سيد الأحجار السبعة
عابر الزمن الثالث
- المشاركات
- 933
- مستوى التفاعل
- 1,699
ناموس النفس الإدراكي
توماس جاي هُدسون {1} 1891
يا خادمَ الجسم كم تسعى لخدمته ... أتطلُبُ الربح مما فيه خُسراناً
أقبل على الروح ، واستدرِك فضائلها ... فأنت بالروح لا بالجسمِ إنساناً أبو الفتح البستي
أهلاً بحضرتك ... حديثنا اليوم عن العقل والزمن
هو الكتابُ الثالث من كتب الكينياء ، وتطبيق عملي لجلّ ما فيها ، وكما ترى فإنه مرحلة متقدمة ومع ذلك ، آثرنا عرضها قبل انتهاء المراحل السابقة ... لأن الانقطاع الزمني بين النظر والتطبيق ، وبين العلم والفعل ... يورِث الغفلة والشك والشتات ، فكانت أفضل وسيلة لعرض الحقيقة وتعليمها هي السعي العملي المتوافقَ معها ، فيكون العلم ليس إلا الاتصال الدائم مع الحقيقة المُطلقة ورحمة الله ، الذي يكسب القلب والعقل تثبيتاً تاماً ودقيقاً ، ويجعل الطريق سلاماً نحو الوصول بسكينة وصفا إدراك.
اخترتُ لحضرتكم أربعة محاضرات رئيسية من كتاب ناموس النفس الإدراكي The Law Of Psychic phenomena لتوماس جاي هودوسون ، وقد يبدو غريباً ، وهو كذلك أن تختار كاتباً من أكثر من مئة سنة لتترجم عمله على أنه حجر تأسيس لعلمٍ جديد ، والحقيقة التي يعلمها كل من مارس الترجمة وأحبها في هذه المواضيع ، أن المترجم فيلسوف وباحثٌ علمي بطريقته ، لا يقل أهمية بعمله عن عمل الكاتب الأصلي بشيء ، وإنه ليعيد قراءته ويوجهها بشكل جديد ... كلما تعمقت بجملة من جمل المحاضرات التي سأعرضها عليك ، ستكتشفُ المزيد والمزيد من التفاصيل والحقائق ، كما سيتضحُ مع عبورك لمحطات الحواشي والشرح.
إن هذا الكتاب يخفي سراً رهيباً ، لقد كانت بدايتي معه أن حطم كل محاولة مصطنعة للتيقن من الواقع الزمني كما يبدو للمرء بسذاجته المعهودة ... إنك ستحس بأحاسيس غريبة تحمل عبق زمن الغرب في بدايات القرن المنصرم ... وتشهد توحد الزمنين هنا وهناك ، كأنك تمشي بين طرقات القناديل المسائية في مدينتك ، كأنك تمشي في نفس الطريق بذلك الزمن ، بينما تقرأ الصفحات ، ومن ثَمّة ستتعرف ما هو السحر الظلامي ، ما هو السحر النوري ، من هم الجن ومن هم الشياطين ، كيف هو العبور نحو عوالم المُطلق الجميل وحضرة الأنس.
مدارس العلاج العقلي والفرق بينها وبين مدارس العلاج النفسي الدوائي والسلوكي ، التي تروج اليوم ... ما هو التنويم المغناطيسي الصحيح ، وما هي مدارِسُه ، كيف تتحكم بنفسك وواقعك ، وكيف يمكن علاج الإنسان من أي علة ممكنة دون تدخل أي دواء أو مشرط ، بل دون حتى تدخل الأعشاب والغذاء ، وسنعرض للتطبيق العملي لذلك بإذن الله.
لا تنسى أن غاية الحاية ليست مجرد تحصيل المعارف والعلوم والشهادات ، بل هي تجاوز الواقعة الزمنية نفسها والتحرر من الارتهان ضمن مصفوفتك ، هذا العبور هو المعنى الحقيقي للدين ، وهو المعنى الحقيقي لليقين الموعود والسعادة المُطلقة ... إنه غاية حياتك الأسمى أن تكون عابراً للزمن ، وتساعد غيركَ في العبور نحو عوالِم المُطلَق ... وهذه كانت غايتي الحقيقية حين ابتدأتُ الترجمة ، وحين ابتدأتُ التعلم والتطبيق ، ومن هذه الغاية الشريفة تأخذ الحياة بهجتها وحضورها وتخرج عن كونها إجراءً عديم الجوهر والمعنى وعديم الجمال.
لذلك لن تستفيد شيئاً إذا طبقت ما سأعطيه لك من أجل التحدي والغرور ، أو تحقيق المنافع المادية أو بعض المتاع الزمني المزيف ، ستندمُ ندماً شديداً وستدخل في محاكاة زمنية سيئة للمستقبل ما وراء الزمن ، بالمقابل ... لحظةَ أن تكشف الواقع وترضى بالقدر لعلمك بزيف الدنيا ، لحظة الرضى هذه هي أجمل متعة ممكنة ، لتعبر أصلاً من نطاق الدنيا نحو العوالم الأخرى ليس فقط بمشاعرك ، بل أيضاً بكامل إدراكك فتنقطعُ الصلة بينك وبين الظلمات وتخرج منها ... هذه غاية الكاتب والمترجم ، الوصول للصلاة الحقيقية والبحران في رحمة الله عبر العالمين.
اخترتُ لحضرتكم أربعة محاضرات رئيسية من كتاب ناموس النفس الإدراكي The Law Of Psychic phenomena لتوماس جاي هودوسون ، وقد يبدو غريباً ، وهو كذلك أن تختار كاتباً من أكثر من مئة سنة لتترجم عمله على أنه حجر تأسيس لعلمٍ جديد ، والحقيقة التي يعلمها كل من مارس الترجمة وأحبها في هذه المواضيع ، أن المترجم فيلسوف وباحثٌ علمي بطريقته ، لا يقل أهمية بعمله عن عمل الكاتب الأصلي بشيء ، وإنه ليعيد قراءته ويوجهها بشكل جديد ... كلما تعمقت بجملة من جمل المحاضرات التي سأعرضها عليك ، ستكتشفُ المزيد والمزيد من التفاصيل والحقائق ، كما سيتضحُ مع عبورك لمحطات الحواشي والشرح.
