مواضيع سيد الأحجار السبعة

سيد الأحجار السبعة

عابر الزمن الثالث
المشاركات
883
مستوى التفاعل
1,661

الأساس العلمي للتكوين والوراثة الجينية

24375285240_9fa875d730_o.jpg

يرتبط البنيان المادي والنفسي الخاص بالكائن الحي عبر العصور، بعلاقة ذاتية مع سلوك الكائن التفاعلي وتكيفه الطبيعي، وكذلك مع الهيئة المادية للأجيال التي سبقت ذلك الكائن في الوجود.

آمن الإنسان تاريخياً بمبدأ توريث الصفات ( من الأجناس إلى الأنواع ) ، ومن الأنواع إلى مجتمعاتها الفرعية، ومن المجتمعات إلى الأفراد ... واعتمد في ذلك الإيمان على "الملاحظات الموضوعية" للتشابه بين أفراد النوع الواحد ، والمجتمع الواحد ، والبيئة الواحدة ، والأسرة الواحدة أو القبيلة الواحدة ، وعلى تكرار هذا التشابه بشكل شبه دائم .

وعبر عشرات السنين من الخبرة الحياتية، ومن خلال الأحداث التي يراها آلاف الناس الذين يعرفهم ، يستنتج كل إنسان أنه كلما كانت الصلة أقرب بين الأفراد من حيث الوراثة والنسبة كلما كانت الصفات أقرب إلى التشابه والتطابق، كلما كانت الأنساب متباعدة كانت الصفات أقرب للتنافر.

وكل أمة على الأرض لها خصائصها الوراثية المميزة، ولكنها رغم ذلك تشترك جميعاً في نفس الخصائص العامة ل"الأمّة البشرية" ، يعني ذلك أن البشرية قد تكون أُسرة ضخمة جداً بدأت محدودة وتفرعت إلى آلاف الأسر عبر الزمن ، وتلك الأسرة هي ما يعتقد الإنسان أنه آدم وزوجه الذين ذكرا عبر القرآن الكريم والأناجيل والتوراة وأسفار التكوين ، إنسان ككل البشر، عاش على هذه الأرض، وتكاثر كما يتكاثر الناس على هذه الأرض ونشأت من تلك العمليات أجناس لا حصر لها.

في العصر الحديث تم البحث عن أسرار آليات التكون البيولوجي للكائن المادي ، كيف تتكون خلاياك التي تكوِّن جسدك ، من منظور الكون المغلق.

من رؤية تعتبر الكون مغلقاً على نفسه، تفسيره متضمن فيه، حتى تفسر طبيعة كائن معيّن ستحتاج لسبب ينتمي للطبيعة النسبية الحسوبة لهذا الكون ، وينتمي أيضاً للميكانيكا التي تحكم قوانينه ومنطقه ، هكذا ، تم البحث في الجسد عبر تجزيئه ، ليتواكب تصور التكوين الجسدي مع تصور التكوين الزمني الخاص بنيوتن والماديين الذين يستخدمون نفس مبادئ نظريته.

وبعد البحث عن آليات عمل الخلايا ، تم التوصل إلى الخريطة الكاملة لعضيات الخلية المكونة لتركيبها الجزيئي ، وكانت النواة الخلوية في المركز لدى الإنسان ، تتحكم عبر البروتينات المرتبطة بها بسائر عمليات الخلية الأخرى، وكانت هذه النواة تظهر كمجموعة من الخيوط الصغيرة حينما يخترقها التحليل المجهري ، وشيئاً فشيئاً تم التوصل لطرق تحلل تلك الخيوط ، أو لنقل تفك عقد الحبال الجينية ، التي يبدو أنها على الأرجح 46 حبلاً ، وتوجد على شكل أزواج ، كل حبل يتكون من مليارات العقد ، التي هي نتاج حركة الحبل المحورية حول نفسه وتكثفه في الخلية والنواة ، وحين تحليل البنية الكيميائية لهذه العقد فقد تبينت تركيبتها ، وطبيعة التفاعلات الداخلة في تكوينها ، من ناحية كيميائية محضة.

النماذج : المصفوفة التي تحكم العالم :

الماهية والفيزياء والوجود


كل مكان في فضاء الكون ، يسمح بوجود الكائن الزمني فيه بشكل سكوني ، وحينما يبدأ التآثر بينه وبين طاقة موجهة نحوه ، يبدأ بالظهور ... وقبلها كان ذلك الكائن ( الذرة – الخلية - الفايروس – الجسيم – الموجة – الكم الأول للكون ) موجوداً ولا يحتاج إلى أصل فيزيائي وبيولوجي ينتسبُ له.

لكنّ وجوده لم يكن "واقعياً" ، لم يكن "فعلياً" بالنسبة لك كراصد، حتى قمت بالتفاعل معه و"إضاءته" أو "جذبه".

