هناك عدد محدود للقراءات المسموح بها للزوار

[2] هو عدد القراءات المتبقية

علم التكوين الجيني 4 || ملخّص الهندسة الوراثية

سيد الأحجار السبعة

عابر الزمن الثالث
المشاركات
654
مستوى التفاعل
1,311
الموقع الالكتروني
alkynilogy.blogspot.com

(1) أنواع الجينات حسب الوظيفة


في البحث الحالي سنقدم "تصويراً إدراكياً" لما تعنيه الجينات فعلاً، الهدف ، هو أن يكون ذلك "البناء الحاسوبي الهندسي" الخوارزمي الدقيق للجسد، المكون من تقييمه في الخلفية الكونية (المصفوفة) واضحاً بطبيعته الحاسوبية، حتى يبينّ أن الجسد هو بناء رقمي كمومي، وليس انصهاراً طبيعياً مشوّشاً.

دراك الطبيعة الهندسية والاصطفافية للجسد البايولوجي يجعل التأمل أكثر وضوحاً وشفافية وتحديداً، وينهي حالة "الضباب الذهني" عندما تركز على الإحساس بالجينات وتوجيه الإيحاءات لها.

"الجين البروتيني" الذي يساهم في الترميز البروتيني Coding DNA



هو المسؤول عن تصميم البناء المادي للخلايا، الذي يعتمد على الأحماض الأمينية العشرين كوحدات بناء ، وهذه الوحدات تشبه التروس المسننة إلى حد ما ، وهذا الجين أحد العوامل التي تحدد ترتيب الوحدات الأمينية بالنسبة لبعضها البعض، وتنتج أبنية بروتينية مختلفة باختلاف ترتيب تلك التروس وترابطها معاً.

يشكل الجين البروتيني نسبة أقل من 1% من طول الحمض النووي DNA كاملاً، وبسب تحكمه بالمجال البروتيني ، وبحسب الافتراض أن الجسد هو بناء مكوّن من البروتين كأساس، هكذا أصبح يعتبر الجين البروتيني مسؤولاً عن كل ما يقوم به الجسد من عمليات فيزيائية ، لأن الوحدات البروتينية هي ما يعطي الهيكل المادي ( العتاد الصلب ) للخلايا العظمية والعضلية والعصبية والدهنية.

ربط الجين البروتيني بكل وظائف الجسم فضلاً عن العقل مبني على محاولة اختزال التفاعلات الفيزيولوجية في مكونات الجسد وحدها، واختزال مكونات الجسد إلى وحداته الأصغرية كيميائياً ، إذ أن الجسد كائنٌ زمني مركب، وليس بسيطاً، ينشأ بتآثرات متداخلة وليس بقوة فيزيائية متجهة ( وكذلك كل الكائنات الزمنية النسبية والمحددة في الزمكان ).

الاتجاه الاختزالي في العلم المادي يحاول رد التفاعلات الفيزيولوجية إلى عوامل من نفس مستوى واقع الجسد المادي، فكان لابد أولاً من تحليله إلى عوامله الأصغر التي تتراكم منها التآثرات والتفاعلات ، ومن بين العوامل الكيميائية ، احتل البروتين مجال البنيان المادي الصلب ، واحتل الدي إن إيه مجال التأثير المباشر الذي يقوم بتوجيه هذا البنيان وتشكيله. كافة التفاعلات الجسدية المرصودة عبر المختبر ، إما أن تقوم بدعم البروتين وتغذيته وتأمين العوامل والبيئة اللازمتين لوجوده ، كسائر المعادن والفيتامينات والدهون ، وإما أن تحدث هي نفسها ضمن وسط بروتيني ، كتفاعلات الكلور والبوتاسيوم في قلب الخلية العصبية وفي مواد أمينية وبروتينية محددة ، وبعبارة أخرى فمن ناحية جسدية ، فكل المواد والتفاعلات مبدؤها ومنتهاها في البنيان البروتيني، وكل التفاعلات التي لا تعتمد على البروتينات تكون غير متأصلة في الجسد (لا يمكن اختزالها به) ، أو يكون الجسد مجرد عامل واحد فيها.

