سيد الأحجار السبعة
عابر الزمن الثالث
- المشاركات
- 883
- مستوى التفاعل
- 1,660
هناك خمس أو ست تعريفات رئيسية مختلفة لسلوك في علم النفس ، وذلك حسب المدرسة ( التحليلية - السلوكية - المعرفية - الاختزالية - الوجودية - الجشطالتية ) ، كلها مقنعة تماماً ( جرب أن تقرأ عنها ) وكلها غير مقنعة بنفس الوقت … مقنعة عندما تراها ك"بُعد من أبعاد الحكاية" ، غير مقنعة عندما تختزل "الواقعة الإنسانية" كلها في وجهة النظر تلك.
إن أقرب تعريف كامل ودقيق للسلوك هو أنه فعل زمني ، يقوم به الكائن الحي، لكامل كينونته ، ويشترك فيه العقل والوعي والجسد. التعريف بشكل موضوعي : هو فعل زمني يؤثر على البيئة وعناصرها بشكل لا يخضع للقوى الفيزيائية وحتمياتها وإنما له معادلة تركيبية وحرّة.
ما الذي نقصده ؟ ...
الصخرة حين تقع على الأرض تحرّكها الرياح، والرياح تأثير ضاغط على استقرار الكتل تحمله الغازات، وهذا أمر يمكن فهمه مباشرة ودون تعقيد، نفس الموضوع يتكرر في جميع الظاهرات الطبيعية، دائماً تحدث الأمور بشكل يمكن رده إلى أسباب حدثت قبله زمنياً ضمن البيئة نفسها.
هذا الموضوع لا يتكرر في حالة السلوكيات الواعية، لأن السلوك ينتج عن شيء خفي، ولا ينتمي للبيئة نفسها، وهذا هو ما يميز "موضوعات علم النفس" عن العلوم الأخرى ... الجسد المادي لا يمكن لسبب طبيعي خارجي أن يجعله يتحرك من تلقاء نفسه نحو مكان معين أو يمسك القلم ويرسم شيئاً ما أو يكتب شيئاً ما، أو يركز على موضوع معين.
الطريقة الوحيدة لجعل الجسد يقوم بالحركة نحو مكان معين هي دفعه فيزيائياً بقوة مؤثرة عليه من الطبيعة أو الجمادات، ولا يمسك القلم بيده موضوعياً حتى تقوم القوى الفيزيائية بتحريكها عنوة عنها وعنه ليمسك بالقلم.
وهذا يخالف النزعة المعروفة عن كون العالم حتمياً وطبيعياً ومادياً ولا شيء فيه إلا الظاهر ... وعلى عكس طرائق المعرفة غير المادية فإن الجسد حين يقوم بكل ذلك يوفر "معطى تجريبياً وموضوعياً خالصاً" على تأثير قوى خارج الفيزياء نفسها على العالم الفيزيائي.
ذلك ما يجعل علماء النفس والطبيعة غير منسجمين فكرياً، ويجعل الإنسان الحاد في واقعيته يميل أكثر إلى تسخيف علوم النفس بمختلف مذاهبها.
هذا الدفع الذاتي يبدأ مباشرة من الجسد، متمثلاً في الفعل الجسدي الممارس على البيئة المحيطة، ومن الناحية الموضوعية البحتة لا يمكن إدراك تلك النقطة ما وراء الجسد الخارجي والتي تجعله يتحرك هكذا بالذات، ولكن يمكن التكهّن بها إلى حد معين استناداً على قراءات السلوكيات الواعية أو "القصدية".
في النظرية المادية يتم رد هذا السلوك الغير طبيعي إلى "عوامل تكوينية داخلية" في الجسد وهي العصبونات والهرمونات ونحوها، بحيث تتراكب هذه الأشياء معاً لينتج منها "سبب مادي حدث على المستوى الداخلي لمادة الجسد" ولم تحفزه قوى أعلى من المادة، ولكن وبالوقت نفسه يبقى هذا التفسير من الناحية الموضوعية، محض افتراض معقد.