إن هذا الكتاب يخفي سراً رهيباً ، لقد كانت بدايتي معه أن حطم كل محاولة مصطنعة للتيقن من الواقع الزمني كما يبدو للمرء بسذاجته المعهودة ... إنك ستحس بأحاسيس غريبة تحمل عبق زمن الغرب في بدايات القرن المنصرم ... وتشهد توحد الزمنين هنا وهناك ، كأنك تمشي بين طرقات القناديل المسائية في مدينتك ، كأنك تمشي في نفس الطريق بذلك الزمن ، بينما تقرأ الصفحات ، ومن ثَمّة ستتعرف ما هو السحر الظلامي ، ما هو السحر النوري ، من هم الجن ومن هم الشياطين ، كيف هو العبور نحو عوالم المُطلق الجميل وحضرة الأنس.
مدارس العلاج العقلي والفرق بينها وبين مدارس العلاج النفسي الدوائي والسلوكي ، التي تروج اليوم ... ما هو التنويم المغناطيسي الصحيح ، وما هي مدارِسُه ، كيف تتحكم بنفسك وواقعك ، وكيف يمكن علاج الإنسان من أي علة ممكنة دون تدخل أي دواء أو مشرط ، بل دون حتى تدخل الأعشاب والغذاء ، وسنعرض للتطبيق العملي لذلك بإذن الله.
لا تنسى أن غاية الحاية ليست مجرد تحصيل المعارف والعلوم والشهادات ، بل هي تجاوز الواقعة الزمنية نفسها والتحرر من الارتهان ضمن مصفوفتك ، هذا العبور هو المعنى الحقيقي للدين ، وهو المعنى الحقيقي لليقين الموعود والسعادة المُطلقة ... إنه غاية حياتك الأسمى أن تكون عابراً للزمن ، وتساعد غيركَ في العبور نحو عوالِم المُطلَق ... وهذه كانت غايتي الحقيقية حين ابتدأتُ الترجمة ، وحين ابتدأتُ التعلم والتطبيق ، ومن هذه الغاية الشريفة تأخذ الحياة بهجتها وحضورها وتخرج عن كونها إجراءً عديم الجوهر والمعنى وعديم الجمال.
لذلك لن تستفيد شيئاً إذا طبقت ما سأعطيه لك من أجل التحدي والغرور ، أو تحقيق المنافع المادية أو بعض المتاع الزمني المزيف ، ستندمُ ندماً شديداً وستدخل في محاكاة زمنية سيئة للمستقبل ما وراء الزمن ، بالمقابل ... لحظةَ أن تكشف الواقع وترضى بالقدر لعلمك بزيف الدنيا ، لحظة الرضى هذه هي أجمل متعة ممكنة ، لتعبر أصلاً من نطاق الدنيا نحو العوالم الأخرى ليس فقط بمشاعرك ، بل أيضاً بكامل إدراكك فتنقطعُ الصلة بينك وبين الظلمات وتخرج منها ... هذه غاية الكاتب والمترجم ، الوصول للصلاة الحقيقية والبحران في رحمة الله عبر العالمين.
المحاضرة الأولى : الزوجية وحكم العقل{2}
الثالوث التكويني عبر التاريخ :
المبدأ العلمي ، أن الإنسان وُهب منظومتان عقليتان ، بعيدة عن كونها حادثة في التاريخ. الأساس العلمي لهذا التنظير تم الاعتراف به من قبل كل الفلاسفة عبر العصور، وكل الشعوب التي لديها ثقافات. كون الإنسان ثالوثاً ، كوِّن من الجسد ، الروح ، والروح الإلهي الحاكم له ... كان عقيدة جوهرية في نفوس حكماء وفلاسفة الإغريق الأقدمين ، أولائك الذين أعلنوا ازدواجية شخصية المرء العقلائية، شملت تعاليم أفلاطون الإنسان ككيان يتحد فيه الروح الإلهي ، والروح البدني ، والجسد الأرضي ... تضمنت رموز الهرمسية التصوفية نفس الفحوى ، وانعكست في الخيمياء : الملح والكبريت والزئبق إشارة لثالوث ركائب الأحجار التي تنبعث منها كينونات الناس ، وهذا أمر معروف.
احتوت تعاليم الآباء المؤسسين للكنيسة نفس الدلالات والمعاني ، كما ظهر في كتابات كليمينت ، أوريجن ، وتاتيان. الحق ، سليمة هي الدعوى ، المفهوم العقلي لهذا الأساس العلمي كان موجوداً دائماً في تعاليم جميع الفلاسفة عبر العصور ، سواءً الوثنيين أو المسيحيين {3}. هي أساس تأويلهم للإله كثالوث بشخصيته ، وبطراق تواجده ، وبتجلياته ... وكما يخبر شيلنغ عن هذا التأويل :
"فلسفة علم الأديان تبرهن أن ثالوث التجلي الإلهي في الوجود ، هو الأصل الذي تنامت عنه التأويلات الدينية في جميع الأقوام التي عرفناها ممن لهم أهمية تاريخية واضحة".
في الأوقات الأحدث ، سويدنبرغ الذي آمن بأنه قد أوحي إليه من الله ليكمل تعاليم السيد المسيح ، يعلن :
"يتبع كل امرء ، ذات باطنية ، كينونة منطقية ، وكينونة خارجية والتي يمكن تسميتها بالكينونة الإنسانية الجسدية ، ومرة أخرى يخبر : "هنالك في الطبيعة ، أو في الحياة ، ثلاث مستويات وجودية : "الطبيعة الزمكانية ، الطبيعة الروحية ، والطبيعة اللاهوتية".