الافتراض المسبق هو أن الإنسان كائن فيزيائي محلي ، ولذلك ، بما أنه مركب ، فسيرتد وجوده إلى التفاعلات الجزيئية بين المركبات والعناصر الكيميائية ، فمن الطبيعي كان ، أن يفترضوا أن النفس الإنسانية والعقل ، وكذلك الإدراك ، هي منتوجات تلك التفاعلات ، وبهذا يجب أن يبدأ ما يسمى بـ"هرم التعقيد" من المجالات الكمومية وينتهي بالخلايا العصبية التي تنتج ما يسمى "الخبرة الإدراكية". كيف ذلك وهي مجرد تجمعات كيميائية لا تختلف عن تجمع ذرات الصخر بأي شيء سوى "درجة" التعقيد في احتمالات الانفعال والتآثر ؟ هنا يكمن سر استحالة تفسير الوعي، وهو ما يصطلح عليه "مشكلة الوعي الصعبة".

فقد ردت بنظرهم جميع الوظائف العقلية المعروفة إلى معادلات حسابية تحكم سير النقل العصبي ، وهو بدوره مرتد إلى المعادلات الخاصة بالجينيوم والبروتين ، وهذه كانت مشاكل الوعي السهلة ، التي تتعلق بالتوصيف الرياضي للأحداث المقترنة بأفعال العقل والإدراك ، ولكن مشكلة الوعي السهلة هذه تتعلق بالإجراء وقياسه ، أما المعضلة الحقيقية فلا تقتصر على الوظائف الظاهرة للعيان التي يقوم بها الكائن الواعي ، ويمارسها على البيئة المحيطة فيمكن احتسابها نسبة إلى تلك البيئة. جاء الحديث عن حقيقة هذا الأمر بالتفاصيل في بحوث الكينياء المتعلقة بحكمة الذات والبون.

الوظيفة التي يقوم بها الجينيوم الكودوني يمكن تلخيص مراحلها على النحو التالي :
  • تلقي النظام الخوارزمي الأول وتسجيله على الشريط.​
  • التفاعل مع البيئة وفق ما يتناسب مع ذلك الخوارزم الأساسي.​
  • تحويل نتائج المعالجة للبيئة إلى شريط "أر إن إيه" كودوني وظيفته إعطاء الأحماض الأمينية المحيطة ترتيبها المناسب لتكوين بروتينات الخلية.​
على هذا النحو بالذات ، يؤثر الحمض النووي الكودي على التكوين الجسدي للإنسان.

الجين الذي لا يقوم بترميز البروتين Non-Coding DNA :


فيما بعد أصبح واضحاً أن الجين البروتيني ، لم يكن العامل الوحيد الذي يساهم في تكوين نظام الترميز البروتيني كما قد افتُرض مسبقاً في زمن تولى ، بل على العكس ، إن وظيفته هامشية بالنسبة لوظائف الجين الذي لا يسهم في تشكيل البروتين مباشرة ، بعبارة أخرى : الجينات الخاصة بترميز البروتين، والبروتين نفسه، هو جزءٌ من العتاد الأقل أهمية في بناء الجسد. فقد أسفر مشروع Encoden عن النتائج التالية :
  • 99% من الحمض النووي النيوكليوتيدي منقوص الأوكسيجين ، لا يقوم بتشفير البروتين مباشرة ، أي أن مستوى التشفير يقع في حوالي 30-40 مليون زوجاً فقط.​
  • وفقاً لمبدأ الانتخاب الطبيعي ، يوجد نوعٌ من "التطهير" تقوم به أي مصفوفة تجاه العناصر العشوائية التي تدخل عليها وتمنعها من الوصول للنتائج التي تعمل المصفوفة على إنجاحها. كل عنصر يمكن أن يسبب الفوضى والخراب في المصفوفة الجزئية يتلاشى بالتدريج من الوجود ، لأن المصفوفة الجزئية تتفاعل مع مصفوفة العالم الكبرى ، والعالم يقوم بتصفية ما لا يتوافق معه ، ينطبق ذلك على مصفوفة الأحياء ، ومصفوفة البيئة ، وكذلك مصفوفة الجينات ( مع اختلاف معايير التصفية ). لذلك تكون الجينات ذات المعاني الوراثية الأكثر أهمية وكفاءة هي الجينات التي تحافظ على مدة بقاءها فترة أطول ، وتستخدمها أنواع أكثر مما يدل على مدى اتسع طيفها المؤثر واللازم لأجل الحياة ، بغض النظر عن طبيعة الكائن ونوعه وتاريخه، فسيخضع لنفس القانون والغريب – بالنسبة لهم – أن أغلب المناطق التي لم تشهد تغييراً عند قياسها بتقنيات تقع في الحمض النووي اللاكودي ، بينما الحمض المكود والمرمز للبروتينات فقد تغير بأغلبه. إذن ما هي "الأهمية الوظيفية" التي تحملها المناطق الجينية اللاكودية والتي جعلت الاصطفاء الطبيعي يحافظ عليها ؟​
  • وفقاً لنتائج المشروع : غالبية المواقع المحددة للسمات البشرية ، بما في ذلك استعدادات الأمراض الوراثية ، تقع في الجينوم اللاكودي.​
  • الدور الذي يلعبه هذا الجينيوم لا يتعلق فقط بالوظائف المعروفة للجينيوم اللاكودي مثل النسخ والنقل والحفاظ على بعض المرموزات ، فهو لا يتعلق بمجرد وجود جينيوم لا كودي ، بل أيضاً بالشفرة الوراثية التي يحملها هذا الجين ، والتي إن اختلفت تؤثر بشكل دقيق على وظيفة معينة من جسد الكائن الحي، كما هو الأمر في الجين اللاكودي DUF1220 المرتبط لسبب غير معروف : باستقرار نظام التفكير وكهروعصبية الدماغ وموازنة نمو الخلايا الجذعية ، والازدياد الكبير لمعدل الذكاء وأي خلل في وجوده وتسلسله ، وبالتالي في وظيفته الغير معروفة ، يمكن أن يؤدي إلى الفصام والتوحد والانهيار النفسي بمختلف أنواعه.​
وهناك أمثلة كثيرة جداً على مثل هذه الحالات ، لا يسعنا ذكرها هنا ولا داعي لذلك الآن.