موضوعياً يمكن أن تكون التفاعلات العصبية لها تأثير كامل أو ناقص أو ضئيل ، أو ليس لها أي تأثير على قرارات السلوك، لأن المقاصد المتمايزة "أي الميول" لكائنات لها نفس نوع الموضوع، لا تعتمد على تأثيره المادي على الجسد، مثلاً تفضيل اللون الأزرق على الأحمر في فستان سهرة، مسألة مستحيلة الشرح بالطرق الموضوعية، اللونين يؤثران على الأعصاب بشكل متساوي، قيمتهما الموجية الكهربائية ضعيفة في فيزياء الجسد، وحدها لا يمكن أن تحدث تحفيزاً خاصاً لمادة الجسد لتتحرك بشكل معين.
الثياب التي لها رسومات ميكي ماوس أو التي عليها رسمة نخلة، العطور التي يصممها مصمم عالمي ويقبل عليها الناس منذ ثلاثين سنة، الفناجين التي لها هندسة أنيقة مقابل التي تضج بالصخب، هي موضوعات لا يمكن للجسد وحده أن يميز بينها.
بل إن هذه الميول أيضاً تختلف باختلاف الناس، ميول الطعام والجنس والروتين والفلسفة الحياتية والعلاقات، البلدان والسفر، البيئة، ونحو ذلك هي أمور لا تتعلق بتأثير المادة على الجسد، فالجسد لن يتأثر كثيراً بثقافة اليابان ليفضلها على أمريكا.
هذا الاختلاف بين الميول بالنسبة للناس يعني أن أجسادهم الواحدة تتفاعل مع موضوعات موحدة وكل جسد منها يتعامل بشكل مختلف عن البقية.
إذن هناك سبب خفي غير البيئة وغير الجسد هو ما يؤدي إلى هذا السلوك، وبحسب المادية مرة أخرى ، زيادة التمايز الظاهري تنتج عن زيادة التعقيد السببي، فلو صممت آلة بسيطة قد تحتاج إلى قطعتين أو ثلاث قطعاً من المعدن لتؤدي وظيفة تبدو مألوفة كشيء مادي، وهي لا تشبه أبداً وظائف الحواسيب التي تتراكب من تفاصيل تفوق الملايين.
هل هذا يكفي لشرح السلوك المعقد بسببية مادية خالصة ؟ يجيب الماديون نعم ...
ويجيب غير الماديين " لا " ...
لأن الحاسوب تم تركيبه ليعطي ردود الأفعال الحتمية على سببيات البيئة الخارجية، هذا يعني أن تركيبه المعقد مقصود، يحمل قصديته في تعقيده ... فإذن فدماغ أعقد من أي حاسوب سيكون مركباً هكذا ليؤدي مقصداً معيناً.
يقول المادي هنا إن الحاسوب لا ينتج بالتعاقب لأنه غير مجهز بآلية للتطور التلقائي والتكاثر الذي يحفظ سجلات التطور، ولكن "المادة الحاملة للحياة" تم تجهيزها من الأصل بعتاد يقبل التطور من تلقاء نفسه، مختلفاً بذلك عن المعادن والجمادات ...
هنا ينتهي النقاش بينهما إلى طريق مسدود، وتتحول المسألة إلى استعراض لمقدار التعقيد الزمني المطلوب لإنشاء خلايا أولى أو تطورها وكم هي نسبة تحقق مثل هذا الاحتمال ...
بالنسبة لعالم النفس فإن قد يتوقف قبل ذلك بكثير ... لأنه لا يوافق ببساطة على الافتراض الذي ريرد السلوك الجسدي الموضوعي إلى تعقيد الخلايا، فهو يعرف من البيانات التجريبية أن هذه مجرد حكاية ناقصة ، فالتجارب توض أن الوراثة ليس لها تأثير كبير على تعلم السلوك، بل إن هذا التعلم حرٌ تماماً من القيود الوراثية بشكل غريب ... ,{غم أن عالم النفس لا يحب التصريح بقوة بذلك لكي لا يثير بلبلة حول بحوثه، لكن ذلك يتوضح في بياناته وتجاربه، ألأـ] تجرى على عملية الذاكرة والاستذكار، وترابط الأفكار والتعلم الإشراطي للسلوك والعلاج المعرفي، وجميعها تقول إن "مفهوم الذهن عن المعطيات" هو السبب المباشر في موقف الكائن المتمثل جسدياً من هذه المعطيات.
