هناك عدد محدود للقراءات المسموح بها للزوار

[2] هو عدد القراءات المتبقية

الراجا يوغا - الدرس التاسع [9] || سوامي فيفيكاناندا

Dana

مريد جديد
المشاركات
44
مستوى التفاعل
87


Chapter IX
Introduction
الفصل التاسع

المقدمة




قبل الدخول في أقوال اليوغا الحكيمة، سأحاول مناقشة سؤال عظيم، والذي ترتكز عليه نظرية الدين بأكملها لليوغيين. يبدو أن هناك إجماع في آراء عقول العظماء في العالم، وقد تم إثبات ذلك تقريبًا من خلال الأبحاث في الطبيعة الفيزيائية، أننا النتيجة والتجلي لحالة مطلقة، خلف حالتنا النسبية الحالية، ونحن نتقدم، لنعود مرة أخرى إلى ذلك المطلق. وبعد أن يُسلم بهذا، السؤال هو: أيهما أفضل، المطلق أم هذه الحالة؟ لا يوجد أشخاص يريدون أن يعتقدوا أن هذه الحالة المتجلية (المادية) هي أعلى حالة للإنسان. يرى المفكرون ذو الكفاءات الكبيرة أننا نماذج متجلية من كيان غير متمايز، وهذه الحالة المتمايزة أعلى من المطلق. لأنه في المطلق لا يمكن أن يكون هناك أي صفة يتخيلونها، إلا ويجب أن تكون عديمة الإحساس، ومملة، وبلا حياة، وأن هذه الحياة فقط هي التي يمكن الاستمتاع بها، وبالتالي يجب علينا أن نتمسك بها.
أولاً وقبل كل شيء، نريد الاستفسار عن حلول أخرى للحياة، كان هناك حلاً قديمًا مفاده أن الإنسان بعد الموت يبقى على حاله، وأن كل جوانبه الخيرة، ناقص جوانبه الشريرة، تبقى إلى الأبد. وهذا يعني منطقياً أن هدف الإنسان هو العالم؛ ثم يُحمل هذا العالم إلى مرحلة أعلى، ومع إزالة شروره يصبح الحالة التي يطلقون عليها الجنة. هذه النظرية، في ظاهرها، سخيفة وطفولية، لأنها لا يمكن أن تكون، لا يمكن أن يكون هناك خير دون شر، أو شر دون خير، أن تعيش في عالم يكون فيه كل شيء خير ولا يوجد فيه شر هو ما يسمى عند المنطقيين السنسكريت بـ "حلم في الهواء".
تم عرض نظرية أخرى في العصر الحديث من قبل عدة مدارس، وهي أن مصير الإنسان هو السعي دائمًا نحو التحسن، والنضال دائمًا نحو الهدف، دون أن يصل إليه أبدًا. على الرغم من أن هذا التصريح، على ما يبدو، لطيف جدًا، إلا أنه أيضًا سخيف، لأنه لا يوجد شيء اسمه حركة في خط مستقيم، كل حركة هي في دائرة. إذا استطعت أن تأخذ حجرًا وترميه في الفضاء، ثم تعيش لمدة كافية، سيعود ذلك الحجر تمامًا إلى يدك. والخط المستقيم، إذا تم تمديده إلى ما لا نهاية، يجب أن ينتهي في دائرة. لذلك، فإن هذه الفكرة بأن مصير الإنسان هو التقدم دائمًا إلى الأمام، وعدم التوقف أبدًا، هي سخيفة. بالرغم من أنها خارجة عن الموضوع، أود أن أشير إلى أن هذه الفكرة تشرح النظرية الأخلاقية التي تقول بأنه يجب عليك ألا تكره، وأن تحب، لأنه، تمامًا كما في حالة الكهرباء، أو أي قوة أخرى، النظرية الحديثة تقول بأن الطاقة تغادر المُولد وتعود مرة أخرى إليه لتكمل الدائرة، وهكذا مع جميع القوى في الطبيعة؛ يجب أن تعود إلى المصدر. لذا لا تكره أي شخص، لأن تلك القوة، تلك الكراهية، التي تنبع منك، يجب، في نهاية المطاف، أن تعود إليك. إذا كنت تحب، سيعود إليك ذلك الحب ليكمل الدائرة. إنه مؤكد بقدر ما يمكن، أن كل شظية من الكراهية التي تخرج من قلب الإنسان تعود إليه بكامل القوة؛ لا شيء يمكن أن يوقفها، وكل نبضة حب تعود إليه أيضاً.
من ناحية أخرى ومن منطلق عملي، نرى أن نظرية التقدم الأبدي لا يمكن الدفاع عنها، لأن الدمار هو المصير النهائي لكل شيء في الحياة الدنيوية. كل نضالاتنا وآمالنا ومخاوفنا وأفراحنا، إلى ماذا ستؤدي؟ سننتهي جميعًا بالموت، لا شيء مؤكد كهذا. إذن، أين تكمن هذه الحركة في خط مستقيم؟ هذا التقدم اللانهائي؟ إنه فقط خروجٌ إلى مسافة بعيدة، ثم العودة مرة أخرى إلى المركز الذي بدأ منه. انظر كيف من السديم ( تجمع سحابي من الغاز والغبار في الفضاء الخارجي ) يتم إنتاج الشمس والقمر والنجوم، ثم ينحلون ويعودون إلى السديم. نفس العمل يتم في كل مكان، تأخذ النباتات المواد من الأرض، تنحل وتعيدها مرة أخرى. كل شكل في هذا العالم يخرج من الذرات المحيطة به ويعود إلى هذه الذرات.
لا يمكن أن يكون القانون نفسه يعمل بشكل مختلف في أماكن مختلفة، القانون موحد، لا شيء أكثر يقينًا من ذلك. إذا كان هذا هو قانون الطبيعة، فكذلك هو الحال مع الفكر؛ سيذوب ويعود إلى أصله؛ سواء أردنا ذلك أم لا، سيتوجب علينا العودة إلى الأصل، الذي يُسمى بالله أو المطلق.. جئنا جميعًا من الله، ونحن جميعًا مرتبطون بالعودة إلى الله، سمّوه بأي اسم تفضلون؛ سموه الله، أو المطلق، أو الطبيعة، أو بأي مئات الأسماء التي تفضلون، الحقيقة تبقى كما هي.
"من الذي ينبعث منه هذا الكون بأسره، وفيه يعيش كل ما وُلد، وإليه يعود الجميع." تعمل الطبيعة وفق نفس الخطة؛ ما يتم تحقيقه في مجال واحد يتم تحقيقه في ملايين المجالات. ما تراه مع الكواكب، سيكون كذلك مع هذه الأرض، مع البشر، ومع النجوم. فالموجة الضخمة عبارة عن مركب عظيم من موجات صغيرة، قد تكون بالملايين؛ حياة العالم بأسره هي مركبة من ملايين الحيوات الصغيرة، وموت العالم بأسره هو مركب موت هذه الملايين من الذوات الصغيرة..