ومن الكتاب المحدثين ممن يقبل نظرية التناظر الزوجي ، البروفيسور ويغان ، دكتور براون سيكوارد وبروفيسور بروكتور هم أمثلة بارزة ، العديد من الحقائق التي اكتشفوها شكلت أدلة لجوهر الرؤية الزوجية للعقل ، رغم تأسس نظرياتهم حول عِلّية العقلائية على المعارف التي تتناول التشريح الدماغي ، مما لا يقدم إمكانية اختبار تجريبي لحظي لقوة العقل ، في ضوء حقائق علم النوم الموجه. في السنين الأكثر تأخراً ، عقيدة التناظر العقلي الزوجي صارت أهم المبادئ الواضحة في فلسفة الكثير من الخبراء القديرين في علم النفس الحديث.
ممكن هو الاستشهاد بآلاف الأمثلة ، أن تلك الحقيقة اعتُرف بها بأسلوب مُبهم من قِبَل الإنسانية في جميع الأعراق والحضارات ، بل في كل شرط ممكن للحياة ... إنه لتوقع سليم ، لكل إنسان يملك قدراً من البصيرة واليقظة والتهذب ، أن يكون اختبر في نفسه حِكمة داخلية ، لا تتعلق بتعليمه التاريخي الذي يعيه ، واستبصاراً لحقيقة لم تأتي من شهادة الحواس الجسدية التي يُدرِكُها.
احتوت تعاليم الآباء المؤسسين للكنيسة نفس الدلالات والمعاني ، كما ظهر في كتابات كليمينت ، أوريجن ، وتاتيان. الحق ، سليمة هي الدعوى ، المفهوم العقلي لهذا الأساس العلمي كان موجوداً دائماً في تعاليم جميع الفلاسفة عبر العصور ، سواءً الوثنيين أو المسيحيين {3}. هي أساس تأويلهم للإله كثالوث بشخصيته ، وبطراق تواجده ، وبتجلياته ... وكما يخبر شيلنغ عن هذا التأويل :
"فلسفة علم الأديان تبرهن أن ثالوث التجلي الإلهي في الوجود ، هو الأصل الذي تنامت عنه التأويلات الدينية في جميع الأقوام التي عرفناها ممن لهم أهمية تاريخية واضحة".
في الأوقات الأحدث ، سويدنبرغ الذي آمن بأنه قد أوحي إليه من الله ليكمل تعاليم السيد المسيح ، يعلن :
"يتبع كل امرء ، ذات باطنية ، كينونة منطقية ، وكينونة خارجية والتي يمكن تسميتها بالكينونة الإنسانية الجسدية ، ومرة أخرى يخبر : "هنالك في الطبيعة ، أو في الحياة ، ثلاث مستويات وجودية : "الطبيعة الزمكانية ، الطبيعة الروحية ، والطبيعة اللاهوتية".
ومن الكتاب المحدثين ممن يقبل نظرية التناظر الزوجي ، البروفيسور ويغان ، دكتور براون سيكوارد وبروفيسور بروكتور هم أمثلة بارزة ، العديد من الحقائق التي اكتشفوها شكلت أدلة لجوهر الرؤية الزوجية للعقل ، رغم تأسس نظرياتهم حول عِلّية العقلائية على المعارف التي تتناول التشريح الدماغي ، مما لا يقدم إمكانية اختبار تجريبي لحظي لقوة العقل ، في ضوء حقائق علم النوم الموجه. في السنين الأكثر تأخراً ، عقيدة التناظر العقلي الزوجي صارت أهم المبادئ الواضحة في فلسفة الكثير من الخبراء القديرين في علم النفس الحديث.
ممكن هو الاستشهاد بآلاف الأمثلة ، أن تلك الحقيقة اعتُرف بها بأسلوب مُبهم من قِبَل الإنسانية في جميع الأعراق والحضارات ، بل في كل شرط ممكن للحياة ... إنه لتوقع سليم ، لكل إنسان يملك قدراً من البصيرة واليقظة والتهذب ، أن يكون اختبر في نفسه حِكمة داخلية ، لا تتعلق بتعليمه التاريخي الذي يعيه ، واستبصاراً لحقيقة لم تأتي من شهادة الحواس الجسدية التي يُدرِكُها.
التعريف بموضوع عِلم العقل :
إنه لأمر طبيعي أن يُدرِك المرء أن الحُكم الصائب جوهرياً ، بالنسبة لما قد التفتت البشرية نحوه واعتُرف به عبر العصور ، ليس فقط حقيقة ثابتة تؤسس الزمن ، لكن إذا تم إدراكُه وكشف مكنونه بالفهم {4} سيتكون كدالة تُستخدم في توجيه الزمن لخدمة أهم القضايا المصيرية للإنسان الفرد والجمع.
رغم كل ذلك ، لم يوفق السعي ، لأجل تعريف حدي فاصل {5} واضح لكلا الطرفين الذين يشكلان زوج العقل ، ولم يُثبت أحد أن هذا العقل لديه هُويتين منفصلتين ، وهي حقيقة لا تقبل التشكيك ، أن الخط الفاصل بين العقلين واضح للإدراك ، ذلك بأن كلاهما يقوم بأفعال وجودية متباينة ، أن كلاً منهما وُهب صفات وقِوى مختلفة ، أن كلاً منهما ، بالتوافق مع شروط خاصة ، يقوم بأعمال مستقلة عن الآخر.