بداية من نية وإدراك الوعي القاصد للفعل ، مروراً ب"تأويل" العقل لارتباط القصد مع موضوع معين ، أو مجموعة مواضيع تربط بينها علاقة معينة ، وانتهاء بالفعل الجسدي ... هذا هو التكوين الحقيقي للسلوك.
إن أقرب تعريف كامل ودقيق للسلوك هو أنه فعل زمني ، يقوم به الكائن الحي، لكامل كينونته ، ويشترك فيه العقل والوعي والجسد. التعريف بشكل موضوعي : هو فعل زمني يؤثر على البيئة وعناصرها بشكل لا يخضع للقوى الفيزيائية وحتمياتها وإنما له معادلة تركيبية وحرّة.
ما الذي نقصده ؟ ...
الصخرة حين تقع على الأرض تحرّكها الرياح، والرياح تأثير ضاغط على استقرار الكتل تحمله الغازات، وهذا أمر يمكن فهمه مباشرة ودون تعقيد، نفس الموضوع يتكرر في جميع الظاهرات الطبيعية، دائماً تحدث الأمور بشكل يمكن رده إلى أسباب حدثت قبله زمنياً ضمن البيئة نفسها.
هذا الموضوع لا يتكرر في حالة السلوكيات الواعية، لأن السلوك ينتج عن شيء خفي، ولا ينتمي للبيئة نفسها، وهذا هو ما يميز "موضوعات علم النفس" عن العلوم الأخرى ... الجسد المادي لا يمكن لسبب طبيعي خارجي أن يجعله يتحرك من تلقاء نفسه نحو مكان معين أو يمسك القلم ويرسم شيئاً ما أو يكتب شيئاً ما، أو يركز على موضوع معين.
الطريقة الوحيدة لجعل الجسد يقوم بالحركة نحو مكان معين هي دفعه فيزيائياً بقوة مؤثرة عليه من الطبيعة أو الجمادات، ولا يمسك القلم بيده موضوعياً حتى تقوم القوى الفيزيائية بتحريكها عنوة عنها وعنه ليمسك بالقلم.
وهذا يخالف النزعة المعروفة عن كون العالم حتمياً وطبيعياً ومادياً ولا شيء فيه إلا الظاهر ... وعلى عكس طرائق المعرفة غير المادية فإن الجسد حين يقوم بكل ذلك يوفر "معطى تجريبياً وموضوعياً خالصاً" على تأثير قوى خارج الفيزياء نفسها على العالم الفيزيائي.
ذلك ما يجعل علماء النفس والطبيعة غير منسجمين فكرياً، ويجعل الإنسان الحاد في واقعيته يميل أكثر إلى تسخيف علوم النفس بمختلف مذاهبها.
هذا الدفع الذاتي يبدأ مباشرة من الجسد، متمثلاً في الفعل الجسدي الممارس على البيئة المحيطة، ومن الناحية الموضوعية البحتة لا يمكن إدراك تلك النقطة ما وراء الجسد الخارجي والتي تجعله يتحرك هكذا بالذات، ولكن يمكن التكهّن بها إلى حد معين استناداً على قراءات السلوكيات الواعية أو "القصدية".
في النظرية المادية يتم رد هذا السلوك الغير طبيعي إلى "عوامل تكوينية داخلية" في الجسد وهي العصبونات والهرمونات ونحوها، بحيث تتراكب هذه الأشياء معاً لينتج منها "سبب مادي حدث على المستوى الداخلي لمادة الجسد" ولم تحفزه قوى أعلى من المادة، ولكن وبالوقت نفسه يبقى هذا التفسير من الناحية الموضوعية، محض افتراض معقد.
موضوعياً يمكن أن تكون التفاعلات العصبية لها تأثير كامل أو ناقص أو ضئيل ، أو ليس لها أي تأثير على قرارات السلوك، لأن المقاصد المتمايزة "أي الميول" لكائنات لها نفس نوع الموضوع، لا تعتمد على تأثيره المادي على الجسد، مثلاً تفضيل اللون الأزرق على الأحمر في فستان سهرة، مسألة مستحيلة الشرح بالطرق الموضوعية، اللونين يؤثران على الأعصاب بشكل متساوي، قيمتهما الموجية الكهربائية ضعيفة في فيزياء الجسد، وحدها لا يمكن أن تحدث تحفيزاً خاصاً لمادة الجسد لتتحرك بشكل معين.