والآن يطرح السؤال، هل العودة إلى الله هي الحالة العليا، أم لا؟ يجيب فلاسفة مدرسة اليوغا بشكل قاطع بأنها كذلك. يقولون إن حالة الإنسان الحالية هي تدهور؛لا يوجد دين واحد على وجه الأرض يقول أن الإنسان هو حالة تحسن. الفكرة هي أن بدايته كاملة ونقية، وأنه يتدهور حتى لا يستطيع أن يتدهور أكثر، وأنه لا بد أن يأتي وقت ينطلق فيه للأعلى مرة أخرى لاستكمال الدائرة؛ يجب أن تكون الدائرة هناك، مهما دنا، يجب عليه في النهاية أن يأخذ منحنى صعودي مرة أخرى، ويعود إلى المصدر الأصلي، وهو الله.
يأتي الإنسان من الله في البداية، في الوسط يصبح إنسانًا، وفي النهاية يعود إلى الله، وهذه هي الطريقة لوضعها في الشكل الثنائي. في الصيغة الأحادية تقول أن الإنسان هو الله، ويعود إليه مرة أخرى.
إذا كانت حالتنا الحالية هي الحالة العليا، فلماذا يوجد كل هذا الرعب والبؤس، ولماذا هناك نهاية لها؟ إذا كانت هذه هي الحالة العليا، فلماذا تنتهي؟ ما يفسد ويتدهور لا يمكن أن يكون الحالة العليا. لماذا يجب أن تكون بهذه الشيطانية وغير مُرضية إلى هذا الحد؟ إنه أمر يمكن تبريره فقط، بقدر ما من خلاله نتخذ مسارًا أعلى؛ أي علينا أن نمر عبره لنتجدد مرة أخرى..
ضع بذرة في الأرض، سوف تتحلل، وتذوب بعد حين، ومن ذلك التحلل تخرج الشجرة الباهرة. كل روح ينبغي لها أن تتحلل لتصبح شجرة مهيبة، لذا يترتب على ذلك أنه كلما أسرعنا في الخروج من هذه الحالة التي نسميها "الإنسان" كلما كان ذلك أفضل بالنسبة لنا.
إذن، هل من خلال الانتحار نخرج من هذه الحالة؟ لا،على الإطلاق.. سيجعل الأمر أسوأ بالكامل. تعذيب أنفسنا، أو إدانة العالم، ليس الطريق للخروج. علينا أن نمر عبر مستنقع اليأس، وكلما أسرعنا في العبور كان ذلك أفضل، ولكن يجب دائمًا أن نتذكر أن هذه ليست الحالة الأعلى.
الجزء الذي يصعب فهمه حقًا هو أن هذه الحالة، المطلقة، التي تسمى العليا، ليست كما يخشى البعض، تشبه حالة الزوفايت ( كائنات تُعتبر متوسطة بين النباتات والحيوانات، مثل الإسفنج والمرجان) أو الحجر. سيكون من الخطورة التفكير بهذا الشكل، وفقًا لهؤلاء المفكرين فإن هناك حالتين فقط من الوجود، إحداهما الحجرية والأخرى الفكرية. ما الحق الذي يملكونه لتقييد الوجود إلى هاتين الحالتين؟ أليس هناك شيء متفوق بشكل لانهائي على الفكر؟
عندما تكون اهتزازات الضوء منخفضة جدًا، لا نراها؛ وعندما تصبح أكثر شدة تصبح ضوءًا بالنسبة لنا؛ وعندما تصبح أكثر وأكثر شدة من قبل لا نراها؛ إنها ظلام بالنسبة لنا. هل الظلام في النهاية هو نفسه كما في البداية؟ بالتأكيد لا؛ إنه الفرق بين القطبين.. هل إنعدام الفكر للحجر هو نفسه إنعدام الفكر لله؟ بالتأكيد لا. الله لا يفكر؛ لا يعقل؛ لما ينبغي عليه ذلك؟ هل هناك شيء مجهول إليه، بحيث ينبغي له أن يعقل؟ الحجر لا يمكن أن يفكر؛ الله لا يفكر. هذا هو الفارق.. يعتقد هؤلاء الفلاسفة أن الخروج عن حدود الفكر أمرٌ فظيع ؛ إذ لا يجدون شيئًا وراء الفكر.
هناك حالات أعلى من الوجود تتجاوز التفكير والمنطق. حقًا، يمكن العثور على الحالة الأولى للحياة الدينية خارج نطاق العقل. وعندما تخطو خطوة خارج الفكر والعقل وكل المنطق، فإنك قد اتخذت الخطوة الأولى نحو الله؛ وهذه هي بداية الحياة. هذا الذي يُسمى عادة "بالحياة" ليس إلا حالة جنينية (Embryo State).

السؤال التالي سيكون، ما هو الدليل على أن هذه الحالة التي تتجاوز الفكر والعقل هي الحالة العليا؟
في المقام الأول،
جميع رجال العالم العظماء، الذين هم أعظم بكثير من أولئك الذين يتحدثون فقط، الرجال الذين حركوا العالم، الرجال الذين لم يفكروا أبدًا في أي غايات أنانية مهما كانت، قد أعلنوا أن هذه ليست سوى مرحلة صغيرة في الطريق، أن اللانهائي يتجاوز ذلك.
في المقام الثاني، إنهم لا يقولون ذلك فحسب، بل يعرضونه للجميع، ويتركون أساليبهم، ويمكن للجميع أن يتبعوا خطاهم.
في المقام الثالث، لا يوجد طريق آخر متبقٍ، لا توجد تفسيرات أخرى. إذا اعتبرنا أنه لا توجد حالة عليا، فلماذا نمر بهذه الدائرة طوال الوقت؟ ما السبب الذي يمكن أن يفسر العالم؟ سيكون المعقول هو حدود معرفتنا إذا لم نتمكن من الذهاب إلى أبعد من ذلك، إذا ليس علينا أن نطلب أي شيء أكثر من ذلك. وهذا ما يسمى اللاأدرية اوالأغنوستية - agnosticism - ( الاعتقاد بأن وجود الله أو الإله مجهول، وغير قابل للمعرفة، أو أن الأدلة المؤيدة أو المضادة لوجود الله غير كافية لتبرير الإيمان) . ولكن ما هو السبب الموجود للإيمان بشهادة الحواس؟ سأسمي ذلك الرجل أغنوستيا حقيقيًا الذي سيقف ساكنا في الشارع ويموت.
إذا كانت العقلانية تشمل كل شيء فإنها لا تترك لنا موقعًا للوقوف على هذا الجانب من العدمية، إذا كان الإنسان يشك في كل شيء إلا المال والشهرة والاسم، فإنه بذلك مجرد محتال..