رغم كل ذلك ، لم يوفق السعي ، لأجل تعريف حدي فاصل {5} واضح لكلا الطرفين الذين يشكلان زوج العقل ، ولم يُثبت أحد أن هذا العقل لديه هُويتين منفصلتين ، وهي حقيقة لا تقبل التشكيك ، أن الخط الفاصل بين العقلين واضح للإدراك ، ذلك بأن كلاهما يقوم بأفعال وجودية متباينة ، أن كلاً منهما وُهب صفات وقِوى مختلفة ، أن كلاً منهما ، بالتوافق مع شروط خاصة ، يقوم بأعمال مستقلة عن الآخر.
أولاً : تسمية موضوع البحث :
كمحاولة لاختيار أمثل تسمية ، سوف أدعو كلاً منهما وفق بنيانه المنطقي-الوظيفي {6}، فيكون الأول هو "العقل الموضوعي" – جنس التعريف هنا هو العقل والفصل في الجنس هو معيار الموضوعية مقابل الذاتية – والآخر هو "العقل المُفارِق" – والذي يُفارق قوة الإدراك فلا يقع موضوعاً لها ، هذا ما قصده باستخدام لفظ : الذاتي" - وحيث يتم هذا ، يجب أن تصبح التعاريف الشائعة معدلة ومُسهبة قليلاً ، لكنها تبدو الأقرب إلى المعنى الدقيق الذي أقصده ، من أي تعاريف أخرى تحضرني ، لذا ، أحبذ الاعتماد عليهم ، ولا أبذل جهداً في صياغة أخرى تخصني.
العقل الموضوعي – بشكل قياسي – يأخذ معارفه من العالم الموضوعي "المُفارق للذات" شاملاً الحواس الخمس الفيزيائية المحلية كوسائل لتلقي المعرفة ، هي دليل إرشاده في نضاله ضمن محيطه البيئي المحلي ، وأعلى وظائف هذا العقل هي الحوسبة المنطقية التطابقية.
العقل الموضوعي – بشكل قياسي – يأخذ معارفه من العالم الموضوعي "المُفارق للذات" شاملاً الحواس الخمس الفيزيائية المحلية كوسائل لتلقي المعرفة ، هي دليل إرشاده في نضاله ضمن محيطه البيئي المحلي ، وأعلى وظائف هذا العقل هي الحوسبة المنطقية التطابقية.
اكتشاف الأسباب والناتج والتجريد والربط ، والتركيب والتحليل ولكن ، بطريقة يخضع فيها كل عنصر معقول إلى المرور مُفرداً عبر عتبة الوعي الذي لا يُدرك أكثر من عنصر واحد في كل مرة يتم فيها التركيز ، فهي نوع من التطابق الطوبوغرافي المحلي للأفكار. ويفترق عن العقل الذاتي في أن الأول هو صلة وصل بين العالم الموضوعي والعالم الذاتي ، أما الثاني فهو ذاته عين الموضوع أو جزءٌ منه ، فوجوده دائماً مُفارق للذات ومستقل عنها من حيث الإدراك ، ولكنه يؤثر بها رُغم ذلك بتأثيره على العقل الموضوعي ... لذلك رأيت التسمية الصحيحة والدقيقة للعقل الموضوعي هي : عقل الحضور أو العقل الحاضر\الحضوري أو المُدرَك ، بينما التسمية الصحيحة للعقل الذاتي هي عقل الغياب ، العقل الغائب\الغيبي أو اللامُدرَك ... وينتمي العلم الحصولي من حيث حضوره إلى العقل الأول ، أما من حيث علله الغير حاضرة وما يُخبر عنه فهو من العقل الغيابي.
ثانياً : العوارض اللاحقة بذات كل من العقلين :
يأخذ العقل الذاتي{7} بياناته من المحيط الفوق مادي ، وبطرق لا تعتمد على الحواس الفيزيائية ، وعند إدراك نتائجها بقوة الوعي ، تسمى بالحدسيات إذا كانت فهمية ، وبالأفكار التلقائية أو المنعكِسة إذا كانت مجرد توجيهات وظنوناً عن موضوع التركيز الحالي ، فهو مِقعد العواطف ، وبيت المؤن للذاكرة.
_ وتنقسم الذاكرة في العقل الغائب إلى ما يُمكن استدعاؤه بترابط الأفكار ، وهو محدود بنطاق إيمان المرء بمدى ذكرياته ، وهنالك ما لا يمكن استدعاؤه ، لأن أغلب الناس يعتقدون بحدود فاصلة بين ما هو موصول بالذاكرة في عالم الغياب ، وما هو معزول عنها ، رغم أن الزمن كغياب ، هو وِحدة واحدة ، والعلاقة معه وِحدة واحدة ، والعلاقة معه ترسم أُفق العقل فيه وليس العكس ، لكن الناس يستحبون أن يتحكم بهم الزمن إلى حد معين بحيث يستمر التفاعل بين الحضور والغياب لتستمر اللُعبة والمتع الزائفة ويُلبس الحق بالباطل ، أما من ناحية فينومينولوجية ، لا فرارق حقيقي بين الذاكرة ، والتخيل ، والتصور ، والعيش نفسه ، إلا من حيث القيود التي تمنعك من العيش خارج محيطك المحسوس ، واستذكار ما لم تعشه ، وتخيل وتصور ما لا تتذكره ... أما من حيث الوجودية ، فجميعها شيء واحد ، لكنه عندما تتقيد به محلياً : تسميه واقعاً زمنياً ، وعندما تتقيد بغيابه عن المحل وحضوره في ذاكرتك ، فإذا عرفته سميته ذاكرة وإذا لم تعرفه سميته تصوراً وتخيلاً ... وبانتفاء قيد المحلية وإيمانك ويقينك أنك تقدر ، فكل ما تتذكره سيكون واقعاً ، وكل ما تتخيله سيكون واقعاً ، فلا يغدو هنالك معنىً للماضي والمُستقبل ، بل ستجده حاضراً أمامك ماثلاً لك ، إن أبقيته في غيابه ستعيش في مُحاكاة افتراضية تخلق فيها ما تشاء ، لكنها مجرد معدومات تتغذى على قوة وعيك وتسليك مقابل ذلك ، وإن أرجعته للحق ، ستعيش في الواقع الجميل ويكون لك قيمة من حياتك ، وليس مجرد تأويلات جوفاء.
