغرب تكون تهتم بالفرد أكثر من كونها تهتم بتكوين روابط اجتماعية متينة بين فرد ما وفرد غيره. أما بالنسبة للشرقيين من الصين والهند، والشرق الأوسط، يطلق مصطلح غير أخلاقي للتصرفات الغير حضارية المعيبة. الأمور التي عيب فعلها والتي تسيء لمبادئ المجموعة تعتبر شيء غير أخلاقي عند الثقافة الشرقية من الدول العربية وغيرهم من الهند والصين.

عند الغرب سابقا، يجب على المجتمعات الاهتمام باحتياجات الفرد ورغبته بالتفرد والتعبير عن نفسه باستقلالية وعصامية، حتى وان كان ذلك ضد رغبة المجموعة والتي تهتم بالاستقرار والهوية الثقافية.

الفردانية لعبت دورا في عصر التنوير عند الغرب، واستمرت لتهيمن على الثقافة الغربية هذه فكرة الفردانية.

اما النظرة الأخلاقية الجماعية، تركز على مسؤوليات الفرد ودوره وواجباته اتجاه المجموعة التي ينتمي لهاٍ.

ماذا بنظرك كقارئ يعتبر اهم؟ الفردانية، ام المجتمع، ام ان الفردانية والمجتمع كلاهما شيئان مهمان؟



هناك شيء يجب توضيحه، الغرب وخصوصا أمريكا هي حالات متطرفة للفردانية. الأشخاص الذين يعتبرون ان اذية الشخص هي محور النظرة الأخلاقية يكونون اقل فئة تُستخدم عند عمل الدراسات التعميمية. اذا أراد باحث اجراء دراسة، فهو يأخذ مجموعة من مجتمع ويجري عليهم التجربة ثم يعمم نتائج التجربة على هذا المجتمع، ولكن أصحاب النظرة الفردانية في الغالب لا يُستعملون كعينة في تمثيل ثقافة معينة. فكل فرد لديه نظرته للحياة. هل ذلك يولد تفرقة و تفكك مجتمعي؟ ماذا عن النظرة الأخلاقية عند الشرقيين، على ماذا تتمحور؟



يُتبع...

الفردانية والجماعية كلاهما مهم


لكن الفردانية اكثر اهمية بنظري لسبب بسيط

وهو ان الانسانية او المجتمعات تتكون من افراد، المجتمع ليس كيان واحد عاقل، بل يتعاون من اجل راحة ورخاء الجميع، الافراد، فإن كنا سنتفق على قواعد وأسس تجعل المجتمع او الانسانية جيدة لكن تجعل حياة الفرد جحيما فهذا ليس بتقدم بنظري.
 
الفردانية والجماعية كلاهما مهم


لكن الفردانية اكثر اهمية بنظري لسبب بسيط

وهو ان الانسانية او المجتمعات تتكون من افراد، المجتمع ليس كيان واحد عاقل، بل يتعاون من اجل راحة ورخاء الجميع، الافراد، فإن كنا سنتفق على قواعد وأسس تجعل المجتمع او الانسانية جيدة لكن تجعل حياة الفرد جحيما فهذا ليس بتقدم بنظري.
العالم الان أفضل من السابق حتي للأفراد
 
الجزء السادس


أعتذر على الإطالة، ربما البعض نسي المحور الذي وصلنا إليه، لكن الموضوع ليس بذلك الطول فمراجعته سهلة.

بشكل مختصر، عند المجتمعات الفردانية تعتبر الحرية الفردية هي محور النظرة الأخلاقية، بغض النظر عن كون ذلك مخالف للمجتمع ام لا، حرية الفرد والعدل معه اهم. اما المجتماعات الجماعية تقدس ترابط المجتمع، فأي شيء يهدد هذا الترابط هو غير أخلاقي، هنا الجماعة اهم من الفرد.

شيء مهم يجب الإشارة إليه، وهو ان النظرة الفردانية شيء جديد وبدأ بالانتشار، لكن ماهي المعايير التي تجعل الشخص يتبع فكرة الفردانية أو المجتمعية؟ من هو الشخص الذي يهتم بحريته وفردانيته ومن هو الشخص الآخر الذي يقدم المجتمع على حرية الأفراد؟

سأذكر امثلة عن أفعال غير أخلاقية، قد تكون غير أخلاقية لأنها غير أخلاقية فقط في مجتمع معين، او انها غير أخلاقية بشكل عام:

تصرف غير أخلاقي في الهند وامريكا:

شخص يركل كلبا نائم في الشارع بلا سبب!

شخص يخلف عن وعده!

