حاولت إيجاد قاعدة واحدة تنتمي للعالم الخارجي ويمكن التعويل عليها كيقين لا يتزحزح وكعلم لا يأخذه مني النسيان ، لم أجد ولا حقيقة واحدة في العالم الخارجي ...
حاولت كثيراً وكثيراً ... لم أحاول أن أثبت أنه عالم ضائع ومريب ، ولا أنه عالم مخلوق ، كنت فعلاً أرغب بإيجاد شيء واحد فقط يمكن التعويل عليه كمعيار لليقين أو كمرساة ، ولكن لا يوجد شيء واحد.
كل شيء صحيح نسبياً ، مؤقتاً ، ظاهرياً ، وعلى نحو مأساوي ، إذا قررت شد العزم على التمسك بفكرة ما إلى اللانهاية فسيأخذها النسيان مني رغماً عني ، لأني سأنسى دافعي الذي يجعلني أشدها إلي , ولا يمكنني إذن الغصرار على أي فكرة في الوجود، حتى تلك التي تلامس جانباً حَميمياً فيني ..
هكذا ، أدركت أن حقيقة العالم الموضوعي واحدة ومطلقة وهي الحقيقة الوحيدة التي يمكنني دائماً أن أتمسك بها بكل ثقة ويقين لا أبذل جهداً في سبيل الحصول عليه ، وهي أنه عالم بلا أساس مطلق...عالم مكون من الشواش الذي يأخذ أشكالاً منظمة ومتغيرة لكنه يبقى شواشاً إلى اللانهاية، يمكن أن يصدق أو يكذب فيه أي شيء ...
المعيار للتجريبة والجدوى هو تعبير آخر عن أن هذا العالم مشوّش جوهرياً كأنه بحر من الظلمات التي لا تخفي شيئاً حقيقياً وراءها ، ولذلك يجب تجريب الشيء حتى يتم التحقق منه ... وفي الحقيقة، كل شيء يمكن تجريبه ويمكن التحقق منه