[5] التغلب على الخوف Conquering Fear

مواضيع Lost|pages

Lost|pages

حارس المخطوطات
طاقم الإدارة
المشاركات
2,104
مستوى التفاعل
6,911
التغلب على الخوف Conquering Fear


الخوف أعظم الأعداء. إنه شيطان يسكن في الداخل. الشجاعة هي أول درجة في سلم الحرية.

الشيطان The Devil

في إحدى الأمسيات، بعد أن مشينا أنا وأخي التلميذ ثلاثين ميلاً في الجبال، توقفنا للراحة على بعد ميلين من كيدارناث Kedarnath. كنت حينها متعباً جداً وسرعان ما غفوت، لكن نومي كان مضطرباً بسبب إرهاقي الشديد. كان الجو بارداً ولم يكن لديّ بطانية ألتفّ حولها، فوضعت يديّ حول عنقي لأدفئ نفسي. نادراً ما أحلم. حلمت ثلاث أو أربع مرات فقط في حياتي، وقد تحققت جميع أحلامي. و في تلك الليلة، حلمت أن الشيطان يخنق حلقي بيديه القويتين. شعرت وكأنني أختنق. عندما رأى أخي التلميذ تغيراً في إيقاع تنفسي وأدرك أنني أشعر بانزعاج شديد، جاء إليّ وأيقظني. قلت: "كان أحدهم يخنق حلقي!" ثم أخبرني أن يدي كانتا تخنقان حلقي.


كيدارناث Kedarnath
kedarnath-travel-tips.jpg

ما تسمونه الشيطان هو جزء منك. خرافة الشيطان والشر فرضها علينا جهلنا. إن العقل البشري عجيب وساحر عظيم. يمكنه أن يتخذ شكل شيطان وكائن إلهي وقتما يشاء. قد يكون عدوًا لدودًا أو صديقًا عزيزًا، يخلق لنا إما جحيمًا أو جنة. هناك ميول عديدة كامنة في العقل اللاواعي يجب كشفها ومواجهتها وتجاوزها قبل أن ينوي المرء سلوك طريق التنوير The Path of Enlightenment.

الطريق إلى كيدارناث
The trail to Kedarnath


ا.png

إن الحلم حالة ذهنية طبيعية. وهي حالة وسيطة بين اليقظة والنوم. عندما تُمنع الحواس من استقبال الإدراكات الحسية، يبدأ العقل باسترجاع الذكريات من اللاوعي. جميع الرغبات الخفية تكمن أيضًا في اللاوعي، تنتظر تحقيقها. عندما لا تُدرك الحواس أشياء العالم ويكون العقل الواعي في حالة راحة، تبدأ الذكريات المُستعادة بالظهور وتُسمى أحلامًا. من خلال الأحلام، يُمكننا تحليل مستوى من شخصيتنا الخفية. يُفيد هذا التحليل أحيانًا في علاج بعض الأمراض. وبمساعدة التأمل، يُمكننا استرجاع هذه الذكريات بوعي، ومراقبتها، وتحليلها، وحلها إلى الأبد.

هناك أنواع مختلفة من الأحلام. بالإضافة إلى الأحلام المؤلمة والسارة التي نراها عادةً، هناك فئتان أخريان من الأحلام تحتاج إلى تحليل. إحداهما حلم نبوي Prophetic Dream( روحي) والأخر مجرد كابوس Nightmare. أحيانًا تكون الأحلام النبوية مُرشدة، أما الكوابيس فهي علامات تدل على عذاب شديد ناتج عن الإحباط. قد يحدث هذا الأخير إذا كان الشخص متعبًا جدًا أو يعاني من عسر هضم.

لم أسمع قط عن أي شخص يدّعي أنه رأى شيطانًا في النهار. أخبرني أخي التلميذ، مستعينًا بتشبيه: "قد يُظنّ الحبل في الظلام ثعبانًا، وسرابٌ في البعيد ماءً. إن قلة الضوء هي السبب الرئيسي لمثل هذه الرؤية. هل الشيطان موجود؟ إذا كان هناك وجود واحد فقط، وهو الوجود المطلق والعلم المطلق، فأين مكان وجود الشيطان؟ أولئك الذين يعانون من مرض ديني يؤمنون بوجود الشيطان متناسين وجود الله. العقل السلبي هو أعظم شيطان يسكن الإنسان. و تحويل السلبية يؤدي إلى رؤى إيجابية أو ملائكية، فالعقل هو الذي يخلق الجحيم والجنة. إن الخوف من الشيطان رهاب يجب استئصاله من العقل البشري".

