Ile
Galactic Wanderer
- المشاركات
- 199
- مستوى التفاعل
- 1,316
دلالة التدريب الروحي
بقلم م. غوفيندان
في كرييا يوغا الحكيم بابدغي، كثيرا ما لا تُقدَّر دلالة التدريب الروحي حق قدرها. فالتدريب الروحي فعل مقدس يزود فيه الشخص بالتجربة الأولية لوسيلة تمكنه من تحقيق قدر من الحقيقة. وهذه الوسيلة هي ’’كرييا‘‘ أو ’’تقنية يوغا عملية‘‘، والحقيقة هي بوابة تقود إلى الواحد الخالد واللانهائي. ولما كانت هذه الحقيقة تتجاوز الاسم والشكل، فلا يمكن نقلها من خلال الكلمات أو الرموز. ولكن يمكن تجربتها، ومن أجل ذلك يحتاج الشخص إلى معلم يستطيع أن يتشاطر معه تجربته الحية للحقيقة. وتصبح التقنية وسيلة يتقاسم من خلالها المعلم مع الدارس وسيلة تحقيق الحقيقة داخل ذاته.
وأثناء التدريب الروحي، يحدث دوما انتقال للطاقة والوعي من المدرب إلى المتلقي، حتى لو لم يكن المتلقي مدركا لذلك. وقد لا يكون الانتقال فعالا إذا كان الدارس مليئا بالشكوك أو شارد الفكر. ومن ثم يحاول المدرب أن يعد المتلقي مسبقا وأن يتحكم في البيئة المحيطة من أجل تقليل الاضطرابات المحتملة إلى أدنى حد. ويأخذ المدرب في الواقع على عاتقه وعي المتلقي ويبدأ في توسيع نطاقه إلى ما وراء الحدود الذهنية والحيوية العادية. ويحدث نوع من ذوبان الحدود الذهنية والحيوية العادية بين المدرب والمتلقي، وهذا يسهل إلى حد كبير انتقال الوعي إلى مستوى أعلى. ومن خلال القيام بذلك، يفتح المدرب وعي المتلقي كي يدرك وجود روحه، أو ذاته العليا، التي ظلت محجوبة عنه حتى الآن في معظم الحالات. ويتاح للمتلقي عندئذ أن يدرك بعض اللمحات الأولية لإمكانات وعيه وقواه. وهذا هو المقصود برفع طاقة ’’الكونداليني‘‘ لدى الدارس. وهو أمر لا يحدث عادة بطريقة درامية في جلسة أولية، بل بشكل تدريجي على مر فترة من الزمن، تبعا لاجتهاد الدارس في ممارسة ما تعلمه.
وهناك أمران جوهريان كي يكون التدريب الروحي فعالا: إعداد الطالب أو المتلقي، ووجود مدرب حقق ذاته بالفعل. وفي حين يركز معظم الساعين إلى التحقق الروحي على وجود المدرب، ويسعون إلى العثور على معلم كامل، فإن قلة منهم ينصرفون إلى إعداد أنفسهم. وربما يكون من نقائص طبيعة الإنسان البحث عن شخص ’’يفعلها بالنيابة عنا‘‘، والمقصود هنا أن يمنحنا تحقيق الذات أو تحقيق الله. وعلى الرغم من أن المعلم قد يشير إلى الاتجاه الصحيح، فإن الدارس نفسه يجب أن يلتزم باتباع ما تلقاه من إرشادات. وفي حين أن الدارس قد يكون ملتزما من الناحية الفكرية باتباع هذه الإرشادات، فإن طبيعة الإنسان قد تجعل المرء يتخبط في الملهيات أو الشكوك أو الرغبات. أي أنه حتى لو وجد المرء المعلم الممتاز، فإنه إن لم يطور صفات مثل الإيمان والمثابرة والإخلاص والصبر، فإن التدريب الروحي قد يصبح بلا جدوى مثل بذر البذور على أرض خرسانية.
ولذلك كان التدريب الروحي يقتصر، من الناحية التقليدية، على من أعدوا أنفسهم مسبقا، وأحيانا على امتداد سنوات عديدة. وفي حين أن المرحلة الأولى من التدريب يمكن أن تتاح لعدد كبير من الساعين، فإن المراحل الأعلى من التدريب لا توفر إلا لمن طوروا صفات الدارس الحقيقي. فكما يقول المسيح ’’كثير يدعون، ولكن قليلين يختارون‘‘، لأن قليلين يسوفون المتطلبات الصارمة التي يجب توافرها في الدارس.