إنها تُنجِز وظائفها العُليا عندما تخفت الحواس المادية ...
_ لأن الحواس المادية تُقيد العقل الموضوعي الحضوري وترسم حداً فاصلاً بينه وبين العقل الذاتي الغائب ، ويكون هذا الفاصل ، هو العالم المادي المسخر للخدمات المادية ، ويكون كل ما وراءه غائباً عن الحضور في الأحوال العادية ، وفي لحظة السكينة ، توقف التركيز على العالم المحدود وانبعث شعاع الإدراك نحو الغياب فحدثت شهادة لأشياء وعوالم لا صلة بينها وبين الواقع المُعاش.
بعبارة موجزة : فتفاعل العقل الغيابي هو البناء العقلي للزمن ، هذا التفاعل الذي قد يستدعي نفسه إلى الحضور في حالة التنوّم ، نوم الإدراك عن حدوده وغيابه عن الانشغال بها ، يمَكن الإدراك من الاتصال بما وراء الحدود ، ولكن ، نوم الإدراك عن حدوده مع بقاء تجسد هذه الحدود في العالم المادي ، ومع جعل العقل الغيابي في وضع التلقي السلبي ، يفتح المجال لمن يتصل بهذه الحدود أن يتصل بالعقل الغائب لشخص المُدرك من خلال جسده - أو نفسه - الذي فارق رقابة الإدراك ، وسمح بدخول قوى غريبة عليه ، - وهذا هو أساس السحر – بكلمة واحدة : إنه تلك القوة البنائية الزمنية الغيابية "الذكاء الغيابي" التي تخرج موضوعياً للوجود أثناء وبعد تنويم الوعي ، الدخول في "السمنمة somnambulism".
أكثر عجائب العقل الغائب ، تظهر للمراقب في هذه الحالة ، يبدو – للإدراك الشبحي – أنه يصبح قادراً على الرؤية دون استخدم العيون الفيزيائية ، قادراً على الانتقال بشكل ما من أرض إلى أرض أُخرى ، ومن زمن إلى زمن آخر ... يقرأ صفحات الكتاب دون فتحه ، يقرأ أفكار الآخرين ... بعبارة أخرى ، يبدو أن هذا العقل يقوم بالتآثر مع الآخرين ومع الزمان والمكان ، ما يُسمى بالاستبصار ، دون استخدام وسائل موضوعية مُفارقة لذاتيته المستقلة بما هو عقل ، أو وسائل مقيدة لها ، مثل الحواس والأجهزة.
وبجزئية من الحقيقة ، ذلك الذي أسميته بالعقل الذاتي\الغيابي ، يبدو أنه كائنية مستقلة بذاتها ومختلفة جوهرياً عن الوعي والعقل الوضوعي\الحضوري. والفرق الوصفي يبدو للمراقب ، أن العقل الحضوري \ الموضوعي ليس سوى تمظهر فعاليات الدماغ الفيزيائي في وظائفه المعرفية ، حينما يكون العقل الذاتي \ الغيابي كينونة مستقلة ومختلفة الأوصاف تماماً ، غير مُرتبطة بالدماغ ، إنه يعمل بوقود مختلف ووظائف مُستقلة ، وقائم بمنظومة ذهنية خاصة ، توجد باستقلال عن الجسد من حيث التأثّر والرصد ، ومن حيث التأثير. بعبارة أُخرى ، إنه "روح المادة ".
ينبغي للطالب أن يحفظ هذا الكلام جيداً ويستذكره أثناء تقدم البحوث.
الاقتراحات وحُكم العقل :
- يبدأ هودسون الآن ، الشروع في البحث بالعقل من حيث علاقة الذات به ، بما هو صلة الوصول للذات والزمن إلى بعضهما ، وهذه العلاقة هي ما يكشف جوهر العقل وبنيانه الوجودي ، من حيث التحليل الحدسي لآثار هذا البنيان على الوجود الزمني والذاتي ، وفق عبر ذلك يمكن الخلاص نحو آلية التحكم بالعقل ، والتحكم بالزمن عبر العقل ، بما هو عقل غيابي مُفارق لحقانية الذات .....
فرق شديد الأهمية ، بقدر ما هو شديد الغرابة ، يتعلق بكيفية توجيه مصفوفة العقل الذاتي والرموز والدلالات والعلل التي تؤثر بها ، وبهذا الخصوص ، أفادت كثيراً بحوث المنومين المغناطيسيين ، سواء ما إذا اتفقنا مع مدرسة باريس في إعطاء الاقتراحية "قوة المعنى الموجه بالرمز" أهمية خاصة للعلم النفس الإدراكي ، أو كما قررت مدرسة نانسي أن تعزو كافة الأحداث على مسرح النفس لهذه القوة ، فلا يدخل الشك أبداً أن الاقتراح الذي يتم بعثه للعقل ، وتصميمه في بناء مُحكم أو منضبط ومتناسب مع الطلب ومع عقل المضيف ، سيبلغ مقصده.
المبادئ العقلية الأُمِّية :
ما سأتلوه عليك من مبادئ ، لا يشك به أي دارس عاقل للتنويم الإيحائي والمغناطيسي :
- الإنسان المُتصل بالزمن الموضوعي عبر عقله المُدرَك بوعيه ، لا يتلقى الاقتراحات الخارجية ، سواء كانت أسباباً ، أو قوى ذهنية ، أو رموزاً أو تعليمات ، بحالة سالبة تماماً ، بل فقط ضمن الإطار الذي يسمح به وعيه ، أو عبر الفتحات التي قام بفتحها لدخول المعلومات للاشعور في السابق ، وبغض النظر عن قوة الملقي للاقتراحات وضعف المُستقبل لها.