العناصر الجينية الجوّالة MGEs :

يقفز هذا المقطوع الجيني من منطقة إلى أخرى على شريط الدنا ، وذلك بفضل تعبير البروتين المرتبط به الذي يسمح له بالتحرك من موقعه ضمن سلسلة معينة ، منتقلاً على ذلك البروتين إما بوساطة RNA أو بدون وساطته، خروجه من منطقة ودخوله على أخرى يسمح له بتغيير عمل الجينات ، يمكنه أن يعطل الجين الذي يدخل ضمنه أو أن يعززه ، ويمكنه التحكم جزئياً بترتيب قواعد نيوكيليوتيدات الجين.

يشكل Mobile genetic elements (MGEs) ما نسبته 50% من الجينيوم اللاكودي، وبنفس الوقت يتفرع من حيث الوظيفة إلى نقّال مرتبط بـ RNA أو غير مرتبط بها.

ولكن ما هو حقاً مهم للتركيز ، أن الجينات القافزة والمتنقلة هو مجرد تصنيف اسمي، لكل الجينات التي يُلحظ فيها نوع من التكرار التناظري للسلاسل المكونة لأجزائها في عدة مناطق في الشريط الوراثي (قواعد طرفي السلسلة مرتبة بعكس بعضها ) حتى ولو لم تكن فعلياً يقفز ( ولذلك أغلب الجينيوم القافز يعتبر بلا وظيفة ولم يلحظ مخبرياً أي نقل في أغلب قطع الجينيوم الناقل.. ويعتبر مجرد تغييرات على الناقلات تم اختزانها في الشريط النووي للخلية البيولوجية، لأنها لم تجد وسيلة للخروج منه ).

فهذا التوسيم بالانتفال والخروج عن الموقع الأساسي، ليس بالضرورة أن يكون منطبقاً على كامل الجين القافز، إنه مجرد اعتبار ، وكما أشرنا سابقاً ، لا علاقة بين وظيفية الجينيوم وبين تعبيره البروتيني ( تعبر الجينات القافزة عن نفسها من خلال البروتينات القافزة ).

لذلك عدم التعبير عن الجين بروتينياً بالتلازم بنفس الوقت مع وجود نوع من الترتيب المرآتي (التناظري العكسي) ، لا يعني أن الجين كان قافزاً وفقد هويته الوظيفية فيما بعد.