الثياب التي لها رسومات ميكي ماوس أو التي عليها رسمة نخلة، العطور التي يصممها مصمم عالمي ويقبل عليها الناس منذ ثلاثين سنة، الفناجين التي لها هندسة أنيقة مقابل التي تضج بالصخب، هي موضوعات لا يمكن للجسد وحده أن يميز بينها.
بل إن هذه الميول أيضاً تختلف باختلاف الناس، ميول الطعام والجنس والروتين والفلسفة الحياتية والعلاقات، البلدان والسفر، البيئة، ونحو ذلك هي أمور لا تتعلق بتأثير المادة على الجسد، فالجسد لن يتأثر كثيراً بثقافة اليابان ليفضلها على أمريكا.
هذا الاختلاف بين الميول بالنسبة للناس يعني أن أجسادهم الواحدة تتفاعل مع موضوعات موحدة وكل جسد منها يتعامل بشكل مختلف عن البقية.
إذن هناك سبب خفي غير البيئة وغير الجسد هو ما يؤدي إلى هذا السلوك، وبحسب المادية مرة أخرى ، زيادة التمايز الظاهري تنتج عن زيادة التعقيد السببي، فلو صممت آلة بسيطة قد تحتاج إلى قطعتين أو ثلاث قطعاً من المعدن لتؤدي وظيفة تبدو مألوفة كشيء مادي، وهي لا تشبه أبداً وظائف الحواسيب التي تتراكب من تفاصيل تفوق الملايين.
هل هذا يكفي لشرح السلوك المعقد بسببية مادية خالصة ؟ يجيب الماديون نعم ...
ويجيب غير الماديين " لا " ...
لأن الحاسوب تم تركيبه ليعطي ردود الأفعال الحتمية على سببيات البيئة الخارجية، هذا يعني أن تركيبه المعقد مقصود، يحمل قصديته في تعقيده ... فإذن فدماغ أعقد من أي حاسوب سيكون مركباً هكذا ليؤدي مقصداً معيناً.
يقول المادي هنا إن الحاسوب لا ينتج بالتعاقب لأنه غير مجهز بآلية للتطور التلقائي والتكاثر الذي يحفظ سجلات التطور، ولكن "المادة الحاملة للحياة" تم تجهيزها من الأصل بعتاد يقبل التطور من تلقاء نفسه، مختلفاً بذلك عن المعادن والجمادات ...
هنا ينتهي النقاش بينهما إلى طريق مسدود، وتتحول المسألة إلى استعراض لمقدار التعقيد الزمني المطلوب لإنشاء خلايا أولى أو تطورها وكم هي نسبة تحقق مثل هذا الاحتمال ...
بالنسبة لعالم النفس فإن قد يتوقف قبل ذلك بكثير ... لأنه لا يوافق ببساطة على الافتراض الذي ريرد السلوك الجسدي الموضوعي إلى تعقيد الخلايا، فهو يعرف من البيانات التجريبية أن هذه مجرد حكاية ناقصة ، فالتجارب توض أن الوراثة ليس لها تأثير كبير على تعلم السلوك، بل إن هذا التعلم حرٌ تماماً من القيود الوراثية بشكل غريب ... ,{غم أن عالم النفس لا يحب التصريح بقوة بذلك لكي لا يثير بلبلة حول بحوثه، لكن ذلك يتوضح في بياناته وتجاربه، ألأـ] تجرى على عملية الذاكرة والاستذكار، وترابط الأفكار والتعلم الإشراطي للسلوك والعلاج المعرفي، وجميعها تقول إن "مفهوم الذهن عن المعطيات" هو السبب المباشر في موقف الكائن المتمثل جسدياً من هذه المعطيات.
بداية من نية وإدراك الوعي القاصد للفعل ، مروراً ب"تأويل" العقل لارتباط القصد مع موضوع معين ، أو مجموعة مواضيع تربط بينها علاقة معينة ، وانتهاء بالفعل الجسدي ... هذا هو التكوين الحقيقي للسلوك.