فكر بجهاز الجوال خاصتك ، وبآلة الخياطة مثلاً ... عندما تقوم بتفكيكها إلى قطعها الأولية ، وتفكيك تلك القطع إلى المركبات الكيميائية والذرات التي تكونها. تماماً كمكعب مكون من 27 مكعباً أصغر منه منتشرة في 3 خانات في كل عمود من 3 أعمدة في كل صف من ثلاثة صفوف :

1720001516555.png


إن هذا المكعب لم يخلقه البشر ، ولم تخلقه أنت حينما صنعته ، كل ما في الأمر أنك جمعت المكعبات المكونة له في شكل هندسي مكعبي ( جمعت الأجزاء لتنتج المركب ) ، وعندما تفكر من أين جاء هذا الشكل ؟ هذا القالب الذي اتخذه المركب بعد تجميعك لأجزاءه ؟

لقد فعلت ذلك في الفضاء المحيط بعوامل جسمك ويديك ، هذا الفضاء يحتوي هذا الكائن، يحتوي "نظام التعريف" الخاص به والذي يعطيه قيمه وتركيبته الكونية، لكنه بالنسبة لك يوجد في الفضاء في حيز "الاحتمال"، وأنت جسدت الاحتمال فقط ولم تخلقه، حينما تفاعلت مع تكوينه الموجود في الفضاء الكوني (حين جمعت المكونات والأسباب التي يقتضيها تجسد الاحتمال) فاصبح وجوده فعلياً.

سواء خططت بقلمك أو بنيت سفينة فضائية أو خلية حية ، فإنك لم تخلق تلك الكائنات ، إنك فقط ساعدتها على الظهور من خلال تجميع أجزائها التي تقتضيها لتوجد في عالم المادة.

يمكنك مثلاً أن تنظر ليدك الآن ، وأن تتخيل كيف ترفع اصبعك ، وكيف سيكون شكل الأحداث المؤدية لذلك والنتيجة النهائية، أو تشعل ضوءً ما بعد تخيلك لاشتعاله كيف يكون. هذا الخيال دلك على وجود الحدث قبل تجسده مادياً ...

تجسد الحدث مادياً حين تكونت تناسبات تربطه بعلاقة نسبية مع الواقع النسبي الذي ينعكس على نظامك الحسي العصبي. فصار يوجد في هذا النظام جبرياً (واقعي) وهو مادة تماماً كتلك الأمور الموجودة في الكون المادي ولذلك يتفاعل معها.

وكذلك تصورك لوقوع شيء ما ... هب أنك تتخيل وقوع أمر يصعب تخيله ، مثلاً تخيلك لشكل المركبة الفضائية صعب ، وحينما ظهرت لعينيك أصبحت تعرف أنها حقيقة ، إن تصورك لمفهوم المركبة الفضائية صدق على خيالك وعلى ما وقع مادياً أمام عينيك ، وعلى كل المراكب الفضائية ممكنة الوجود وغير الممكنة. بغض النظر عن وقوعه فقد تصورت ما يستدعيه وجوجد المركبة من علافات ووحدات تكوينية .

قوانين الفضاء الفيزيائية نفسها تسمح بمثل هذا الترابط الكُتلي ، الذي يشغر هذا النطاق الفضائي ، وبنفس الوقت ، وبغض النظر عن وجود كتلة أو عدمها ، بإمكانك تصور مثل هذا المكعب وهو موجود في أي مكان وأي زمان عبر الكون ، وكذلك بإمكانك تصور عدد لانهائي من الأحجام والألوان وهي صفات متغيرة تلحق بماهية المكعب ... أما المكعب نفسه بوجوده الهندسي فهو ثابتٌ عبر الفضاء.

حتى إذا لم تكن هنالك كُتلة تشغر حيز المكان الفراغي الموجود أمامك ، بإمكانك التعرف إلى أن وجود المكعب في حال تجمع أجزاءه وتركبها بالطريقة المناسبة هو وجود ممكن في هذا الفراغ، والإمكان هنا يعني أنه احتمال قابل للتحقق عندما تتوفر العلل والمقتضيات المناسبة ، ولن تحتاج إلى برهان تجريبي لإثبات إمكان وجود المكعب في الفضاء أمامك ، يكفي تصوره أو تخيله.

بمعنىً آخر ، وجود هذا المكعب (و أي شيء آخر) في الكون محقق بغض النظر عن مدى تحققه بالنسبة لك كراصد، وهذا يعني أن كائناً مثل "العنقاء" له وجود في الكون، لكن ليس له وجود في مجال الرصد الخاص بك أنت شخصياً، أو في مجال الرصد الخاص ببيئتك (كوكب الأرض-العالم المحلّي)... إذن لا كائن منعدم الوجود تماماً، لكن طبيعة العلاقة بينك وبين الكائن هي التي تحدد وجوده من عدمه بالنسبة لإدراكك الذاتي.


إدراك الفرق بين الوجود الحقيقي في الكون، وبين وجود الموضوع في مجال رصدك أنت يعتمد على فهم الوجود من رؤية إدراكية خالصة، تتجاوز ما تتيح لك الفيزياء معرفته ، لأن الفضاء الذي يحتوي الكائن هو فضاء مجرد عن المادة ، يسمى بفضاء التجريد ، والعالم المادي (بكل قوانين الفيزياء التي يحتويها) هو احتمال واحد يشغر ذلك الفضاء ، من ضمن احتمالات لانهائية عن عوالم فيزيائية وغير فيزيائية أُخرى.