السؤال الحري بالمناقشة ، لماذا تحتوي الكائنات الحية هذه الكميات الهائلة من جينات قافزة ، لا يوجد لها وظيفة تكوينية متمايزة عن بقية الجينات ، وما الذي يمكن أن يكون قد عطلها أصلاً ولماذا تكررت هكذا.. هذه الأسئلة وبمجرد إلقاء النظر عليها تثير شكوك النفس في ذلك المبدأ الإعلامي المنتشر حول "لاوظيفية الجينيوم" وتكون نصفه من قافزات أحفورية.

كل تغيير يطرأ على البكتيريا واللاعضويات ( الكائنات الخالية من الأعضاء ذات الوظائف المركزية ) يقع على الجينيوم من خلال حركة النقل الجيني التي تقوم بها العناصر المتنقلة في الجين ، هذه العناصر الجوالة هي التي تسمح بوجود مقاومة حيوية للمضادات التي تهاجم البكتيريا ، إذ هي تختزن ملفات عن هذه المضادات في جيناتها ثم تقوم بنسخ هذه الملفات ونقلها إلى الجين الخاص ب

في كشوفات مختبرية حديثة عن تلك الجينات كانت تتحرك وتنشط في أوقات محددة وضمن ظروف محددة ، وكانت أيضاً تتحكم بالتعبير البروتيني لجين معين ( مثل جين iSl1 المتحكم في النمو العصبي وتغير ألوان خلايا معينة والذي لا يتفعل إلا عبر تشغيل جين LF-SINE اللاوظيفي سابقاً والمكون من نصف مليون قاعدة ).

ما يقوله البحث العلمي : الجينيوم القافز بأغلب الأحوال نوع من ذاكرة الترميز لأوامر وراثية لم يتم تفعيلها بعد ، ولكنها جاهزة للتفعيل في أي لحظة ، لها خصائص ووظائف تتمتع بها الكثير من الكائنات. ومن الممكن تفعيلها عبر البيئة لتتحول إلى جين وظيفي. وقد حدث ذلك فعلاً في تجارب مدرسة الوراثة الروسية.​
 

(2) الجينات والنيوكليوتيدات \ مسائل في علم الأنساب :



معنى كلمة "الجين" هو الشريط الوراثي المكون من مجموعة متسلسلة من القواعد النيوتروجينية تؤدي وظيفة محددة.

وسطاً، يتكون الجين الواحد من 1000 زوج نيوكليوتيدي (قاعدة جينية)، يوجد بعض الجينات القليلة الأكبر بكثير أو الأصغر بكثير ، ومن بينها الجين الأطول في الحمض النووي الإنساني والخاص بوظائف العضلات وهو بطول 2200000 زوج نيوكليوتيدي ، ولا يوجد في الحمض النووي الإنساني إلا بضعة جينات أخرى تزيد أطوالها عن العشرة آلاف نيوكليوتيد وتصل أحياناً قليلة إلى أكثر من "مئة ألف زوج".

بما أن الجينات ذات الترميز البروتيني عند البشر تقدر بحوال 25 ألف جين ، فسيكون الناتج وسطياً :

1000*25000=25000000 (25 Mbp)

خمس وعشرون مليون زوج نيوكليوتيدي، أو "أمر وراثي محدد" وفي الواقع، بسبب وجود بعض الجينات الطويلة جداً فإن الرقم الصحيح هو تقريباً 30 مليون، عدد الأزواج النيوكليوتيدية التي تؤثر مباشرة على التكوين الجسدي البروتيني.
التقدير القياسي هو 50 Mbp (خمسين مليون زوج قاعدي) رغم أن بعض التقديرات تحاول رفعه إلى 100 Mbp.

مقدار الجينيوم المعلوماتي الكامل أكبر بكثير :
3400000000 bp
3400 Mbp
3.4 Gbp

ثلاثة مليارات وأربعمئة مليون قاعدة وراثية .. نسبة الجينيوم الذي يَرمّز البروتين تساوي أقل من 3% من نسبة الجينيوم الكلي ، وقد تصل إلى 1.5% أو أقل (في الحقيقة وصل تقديرها المعتمد الأخير إلى أقل من 1%).

هذا هو عدد القواعد الوراثية الكلي في الحمض النووي الإنساني وأنسِبة توزيعها الصحيحة ، أما عدد النيوكليوتيدات داخل وخارج النواة فهو غير ذلك ، فهناك أيضاً الحمض النووي المرسال RNA والجين النووي القافز ، مع كميات مضاعفة منها في محيط الخلية ترتبط بالفوسفات وتنتجها أشياء أخرى داخل الخلية كنوع من الوقود المختزن ، الذي لا يحتاج لأكثر من حرقه أو تكسير روابطه لتتحرر الطاقة. وتبلغ الكمية الكاملة حوالي مئات مليارات النيوكليوتيدات ، وذلك يشمل الجينات النواة ( المرمزة بروتينياً والتي لا ترميز بروتيني لها ) و كذلك التي تطوف حول نواة الخلية.