والدارس المخلص هو شخص يسعى إلى سلوك الطريق أو إلى التماس معلم، وقد يستمر هذا السعي سنوات طوالا، إلى أن يصبح الشخص مستعدا للالتزام بمعلم أو بطريق. وقد يتنقل من معلم لآخر، ينصت ويراقب ويجرب قليلا، مثل من يقارن بين ما تعرضه المتاجر. وفي نهاية هذه المرحلة، يصبح مريدا، ويلتزم بممارسة التدريب الروحي الذي يصفه المعلم. ولما كان التدريب الروحي يتطلب جهدا دءوبا لفترة طويلة من الزمن كي تتضح نتائجه، وجب أن يكون الدارس مؤمنا بفعالية الممارسة والمثابرة وبمساندة المعلم وبعناية الله. فإذا كان المعلم أصيلا، أصبح مستعدا دوما لأن يستجيب لطلب الدارس أو لأن ليدله على شخص يستطيع أن يقوم بذلك. والنعمة الإلهية متاحة دوما إذا عرف المرء كيف ينفتح لها. وعليه، فإن المعضلة هي إيمان الدارس ومثابرته. فالمعلم يستطيع استهلال العملية من خلال التدريب الروحي وتوفير الإلهام والتشجيع، لكن على الدارس أن يبذل جهدا صادقا بثقة ومثابرة.
وإذا أراد شخص أن يدرس ’الكرييا‘ أو التقنيات دون تلقي تدريب روحي، هل ستكون دراسته هذه فعالة؟ إذا كنا قد فهمنا ما ناقشناه أعلاه، فإن الإجابة ستكون لا بكل تأكيد! ولهذا فإن محاولة تعلم التقنيات من الكتب ومن معلمين غير جديرين بالثقة، أي لم يجربوا هم أنفسهم الحقيقة التي يتحدثون عنها، لا تزود الدارس بالإلهام اللازم. ويصدق ذلك حتى إذا كان الدراس مستعدا استعدادا جيدا ومتصفا بالصفات الهامة للدارس المخلص. إن هناك انتقالا مقدسا جوهريا للوعي والطاقة يحدث بين المدرب والدارس، وذلك هو ما يعطي التمرينات قوتها. ولذا سعت تقاليد التدريب الروحي إلى نقل التجربة المباشرة للحقيقة من جيل لآخر بصورة فعالة. وتكمن قوتها في قوى ووعي من مارسوا التمرينات بصورة مكثفة وحققوا حقيقة ذاتهم. إننا نظهر تقديرا لذاتنا العليا عندما نقدر تدريبنا الروحي بالممارسة المثابرة والمنتظمة لما تعلمناه وتلقيناه
حقوق المؤلف لـ: مارشال غوفيندان، كانون الأول/ديسمبر 2002
@The True
بقلم م. غوفيندان
في كرييا يوغا الحكيم بابدغي، كثيرا ما لا تُقدَّر دلالة التدريب الروحي حق قدرها. فالتدريب الروحي فعل مقدس يزود فيه الشخص بالتجربة الأولية لوسيلة تمكنه من تحقيق قدر من الحقيقة. وهذه الوسيلة هي ’’كرييا‘‘ أو ’’تقنية يوغا عملية‘‘، والحقيقة هي بوابة تقود إلى الواحد الخالد واللانهائي. ولما كانت هذه الحقيقة تتجاوز الاسم والشكل، فلا يمكن نقلها من خلال الكلمات أو الرموز. ولكن يمكن تجربتها، ومن أجل ذلك يحتاج الشخص إلى معلم يستطيع أن يتشاطر معه تجربته الحية للحقيقة. وتصبح التقنية وسيلة يتقاسم من خلالها المعلم مع الدارس وسيلة تحقيق الحقيقة داخل ذاته.
وأثناء التدريب الروحي، يحدث دوما انتقال للطاقة والوعي من المدرب إلى المتلقي، حتى لو لم يكن المتلقي مدركا لذلك. وقد لا يكون الانتقال فعالا إذا كان الدارس مليئا بالشكوك أو شارد الفكر. ومن ثم يحاول المدرب أن يعد المتلقي مسبقا وأن يتحكم في البيئة المحيطة من أجل تقليل الاضطرابات المحتملة إلى أدنى حد. ويأخذ المدرب في الواقع على عاتقه وعي المتلقي ويبدأ في توسيع نطاقه إلى ما وراء الحدود الذهنية والحيوية العادية. ويحدث نوع من ذوبان الحدود الذهنية والحيوية العادية بين المدرب والمتلقي، وهذا يسهل إلى حد كبير انتقال الوعي إلى مستوى أعلى. ومن خلال القيام بذلك، يفتح المدرب وعي المتلقي كي يدرك وجود روحه، أو ذاته العليا، التي ظلت محجوبة عنه حتى الآن في معظم الحالات. ويتاح للمتلقي عندئذ أن يدرك بعض اللمحات الأولية لإمكانات وعيه وقواه. وهذا هو المقصود برفع طاقة ’’الكونداليني‘‘ لدى الدارس. وهو أمر لا يحدث عادة بطريقة درامية في جلسة أولية، بل بشكل تدريجي على مر فترة من الزمن، تبعا لاجتهاد الدارس في ممارسة ما تعلمه.