حينما يتم وضع خطة عسكرية أو اقتصادية ، يتم تمثيل الأحداث في نطاق فضاء افتراضي ، وكلمة افتراضي غير دقيقة هنا لأنه قابل فعلاً للتحقق التام إذا تجمعت مقتضياته وشروطه ، إنه نفس الفضاء الذي تحدث فيه المعركة ومسيرة الشركة والدولة ، ولكن اختلاف التطابق يعود لاختلاف تركيبة المكونات وتسلسلها. كذلك حين تصمم البناء.

الكشف عن فضاء التجريد



وجود النموذج في عالم المادة لا يمكن إثباته لراصد معين دون اختبار مباشر للنطاق المادي الممثل لذلك النموذج ، وهذا الاختبار يسمى بالمعرفة المادية الحسية.

ولكن وجود النموذج في فضاء التجريد ( المجرد عن المادة ) لا يمكن اختباره بالطرق المادية ، لأن الموجودات المادية تحكي عن تقييد مجال النموذج في نطاق مادي محدد بإحداثيات محلية ( هنا والآن في هذا الموقع المحلي ).

إذن عندما تريد أن تثبت وجود كائن بالمطلق، فهذا سيختلف عن محاولتك إثبات وجود كائن ضمن "مسارك الزمني الحالي والواقعي".

يمكن اختبار الوجود الماهوي للكيان بطريقة واحدة وهي (الإدراك التجريدي ) ودون ذلك لا مجال لمعرفة النموذج موضوعياً ، الكائن المادي دائماً يكون شاغراً لنموذج ماهوي ينتسب إليه، ومن دون أن يكون الكائن المادي متوافقاً مع نموذج معين فإنه يفقد معناه تماماً.

فإذا انتزعت مادة القلم من نموذج القلم وأبقيت على المادة وحدها لا يعود قلماً، لأنه تفكك عن نموذجه التكويني، وحتى أن القلم المحدد جداً في واقعك المحلي هو أيضاً نموذج ، لكنه يصدق على حالة منفردة، حيث تم تقييد النموذج الأصلي بقيد الموقع الذي يشغره في واقعك، فهو نوع من النماذج أيضاً ( المادة هي نموذج مكثف الوجود ومقيد الحدود ).

النموذج نفسه (هوية الكائن الوجودية) موجود ، سواءً رصدته أم لم ترصده في عالم المادة ، ورصدك له مادياً يعني تقييد الطاقة التي تتفاعل معها إدراكياً بالنموذج الذي ترصده.

الفضاء التجريدي يحمل المكعب، ولكن تجسيد المكعب مادياً معتمدٌ على مقدار اهتمامك والطاقة التي تبذلها لأجل ذلك ومدى فهمك للنموذج الذي تريد تجسيده وما هي الأدوات والنماذج التي ستستخدمها من أجل عملية التجسيد.

الوجود المجرد للمكعب يمكن إثباته بإدراك الماهية، الواقعة في فضاء التجريد (وليس في واقعك المحسوس ضمن مسارك الزمني بالذات) ، وهذه العملية تسمى بالتعقل وتسمى النماذج بالمعقولات عند الحديث عنها من حيث معرفة الإنسان بها ، مقابل المحسوسات المادية.

أي نموذج تتخيله أو تتصوره موجود في فضاء التجريد ، ولكن وجوده المادي يستلزمُ مقتضيات إضافية لكونه مجرداً ، ولذلك ليس كل ما تتخيله أو تتصوره موجود في عالم المادة لأنه ليس كل ما تتخيله أو تتصوره مناسب لنموذج هذا العالم الذي أنت فيه الآن وهو جزء متناهي الصغر من فضاء التجريد ، فما تريده أن يتحقق ضمن عالمك يجب أن يصدق عليه نموذج عالمك وليس الأمر كذلك بالنسبة لما يفوق عالمك ويتخطى إحداثياته نوعياً.

ربما يعترض البعض على تقديم نموذج مجرد عن المادة في إطار علمي ، ولكننا في النهاية لا نناقش موضوعاً مادياً بحتاً ، إنما نناقش تكوين الكينونة الزمنية للإنسان وهي أمر يتجاوز حدود المادة ، ولا يوجد تلازم بين هذا الأمر وبين النموذج المادي للعالم ، وافتراض أنه محصور في المادة هو نوع من العقدية المتطرفة في مجال علمي محايد ، وقد يقول البعض كيف يمكن التحقق التجريبي من شيء غير مادي ، وهنا أجيب أن التجربة أصلاً لا تثبت ولا تنفي أي شيء ، إنما هي توفر طريقة لإدراك النموذج المادي إدراكاً عقلياً وتجريدياً وهناك يحصل التحقق والحكم ، فإنك لا ترى الجينات في كل لحظة تتحدث بها عنها ( على سبيل المثال ). وهذا هو السبب في تقديم البرهان الفينومينولوجي على البراهين التجريبية المختبرية في علوم الكينياء.