كيف تم احتساب عدد قواعد النيوكليوتيدات ؟

الأمر سهل الإدراك : حساب مقدار الجينات في قطعة وراثية ذات طول معين يستطيع المجهر تحليله بوضوح ، ثم تعميم ذلك على طول الشريط الوراثي بالكامل.

النتيجة التي يتم الوصول إليها هي أن كل 10 نيوكليوتيدات متصلة يكون طولها قرابة 34 أنجُستروم ( ما يعادل 34 جزءً من أصل عشرة مليارات من المتر أو :
34(10^-10) M

كل مليار زوج نيوكليوتيد يساوي ثلث ميتر تقريباً. وبما أن طول الشريط النووي للخلية البيولوجية متران ( تقريباً ) وفق معادلات توزيع المقادير الكيميائية للجزيئات المَعنية ، فعدد الأزواج الجينية سيمقارب 3.3 مليار.

ليست كل الكائنات كذلك ، يحتوي نبات الذَرة ما يقارب 100 مليار نيوكليوتيد قاعدي ضمن نواة الخلية فقط 100 Gbp ، بعض الجرذان تحتوي نواتها على 8 مليارات (8.5 Gbp) - قنفذ البحر له 32 Gbp - وصل حجم الجينيوم في بعض الكائنات الحية إلى 228 Gbp من الحمض النووي وهو ما يعادل الحمض النووي البشري حوالي 70 مرّة، لو كان هذا الحمض النووي متوارثاً من الكائنات الأخرى فلا يجدر به أن يظهر بهذه الطريقة غير الطبوقة.

تكون المسألة بالغة حداً رهيباً من الوضوح في كائن بدائي جداً ضمن سلسلة التطور وهو الأميبا دوبيوم Amoeba Dubium والذي يصل مقدار معلوماته الوراثية إلى 670 مليار زوجاً نووياً قاعدياً (670 Gbp) وهي تعادل تقريباً مئتي ضعف الحمض النووي للإنسان، رغم بعض الشكوك في دقة الرقم ، ولكنه يدور حول ذلك. كنتيجتين حتميتين لهذا الأمر :
  • أولاً : لا علاقة لطول الحمض النووي بتراكم المعلومات عبر الأجيال التطورية، أو أن الكائن الذي له سجل طويل جداً من التاريخ البيولوجي سيكون له شريط وراثي أطول كما هو المعتقد الشائع.​
  • ثانياً : طول الحمض النووي لا يزيد من مدى التطور الحيوي للكائن ، بل على العكس ، كلما كان الحمض النووي أقصر كان الكائن الحي أكثر تطوراً أو ارتقاءً في وظائفه الحيوية نفسياً وجسدياً ، ويبدو وكأن هذه النيوكليوتيدات ولسبب ما ، تعمل كـقيود على حرية تطور الكائن ، فتربطه بالتكيف مع محيطه، وتمنعه من تجاوزه نحو مستويات أعلى من سلم الارتقاء الوجودي.​
إنها لا تبدو ميزة على الإطلاق ، أن تمتلك حمضاً نووياً كبيراً وهائل الكمية ، بينما تعجز عن امتلاك أبسط متطلبات التفاعل الحيوي الذي يرضي النفس والجسد.​
 

(3) تحقيق في التشابه بين الإنسان والشمبانزي جينياً ...


تروج كثيراً تلك العبارة الشهيرة "يشترك الإنسان والشمبانزي بنسبة 98% - 99%" من الجينات"... أغلب من يكررونها هم غير مدركين للموضوع جيداً.

والأغرب أن أحداً من الناس أو المتخصصين الذين يرددونها ويتأثرون بها لم يكلفوا أنفسهم عناء البحث بالدقة الكافية. وهذا يشمل الأطباء للأسف الشديد.

يتكون الشريط الوراثي الإنساني من 3.4 مليار زوج نيوكليوتيدي على الأقل ، ولكن المسوح الإلكترونية التي أجريت في التسعينات لجينات الإنسان والشمبانزي، تمت على شريط قدره 1 مليون نيوكليوتيد فقط، أي أقل من 1\3000 من الجينات.