لقد أثبت كانط بما لا يدع مجالاً للشك أننا لا نستطيع اختراق ما بعد الجدار الميت الهائل المسمى بالعقل ( أي أثبت كانط وجود قيود أو حدود لقدرة العقل على الوصول إلى أنواع معينة من المعرفة ) ولكن هذه هي الفكرة الأولى التي يتخذها كل الفكر الهندي، ويجرؤ على البحث عنها، وينجح في العثور على شيء أعلى من العقل، حيث يمكن العثور على تفسير لحالة الحضور وحدها، هذه هي قيمة دراسة شيء سيأخذنا إلى ما وراء العالم.

"أنت أبانا، وسوف تأخذنا إلى الشاطئ الآخر لهذا المحيط من الجهل" ؛ هذا هو علم الدين؛ فلا شيء آخر يمكن أن يكون..
 
التعديل الأخير:

Chapter I
Perfect Concentration

الدرس الأول - الفصل التاسع
التركيز المثالي



1. يتم الآن شرح التركيز.

2. اليوغا هي ضبط مادة العقل - الشيتا - (Chitta) عن اتخاذ أشكال مختلفة - فريتيس - (Vṛittis) .

هناك حاجة كبيرة للكثير من التوضيحات هنا. يجب أن نفهم ما هو "الشيتا"، وما هي هذه "الفريتيس".
لدي هذه العين، العيون لا ترى، إذا أزلت مركز الدماغ الموجود في الرأس، ستظل العيون موجودة، والشبكية مكتملة، والصورة أيضًا، ومع ذلك لن ترى العيون. لذا، العيون ليست سوى أداة ثانوية، وليست العضو الرئيسي للرؤية. العضو الرئيسي للرؤية هو في مركز الأعصاب في الدماغ، العيون وحدها لن تكون كافية. أحيانًا يكون الشخص نائمًا وعيناه مفتوحتان، الضوء موجود والصورة موجودة، ولكن هنالك شيئًا ثالثًا ضروريًا؛ وهو وجوب إتصال العقل بالعضو.
العين هي الأداة الخارجية، نحتاج أيضًا إلى مركز الدماغ ووكالة العقل. قد تتحرك العربات في الشارع ولا تسمعها، لماذا؟ لأن عقلك لم يرتبط بعضو السمع.
أولاً، هناك الأداة (العين)، ثم ثانيًا هناك العضو(المركز العصبي في الدماغ )، وثالثًا، ارتباط العقل بهذين الاثنين.
يأخذ العقل الانطباع إلى أبعد من ذلك، ويقدمه إلى الكلية الحاسمة أو وظيفة التحديد – بوذي (Buddhi)– التي تتفاعل، ومع هذا التفاعل تومض فكرة الأنا، ثم يُقدم هذا الخليط من الفعل والرد فعل إلى البوروشا (Puruṣa)، الروح الحقيقية، التي تدرك كائنًا في هذا الخليط..

>> بوذي هنا تعني الجانب العقلي المسؤول عن التمييز واتخاذ القرارات، أو الجزء من العقل الذي يميز بين الحقائق والأوهام، ويتخذ القرارات على أساس المعرفة والإدراك.

الأعضاء (الأندريا)، جنبًا إلى جنب مع العقل (الماناس)، والكلية الحاسمة (البودي)، والأنا (الأهمكارا)، يشكلون المجموعة المسماة بالأنتاهكارانا (الأداة الداخلية). إنها مجرد عمليات مختلفة في مادة العقل، المسماة بالشيتا. أمواج الفكر في الشيتا تسمى فريتي ("الدوامة" هو الترجمة الحرفية). أما الفكر، فهو القوة، كما هو الجاذبية أو التنافر. يتم امتصاصه من مخزن القوة اللانهائي في الطبيعة؛ تأخذ الأداة المسماة بالشيتا هذه القوة، وعندما تمر عبر الطرف الآخر يُسمى الفكر. تُوفر هذه القوة لنا من خلال الطعام، ومن ذلك الطعام يحصل الجسم على قوة الحركة، وما إلى ذلك..
والقوى الأخرى، الأكثر دقة، تُطلق في ما نسميه الفكر، فمن الطبيعي أن نرى أن العقل ليس ذكيًا؛ ومع ذلك يبدو أنه ذكي. لماذا؟ لأن الروح الذكية هي القائمة به. أنت الكائن الواعي الوحيد. العقل ليس إلا الأداة التي من خلالها تلتقط العالم الخارجي. مثلا خذ هذا الكتاب؛ ككتاب لا وجود له في الخارج، ما هو موجود في الخارج غير معروف ولا يُمكن معرفته. إنه الاقتراح الذي يعطي ضربة للعقل، والعقل يعطي رد الفعل. إذا رمي حجر في الماء، الماء تُرمى ضده على شكل أمواج.. الكون الحقيقي هو المناسبة لرد فعل العقل. شكل الكتاب، أو شكل الفيل، أو شكل الإنسان، ليس خارجيًا؛ كل ما نعرفه هو رد فعلنا العقلي من الاقتراح الخارجي. قال جون ستيوارت ميل: "المادة هي الإمكانية الدائمة للإحساس"، إنما فقط الاقتراح هو الخارجي.
خذ مثالًا على المحار، تعرف كيف يتم صنع اللؤلؤ؟ يدخل حبة رمل أو شيء ما داخلها ويبدأ في تهييجها، والمحار يلقي نوعًا من المينا (طلاء زجاجي لامع يُطلى على السطوح لحمايتها وتجميلها ) حول الرمل، وهذا يصنع اللؤلؤ. هذا الكون بأكمله هو طبقة المينا أو الطلاء الخاصة بنا، إذا جاز التعبير، والكون الحقيقي هو حبة الرمل.
لن يفهم الإنسان العادي ذلك أبدًا، لأنه، عندما يحاول ذلك، يلقي بالطلاء، ويُرى فقط طلاءه الخاص..
الآن نفهم ما يقصد بهذه الفريتيس (Vṛittis)، الإنسان الحقيقي هو وراء العقل، والعقل هو الأداة التي بين يديه، وذكاؤه هو الذي يتسرب من خلاله. إنه فقط عندما تقف وراءه يصبح ذكيًا. عندما يتخلى الإنسان عنه يتفكك إلى أجزاء، ويكن لا شيء.. هكذا فهمت ما هو المقصود من شيتا، إنها مادة العقل، والفريتيس هي الأمواج والتموجات الصاعدة فيه عندما تصطدم به أسباب خارجية. هذه الفريتيس هي كوننا بأكمله.
أسفل البحيرة لا نستطيع رؤيته، لأن سطحها مغطى بتموجات. الرؤية تصبح ممكنة فقط عندما تهدأ التموجات، وتصبح المياه هادئة، لنلمس لمحة من قاعها. إذا كانت المياه موحلة، فلن يتم رؤية القاع؛ إذا كانت المياه مضطربة طوال الوقت، فلن يتم رؤية القاع. إذا كانت المياه صافية، ولم تكن هناك أمواج، سنرى القاع. هذا القاع للبحيرة هو ذاتنا الحقيقية؛ البحيرة هي الشيتا، والأمواج هي الفريتيس. مرة أخرى، هذا العقل يكن في ثلاث حالات؛ إحداها هي الظلام، والتي تسمى تاماس، تمامًا كما في المتوحشون والأغبياء؛ يعمل فقط لإيذاء الآخرين. لا تأتي فكرة أخرى إلى تلك الحالة العقلية. ثم هناك الحالة النشطة للعقل، راجاس، التي تتمثل دوافعها الرئيسية في السلطة والتمتع. "سأكون قويًا وأحكم الآخرين." ثم، في النهاية، عندما تتوقف الأمواج، وتصبح مياه البحيرة صافية، هناك الحالة المسماة ساتفا، السكينة، الهدوء. إنها ليست غير نشطة، بل هي نشطة بشكل مكثف، إنه أعظم تجلي للقوة أن تكون هادئًا، فمن السهل أن تكون نشطًا.
اترك الزمام، وستجرك الخيول إلى الأسفل. يمكن لأي شخص أن يفعل ذلك، ولكن الشخص الذي يمكنه إيقاف الخيول الجامحة هو الرجل القوي. أيهما يتطلب قوة أكبر، التخلي أم الضبط؟ الرجل الهادئ ليس هو الرجل البليد، يجب ألا تخطئ ساتفا بالبلادة أو الكسل. الرجل الهادئ هو الذي يمتلك ضبطًا على هذه التموجات. النشاط هو تجلي للقوة الدنيا، الهدوء هو تجلي للقوة العليا.
إن هذا الشيتا دائمًا يحاول العودة إلى حالته الطبيعية النقية، ولكن الأعضاء تجذبه للخارج. لتقييده، والتحقق من هذا الميل الخارجي، والبدء به في رحلة العودة إلى جوهر الذكاء هو الخطوة الأولى في اليوغا، لأنه فقط بهذه الطريقة يمكن للشيتا أن يدخل في مساره الصحيح. على الرغم من أن هذا الشيتا موجود في كل حيوان، من الأدنى إلى الأعلى، إلا أننا نجد الذكاء فقط في الشكل البشري، وحتى تتمكن المادة العقلية من اتخاذ شكل الذكاء، لا يمكنه العودة عبر كل هذه الخطوات وتحرير الروح. الخلاص الفوري مستحيل للبقرة والكلب، على الرغم من أن لديهم عقل، لأن شيتاهم لا تستطيع بعد أن تأخذ ذلك الشكل الذي نسميه الذكاء.