 

الجينيوم :


1720003577885.png

يتكون جزيء الحمض النووي ( الجين أو الكود الوراثي ) من سلم حلزوني من عدة درجات ، كل درجة تعبر عن مستوى معين للتوجيه والمعالجة ، حيث تتراكب الأوامر المرتبطة بها مع أوامر الدرجة التي قبلها والتي بعدها ، وكل درجة من هذه الدرجات تسمى بالقاعدة النووية ، وتتكون هذه القاعدة كيميائياً من مجموعة مركبات معروفة الصيغة ، بالضبط ثلاثة مركبات رئيسية :
  • زوجٍ من القواعد النيوكليوتيدية ، يربط بينهما رابطة هيدروجينية ، ويتعلق كل منهما بكتل بروتينية معينة. يوجد أربعة أنواع كبرى لتلك القواعد ، وهناك أنواع فرعية ،
  • وترتبط القواعد معاً مكونة حبلًا وراثيًا، عبر خيط من تجمعات ثلاثي الفوسفات سالب الشحنة.
  • وترتبط الفوسفات معاً بالسكريات الخماسية.
ولأن الفوسفات سالب الشحنة، ولأن البروتين موجب الشحنة ، يلتف خيط الدي إن إي حول كتل بروتينية خاصة تسمى بالهستونات بفعل انجذابه السالب حول تلك الكتل الموجبة ، ولأن خيط الدنا رفيع جداً ، وتلك الكتل صغيرة جداً ، فيمكن للخيط أن يقلّص نفسه من حيث الطول، ست مرات تقريباً، عبر التعويض في العرض والعُمق من خلال التكتل "الرزم الجيني" ، ثم يلتف الخيط المليء بالعقد لولبياً حول محوره ويشغر هذا المحور سلك بروتيني غير لستوني ، وهذا المحور بدوره يتلولب حول نفسه ويأخذ معه الجينيوم في الانطواء، ليتحول الجينيوم من خيط طوله متران إلى كتلة نووية طولها أقل بمليارات المرات، دون أن يفقد من خصائصه الوظيفية شيئاً بعد.
1720003841264.png
 

المصفوفة الجينية :

بعد إدراك معنى "الجينيوم" إدراكاً مجملاً كالذي يحمله كل إنسان على وجه الأرض، نريد قليلاً من التفصيل.
ما هي الطريقة التي تؤثر فيها الجينات على طبيعة الخلايا الحية وعلى طبيعة الجسد، كيف تحدد الجينات هيئة الكائن أو صحته أو سلوكه ؟

ما هي الآلية التي تجعل الجينات قادرة على إعادة تشكيل الأنسجة والأعضاء وتحديد طبيعتها ؟

كل ما يعرفه الإنسان عن الجينات هي أنها مركبات ماديّة تتموضع في أنوية الخلايا الحية وتسهم في توجيه تفاعلات النسيج الخلوي.

وغاية البحث هي فهم آلية التأثير المبادل بين الجينات وبين العقل والجسد، وكيفية تغيير خصائص العقل وصفات الجسد من خلال التركيز على المستوى الجيني (نظرياً).
صعب قليلاً أن نتحدث عن موضوع دقيق مثل "الجينات" دون تفاصيل تقنية
ولكن بنفس الوقت، لا داعي لذكر تفاصيل "مسهبة" ومعرفة ترفة، بعيدة عن الموضوع الحقيقي.

الجينات والمنطق الرياضي


1720016679923.png


4 عناصر يمكنها أن تبني وحدات مركّبة يتكوّن كل منها من 3 عناصر تقترن معاً.

إذا كان يجوز ترتيب هذه العناصر بأي تسلسل، وتكرار الرمز عدة مرات، فإن عدد الاحتمالات الممكنة هو 64 وحدة تركيبية (كلمة-عبارة-رمز).


الاتحاد بين مصفوفة رباعية وعناصر ثلاثة يعطي 64 احتمالاً ممكناً لنتائج عمليات التفاعل بين العناصر ضمن المصفوفة.

حسب لغة الحاسوب ، يُفترض أن جميع الكلمات المكونة من حرفين (0-1) محققة وذات معنى ، إذن لديك 4096 إمكانية لإنشاء جملة من كلمتين فقط xxxx xxxx.

طول الشريط الجيني الوظيفي الذي يقوم بتكوين الجسم المادي مباشرة هو 1000000 حرف ( يقارب ثلث مليون وحدة جينية) ومجال احتمالات التكوين الجيني الناتج عن التفاعل لهذا الجسد سيكون خيالياً ( يقاس بأرقام لا تعرف أسماءها حتى : 64^300000 ).

اختلاف جينات البشر بين بعضهم البعض يحدث في حوالي 1000 حرف جيني ضمن شريط د ن أ الوظيفي، يتوافق جينيوم البشر بنسبة 99.9% في الحمض الجيني البشري، الاختلاف يحدث في مجال 64^3000 ورغم أن هذا الرقم أيضاً غير قابل للتصور الذهني بسهولة، لكن مجال الاحتمالات الذي يعبر الرقم عنه يتعلق بتفاصيل متناهية الدقة، تجعل كل إنسان له بصمة جينية خاصةً، حتى إذا كان أحد التوائم المتماثلة.