- الإنسان المتصل بالزمن الموضوعي من خلال عقل الغياب دون إدراكه المباشر ، يسمح بالتقاط كل ما يسمح به عقل الغياب ، وبما أن أغلب الناس ليس لديها حصنٌ لهذا العقل ، فإنها تتلقى الاقتراحات الذهنية بكل سهولة من المنومين. أي ، عقل الغياب سالبٌ تام ، والعقلُ الموضوعي موجب بالنسبة لعقل الغياب ، سالب بالنسبة للوعي الذي يضيؤه.
لذلك أقول : إن العقل الذاتي\الغيابي ، يتقبل دون شك أو تردد أي اقتراح يمتزج بمدركيته ، كحالة بدئية ، وبغض النظر عن جميع الاعتبارات ، لا يهم مدى سخافة المُقترح أو تناقضه مع العقل السليم ، والمنطق ، والفطرة والخبرة الشعورية للفرد.
_ هذه الحالة البدئية السالبة ، لا تلبث أن تتعبئ عبر الاقتراحات التي تأتي بقوة الوعي ، الذي يتخذ مواقف وقرارات من المحيط الزمني حوله ، إن هذه المواقف والقرارات تُسجل على عقله اللاشعوري تماماً كتسجيل المعلومات على صفحات الكِتاب أو ذاكرة الحاسوب ، ومع مَرّة الأيام ، يتزاوج العقل اللاشعوري مع العقل الحضوري ، فيصبح كلاً منهما مؤثراً في الآخر ، فما وافق العقل الحضوري ، ومن وراءه الوعي ، على اتخاذه حُكماً غيابياً نهائياً لمسألة ما ، أو على موضوع زمني مُحدد ، وإخراجه من طَور الرقابة ، يُصبح مُسجلاً في اللاشعور ويتم استدعاؤه بشكل لاشعوري نحو العقل الوضوعي ليفكر عبر الإطار الذي سمح به ذلك الحُكم المُسبق ، بينما يقوم العقل المُدرك\الموضوعي بتلقي المعطيات بشكل هُلامي وشبحي من الخارج ، ويتركها لعقله الغائب كي يعالجها ويستنتج منها قيوداً جديدة تُضيق عليه ضائقته ... فلا يعود هنالك حاجة للانفصال التام بين حالتي الشعور واللاشعور لتلقي الاقتراحات بشكل سالب ، لكن من ناحية أُخرى ، ستنشأ مُقاومة نفسية لأي مُقترح لا يتوافق مع سجلات العقل الغيابي ، وذلك سواء برقابة العقل المُدرَك أو بلا رقابته ...
_ لا تتوقع للعقل المُدرَك ، أن يكون منطقياً وضميرياً لمجرد أنه تحت إشراف الوعي ، لأن هذا الوعي الفعّال عندما سلبه العقل إشرافه ، تحول لوضع المُراقب العطالي الذي يغذي العقل بالطاقة اللازمة ، ليكون له وجود في الزمن ، وفقط ، وبِعبارة أخرى ، ليس الساحر أو الشيطان هو من يقع عليه اللوم ، بل من سمح لعقله بقيادته ، ثم سمح للآخرين بقيادة عقله \\ المسألة الثانية التي يثيرها المؤلف ، أن قوة استقبال العقل للاقتراحات الجديدة تعتمد على عاملين ، توافق الاقتراح الجديد مع الاقتراحات المُختزنة سابقاً ، وقوة الدافعية التي تربط كلاً من التوجيهين بالعقل ، فاقتراحٌ ذو دافعية عالية ، يمكن أن يمحو جميع الاقتراحات منخفضة الدافع مهما تم تكرارها ، إلا إذا أفضى هذا التكرار لإيقاظ العزيمة في الوعي على التغيير ، لذلك ، تثبُت العقد الجنسية في اللاشعور ثباتاً يجعل الوعي يرى تغييرها مسألة خيالية أو خارقة للطبيعة ، والحق ، هذه العُقد ليس فيها أي قوة فهي مُجرد أفكار وتأويلات ما أنزل الله بها من سُلطان ، لكنها رُغم ذلك ، ترتبط بطاقة الوعي الذي يقاومها نفسه ، ترتبط به من حيث يظنها اللاشعور تلبية لما يرغبه الوعي ، وينشغل الوعي عن حقيقتها وهي أنها كائن ظني وهمي موجود في اللاشعور والغياب ومنعدم ضمن آنية الزمن ، لذلك يقاوم شيئاً آخر يحسبه أنه هو تلك العُقدة ، مثل الهرمونات الدماغية والوراثة وذكريات الطفولة ، وغيرها من عوامل خارجية وعَرَضية تنسج الشبح ، الذي يمتص اقة الوعي ويتغذى على مقاومته ، وكذلك الشيطان والسحر {( ما كان لي عليكم من سُلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي )} {( إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوه واخشونِ إن كنتم مؤمنين )} ...