تصرف غير اخلاقي في أمريكا فقط وليس الهند:

شخص يضرب زوجته لأنه اخبرها ان تبقى في المنزل ولكنها ذهبت دون اذنه

رجل يرث ابويه على الرغم ان لديه اخت اكبر منه

تصرف غير اخلاقي في الهند فقط وليس أمريكا:

ابن ينادي ابوه باسمه الأول ولا يناديه بكلمة (أبي)

امرأة تكثر من اكل السمك في حين كان زوجها قد توفي للتو.

في باكستان: يوجد قتل حفظا للشرف:

محتوى مخفي تسجيل الدخول أو تسجيل لمشاهدة الروابط

هذا الفديو عن مجموعة من رجال ونساء ظهروا في فديو على الجوال وهم يغنون ويرقصون، عندما انتشر الفديو علم الأفراد بأنهم في مشكلة لأنهم خالفوا النظرة الأخلاقية لمجتمعهم، وهي إهانة لشرف العائلة، بعد عدة أسابيع تم قتل جميع الخمس فتيات اللاتي ظهرن في الفديو، وتم قتل رجلين من اصل لثلاثة الذين ظهروا في الفديو.

عوائل هؤلاء الأفراد لم يتصلوا بالشرطة لأن الشرطة في الغالب ستؤيد النظرة الأخلاقية المجتمعية وهي احترام قوانين المجتمع و عدم الإساءة لهذه القوانين من أجل رغبات ودوافع فردية

برأيك، هل النظرة المجتمعية تبرر قتل الأفراد؟ أم ان حرية الأفراد ضرورية ويجب احترامها؟



من هنا نرى أن بعض الأفعال الوحشية تعتبر جزءا من تحقيق النظرة الأخلاقية في بعض المجتمعات، قتل من اساء الى سمعة عائلته لاستعادة شرف العائلة نتيجة النظرة الأخلاقية المجتمعية السائدة في هذا المجتمع- باكستان هنا.

قتل الشرف من الحالات المتطرفة التي يكون فيها المجتمع واستقراره اهم بقوة من حياة افراد ارادو اللهو والاستمتاع. قتل الشرف في الغالب لن يفهمه ابن تربى تحت النظرة الأخلاقية الفردانية مثل شخص غربي، فالفردانية تهتم بالفرد وتقدمه على رغبات المجتمع.

لكل مجتمع نظرة أخلاقية سائدة عامة ولها اتباعها و مؤييديها، هذه النظرة الأخلاقية قد لا تحترم حرية الأقلية من الأفراد، فقد يكون هؤلاء الأفراد لديهم نظرة أخلاقية مختلفة تماما عن المجتمع.

نعود لسؤالنا الذي بسببه تم ولادة هذا البحث، هل النظرة الأخلاقية تعتمد على تجنب الأذية فقط، بمعنى اذا انا فعلت شيئا لا يتأذى منه احد فهو أخلاقي؟ هل كلام ترويل صحيح، هل محور النظرة الأخلاقية هو تجنب اذية الاخرية؟ لكن هؤلاء الفتية الذين قتلوا في باكستان لم يؤذوا أحدا عندما رقصوا!، هم فقط انتهكوا قوانين مجتمعية موروثة، ومبنية على أساس أخلاقي لا علاقة له بالأذية الجسدية، حرمان نفسي لحفظ شرف عائلة ضمن قوانين موضوعة في المجتمع؟

ماذا عن أيضا اكل لحم انسان توفي؟ لا يوجد ضرر حتى لو شعرنا انه فعل خاطئ، في حال كان مصدر نظرتنا الأخلاقية هو تجنب اذية الاخرين فأكل لحم شخص توفي رضي لي بذلك لن يؤذي أحدا، حتى لو كان هذا التصرف انتهاكا للقوانين المجتمعية فهو يظل غير ضار.

بالنسبة لتوريل اذا كان الفعل لا يضر أحدا مثل اغتصاب دجاجة ميتة وغيره، فهذا الفعل انتهاك للقوانية المجتمعية وليس انتهاكا للنظرة الأخلاقية، فتوريل يرى ان النظرة الأخلاقية فقط في تجنب اذى الاخرين ومن ثم انت حر!!!

لكن شويدر، يرى أن كلام توريل خاطئ، فهناك مجتمعات ترى ان مايعتبره توريل مجرد قانون مجتمعي ليس في الحقيقة مجرد قانون مجتمعي بل هو نظرة أخلاقية، كما شرحنا بالأعلى عن المجتمع الذي يحرم اكل الرجل لفاكهة تشبه العضو الجنسي الانثوي، وأيضا حتى في الغرب لازال البعض يرفض زواج المثليين على الرغم من عدم وجود ضرر منه. فشويدر يرى ان النظرة الأخلاقية اكبر من كونها تتجنب الاذية فقط.