تتجلى الشيتا في كل هذه الأشكال المختلفة - التشتيت، والتظليل، والاضعاف، والتركيز. هذه هي الأربع حالات التي تتجلى فيها مادة العقل. أولاً، الشكل المتناثر ، هو النشاط. ويميل إلى التجسد في شكل المتعة أو الألم. ثم الشكل الباهت هو الظلام، الذي لا يميل سوى إلى إيذاء الآخرين. يقول المعلق إن الصورة الأولى طبيعية عند الديفا - Devas - (كائنات سماوية أو كيانات إلهية، يتم ربطهم بالمستويات العليا من الوعي)، أو الملائكة، والشكل الثاني هو الشكل الشيطاني. أما فيكشيبتا (Vikshipta) فيشير إلى الحالة التي يكافح فيها العقل ليتمركز ذاتيًا، وآخراً الإيكاجرا (Ekagra)، وهو يشير إلى الحالة المركزة للشيتا، هو ما يقودنا إلى السامادي (Samâdhi).

3. في ذلك الوقت (وقت التركيز؛ يستريح الناظر أو العارف (البوروشا) في حالته الخاصة (غير المعدلة).
وبمجرد أن توقفت الأمواج وهدأت البحيرة، نرى الأرض أسفل البحيرة.. وهكذا مع العقل؛ عندما يكون هادئًا، نرى ما هي طبيعتنا الخاصة؛ نحن لا نختلط بأنفسنا بل نبقى أنفسنا.
4. في أوقات أخرى (بخلاف وقت التركيز)، يتم تعريف العارف مع التعديلات والتغيرات.
على سبيل المثال ، أنا في حالة حزن ؛ شخص ما يلومني ؛ هذا تعديل ، Vṛitti ، أعرّف نفسي به ، والنتيجة هي البؤس.
5.هناك خمس فئات من التعديلات، مؤلمة وغير مؤلمة.
6. (هذه هي) المعرفة الصحيحة ، وعدم التمييز ، والوهم اللفظي ، والنوم ، والذاكرة.


7. الإدراك المباشر، و الإستنباط ، والدليل الموثوق ، هي البراهين.
عندما لا تتعارض اثنتان من ادراكاتنا مع بعضهما البعض فإننا نسمي ذلك برهان. أسمع شيئًا، وإذا تعارض مع شيء قد أدركته من قبل ، فإنني أبدأ في محاربته، ولا أصدقه.
هناك أيضًا ثلاثة أنواع من الأدلة:

- أولاً، الإدراك المباشر ، براتياكشام (Pratyaksham) ، كل ما نراه ونشعر به ، هو برهان ، إذا لم يكن هناك شيء يضل الحواس، أرى العالم ؛ هذا دليل كافٍ على وجوده.
- ثانيًا، أنومان (Anumâna) ، الاستدلال اوالإستنباط ؛ ترى علامة، ومن العلامة تصل إلى الشيء المشار إليه.
- ثالثًا، أبتافاكهيم (Âptavâkhyam) ، الإدراك المباشر لليوغي ، لأولئك الذين رأوا الحقيقة..