كان هدف قياس التشابه بين الإنسان والشمبانزي هو قياس التشابه بين وظائف الجينات ، وليس بين "البصمات الوراثية"، وهذه النقطة حسّاسة جداً لنعرفها ونفهم إلى اي حد تحمل التشابهات الجينية دلالة وراثية.

إذا أردت أن تعرف الاتصال في النسب (شجرة العائلة) فستحتاج إلى تحليل "البصمة الوراثية" وليس إلى تحليل "الجين الوظيفي" ...

الجين الوظيفي مسؤول عن تكوين الأجهزة والأعضاء والنسج، وتحديد معالم فيزيولوجيا الجسد.

كل من لديه جلد أصفر ناعم سيكون له نفس الجينات الوظيفية الخاصة بتكوين الجلد الأصفر الناعم، ولكن، لو كان لدى شخص معين علامة مميزة في هذا الجلد، مثل نتوء، أو ارتسامة خاصة، أو علامة مميزة في وجهه، فذلك يعطيه "بصمة وراثية" وليس "وظيفة وراثية".

رسائم الخطوط على بصمة الإبهام لا تشكل وظيفة خاصة، أو دلالة ذات معنى يمكنها أن تحدث فرقاً في أداء الجسد، ولكنها "تُميّز" حاملها لتميزها عن بصمات الآخرين.

البصمة الوراثية تعتمد على قياس كامل الجينات، خاصة المناطقة المعرضة للاختلاف الكبير بين عينات القياس. في المقابل يشكل الجين البروتيني الوظيفي أقل بكثير من 1% من "البصمة الجينية".

الاختلاف بنسبة 0.1% في التطابق الجيني الوظيفي (البروتيني) بين فردين من أفراد الكائنات الحية أحدهما إنسان، يعني الاختلاف في أقل من 50 Kbp (خمسون ألف زوج نيوكليوتيدي) ، وهذا الرقم كبير بالقياس إلى الخبرات البشرية المحدودة ، ولكنه لا يكفي للتحقيق في الأنساب حول العالم ، ولا يكفي في التحقيق الجنائ.

لذلك ، يلجأ المعمل الجنائي إلى فحص قطع عشوائية من كامل الجينيوم البشري ، وتعتمد البصمة الجينية على عينات من الجينيوم اللاكودي تماماً كما تعتمد الجينيوم الكودي ، وبهذه الطريقة ، لا يكون التشابه الجيني الحقيقي بين إنسان وآخر هو 99.9% ، بل أحياناً قد يكون أقل من ذلك (بكثير). وحتى فرق 0.1% سوف يختلف نوعياً حين تضع في عين الاعتبار أنه يحسب على طول الجينيوم الكامل ، وليس فقط على الجينات التي ترمز البروتين.

يلجأ المحققون والمعمليون إلى تحليل ما يسمى الـ"Junk DNA" ، حيث تتلاشى التشابهات الكبيرة بين الناس، وتظهر السلالات بشكل صحيح أكثر، ومع ذلك، يتم إهمال هذه الجين اللاوظيفي – حد زعم الدارونية الحديثة – عندما تتم مقارنات شجيرات الأنواع.

وكذلك الأمر مع الشمبانزي.

بالنسبة للقرد والشمبانزي ، لم تكن نتائج قياس التشابه الشهير هي التشابه بنسبة 98% ما بين جينات البشر وجينات القردة، محققة بنفس الطريقة التي تقاس بها الأنساب الإنسانية ضمن النوع البشري. إذ لم يتم اعتماد كامل الجينيوم البشري والقردي ، لقد تم اللجوء إلى 25000 جين مبدئياً فقط، وهي نسبة لا تعطي أهمية حقيقية لـ"الأصول" المزعومة.

كانت النتائج في البداية 98% - في السنوات اللاحقة، تم تكبير العينة المأخوذة من الجينات الإنسانية لتصبح 40000 وصار الفرق بين تسلسل جينات الإنسان والشمبانزي هو 11-14% والتشابه 86-89% حسب عدة مراكز بحثية، ومع ذلك لم يتم الاعتراف بهذا القياس على نحو واسع، لأنه صادم إذا عرفت أن بعض أنواع الفار يتشابه في الجين الكودي مع الإنسان بنسبة تتعدى 95%

حتى الآن محور الحديث هو التشابه في الجينات التي تؤدي "وظيفة محددة المعالم" وترتبط بصفات تكوينية، وليس "البصمة الجينية"، التي لن تؤدي إلى "اختلاف النوع".