يتبع
 
ظننته شبحًا
Mistaken for a Ghost


عندما كنت أقيم في غابات نانيتال Nanital عند سفوح جبال الهيمالايا Himalayan، أحيانا أزور مدينة صغيرة تقع على ارتفاع 6000 قدم. كان الناس هناك يطاردونني طلبا للبركات والنصائح، كما يفعلون مع معظم ممارسي اليوغا والسوامي Yogis and Swamis. ولكي أجد وقتا لممارسة اليوغا، وجدت من الضروري حماية نفسي من الزوار. اكتشفت حينها وجود مقبرة دفن فيها بريطانيون، تعتبر هادئة ومرتبة للغاية. كنت أرتدي ثوبا أبيض طويلا مصنوعا من بطانية لأحمي نفسي من البرد، وأذهب إلى المقبرة للتأمل ليلًا.

غابات نانيتال Nanital

Nanital forests.png

وفي إحدى الليالي، مرّ شرطيان كانا يقومان بدورية في تلك المنطقة بالمقبرة، يضيئان أضواءهما هنا وهناك للتحقق من وجود أي مخربين. وكنت جالسًا أتأمل في النصب التذكاري الواسع لضابط عسكري بريطاني. كان جسدي كله، بما في ذلك رأسي، مُغطى بالبطانية. وجّه رجال الشرطة أضواءهم نحوي من مسافة بعيدة، وفوجئوا برؤية شكل بشري مغطى ببطانية. ذهبوا إلى مركز الشرطة وأخبروا رجال الشرطة والضباط الآخرين أنهم رأوا شبحًا في المقبرة. انتشرت هذه الشائعة في جميع أنحاء المدينة، وشعر الكثير من الناس بالخوف.

وفي الليلة التالية، جاء مفتش الشرطة إلى المقبرة برفقة عدد من رجال الشرطة المسلحين، وسلط عليّ الضوء مرة أخرى. في تلك الحالة من التأمل، لم أكن على دراية بهم، لذلك لم أتحرك. ظنّوا جميعا أنني شبح. أخرجوا مسدساتهم ليطلقوا النار عليّ، لأنهم أرادوا أن يروا ما إذا كان الرصاص سيؤثر على الشبح. لكن مفتش الشرطة قال: "انتظر، دعونا نتحدى الشبح أولًا. ربما ليس شبحًا، بل شخص ما". اقتربوا وحاصروا النصب التذكاري الذي كنت أجلس عليه. لكنهم ما زالوا غير قادرين على معرفة ما بداخل البطانية. ثم أطلقوا رصاصة في الهواء. بطريقة ما، أدركت وجودهم، وخرجت من تأملي. كشفتُ عن نفسي وسألت: "لماذا تزعجني هنا؟ ماذا تريد مني؟" كان مفتش الشرطة، البريطاني الأصل، يعرفني جيدًا. اعتذر عن إزعاجي وأمر رجال الشرطة الذين كانوا يُسيرون دوريات في تلك المنطقة بتزويدي بشاي ساخن كل ليلة. وهكذا كشف النقاب عن أسطورة الشبح التي أخافت الكثيرين.

ثم بدأ السيد بيوس Mr. Peuce، مفتش الشرطة، بزيارتي بانتظام. أراد أن يتعلم مني التأمل. وفي أحد الأيام، سألني السيد بيوس Mr. Peuce عن طبيعة الخوف لدى الإنسان. قلت إنه من بين جميع المخاوف، يبدو أن الخوف من الموت متجذرٌ في قلب الإنسان. إن الشعور بالحفاظ على الذات يقود المرء إلى العديد من الهلوسات. فالمخاوف تطارد الإنسان باستمرار. و يفقد توازنه ويبدأ في تخيل أفكاره وإسقاطها بالطريقة التي يريدها. ويعمّق هذه العملية بتكرارها مرارًا وتكرارًا. إن الخوف هو العدو الأكبر للإنسان.

كان السيد بيوس Mr. Peuce يخاف الأشباح بشدة، وأراد أن يعرف إن كنت قد رأيت واحداً من قبل. قلت: "لقد رأيت ملك الأشباح، وهو الإنسان. الإنسان شبح مادام يُعرّف نفسه بأشياء في عقله. في اليوم الذي يصبح فيه واعيًا بطبيعته الجوهرية، و بذاته الحقيقية، فإنه يصبح خاليا من كل المخاوف".

سرعان ما بدأ الكثيرون يأتون لرؤيتي. أما صديقي السيد بيوس Mr. Peuce قرر لسبب ما، الاستقالة والذهاب إلى أستراليا Australia. و غادرت أنا المدينة وذهبت إلى جبال ألمورا Almora. توصلت إلى استنتاجٍ مفاده أنه لا جدوى من العيش تحت وطأة الخوف، فلا متعة في الخوف في كل خطوة من خطوات الحياة. دون مواجهة المخاوف، نحن فقط نعززها فحسب. وفي طريق الروحانية، الخوف والكسل هما العدوان الرئيسيان.


جبال ألمورا Almora

af.jpg

يتبع
 
التعديل الأخير:
أعلى أسفل