نحن جميعًا نناضل نحو المعرفة ، ولكن علينا أنا وأنت أن نناضل بشدة، ، ونصل إلى المعرفة من خلال عملية تفكير طويلة وشاقة، ولكن اليوجي ، النقي ، قد تجاوز كل ذلك. أمام عقله ، الماضي والحاضر والمستقبل، مثل كتاب واحد ليقرأه ؛ لا يحتاج إلى الخضوع لهذه العملية المملة، وكلماته هي البراهين، لأنه يرى المعرفة في نفسه ؛ فهو العليم.. هؤلاء ، على سبيل المثال، هم مؤلفو الكتب المقدسة ؛ ولذلك الكتب المقدسة هي البرهان، وإذا كان يوجد أي من هؤلاء الأشخاص يعيشون الآن، ، فسوف تكون كلماتهم برهاناً.. يدخل الفلاسفة الآخرون في مناقشات طويلة حول هذا الأبتا Âpta ، ويقولون ، ما هو البرهان على أن هذا هو الحق؟.. البرهان هو لأنهم يرونه ؛ لأن كل ما أراه برهان ، وكل ما تراه برهان ، إذا لم يتعارض مع أي معرفة سابقة.
هناك معرفة تتجاوز الحواس، وكلما لم تتناقض مع العقل والتجربة البشرية السابقة، فكانت تلك المعرفة برهاناً. قد يدخل أي مجنون إلى هذه الغرفة ويقول إنه يرى ملائكة من حوله؛ وهذا لن يكون برهانًا. في المقام الأول يجب أن تكون معرفة حقيقية، وثانياً يجب ألا تتعارض مع المعرفة السابقة، وثالثاً يجب أن تعتمد على شخصية الشخص.
سمعت أن شخصية الشخص ليست ذات أهمية كبيرة بقدر ما يمكن أن يقوله؛ يجب أن نستمع أولاً إلى ما يقوله. قد يكون هذا صحيحًا في أمور أخرى؛ قد يكون الرجل شريرًا ومع ذلك يحقق اكتشافًا فلكيًا، ولكن في الدين الأمر مختلف، لأن الشخص الغير نقي لن يمتلك أبدًا القدرة على الوصول إلى حقائق الدين. لذا يجب أولاً أن نتحقق من أن الشخص الذي يعلن نفسه كـ"آبتا" هو شخص غير أناني ومقدس بشكل كامل؛ ثانيًا أنه قد تجاوز الحواس، وثالثًا أن ما يقوله لا يتعارض مع المعرفة السابقة للبشرية. أي اكتشاف جديد للحقيقة لا يتعارض مع الحقيقة السابقة، بل يتوافق معها. ورابعًا، يجب أن تكون هناك إمكانية للتحقق من تلك الحقيقة. إذا قال رجل "لقد رأيت رؤية"، وأخبرني أنه ليس لدي الحق في رؤيتها، فلن أصدقه. يجب أن يكون لدى الجميع القدرة على رؤيتها بأنفسهم. لا أحد يبيع معرفته هو "أبتا".
يجب أن تتحقق كل هذه الشروط؛
- أولاً، أن ترى أن الرجل نقي، وأنه ليس لديه دافع أناني؛ أنه لا يملك عطشًا للربح أو الشهرة.

- ثانيًا، يجب عليه أن يُظهر أنه فائق الوعي.
- ثالثًا، يجب عليه أن يقدم لنا شيئًا لا نستطيع الحصول عليه من خلال حواسنا، والذي يكون لصالح العالم، وعلينا أن نرى أنه لا يتعارض مع الحقائق الأخرى، إذا تعارض مع حقائق علمية أخرى، نرفضه فورًا.
- رابعًا، يجب أن لا يكون الشخص فرديًا أبدًا؛ يجب أن يمثل فقط ما يمكن لجميع الناس تحقيقه.
إذن، أنواع البراهين الثلاثة هي: الإدراك الحسي المباشر، الاستنباط، وكلمات الـ"أبتا". لا أستطيع ترجمة هذه الكلمة إلى الإنجليزية. ليست الكلمة "ملهم" لأن ذلك يأتي من الخارج، بينما هذا يأتي من داخله. المعنى الحرفي هو "محقق".
8. عدم التمييز هو معرفة زائفة غير قائمة على الطبيعة الحقيقية.
الفئة التالية من "الفريتي" (Vṛittis) التي تنشأ هي خلط شيء بآخر، كما يُؤخذ قطعة من صدف اللؤلؤ على أنها قطعة من الفضة.
9. الوهم اللفظي يتبع من الكلمات التي ليس لها واقع (مطابق).
هناك فئة أخرى من "فريتي" تُسمى "فيكالپا" (Vikalpa). تُنطق كلمة، ولا ننتظر لنفكر في معناها؛ نقفز إلى استنتاج فوري، هذا هو علامة ضعف الشيتا. الآن يمكنك أن تفهم نظرية ضبط النفس، كلما كان الإنسان أضعف، قلّت لديه القدرة على ضبط النفس. فكروا في أنفسكم دائمًا بهذه الطريقة؛ عندما تشعرون بالغضب أو البوس، حاولوا التفكير بعقلانية، كيف أن بعض الأخبار التي وصلت إليكم تقوم بإلقاء عقولكم في الفريتي (تعديلات أو تقلبات).
10. النوم هو فريتي الذي يحتضن الشعور بالفراغ.
الفئة التالية من الفريتي تُسمى النوم والحلم. عندما نستيقظ نعلم أننا كنا نائمين؛ يمكننا فقط أن نحتفظ بذاكرة الإدراك، ما لا ندركه لا يمكن أن يكون لدينا أي ذاكرة عنه. كل رد فعل هو موجة في البحيرة.
الآن، إذا لم يكن لدى العقل أثناء النوم أي موجات، فلن يكون لديه أي إدراكات، إيجابية أو سلبية، وبالتالي، لن نتذكرها.. السبب الجذري وراء تذكرنا النوم هو أنه خلاله كان هناك فئة معينة من الموجات في العقل.. والذاكرة هي فئة أخرى من الفريتي، وتسمى سمريتي (Smriti).

11. الذاكرة هي عندما لا تنزلق ( فريتيس) الأشياء المدركة بعيدا (ومن خلال الانطباعات تعود إلى الوعي).
يمكن أن تكون الذاكرة ناتجة عن الثلاث السابقة. على سبيل المثال، تسمع كلمة، تكون تلك الكلمة مثل حجر يُلقى في بحيرة الشيتا؛ تسبب موجة صغيرة، وتثير هذه الموجة صغيرة سلسلة من التموجات؛ هذه هي الذاكرة. لذلك في النوم، عندما يلقي النوع الغير مألوف من التموجات المسمى بالنوم الشيتا في تموجات الذاكرة يُسمى الحلم، الحلم هو شكل آخر من التموجات التي في حالة اليقظة يُسمى الذاكرة.

يتبع..
 