بعد مرور سنين اعترفت الأكاديميات أن الجينات الغير مرتبطة بترميز البروتينات ذات وظيفة بايولوجية محددة، وتأثير فاصل، ... حسناً، لنقل أنها كانت "خُردة" أو هكذا صرحوا ، لأن الجسم مؤلف من بنيان بروتيني، فلابد إذن أن ما لا يتعلق بالبروتين بشكل واضح أمام المجهر، لا يتعلق بالجسد، وبالتالي، لا يتعلق بالإنسان من حيث وظيفيته.

تذكير مرة أخرى :
الشمبانزي لا يتشابه مع الإنسان حتى بتلك الكمية الكبيرة من الجينيوم ذو الترميز البروتيني ( المقدرة ب98% أو 99% ) ، فهذه أيضاً مجرد إحصائية محددة أجريت في زمن محدد، وليست حقيقة مطلقة. هنالك إحصائيات أرجعت النسبة إلى أقل من ذلك ، بعضها إلى 96% وبعضها إلى 90% وبعضها 83-89% وهي النسبة الأكثر دقة حتى الآن، وحتى أنها وصلت إلى 70% في بعض الأحيان ، وذلك بحسب خوارزميات البرنامج المستخدم للمقارنة التفصيلية ، والطريقة المتبعة في المقارنات ، وأنماط التعقيد الجيني التي يتم أخذها بعين اعتبار في المقارنة.

وحتى وإن تحقق التشابه المزعوم تماماً ، فذلك بحث ، والأصول الجينية بحث آخر .. الأصل الجيني لا يعتمد فقط على البروتين المرمَّز والجينات التي تحكم شكله، على سبيل المثال، الفأر المخبري يتشابه مع الإنسان بنسبة 99% في الجينيوم الوظيفي وهي أكبر من نسبة التشابه مع جينيوم الشمبانزي قطعاً ، الموزة أيضاً بنسبة 60% ، الإسفنجة بنسبة 70%..... ذبابة الفاكهة بنسبة 70%.

إذن :
1) التشابه الجيني بين الإنسان والشمبانزي (أو أي كائن حي) هو تمدى التوافق في ترتيب الجينات المسؤولة عن "وظائف ذات دلالة أدائية" بالنسبة للجسم، وهي تشكل أقل من 1% من الجينات.
2) التشابه الجيني في البصمة الوراثية بين إنسان وشمبانزي سيكون أقل بكثير، ولكن لا توجد وسائل صحيحة للقيام بذلك، فعندما نقارن (كامل الجينات الإنسانية) ب(كامل الجينات القردية) فيجب إجراء مسوح كثيرة ومعادلات معقدة جداً، ومن الممكن نظرياً أن يكون بعض الناس أبعد وراثياً عن بعضهم مما هم بعيدون عن الكائنات الحية الأخرى، لأن الاختلاف في البصمة الجينية مستقل عن الاختلاف في وظائف الجسم الرئيسية.
3) سواء في الجين الوظيفي ، أو في البصمة الوراثية، الإنسان والشمبانزي بعيدان جداً عن بعضهما، التشابه المعروف على أنه 98% قياس لعينة صغيرة من الجينات الوظيفية.
4) المعنى الحقيقي الذي يحمله هذا التشابه هو معنى فيزيولوجي، وليس معنى نَسَبي، ولذلك تتشارك كائنات بعيدة جداً عن الإنسان معه في 60 و70 و80% من الجينات الوظيفية.
5) هذه الجينات (الوظيفية) ليست المسؤول الوحيد عن تكوين جسم الإنسان وأنظمته البايولوجية، كامل الجينات (البروتينية وغير البروتينية) تسهم في "تحديد" الصفات الوراثية والتكوينية ووظائف الجسم.
 

أداب الحوار

المرجو التحلي بأداب الحوار وعدم الإنجرار خلف المشاحنات، بحال مضايقة إستخدم زر الإبلاغ وسنتخذ الإجراء المناسب، يمكنك الإطلاع على [ قوانين وسياسة الموقع ] و [ ماهو سايكوجين ]
أعلى