عدد حبات الرمل في قدر صغير سيكون كبيراً جداً، لكن بالنسبة إلى الصحراء فلن تحس بأن له وجود، وبالنسبة للبحر .. الحوض كله نقطة. الجينيوم البشري يوجد فيه فضاء احتمالات بنفس طريقة مقارنة حوض الماء مع البحر المتوسط أو رمال الجرّة مع الصحراء الكبرى ، حيث فضاء احتمالات الجينيوم الكامل.​
 

المصفوفة التكوينية في عالم الجينات


بما أن طريقة ترتيب الجينات تنعكس في طريقة تكوين الجسد المادي، وبما أن هذا الترتيب هو الذي يحدد تكوين الجسد على نحو شبه طوبوغرافي، أي أن شكل النتيجة يتوافق تماماً مع تركيب الأسباب المؤدية لها، إذن ما الذي يجعل هذا الترتيب يؤدي إلى تكوين الجسد بطريقة محددة وفقاً له ؟

يوجد علاقة قانونية "تلازمية" بحيث أن تكوين الجسم الظاهري في حالة معينة من حالات التكوين، يتحقق فقط في حالة ترتيب الجينات بتسلسل معين دون غيره.

هناك "تلازم" بين ترتيب الجينات الخاصة بeFGR وبين طريقة نمو البشرة وصحتها، والغريب أن هذا الجين المتلازم مع هذه الطبيعة يرتبط بنفس الوقت بصحة "الرئتين" ، ويمكن الكشف عن وجود استعداد لسرطان الرئتين من خلال أخذ عينة منه وتحليل بيانات تسلسل القواعد الجينية الداخلة فيها.

كل أنوية الخلايا في الجسد تحتوي نفس الجينات تماماً، ولكن هذه الجينات يتم تفعيلها بطرق مختلفة بين منطقة وأخرى في الجسد المادي.

تسلسل جين معين XXXX XXXX XXXX يعطي نتيجة محددةً لكل طريقة ترتيب، تختلف طريقة الترتيب بحسب أنواع القواعد النتروجينية التي تأخذ منازل الترتيب ، ويختلف التعبير الجسدي الخارجي عن الجين باختلاف ترتيب هذه القواعد الجينية.

وهذه القواعد الجينية بالنسبة للباحثين يمكن اعتبارها أحرفاً أو كلمات، ويمكن اعتبار سلاسلها عبارات (جمل) ويمكن اعتبار الشريط الجيني نصاً كاملاً أو كتاب يحكي قصة الجسم، ورغم أن الطريقة التي تجعل الجينات تؤثر بحسب ترتيبها على الجسم غير واضحة علمياً لأسباب متعددة، وفي الحقيقة لا يوجد مثل هذه الطريقة، أي أن الترتيب الجيني ليس هو العامل المباشر الذي يجعل التعبير الجسدي يأخذ مجراه المحدد، ولكن هناك تلازم بين طريقة ترتيب الجينات وبين طريقة تكوين الجسم، بغض النظر عن السبب الحقيقي في هذا التلازم، هل هو تأثير الجينات على الجسم ، أو توافقها مع هيئته، لكن هذه العلاقة التلازمية تسمح بالكثير من الأمور المفيدة ، مثل فهم السجل الصحي للجسم ، مثل التنبؤ بالأمراض قبل وقوعها واتخاذ التدابير اللازمة ، مثل التحري عن الأصول الوراثية ، مثل التحري عن القدرات الجسدية والعقلية.


بغض النظر عن العلّة الحقيقية التي تربط بين الجينات وبين تكوين الجسم الظاهري : ما الذي يجعل العلاقات الواصلة بين الترميز الجيني والتكوين الجسدي علاقات ثابتة موضوعياً ( تشمل كل أجسام الناس عبر العصور ).

هذا يعني أن الجينات تأخذ معانيها من تكوين نظام الكون، بتسلسل هرمي للأسباب، أي أن القوانين الفيزيائية والكيميائية الأساسية تؤدي بالضبط إلى العلاقات الملاحظة بين تراتيب الجينات وبين التكوين الجسدي، هذه العلاقات مبنية على نواة النظام الكوني ولذلك هي غير قابلة للاستبدال أو للإزالة.


نظام الكون أدى إلى هذه النتيجة، وما كان يمكن أن توجد نتيجة غيرها ، وهذا يعني أن طبيعة الدلالة الجينية متصلة بهيكل العالم الموضوعي، وأن المعاني العميقة لهذه الدلالات موجودة في برمجة الكون البدئية.

مبادئ الكون الأولى اقتضت ظهور الجينات على النحو الذي نعلمه.

إذن فضاء احتمالات الجينيوم هذا ، لا يعود إلى عوامل طبيعية ضمن نطاق الزمن الفعلي (أي أن بناءه الحقيقي لا يعود إلى طريقة التفاعلات التي حدثت في تاريخ الكون ، بل إلى المبادئ التكوينية المتحدة بالوجود الكوني والتي تلازمه تلازماً ذاتياً ( أي بما هو كون - وهيالمبادئ التفاعلية والماهيات ).