هناك جاء عملاق ثالث اسمه، جوناثان هايت، يمكنكم البحث عن محاضرات له في اليوتيوب فهو من هذا العصر

(Jonathan Haidt)

سأل جوناثان سؤالا مفصليا، قال: " هل يوجد اشخاص اختاروا نظرة أخلاقية تحرم افعالا هم بأنفسهم يؤمنون ويرون ان هذه الأفعال لا تؤذي احد؟"

بهذا السؤال أراد جوناثات التحقق من هل يستطيع الافراد أصلا التمييز بين ما هو قانون مجتمعي وماهو قانون يتبع نظرة أخلاقية؟

قبل الإجابة سأضع بعض من الأمثلة التي قد تستفزكم، اريدكم ان تحكموا بين أنفسكم على هذه التصرفات، هل هي غير أخلاقية، هل هي فقط تعدي على قوانين مجتمعية وليس لها علاقة بالنظرة الأخلاقية؟ هل هي مؤذية أصلا؟

1)خالد يعيش وحده، كل أسبوع يذهب خالد الى البقالة ويشتري دجاجة مجمدة، لكن قبل ان يأكلها يقرر خالد ان يمارس الجنس مع الدجاجة المجمدة وبعد ذلك يطهوها يوأكلها، يتأكد خالد ان الدجاجة أصبحت نظيفة قبل اكلها.

2) كريستينا تعمل في معمل تشريح الجثث، بعد التشريح يتم حرق الجثة. في يوم من الأيام رأت كريستينا انه من التبذير ان يتم حرق اللحم البشري، فقررت اخذ قطعة منه الى المنزل، طهت كريستينا اللحمة ولم يعلم احد بذلك.

الآن لنعد الى جوناثان وبحثه، اكتشف جوناثان انه كلما كان الشخص متعلما، كلما اصبح يميز بين ماهو أخلاقي وما هو فقط قانون مجتمعي. بمعنى ان الذين يمتلكون نظرة أخلاقية فردانية ( المتعلمين )هم الذي يميزون بين النظرة الأخلاقية و القوانين المجتمعية.

أيضا وجد جوناثان ان هؤلاء المتعلمين عندما يتم عرض لهم شيء فيه انتهاك لحرمة ما ولكن في نفس الوقت لا احد يتضرر منه، يبدأ هؤلاء المتعلمين بخلق قصة فيها احد يتأذى، لكي يبررون ان هذا الفعل غير أخلاقي، فهؤلاء المتعلمين يميلون الى جعل النظرة الأخلاقية في تجنب اذية الاخرين.

لنفصل اكثر، عندما يتم عرض كريستينا ومعمل الجثث على احد المتعلمين، سيبدأ هذا الشخص باختلاق الأذية وانه هناك ضرر في تصرف كريستينا ليبرر ان تصرفها خاطئ.

فجوناثان يقول، انه هناك شعور في البطن يقول لنا انه هناك شيء غير أخلاقي وخاطئ هنا، هناك شعور في الجهاز الهضمي يرفض ذلك، ومن هنا يبدأ المتعلم بخلق قصة فيها اذية لتبرير هذا الشعور.

فقصة كريستينا لو عرضت على احد غير متعلم ويتبع القوانين المجتعية، سيرفض هذا التصرف دون الحاجة الى التبرير والشرح، سيقول انه عكس الفطرة الخ.. دون الحاجة الى خلق سيناريو فيه اذية مخترعة لتبرير تجنب الفعل.
اما المتعلم فسيقول انه غير أخلاقي على الرغم من عدم وجود اذية لأحد فعليا، ولكن هناك شعور في داخلنا يرفض ذلك ومنه نبدأ بموافقة شعورنا مع رغبتنا بتجنب اذية الاخرين، فيخترع المتعلم قصة فيها اذية.

نتيجة جوناثان هي ان شويدر كان محق وتوريل خاطئ. هناك شيء اعمق للنظرة الأخلاقية بحيث انها اكبر من كونها تهتم فقط بتجنب الأذى.









الملخص الحالي:

بالنسبة لبياقيت و كولبرج : النظرة الأخلاقية تتطور مع تطور مقدرة الطفل على التحليل والاستنتاج.

بالنسبة لتوريل: النظرة الأخلاقية تتمحور حول تجنب اذية الاخرين، وكل ماهو غيرها مجرد قوانين مجتمعية

بالنسبة لشويدر وجوناثان: النظرة الأخلاقية لها محركات أخرى غير تجنب اذية الاخرين فقط، هي اعمق من ذلك، وأيضا كلما كان الشخص متعلما كلما اصبح يميز بين القوانين المجتمعية والنظرة الأخلاقية.


انتهت السلسلة الأولى بسلام ولله الحمد.

يُتبع...
 

أداب الحوار

المرجو التحلي بأداب الحوار وعدم الإنجرار خلف المشاحنات، بحال مضايقة إستخدم زر الإبلاغ وسنتخذ الإجراء المناسب، يمكنك الإطلاع على [ قوانين وسياسة الموقع ] و [ ماهو سايكوجين ]
أعلى