استكمال في أقوال اليوغا الحكيمة:

12. ضبط العقل يكون من خلال الممارسة وعدم التعلق.
لكي يتمتع العقل بعدم التعلق، يجب أن يكون واضحًا، جيدًا، وعقلانيًا. لماذا ينبغي أن نمارس؟ لأن كل فعل يشبه النبضات التي ترتعش على سطح البحيرة. تهدأ الاهتزازات، وماذا يتبقى؟ السمسكارا، الانطباعات. وعندما يتبقى عدد كبير من هذه الانطباعات في العقل، تتجمع وتصبح عادة. يُقال "العادة هي الطبيعة الثانية"؛ إنها أيضًا الطبيعة الأولى، والطبيعة الكاملة للإنسان؛ كل ما نحن عليه هو نتيجة للعادة. هذا يعطينا العزاء، لأنه إذا كانت مجرد عادة، يمكننا تكوينها وفكها في أي وقت. تترك هذه السمسكارا من خلال مرور هذه الاهتزازات خارج عقولنا، حيث تترك كل واحدة منها نتيجتها، وشخصيتنا هي المجموع الكلي لهذه العلامات، ووفقًا لتفوق موجة معينة، يتخذ الشخص ذلك الطابع. إذا ساد الخير، يصبح الشخص جيدًا، وإذا ساد الشر، يصبح شريرًا، وإذا ساد الفرح، يصبح سعيدًا. العلاج الوحيد للعادات السيئة هو العادات المضادة؛ يجب السيطرة على كل العادات السيئة التي تركت انطباعاتها بواسطة العادات الجيدة. استمر في فعل الخير، والتفكير في الأفكار المقدسة باستمرار؛ هذا هو الطريق الوحيد لقمع الانطباعات الأساسية، ولا تقل أبدًا أن أي إنسان ميؤوس منه، لأنه يمثل فقط شخصية.. حزمة من العادات.. والتي يمكن التحقق منها من خلال عادات جديدة وأفضل، الشخصية هي العادات المتكررة، والعادات المتكررة وحدها يمكنها إصلاح الشخصية.

13. النضال المستمر لإبقاء (الفريتيس) مضبوطة تمامًا هو الممارسة.
فما هي هذه الممارسة؟ إنها المحاولة لضبط العقل في شكل التشيتا، لمنع خروجه في موجات.

14. يصبح أساسها ثابتًا بالجهود الطويلة المستمرة مع الحب الكبير (للنهاية المراد تحقيقها).
ضبط النفس لا يأتي في يوم واحد، ولكن عن طريق الممارسة الطويلة المستمرة.

15. ذلك التأثير الذي يأتي لأولئك الذين تخلوا عن عطشهم للأشياء المرئية أو المسموعة، والذين رغبتهم في السيطرة على الأشياء هي عدم التعلق.
هناك دافعان لأفعالنا (1) ما نراه بأنفسنا؛ (2) تجربة الآخرين. تقوم هاتان القوتان برمي العقل، البحيرة، في موجات مختلفة. الزهد هو القدرة على القتال ضد هذه الأمور، وعقد العقل في الاختيار، التخلي عن هذين الدافعين هو ما نريده.
أمشي في شارع، يأتي رجل ويأخذ ساعتي. هذه هي تجربتي الخاصة، أراها بنفسي، ويرمي الشيتا خاصتي في موجة، التي تأخذ شكل الغضب.. لا تسمح لذلك بالحدوث.
إذا لم تتمكن من منع ذلك، فأنت لا شيء؛ إذا استطعت، فلديك فيراغيام "Vairâgyam". وبالمثل، إن تجربة ذوي التفكير الدنيوي تعلمنا أن المتعة الحسية هي المثالية العليا، هذه هي الإغراءات الهائلة، والتي بإنكارها، وعدم السماح للعقل بالدخول في شكل موجة فيما يتعلق بها، هو الزهد أو التخلي؛ للسيطرة على القوى الدافعة المزدوجة الناشئة عن تجربتي الخاصة، ومن تجربة الآخرين، وبالتالي منع التشيتا من أن تحكمها هذه القوى؛ هو الفيراغيام. يجب أن يتم التحكم في هذه الأمور بواسطتي، وليس أنا بواسطة هذه الأمور. هذا النوع من القوة العقلية يسمى التخلي.. الفيراغيام هو الطريق الوحيد للحرية.


16.إن عدم التعلق الشديد ذلك، والتخلي حتى عن الصفات، يُظهر (الطبيعة الحقيقية) للبروشا.
إنه أعظم تجلي للقوة عندما يزيل حتى انجذابنا نحو الصفات، يجب أن نفهم أولاً ما هو البروشا، الذات، وما هي الصفات..
وفقًا لفلسفة اليوغا، تتكون الطبيعة بأكملها من ثلاث صفات؛ إحداها تسمى التاماس، والأخرى الراجاز، والثالثة الساتفا. هذه الصفات الثلاث تتجلى في العالم المادي كالجذب، والنفور، والسيطرة. كل شيء في الطبيعة، كل هذه التجليات، هي تركيبات وإعادة تركيبات لهذه القوى الثلاث.. وتم تقسيم هذه الطبيعة إلى فئات مختلفة من قبل السانخيين؛ إن ذات الإنسان تتجاوز كل هذه الأمور، تتجاوز الطبيعة، مشرقة بطبيعتها، إنها نقية وكاملة.
ومهما كان الذكاء الذي نراه في الطبيعة فهو مجرد انعكاس من هذه الذات على الطبيعة، الطبيعة نفسها غير حية، ويجب أن تتذكر أن كلمة الطبيعة تشمل أيضًا العقل؛ العقل في الطبيعة؛ الفكر في الطبيعة. ومن الفكر، وصولاً إلى أكثر الأشكال المادية خشونة، كل شيء موجود في الطبيعة هو تجلي للطبيعة.. لقد غطت هذه الطبيعة نفس الإنسان، وعندما تزيل الطبيعة الغطاء تظهر الذات في مجدها الخاص.. إن عدم التعلق هذا، كما هو موصوف في القول المأثور رقم 15 (باعتباره سيطرة على الطبيعة) هو أعظم مساعدة نحو تجلي الذات ، القول المأثور أو الأفوريسم التالي يعرّف السامادهي، التركيز الكامل، والذي هو هدف اليوغي.