"مجال النماذج الكوني" الذي تعطيه مصفوفة الكون ( نظامه الأساسي ) يسمح بوجود هذا النوع من فضاء الاحتمالات الجينية بالذات ...


لنأخذ مثالاً من لعبة دولاب الحظ ...


1720190075214.png


دولاب الحظ يمثل مفهوم "المصفوفة" والتي تقترب من مفهوم نظام التكوين.

الأحداث الممكنة ضمن مصفوفة الدولاب تمثل "فضاء الاحتمالات" ، ولكن هذا الفضاء الاحتمالي مبني أساساً على مصفوفة الآلة التي تسمى بدولاب الحظ، أي أنك لن تستطيع تجسيد احتمال لا يسمح به نظام تكوين هذه الآلة.

مثلاً، لن تستطيع بمجرد تحريك العجلات أن تصل إلى نتيجة مكونة من عناصر مختلفة عن التي تضمنها المصفوفة، لن تظهر لك أحرف أبجدية أو ألوان ، ستظهر لك أرقام، لأن المصفوفة تسمح فقط بهذا بالظهور.

وهذه الآلة كما ترى مكونة من 5 عجلات كل منها تعطي 10 احتمالات، أي أن العبارات الاحتمالية ممكنة التحقق زمنياً (ضمن) مصفوفة هذه العجلة هي 10^5 وهذا يعني 100000 عبارة، لا يمكن لهذا الدولاب أن يعطي عبارات تزيد أو تنقص عنها.

كما ان كل عبارة من هذه العبارات لها دلالة معينة، لا تغطيها عبارة أخرى، فالعبارة 11111 تعني شيئاً لا تعنيه بقية العبارات، هناك بطاقة واحدة ترتبط بهذا الرقم.

إذن أين الحظ في الموضوع ؟

على مستوى التكوين (مستوى الكليات) ليس هناك حظ أو عشوائية ، كل الاحتمالات تمثل الهندسة التكوينية لـ(فضاء مصفوفة كبيرة) هي الآلات التي تولد الاحتمالات، بالنسبة للآلة فهذه ليست احتمالات ولكنها "تعبيرات" عن نظامها.

بالنسبة للراصد فهي تبدو "احتمالات" لأنها قد تقع وقد لا تقع ، ولكنها تقع أو لا تقع ضمن نطاق رصده الخاص به.

هذا هو الفرق بين "الوجود-الزمن الكوني" وبين "الوجود-الزمن الفعلي\الواقعي"

الفوضى التي تحدثث في المستوى الواقعي\الفعلي ناتجة عن "انفصال الواقع عن مصفوفته التكوينية".

لأن الوجود الفعلي غير منطبق تماماً على النظام الأساسي، وكلما يقترب منه يصبح منظماً وصحيحاً ومتماسكاً وكلما يبتعد عنه يصبح فوضوياً وخاطئاً ومفككاً.


من الممكن القول عن عنصر في فضاء الاحتمالات إنه مجرد "ضربة حظ كونية" أو ورقة يانصيب رابحة إذا كان المعيار هو فائدة النتيجة التي تؤثر على موضوع جزئي محدد، لكن حينما تتعامل مع حدثية وجود العنصر ضمن الفضاء الكوني ، من حيث ما يعينه وجوده في هذا الفضاء و بالنظر إلى الإحداثيات الممكنة لهذا العنصر وإلى القوانين التي تحكمها ، وإلى علل هذه القوانين وما الذي تشير إليه حقاً فالعنصر والفضاء متحدان، ولا يوجد معنىً للاحتمال في الوجود الكوني.

الاحتمالات تتعلق بزمن الكون الواقعي لأنه يمثل مساراً متتابعاً لأحداث جزئية، أي يمثل نتيجة واحدة من نتائج دوران العجلة الكونية.

سواء كانت هذه النتيجة مفيدة أو ضارة، فإنها تكتسب معناها ومدلولها وقيمتها من حيث الإفادة والضرر من "نظام تكوين مسبق" ...

وهذا النظام هو الذي يسمح بالقول إن الحدث عشوائي أو عبثي ، أو أنه منتظم وحكيم، ولولا وجود نظام تكوين أعلى من الزمن المتحقق واقعياً لما كان للعشوائية والعبثية معنى ضمن هذا الزمن.

فعلى سبيل المثال ، يمكن للجينات أن تسهم في تخليق مئة ألف بروتين ، ولكن لا يمكنها أن تخلق نوعاً واحداً من المعادن أو من المركبات اللاعضوية ، بغض النظر عن التسلسل الذي ستشغره ، وذلك يعود إلى الاختلاف النوعي بين "فضاء الاحتمالات" الخاص بمصفوفة تكوين الجينات، وبين احتمال تكوين المعادن الذي لا تسمح به هذه المصفوفة.

مصفوفة الجينات مصممة كونياً لتحقق أحداثاً معينة.


هناك تلازم بين "هيكل المصفوفة التكويني" وبين "نظام الكون".
 