وهناك أمران جوهريان كي يكون التدريب الروحي فعالا: إعداد الطالب أو المتلقي، ووجود مدرب حقق ذاته بالفعل. وفي حين يركز معظم الساعين إلى التحقق الروحي على وجود المدرب، ويسعون إلى العثور على معلم كامل، فإن قلة منهم ينصرفون إلى إعداد أنفسهم. وربما يكون من نقائص طبيعة الإنسان البحث عن شخص ’’يفعلها بالنيابة عنا‘‘، والمقصود هنا أن يمنحنا تحقيق الذات أو تحقيق الله. وعلى الرغم من أن المعلم قد يشير إلى الاتجاه الصحيح، فإن الدارس نفسه يجب أن يلتزم باتباع ما تلقاه من إرشادات. وفي حين أن الدارس قد يكون ملتزما من الناحية الفكرية باتباع هذه الإرشادات، فإن طبيعة الإنسان قد تجعل المرء يتخبط في الملهيات أو الشكوك أو الرغبات. أي أنه حتى لو وجد المرء المعلم الممتاز، فإنه إن لم يطور صفات مثل الإيمان والمثابرة والإخلاص والصبر، فإن التدريب الروحي قد يصبح بلا جدوى مثل بذر البذور على أرض خرسانية.
ولذلك كان التدريب الروحي يقتصر، من الناحية التقليدية، على من أعدوا أنفسهم مسبقا، وأحيانا على امتداد سنوات عديدة. وفي حين أن المرحلة الأولى من التدريب يمكن أن تتاح لعدد كبير من الساعين، فإن المراحل الأعلى من التدريب لا توفر إلا لمن طوروا صفات الدارس الحقيقي. فكما يقول المسيح ’’كثير يدعون، ولكن قليلين يختارون‘‘، لأن قليلين يسوفون المتطلبات الصارمة التي يجب توافرها في الدارس.
والدارس المخلص هو شخص يسعى إلى سلوك الطريق أو إلى التماس معلم، وقد يستمر هذا السعي سنوات طوالا، إلى أن يصبح الشخص مستعدا للالتزام بمعلم أو بطريق. وقد يتنقل من معلم لآخر، ينصت ويراقب ويجرب قليلا، مثل من يقارن بين ما تعرضه المتاجر. وفي نهاية هذه المرحلة، يصبح مريدا، ويلتزم بممارسة التدريب الروحي الذي يصفه المعلم. ولما كان التدريب الروحي يتطلب جهدا دءوبا لفترة طويلة من الزمن كي تتضح نتائجه، وجب أن يكون الدارس مؤمنا بفعالية الممارسة والمثابرة وبمساندة المعلم وبعناية الله. فإذا كان المعلم أصيلا، أصبح مستعدا دوما لأن يستجيب لطلب الدارس أو لأن ليدله على شخص يستطيع أن يقوم بذلك. والنعمة الإلهية متاحة دوما إذا عرف المرء كيف ينفتح لها. وعليه، فإن المعضلة هي إيمان الدارس ومثابرته. فالمعلم يستطيع استهلال العملية من خلال التدريب الروحي وتوفير الإلهام والتشجيع، لكن على الدارس أن يبذل جهدا صادقا بثقة ومثابرة.
وإذا أراد شخص أن يدرس ’الكرييا‘ أو التقنيات دون تلقي تدريب روحي، هل ستكون دراسته هذه فعالة؟ إذا كنا قد فهمنا ما ناقشناه أعلاه، فإن الإجابة ستكون لا بكل تأكيد! ولهذا فإن محاولة تعلم التقنيات من الكتب ومن معلمين غير جديرين بالثقة، أي لم يجربوا هم أنفسهم الحقيقة التي يتحدثون عنها، لا تزود الدارس بالإلهام اللازم. ويصدق ذلك حتى إذا كان الدراس مستعدا استعدادا جيدا ومتصفا بالصفات الهامة للدارس المخلص. إن هناك انتقالا مقدسا جوهريا للوعي والطاقة يحدث بين المدرب والدارس، وذلك هو ما يعطي التمرينات قوتها. ولذا سعت تقاليد التدريب الروحي إلى نقل التجربة المباشرة للحقيقة من جيل لآخر بصورة فعالة. وتكمن قوتها في قوى ووعي من مارسوا التمرينات بصورة مكثفة وحققوا حقيقة ذاتهم. إننا نظهر تقديرا لذاتنا العليا عندما نقدر تدريبنا الروحي بالممارسة المثابرة والمنتظمة لما تعلمناه وتلقيناه
حقوق المؤلف لـ: مارشال غوفيندان، كانون الأول/ديسمبر 2002
@The True