17. التركيز الذي يسمى المعرفة الصحيحة هو الذي يتبعه التفكير، التمييز، النعيم، والأنا غير المحددة.
يتم تقسيم هذا السامادهي إلى نوعين. الأول يسمى السامبراجناتا (Samprajnâta)، والآخر الأسامبراجناتا (Asamprajnâta) والسامبراجناتا له أربعة أنواع.
في هذا السامادهي تأتي كل قوى التحكم في الطبيعة، النوع الأول يسمى السافيتاركا (Savitarka) ، وهو عندما يتأمل العقل في شيء مرارًا وتكرارًا، عن طريق عزله عن الأشياء الأخرى.
هناك نوعان من الأشياء للتأمل، الفئات الطبيعية، والبروشا. ومرة أخرى، الفئات هي من نوعين؛ الفئات الأربع والعشرون غير حية، والواحد الحي هو البروشا. عندما يفكر العقل في عناصر الطبيعة من خلال التفكير في بدايتها ونهايتها، هذا هو نوع من السافيتاركا، الكلمات تحتاج إلى تفسير، هذا الجزء من اليوغا يعتمد بالكامل على فلسفة السانخية، التي أخبرتك عنها بالفعل. وكما ستتذكر، الغرور والإرادة والعقل لها أساس مشترك، وهذا الأساس المشترك يسمى التشيتا، مادة العقل، التي تُصنع منها جميعًا. تأخذ هذه المادة العقلية قوى الطبيعة، وتُسقطها كأفكار.. لذا يجب أن يكون هناك شيء آخر، مرة أخرى، حيث تكون القوة والمادة واحدة. يُسمى هذا "أفياكتام" (Avyakta) ، الحالة غير الظاهرة او المتجلية للطبيعة، قبل الخلق، والتي بعد نهاية دورة، تعود إليها كل الطبيعة، لتخرج مرة أخرى بعد فترة أخرى.. إن ما وراء ذلك هو البروشا، جوهر الذكاء. ليس هناك حرية في الحصول على القوى، إنه بحث دنيوي عن المتع، ولا يوجد متعة في هذه الحياة؛ كل بحث عن المتعة عبث؛ هذا هو الدرس القديم جداً الذي يجد الإنسان صعوبة كبيرة في تعلمه.. والذي عندما يتعلمه، يخرج من الكون ويصبح حرًا. امتلاك ما يسمى بالقوى الخفية هو فقط تعزيز للعالم، وفي النهاية، تعزيز المعاناة.. وعلى الرغم من أن باتانجالي كعالم ملزم بالإشارة إلى إمكانيات هذا العلم، إلا أنه لا يفوت أي فرصة لتحذيرنا من هذه القوى. فالمعرفة هي القوة، وبمجرد أن نبدأ في معرفة شيء ما، نكتسب السيطرة عليه؛ وهكذا أيضًا، عندما يبدأ العقل بالتأمل في العناصر المختلفة فإنه يكتسب السلطة عليها.
- إن ذلك النوع من التأمل حيث تكون العناصر الخارجية المادية هي موضوعات التأمل يسمى "سافيتاركا". "تاركا" تعني سؤال، "سافيتاركا" مع- سؤال. يسأل العناصر، كما لو كانت قد تتخلى عن حقائقها وقواها للشخص الذي يتأمل فيها.
- مرة أخرى، في نفس التأمل، عندما يكافح الشخص لإخراج العناصر من الزمان والمكان، ويفكر فيها كما هي، يسمى ذلك "نيرفيتاركا" (Nirvitarka)، أي بدون- سؤال.
- عندما يرتقي التأمل خطوة أعلى، ويأخذ "التانماتر" (Tanmâtras) - (تنماترا : العناصر الأولية التي تشكل العالم المادي والظواهر الطبيعية ) كموضوع له، ويفكر فيها ضمن الزمان والمكان، يسمى ذلك "سافيتشارا" (Savichâra)، مع- تمييز.
- وعندما يتجاوز نفس التأمل الزمان والمكان، ويفكر في العناصر الدقيقة كما هي، يسمى "نيرفيتشارا" (Nirvichâra)، بدون- تمييز.
- والخطوة التالية هي عندما يتم التخلي عن العناصر، سواء كانت إجمالية أو دقيقة، ويصبح موضوع التأمل هو العضو الداخلي، العضو المفكر، عندما يُفكر في العضو المفكر كمجرد من صفات النشاط والخمول، يسمى ذلك "ساناندام"، السامادهي البهيج.
- وفي ذلك السامادهي، عندما نفكر في العقل كموضوع التأمل، وقبل أن نصل إلى الحالة التي تأخذنا إلى ما وراء العقل حتى، عندما يصبح ناضجًا جدًا ومركزًا، عندما تُتخلى عن جميع الأفكار المتعلقة بالمواد الجسيمة أو المواد الدقيقة، ويكون الموضوع الوحيد هو العقل كما هو، عندما تبقى حالة الساتفا فقط من الأنا، ولكن متميزة عن جميع الموضوعات الأخرى، يسمى ذلك "أسميتا سامادهي" Asmitâ) Samâdhi)، والشخص الذي وصل إلى هذه الحالة قد وصل إلى ما يسمى في الفيدا "مجرد من الجسد" يمكنه أن يفكر في نفسه بدون جسده المادي؛ لكنه سيتعين عليه أن يفكر في نفسه بجسد دقيق. أولئك الذين يندمجون في الطبيعة في هذه الحالة دون الوصول إلى الهدف يُسمون "براكريتيلاياس" (Prakṛitilayas)، ولكن أولئك الذين لا يتوقفون عند أي متع، فهم يصلون إلى الهدف، وهو الحرية..