التعديل الأخير:
  • أحببت
التفاعلات: Dana
بحث الجينات في علم الزمن والمصفوفات

والفرق بينه وبين بحث الجينات في الهندسة الوراثية


هناك مسارين أساسيين للبحث العلمي في الظواهر الطبيعية، يختلفان جوهرياً، بخصوص الجينات (كما بخصوص أي موضوع طبيعي) ويجدر بالباحث إدراك مضمون كل منهما.

المسار الأول هو البحث التجريبي (الإمبريقي) :

دراسة الظاهرة الطبيعية وفق وجودها المرصود ضمن حدود نظام الطبيعة الظاهري وعلاقتها بالأرصاد الظاهرية

في حالة الجينات يكون التساؤل عن : كيف يتحقق وجود الجينات ( في كائن بيولوجي معين ) وفق تسلسل محدد دون غيره ، ما هي عمليات تخليق الشريط الجيني لكائن حي يولد في الكون. ما هو دور الجينات في الجسم ( حسب استقراء العلاقات بين اختلافات الأكواد الجينية وبين اختلافات التكوينات الجسدية ).

المسار الثاني هو البحث الوجودي ( الأنطولوجي - الفينومينولوجي ) :

دراسة الظاهرة الطبيعية من حيث وجودها الكوني وعلاقتها بالكون والوجود المطلق

"كــيف" يؤدي نظام الكون إلى ارتباط الجين بدوره الوظيفي والبنائي في الجسم ارتباطاً واقعياً موضوعياً؟ و"لماذا" ترتبط تسلسلات محددة للقواعد الجينية مع تعبيرات محددة للتكوين الجسدي المادي ؟

هنا يتبدى الفرق بين السؤال : "ما هو دور الجينات" ، وبين السؤال : ما الذي يجعل الجينات تأخذ دورها ؟

السؤال الأول جوابه يتعلق بعلم البيولوجيا ودراسة تاثير الجينات على الجسم.

السؤال الثاني يعتلق بمكان الجينات في هرم نظام الكون.

البحث الأنطولوجي يريد الإجابة على السؤال الثاني، وهذه الإجابة ستكون بسيطة وعامة أو معقدة وخاصة بحسب التعمق في فهم الظاهرة، ومن الناحية النظرية فمن الممكن إيجاد "معنى كوني خاص" للارتباط الملاحظ بين لون محدد للعيون وبين التسلسل الجيني المسؤول عنه، بحيث أن هناك سبباً جوهرياً أدى إلى أن يكون هذا التسلسل بالذات هو المسؤول عن هذه الظاهرة بالذات، سبب لا يتعلق ب"التاريخ البيولوجي للنوع" بل بنظام بناء الكون وهيكله العميق، الذي أحدث كل الحوادث الجزئية.

الفرق الأساسي بين البحث الإدراكي (الفينومينولوجي) والبحث التجريبي (الإمبريقي) هو الجانب الذي يتم التركيز عليه من الظاهرة المدروسة، في البحث التجريبي يتم التركيز على الظاهرة بحسب موقعها ضمن الطبيعة في الزمان والمكان، فالشيء الذي يجعل الباحث يعتقد أن الجينات ستؤثر أصلاً على الخلايا هو أنها موجودة في نفس الجسم، لو كانت الجينات موجودة في كوكب آخر لما اعتقد الباحث باحتمالية التأثير، وهذا يعني أن التركيز على الجانب الظاهري للموضوع هو تركيز على العلاقات النسبية بين الموضوع وبين الموضوعات المجاورة له في الزمان والمكان، وهذا يعني أننا نبدأ من دراسة نقطة جزئية جداً (موضوع محدد) ونكرر الأمر على نقاط مشابهة ثم نعمم النتيجة على كل نقطة زمكانية يمكن أن يكون لها نفس العلاقات.

الموضوع المدروس في البحث التجريبي إذن (يجب) أن يكون نقطة محددة في الزمكان (محلية)، كائن جزئي واحد، له وجود ظاهري للراصد (له وجود فعلي\واقعي محسوس بالحواس الجسدية) ويتم دراسته ضمن حدود علاقاته الظاهرية مع الموضوعات المقتربة منه.

في البحث الأنطولوجي يكون الموضوع هو "الهوية الوجودية" للكائن والتي تشمل كل الكائنات المنتسبة إلى نفس الجنس، ولكي يحدث ذلك فما ندرسه ليس هو التبدي الظاهري للموضوع ، ولكن هو "العلاقة التكوينية بين الموضوع وبين الوجود" أي ما علاقته بالوجود وكيف يتصل بالهندسة الكونية والمبادئ التي أوجدت العالم على النحو الذي هو عليه.