بناءً على ما سبق ، إن قام شخص ما بترسيخ اقتراح في عقل الغياب لشخص آخر ، أو لموضوع آخر ، بأنه كلب أو بهيمة الأنعام ، فسيتصرف ذلك الشخص أو الموضوع على هذا الأساس والنحو بكل ما مكنته قواه الجسدية وخريطة مُعتقداته أن يقوم به. وإن ترسخ في لاشعوره أنه رئيس شعب ما ، كالولايات المتحدة ، سوف يلعب الدور بإتقان تام التفاني ، وإن تم توجيهه ليكون واحداً من الملائكة المُقربين ستجده تحول لكائن شديد الرقة ، ومُعتدل السلوك ، وفق ما بباله اللاشعوري حول الملائكة ، وإن تم إخباره أنه شيطان أو في حضور الشياطين ، سيمتلئ بالفزع والخوف ... – ت: إن تلك السلوكيات الموضوعية ، ليس لها أساس في إدراك الشخص الذي تم انتزاع عقله من اتصاله بوعيه ، فهو يتظاهر بذلك ، بكل ما استطاع ، ودون أن يحس بشيء ، أو يتحكم بشيء ... وهذه الكائنات موجودة في ذاكرة اللاشعور وهي منطقة من الزمن المحلي الذي لم يتجسد لنطاق أرصاد المُراقبين بعد ، فهي معدومة من حيث خلوها من الإحساس الوجداني ورغم ذلك ، أحياناً تصيب شيئاً منه ، ليس بسبب وعي الشخص ذاته ، بل الوعي الكامن في أعمق أعماق الزمن والغياب ، والعقل.
يعلم المنوِّمون والمسمريون جيداً ، إذا أخبروا الشخص النائم بأنه أصيب بحالة تسمم بعد أن أعطوه كأس ماء عادي ، وأن هذا الماء هو سم ، فستظهر أعراض المرض والحُمى مباشرة على وجهه وجسده ، ونفس كأس الماء هذه ، ستجعل المخمور يخرج من حالة السُكر إلى اليقظة{8} ، بعبارة مختصرة : يمكن للمرء أن يحس\يشعر\يلمس\يتذوق\يرى\يسمع\يتفاعل مع أي شيء غائب عن الزمن المحلي ، عندما يسمح لعقله الباطن الغيابي بالاتصال بتلك المواضيع \ بقوة الاقتراحات الذاتية أو القادمة من الخارج والآخرين. نفس قوة العقل الذاتي ، ترفع الإنسان في الترقي الأخلاقي وتبعاته العلمية والحكيمة التي يتسنى للعقل المهذب أن يهتدي لها ، وتخفصه إلى مرتبة أدنى من الأنعام والبهائم عند فقدان السيطرة عليها أو توجيهها بنية خاطئة.
مبدأ التفاعل الجدلي بين العقلين :
يوجد حقيقة مطلقة ، معروفة ومختبرة جيداً من قبل السحرة والمنومين المغناطيسيين : هنالك مبدأ آخر غير السابقين على أي حال ، والذي يجب أن يلاحظ ويشاهد من نفس البوابة ، ويبدو أن جوهره لا يُفهم بشكل حسن من قبل الطلاب ، أسميه "الأثر المُدرَك للاقتراح التلقائي". أدرك البروفيسور بيرنهايم وآخرون ، ذلك المُستوى الوجودي المؤثر ، وقدرته على تعديل النتائج أثناء تجاربهم النفسية ، ولكن قد يفشلون في كشف كامل دلالتها الوجودية ، لأنها ستغدو حينها متفاعلة مع قانون آخر ، أو قاعدة أُخرى للعقل ... دون أن يدركوها.
إنها تُعدل أي حالة ، وكثيراً ما تبدو خَرقاً للقوانين الكُبرى ... إذا فهمتها بصواب ، ستُدرك أنها عين تلك القوانين وهي مُطبقة ضمن حالات استثنائية تتداخل فيها العوامل الفاعلة. اختلاف العقلين بالعلة الجوهرية لكلا نظامي الاصطفاف الزمني الغيابي ( ومن ضمن ذلك صفوف المشاعر والأفكار ) ووقوع علة الصف الشعوري على عاتق الاختيار الواعي المُدرِك الحر ، ووقوع علة الصف اللاشعوري تحت تأثير الاقتراحات التي تصل للعقل أياً كان مصدرها ، يتلازم مع قبول العقل الغيابي للاقتراحات المقدمة من العقل الحضوري كما من أي مصدر آخر يتصل به ، بما في ذلك العقول الذاتية والموضوعية للكائنات الواعية الأُخرى "التخاطر"{9}.
ومن الثابت تجريبياً ، أن ليس من الممكن تنويم شخص إذا أراد أن لا يخضع للتنويم ، وفي حال وافق بعقله الموضوعي على التنويم ، ولم تنجح العملية ، يعود ذلك لقوة الاقتراح المضادة التي أبطلت اقتراح التنويم{10}. أحد الموضوعات الجذابة التي تم تنويمها والمعروف للمؤلف ، شخصٌ لا يمكن أن يقبل أن يوضع في موقف حرجٍ أبداً، قد وُهب تصميماً شديد الاحترام لشخصيته ، وكان حساساً جداً للإهانات والسخرية ، وتظهر حساسيته في دفاعاته السلوكية ... ولم يتقبل أثناء وضع التنويم أي اقتراح يدفعه لسلوك مُحرج.
مرة أُخرى ، إن امتلك الموضوع المنوَّم ضميراً ينهاه نهياً ، عن شرب المُسكرات القوية ، ليس من قيمة تُذكر لمحاولات المنوِّم\الساحر لإرغامه على شُرب الكحول وكسر قانونه الراسخ – لذلك وفي مِثل هذه الحالة ، يتم اللجوء لأحد الطريقين ، إما الكشف عن العقائد العميقة التي تمنعه من السلوك المطلوب ، ثم محاولة تفكيكها عن دوافعها بإعادة التأويل ، أو ، تعطيل رفض السلوك لفترة ، أو ضمن شرط ما ... وهذان هما مدخلا الشياطين في كسر العقائد العميقة وزرع الخوف والفتنة.