18. هناك سامادهي آخر يُحقق بواسطة الممارسة المستمرة لوقف جميع النشاطات العقلية، حيث تحتفظ التشيتا فقط بالانطباعات غير الظاهرة.
هذا هو السامادهي الفائق الوعي أسامبراجناتا (Asamprajnâta)، الحالة التي تمنحنا الحرية. الحالة الأولى لا تمنحنا الحرية، لأنها لا تحرر الروح.. يمكن للإنسان أن يبلغ جميع القوى، ومع ذلك قد يسقط مرة أخرى، لا يوجد ضمان حتى تتجاوز الروح الطبيعة وما وراء التركيز الواعي. والتي من الصعب جدًا تحقيقها، على الرغم من أن طريقتها تبدو سهلة جدًا.. طريقتها هي الاحتفاظ بالعقل كموضوع، وعندما تأتي فكرة، القضاء عليها، وعدم السماح لأي فكرة بالدخول إلى العقل، مما يجعله فراغًا تامًا. عندما نستطيع فعل ذلك حقًا، في تلك اللحظة سنحقق التحرير.. عندما يحاول الأشخاص بدون تدريب وإعداد جعل عقولهم فارغة، فمن المحتمل أن ينجحوا فقط في تغطية أنفسهم بالتماس، مادة الجهل، التي تجعل العقل بليدًا وغبيًا، وتؤدي بهم إلى الاعتقاد بأنهم يصنعون فراغًا في العقل. القدرة على فعل ذلك حقًا هي تجلي لأعظم قوة، لأعلى سيطرة.. عندما يتم الوصول إلى هذه الحالة، الوعي الفائق "أسامبراجناتا"، يصبح السامادهي بلا بذور.. فما معنى ذلك؟ في ذلك النوع من التركيز عندما يكون هناك وعي، حيث يكون العقل قد نجح فقط في قمع الأمواج في التشيتا وإبقائها منخفضة، فإنها لا تزال هناك على شكل ميول، وهذه الميول (أو البذور) ستصبح أمواجًا مرة أخرى عندما يحين الوقت، ولكن عندما تدمر كل هذه الميول، وحتى تكاد أن تدمر العقل، فإنه يصبح بلا بذور، وبذلك لا توجد بذور في العقل التي يمكن منها أن يصنع نبات الحياة هذه مرارًا وتكرارًا، هذه الدائرة التي لا تنتهي من الولادة والموت.. قد تسأل، ما هي الحالة التي سنكون فيها بدون معرفة؟ ما نسميه معرفة هو حالة أدنى من الحالة التي تتجاوز المعرفة.. يجب أن تتذكر دائمًا أن التطرفات تبدو متشابهة جدًا، الاهتزاز المنخفض للضوء هو الظلام، والاهتزاز العالي جدًا للضوء هو الظلام أيضًا، ولكن أحدهما هو الظلام الحقيقي، والآخر هو الضوء الشديد الحقيقي؛ لكن مظهرهما هو نفسه. لذلك، الجهل هو الحالة الأدنى، المعرفة هي الحالة الوسطى، وما وراء المعرفة هو الحالة العليا.. المعرفة نفسها هي شيء مصنّع، مزيج؛ إنها ليست الحقيقة.
ماذا ستكون نتيجة الممارسة المستمرة لهذا التركيز الأعلى؟ سيتم تدمير كل الميول القديمة للقلق والخمول، وكذلك الميول للخير أيضًا، إنها نفس الشيء كما هو الحال مع المعادن التي تُستخدم مع الذهب لإزالة الأوساخ والسبائك. عندما يُصهر الخام، تحترق الأوساخ مع السبائك، لذا فإن هذه القوة المستمرة في السيطرة ستوقف الميول السيئة السابقة، وفي نهاية المطاف، الميول الجيدة أيضا.. ستقوم هذه الميول الجيدة والشريرة بقمع بعضها البعض، وستبقى هناك الروح، بكل بهائها المجيد، غير مقيدة بالخير أو الشر، وهذه الروح موجودة في كل مكان، وكلية القدرة، وكلية المعرفة.. فهي عن طريق التخلي عن جميع القوى أصبحت كلية القدرة، وعن طريق التخلي عن كل الحياة فإنها تجاوزت الفناء؛ لقد أصبحت الحياة نفسها. ثم ستعرف الروح أنها لم تولد ولم تمت، ولا تريد السماء ولا الأرض. ستعرف أنها لم تأتِ ولم تذهب؛ كانت الطبيعة هي التي تتحرك، وكان ذلك التحرك ينعكس على الروح.. يتحرك شكل الضوء، ينعكس ويُسقط بواسطة الكاميرا على الحائط، ويعتقد الحائط بسذاجة أنه يتحرك. هكذا نحن جميعًا؛ إنها التشيتا التي تتحرك باستمرار، تتلاعب بنفسها في أشكال مختلفة، ونحن نعتقد أننا هذه الأشكال المختلفة. كل هذه الأوهام ستختفي، عندما تأمر الروح الحرة – فإنها لا تصلي أو تتوسل، ولكن تأمر – عندها سيتم تلبية كل ما ترغب فيه فورًا؛ كل ما تريده ستكون قادرة على فعله.. ووفقًا لفلسفة السانخيا، لا يوجد إله، يقولون أنه لا يمكن أن يكون هناك أي إله لهذا الكون، لأنه إذا كان موجودًا، فيجب أن يكون روحًا، والروح لا بد أن تكون أحد الشيئين، إما مقيدة أو حرة. فكيف يمكن للروح التي تكون مقيدة بالطبيعة، أو التي تسيطرعليها الطبيعة، أن تَخلق؟ إنها بحد ذاتها عبدة. من ناحية أخرى، ما هو عمل الروح التي تكون حرة في خلق كل هذه الأشياء والتلاعب بها؟ فهي ليس لديها رغبات، لذلك لا يمكن أن تكون لديها أي حاجة للخلق.
ثانيًا، يقولون أن نظرية الإله هي نظرية غير ضرورية؛ الطبيعة تفسر كل شيء. ما فائدة أي إله؟ ولكن كابيلا ( Kapila ) يعلم أن هناك العديد من الأرواح، التي على الرغم من اقترابها من الكمال، لا تصل إليه لأنها لا تستطيع أن تتخلى تمامًا عن كل القوى، عقولهم تندمج في الطبيعة لفترة، لتعود وتظهر كأسياد لها. هناك مثل هؤلاء الآلهة، سنصبح جميعًا مثل هؤلاء الآلهة، ووفقًا للسانخيا، فإن الإله المذكور في الفيدا يعني حقًا واحدة من هذه الأرواح الحرة، ليس وراءهم خالق أبدي حر ومبارك للكون.
من ناحية أخرى، يقول اليوغيون: "ليس كذلك، هناك إله؛ هناك روح واحدة منفصلة عن جميع الأرواح الأخرى، وهو السيد الأبدي لكل الخلق، المعلم الأبدي لجميع المعلمين". يعترف اليوغيون بأن أولئك الذين يطلق عليهم السانخيا اسم المندمجين في الطبيعة موجودون أيضًا. إنهم يوغيون لم يصلوا إلى الكمال، وعلى الرغم من أنهم محظورون لفترة من الزمن من الوصول إلى الهدف، إلا أنهم ظلوا حكامًا لأجزاء من الكون.


19. (هذا السامادهي، عندما لا يتبعه عدم التعلق التام) يصبح سببًا لإعادة ظهور الآلهة وأولئك الذين يندمجون في الطبيعة.
تمثل الآلهة في الأنظمة الهندية مناصب عليا معينة يتم شغلها على التوالي بواسطة أرواح مختلفة، لكن لا أحد منها كامل.

20. لبعض الأشخاص (هذا السامادهي) يأتي من خلال الإيمان، الطاقة، الذاكرة، التركيز، والتمييز الحقيقي.
هؤلاء هم الذين لا يريدون مكانة الآلهة، أو حتى مكانة حكام الدورات. أولئك يصلون إلى التحرر..
 
التعديل الأخير:

أداب الحوار

المرجو التحلي بأداب الحوار وعدم الإنجرار خلف المشاحنات، بحال مضايقة إستخدم زر الإبلاغ وسنتخذ الإجراء المناسب، يمكنك الإطلاع على [ قوانين وسياسة الموقع ] و [ ماهو سايكوجين ]
أعلى