وجود الكائن في البحث الأنطولوجي هو الوجود الكوني ، لا ندرسه من حيث هو كائن محلي مؤقت يذهب ويأتي، بل من حيث ماهيته الباقية على مر الزمن والموجودة في نظام الكون (التي سمح الكون بوجودها حسب قواعد نابعة من حقيقته). الزمن الذي يقيم فيه هذا الكائن هو الزمن الكوني (اللامحلي) وليس الزمن الفعلي الواقعي، لأنه وكما سبق وتحدثنا أن الزمن الفعلي الواقعي (زمن وقوع الأحداث وتحقق الأشياء بالنسبة للراصدين) يوجب أن يكون الكائن مؤقتاً ومحدوداً ، لأن الزمن الفعلي بالنسبة للراصد هو الزمن الذي يستطيع هذا الراصد أن يدركه أصلاً وبما أن الراصد جزئي ومحدود فما سيدركه سيكون أيضاً جزئياً ومحدوداً، فهو لن يدرك (الوجود الكلي للجينات) أو لأي موضوع طبيعي، لأن الكليات غير قابلة للرصد بالنسبة لكائن جزئي محدود، سيرصد مصداقاً واحداً للجينات في كل تجربة رصد، سيعرف حالة واحدة للموضوع ضمن الزمان والمكان، هناك حدود تقيّد الزمن الفعلي الواقعي للراصد البشري ، وتجعل الأحداث التي تقع فيه جزئية ومؤقتة ومحلية ، وهذه القيود على الكائنات والأحداث في الزمن الواقعي يترجمها الإنسان على أنها "وجود مادي ملموس" لأنه يستطيع لمسه بقدرته المحدودة.

الوجود الكلي للجينات ليس له زمن واقعي بالنسبة للراصد، لأن الراصد عاجز عن إدراك زمن واقعي غير مقيد بالجزئية والتحديد الزمكاني (المحلية).. ولذلك يستحيل أن تبحث في ظاهرة طبيعية من حيث وجودها الكلاني الكوني اعتماداً على طرق تجريبية ظاهرية.

أن تدرك ما علاقة الموضوع الوظيفية مع الموضوعات المقترنة به زمكانياً يماثل أن ترى صورة فوتوغرافية لحجرة صغيرة، في حين أن هذه الصورة التقطت من أعلى قمة جبل عملاق، وهو ما لا تراه وأنت تركز على الموضوع وتنسى خلفيته الوجودية.

هنا يمكن القول إن الطرق التجريبية ناجحة في توفير "المقدمات والمعطيات" اللازمة للتعليل العلمي، لكنها فاشلة في إعطاء التعليل نفسه للظاهرة المرصودة، التجارب تجعلك تقترب كثيراً من جزئيات الظاهرة الدقيقة وبياناتها المحددة، لكن هذا يصلح كمقدمة لفهم الجوهر الحقيقي وراء الظاهرة، وهو ما يفعله البحث الأنطولوجي.

ربما في البحث الأنطولوجي ليس هناك موضوع يمكنك أن ترصده حسياً على نحو واضح ونهائي، لأن كل المواضيع القابلة للرصد الحسي الإنساني موضوعات جزئية ومحدودة زمكانياً، ولكنك لا تحتاج بالضرورة إلى رصد الوجود الكلي للظاهرة رصداً حسياً حتى تعرفه، يمكنك تحقيق ذلك بإدراك "الماهية" التي تنتسب إليها الظاهرة وإدراك علاقة هذه الماهية بالوجود. هذا ما يسمى ب"التجريد".

إذا عرفت مم تتكون بنية الجينات ثم أرجعت تلك البنية إلى المصفوفة والمجموعة التي تنتمي إليها ، حينها سيكون سهلاً أن تدرك ، أن مصفوفة الجينات وفقاً لعناصرها المادية، هي مصفوفة فرعية من المصفوفة الأكبر ( نظام الكيمياء ) ولا يمكن للجينات أن تخترق قوانين مصفوفتها الكيميائية الأكبر والحاكمة لها ، لذلك لا تنشئ الجينات معادن وحديداً ، ولا تنشئ حجارة أو مواد غير عضوية ، مهما بلغت احتمالات التسلسل الممكنة لها.

بهذا الطريقة ، ليس هنالك من صدفة بأي شيء في الحياة ، هنالك فقط فهم سيء لقانون السببية ، يربطه بسبب من نفس جنس النتيجة ، ونفس واقعها المحلي الذي تجسدت به ، ونفس مجالها الفضائي الاحتمالي ، ونفس مستوى الإحداثيات الزمني الذي تنتمي إليه ، ولا يرد الأشياء ونطاقات الاحتمال إلى المنطلق الذي تنوجد عبره كمجالات وأحداث زمنية ، وتأخذ منه معناها وماهيتها الجوهرية.

بإسقاط ذلك على الجينات ، فهناك مجال احتمالات محدد كيفياً ونوعياً ليشغره التسلسل الجيني للحمض النووي ، أي تسلسل الكودات والنيوكليوتيدات ، ليس من الممكن للجين أن يخرج عنه ضمن سببية المستوى الإحداثي المحلي للزمن ... أما لا نهائية الاحتمالات لتراتب الجينيوم فتتواجد ضمن مجالٍ نوعي واحد ، وظيفته إنتاج البروتين من الأحماض الأمينية العشرين ، وإنتاج جسد مادي من البنى البروتينية بما يتوافق مع البيئة المحيطة من جهة ، ومع تسلسل الجينات ( الذي يرمز لأمر ما فوق جيني ) من جهة أخرى.

 
أعلى أسفل