إنها تُعدل أي حالة ، وكثيراً ما تبدو خَرقاً للقوانين الكُبرى ... إذا فهمتها بصواب ، ستُدرك أنها عين تلك القوانين وهي مُطبقة ضمن حالات استثنائية تتداخل فيها العوامل الفاعلة. اختلاف العقلين بالعلة الجوهرية لكلا نظامي الاصطفاف الزمني الغيابي ( ومن ضمن ذلك صفوف المشاعر والأفكار ) ووقوع علة الصف الشعوري على عاتق الاختيار الواعي المُدرِك الحر ، ووقوع علة الصف اللاشعوري تحت تأثير الاقتراحات التي تصل للعقل أياً كان مصدرها ، يتلازم مع قبول العقل الغيابي للاقتراحات المقدمة من العقل الحضوري كما من أي مصدر آخر يتصل به ، بما في ذلك العقول الذاتية والموضوعية للكائنات الواعية الأُخرى "التخاطر"{9}.
ومن الثابت تجريبياً ، أن ليس من الممكن تنويم شخص إذا أراد أن لا يخضع للتنويم ، وفي حال وافق بعقله الموضوعي على التنويم ، ولم تنجح العملية ، يعود ذلك لقوة الاقتراح المضادة التي أبطلت اقتراح التنويم{10}. أحد الموضوعات الجذابة التي تم تنويمها والمعروف للمؤلف ، شخصٌ لا يمكن أن يقبل أن يوضع في موقف حرجٍ أبداً، قد وُهب تصميماً شديد الاحترام لشخصيته ، وكان حساساً جداً للإهانات والسخرية ، وتظهر حساسيته في دفاعاته السلوكية ... ولم يتقبل أثناء وضع التنويم أي اقتراح يدفعه لسلوك مُحرج.
مرة أُخرى ، إن امتلك الموضوع المنوَّم ضميراً ينهاه نهياً ، عن شرب المُسكرات القوية ، ليس من قيمة تُذكر لمحاولات المنوِّم\الساحر لإرغامه على شُرب الكحول وكسر قانونه الراسخ – لذلك وفي مِثل هذه الحالة ، يتم اللجوء لأحد الطريقين ، إما الكشف عن العقائد العميقة التي تمنعه من السلوك المطلوب ، ثم محاولة تفكيكها عن دوافعها بإعادة التأويل ، أو ، تعطيل رفض السلوك لفترة ، أو ضمن شرط ما ... وهذان هما مدخلا الشياطين في كسر العقائد العميقة وزرع الخوف والفتنة.
_ قانون تلقي الاقتراحات ومُعالجتها ، ُتقاطعاً مع قانون الاقتراحات التلقائية والمُضادة ، يشير إلى شيء واحد ، العقل الغيابي ، على نقيض الوعي ، كائنٌ زمني ، بل هو في محتواه ليس سوى مجموعة علاقات تربط بين الوعي والكائنات الزمنية الأُخرى ، ولكنه رُغم ذلك ، بنيانه الذاتي هو منظومة وجودية تتحكم بهذه العلاقات وتحتويها في مصفوفات ، ذلك ينطبق على الزمن ككل كما ينطبق على الكائن ، فيكون الزمن الكوني متصلاً بالذات عبر العقل الكوني ، وكل عالم من العالمين ، وكل كائنٍ فيها ، وكل روح سُطر ذكرها في الكتاب ، لا تتصل بروح أخرى إلا بتلاقي العقل الخاص بذاك العالم أو تلك الروح ، والعقل الخاص بالروح التي تتصل بها ، وإنه أمر تكفله المرايا المُقدسة والبَون ... وذلك بغض النظر عن المُحاكاة الزمنية الخارجية للعلاقة بينهما. إنه قانون يُظهر أن كل ما يحدث على شاشة مرايا النفس والزمن ، يتم بحسبانٍ تام ، يبدأ ن القيم وقرارات الوجدان ، وينتهي بآفاق لا حدود لها ، ومنها أُفُق الأرض المحلية. دون أن يغادر أي صغيرة ولا كبيرة {( اقرأ كِتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً )} ... إن الكتاب الزمني ، هو العلة الكافية لظهور القوة إلى الفعل ، وتجلي الحضرة وتمظهرها.
وهكذا ، عبر جميع الحالات المُختلفة لظاهرة التنويم ، تكون الاقتراحات التلقائية{11} قاعدة العطالة لهذه الظاهرة ، وأغلب الاقتراحات تكون مُضادة لما يسعى المنوم أن يحدثه في عقل النائم ... ويظهر رغم ذلك ، أن الاقتراح الأكثر قوة هو الذي يهيمن في النهاية ، وأن العقل يحسب المعطيات بدقة لامتناهية ، وليس ذلك الكيان السلبي المُستهتر الذي لطالا كان في حسابات المنومين المغناطيسيين القديمين والحديثين.
ولقد كان هذا ، واحداً من أكثر الانفصالات ظهوراً وشمولية بين العقل الذاتي الغيابي المُفارق ، والعقل الموضوعي الحضوري المتصل ... وسيكون مدار البحث الأشمل والأعم عند وصولك للشعب المتنوعة لذلك الموضوع ، وبنفس الوقت ، على الطالب والمريد أن لا يضيع الانتباه ولو للحظة على قدرته التحكم بعقله اللاشعوري عبر قوة الاقتراحات ، وعلى أي عقل غيابي آخر ، لأن العقل الحضوري ومن وراءه الذات ، بلا أي شك ، العلة الجوهرية لكافة أعمال العقل اللاشعوري ومصفوفاته وقاعدة بياناته الزمنية...
– حافظ على العمل بالطرق الأخلاقية ، وإلا سيحيق به العقاب ، وسيحيق بعمله التباب ، وبقدرته الوفاة ، واحرص على تقديم زكاة هذا العلم ، فلا تأخذ المال على أعمالك لجمعه ترفيهاً وقد علمت أنه وهم وأنه بيد الله دون النظر للأسباب ، ولا تشتري بهذا الحُكم ثمناً قليلاً وابتغ وجه ربك الكريم خيرٌ لك ... لأن كل شيء مرده إلى العقل القيمي ، ومرد العقل القيمي إلى الله الواحد القهار.
التعديل الأخير: