هناك عدد محدود للقراءات المسموح بها للزوار

[2] هو عدد القراءات المتبقية

نو هادو (علم وأسلوب طاقة النوايا) 1 : الطاقة والقوّة - التقييد الزمني للذات الحقيقية - التفاعلات الذاتية والموضوعية وكيفية الإحساس بالكِي

سيد الأحجار السبعة

عابر الزمن الثالث
المشاركات
654
مستوى التفاعل
1,311
الموقع الالكتروني
alkynilogy.blogspot.com
Rassouli-Where_Heavens_Meet.jpg


الاتصال بالطاقة الحيوية :

رغبة الوصول إلى جواب "ما هي القوّة الحقيقية للروح ؟" أمضيت قسماً كبيراً من عمري لأدرك هذه الحقيقة...

لم أعتقد في أي وقت مضى أن الروح لها حدود في قوتّها وطاقاتها، وإن كانت ترى أن هناك حدوداً لقوتها فإنه ناتج عن "التوهم والاعتقاد المسبق" الذي تمت زراعته في العقل ليصور للروح أنها كائن محدود.

بالتأكيد هناك حدود للكائن، ولكنها ليست حدوداً جوهرية، هناك أسباب معينة أدت إلى وجودها وحين تزول هذه الأسباب لا يبقى الكائن محدوداً.

كنت ولم أزل أريد أن أصل إلى قوّة لا حدود لها، لكن ما أقصده بالقوة التي ليس لها حدود، قوّة قادرة على "تغيير" العالم والآخرين والمصير تغييراً جوهرياً، يمكنها "التأثير" على الكائنات وعلى مجالات الوجود في العُمق، وفي حقيقتها، لا محض انبعاث لقوة أخرى أكثر جوهرية منها.

زيادة القوة ليس هو "القوّة الجوهرية"، ولكن "إزالة الحدود" المفروضة على عقل الكائن والتي تعيق تدفق طاقته المطلقة هو الطريق الحقيقي للوصول إلى القوة المطلقة.

إذا كان الكائن يعتقد أن قوّته محددة كيفياً، بأن تكون قوة للجسد أو للعقل الشخصي، فعندئذ لن يستطيع تجاوز هذه الحدود، وما يمكنه فعله هو زيادة نموها ضمن حدود مجالها الوجودي، أي : زيادة قوة العقل، أو قوة الجسد، من خلال تعزيز الحامل لهذه القوة، لكن لا يمكن زيادة القوة بحد ذاتها.

ستلاحظ مع مرور الوقت في التأمل أن هناك فرقاً مهماً بين معنيين متقاربين : القوة والطاقة.

الطاقة هي "الجوهر الحقيقي للقوة" والمصدر الوجودي لها، والقوة هي تجلي هذا المصدر أو هي "الطاقة في حالة الفاعلية".

القوة ذات وجهة، والطاقة داخلية.

القوة ظاهرة والطاقة كامنة.

القوة هي التجلي الموضوعي للطاقة.

يجب الأخذ بهذه الملاحظات بعين الاعتبار.

فقد تكون طاقتك لانهائية ولكن حين تريد جعلها "إنجازية" تنصدم بعدم القدرة على توظيفها، والسبب في ذلك ليس قلة الطاقة، بل "الحاجز النفسي" الذي يعيق تقدمك.

على سبيل المثال ، إذا كان لديك طاقة لانهائية يمكنها تفجير الكوكب، ولكن لديك خوف عميق، فسيمنعك من توظيف طاقتك فعلياً.

والمشكلة أن حاجز الخوف قد لا يظهر لك ك"خوف" والفكرة التي تخاف منها قد لا تظهر لك على شكلها الحقيقي، فقد يتحوّل الخوف إلى "خدران" أو "ضعف ثقة" بحيث أنك كلما حاولت أن تستدعي طاقتك ، إما تحس بالنعاس، أو بالاختناق، أو بالتوتر، أو اي شيء يشتت ذهنك عن الحاجز الحقيقي الذي يمنع طاقتك من التجلي.

والمشكلة أن بعض هذه الحواجز مفتعلة، أي أنك شخصياً لست المسؤول المباشر عن وجودها، هناك شخص ما ( أو جهة ما ) زرعوا فكرة معينة في عقلك، أو ربطوك بكينونة فكرية "شيطان" مبرمجة لكي تضللك طوال الوقت.

والمشكلة أن بعض هذه الكينونات يكون الخلاص منها مسألة شبه مستحيلة، لأنها ذكية جداً فهي تدرس شخصيتك وردود أفعالك وتحللها وترسم بالضبط كيف ستتصرّف، ثم توجه فكرك بناء على ذلك، وهي خطيرة إلى درجة أنها قد تلاحق الروح حتى بعد الموت، وقد توصل المرء إلى افنصال مطلق عن واقعه الحقيقي، وبشكل عام ، الإنسان مرتبط بهكذا كينونات منذ ولادته، ولذلك هناك حقيقة جوهرية غائبة عن كل إنسان.

سمعت من بعض أصدقائي ( وهذا شيء لا أعرف حقيقته ) أن بعض هذه الكينونات يمكن زراعتها جينياً أو بفايروسات ، وأن هناك طرقاً لزراعتها ب"النقل الكمومي". بآلات معينة.

إذن كيف ستحرر طاقتك الحقيقية في ظل وجود هكذا كينونة ؟

لابد أن تتجاوز تقييد الكينونة أولاً.

من أجل ذلك ينبغي التفريق جيداً بين مفهومي "الطاقة" و"القوة" كمرحلة اساسية لكل طلاب هذه العلوم ....

حين نقول "برانا" "كي" أو "نور" فنحن نقصد "الطاقة الداخلية"

وحين نقول "براناياما" "كي كونغ" أو "قوّة" فنحن نقصد "الطاقة في حالة الفعل".

ولا يمكن الوصول إلى التحقيق الفعلي لطاقة لم يتم الاتصال بها على نحو صحيح، أو لم يتم توجيهها نحو العالم الخارجي على نحو صحيح.

ولذلك أغلب طاقات الجنس البشري هي طاقات "غير قابلة للتنفيذ".

لأن الأنا المقترن بالطاقة الداخلية عند أغلب الناس لا يمكنه أن يفهمها ويتواصل معها بشكل مريح، بل يستنزفها في أمور أخرى قليلة القيمة.
 
التعديل الأخير:
الإحساس بطاقة كي {1} معنى الطاقة الحيوية

"كِي" تعني "طاقة الوجود"، الطاقة الكونية في حالتها الأولية ( الخالصة ) قبل أن تتركّب في صورة قوة فيزيائية أو فكرية أو خيالية أو عاطفية ذات معالم محددة وقيم توصيفية.

"كِي" هي جوهر كل تأثير يحدث في الوجود ، وهي السبب الجوهري لـ"الفعل بما هو فعل" في مختلف مستويات الطبيعة.

وكل تأثير أو حدث يجب أن يكون "طاقة" أولاً قبل أن يتبلور في صيغة موضوعية محددة.

لكن يميل التجريبيون بشكل عام إلى حصر معنى "الفعل" في الأحداث الفيزيائية وحدها، وحصر معنى "الطاقة" في أسباب هذه الأحداث، فالأحداث العقلية والعاطفية يمكن اختزالها إلى أحداث فيزيائية، وبالتالي هي "ناتج ثانوي" لسببية فيزيائية.

كما لو كان التجريبي يقول : "الطاقة هي وصف منهجي لغوي للقوة المسؤولة عن ما يجري في الكون موضوعياً، وتقترن هذه القوة بالوجود الموضوعي اقتراناً جوهرياً، وتسري عليها كل الصفات الموضوعية، مثل أنها مجموعة نقاط طاقية ذرية (ليست كياناً واحداً) وكل نقطة منها ذات حدود زمكانية ومقدار محدد يمكن قياسه ، ومجموع النقاط المتجهة إلى هدف معين هو الذي يحدد كمية الطاقة التي تبدو كأنها شيء واحد فقط لأن النقاط الذرية تشترك بهدف واحد، وهذه الطاقات تنتقل وتؤثر وفق قوانين تنظم مسائرها، ولا يمكن للطاقة تجاوز هذه المسائر ( القوانين )".

تصور الطاقة بهذا الشكل الموضوعي الميكانيكي يعني أن وجود الطاقة كمجموعة ذرية حاسوبية منفصل عن وجود الذات ككيان حي غير ذري وغير حاسوبي، وهذا يعني أنه لا يمكن أن تتواصل الذات مع الطاقة الكونية وتوجهها من دون أسباب خارجية وقوانين فيزيائية.

كأن الذات تنظر إليها من وراء زجاج حاجب، وهذا يجعل الإنسان غير واثق نفسياً بأنه يستطيع استدعاء "طاقة كونية خالصة" وإعادة توجيهها.

المفهوم التجريبي الذي عرضناه عن الطاقة الكونية يصورها كمجموعة نقاط لانهائية، ذات سرعة لانهائية، وحركة مستمرة، واتجاه معين، وارتباط النقاط معاً في نفس الاتجاه يؤدي لتحقيق تأثير أكبر، وبالتالي يبدو وكأن الطاقة أكبر والحقيقة أنها "أكثر"، وكذلك تلاشي طاقة معينة هو محض تباعد النقاط المشكلة لها أو اختلاف مسارات ترحالها.

التصور الكمّي الموضوعي للطاقة الحيوية كِي يشرح عنها كما لو أنها كيان أو مجال مفارق للذات الحقيقية وغائب عنها، وعلى الذات أن "تستدعيه" بوسيط بينهما، وهذا الكيان\المجال يمكن قياس تأثيره على المحيط الخارجي، وبالتالي يكون صاحب المقدار الأكبر من الطاقة هو صاحب التأثير الأكبر.

هنا تكمن الصعوبة الكُبرى في تحسس الطاقة الحيوية بعمق والتحكم بمجالها المؤثر.

هذا التصور سيعيق أي عملية استدعاء للطاقة، العقل سيحبط إيمان الإنسان بقدرته على التعامل معها، لأن الإنسان يراها كما لو كانت كائناً ميّتاً يتحرك بطرق ميكانيكية، ولذلك يمكن تحريكه فقط بالسيطرة عليه.

وهذا التصور كما هو معلوم ، هو تصور العصر ، إنه المفهوم العام لدى البشرية عن الطاقة، ربما أكثر الناس لا يستطيعون التعبير بوصف دقيق مثل الذي تم تقديمه هنا، فهذا الوصف حكر على الأكاديميين، ولكن "المفهوم العام" للطاقة عند أغلب الناس، حتى الذين لا يجيدون القراءة والكتابة، يقترب كثيراً من "المفهوم التجريبي الكمي".

"الانطباع النفسي" أو الحس العام لأي إنسان اليوم، تقريباً، عن كلمة الطاقة، هو انطباع تجريبي مادي ... خاصة بعد أن اقترنت هذه الكلمة بالقنابل والبترول والكهرباء.

لنتصور المشكلة على نحو قريب، إذا أنت تعتقد أن "الطاقة الحيوية" شيء موجود "هناك" بينما أنت موجود "هنا" فالفاصل بينكما زمكاني بالدرجة الأولى، ولكي تستدعي الطاقة الحيوية عليك أن تبحث عن المصادر القريبة ، مثل محاولة امتصاصها من الشمس والطبيعة والغذاء، أواستدعائها بإشراف كائنات عليا عبر الصلاة، اما أنت كذات، فقير لا تمتلك مصدراً أو باعثاً للطاقة الحيوية.

ولذلك تركز أثناء تمارينك على "البيئة الخارجية" وتحاول تحسس الطاقة الحيوية في معالمها، والسيطرة على تياراتها الخارجية الموجود "هناك".

هذا يعني أن الطريقة الوحيدة التي بقيت لك من أجل ذلك هي "استخدام الإرادة والأمر" وهذا يجعلك تحتاج إلى صفات معينة مثل الاندفاع والعناد والقسوة والغرور.

علّة خطئك تكمن فيك أنت على الصعيد النفسي ... لماذا تبنيت مفهوماً ميتاً وقاتماً عن الطاقة الحيوية وعن الكون والحياة، ثم تحاول أن تنطلق من هذا الفهم المعتم في تدريباتك الحيوية ؟ لعلك إذا غيرت مفهومك ونظرتك للحياة تتغير حياتك نفسها، ربما أنت لا تحتاج إلى مزيد من التركيز والعزم، ربما أنت تحتاج إلى الأمل والتفاؤل ومحبة الطبيعة والحياة.

لا تفترض أحكاماً مسبقة تقولب تصورك للطاقة الحيوية بقالب أنت شخصياً لا تعرف هل هو حقيقي، ولا تدرك إذا كانت ادعاءاته صحيحة.. لماذا تعتقد على نحو تعسفي أن الطاقة الحيوية مقدار كمي مادي، موجود في الخارج، ويتم استدعاؤه بطريقة مشابهة للطرق التجريبية الآلية المستخدمة في الكهرباء ونحوها ؟

هذا التصور سيحبط سعيك قبل أن يبدأ، بالإضافة إلى ذلك ... هل أنت حقاً تفتقر لوجود مصادر لطاقة الحيوية حتى تستدعيها من العالم الخارجي ؟

ذاتك الحية من اين تأتي بالطاقة التي تمكّنها من الحياة ؟ ومن أين يستدعي وعيك الطاقة التي تجعله قادراً على الإدراك ؟ هل المشاعر والوعي فعلاً نتائج ثانوية لعمليات فيزيائية معقّدة ؟

الوعي والمشاعر ليس لهما صفات كمية، كما أنهما منفصلان عن الزمان والمكا، وهذا يعني أن طبيعة وجودهما تختلف جوهرياً عن الطبيعة الذرية الكمية للعالم الموضوعي الذي ترصده بحواسك.

إذن كيف تعرف الجواب ؟ تعرفه بالتأمل والإدراك..

الدماغ والجسد لا يستطيعان الإدراك ، ولذلك لا يمكن إدراك موضوعات لا يركز الوعي عليها وينتبه لها انبتاهاً يقظاً، حتى ولو كانت هذه الموضوعات أمام العينين، أو متصلة بالجسد المادي مباشرة، وعندما ينام الإنسان لا يستطيع إدراك البيئة المحيطة بجسمه، لأن الكيان الذي يدرك ويعي ليس هو الجسد أو العقل أو الدماغ، بل هو "الجوهر الحيوي" الذي يسمى "الذات الحقيقية". وهذا ما يميز الأفعال الانعكاسية التي يقوم بها الجسد، عن التفاعلات الإدراكية المقترنة بالذات.

التفاعل الإدراكي (الحيوي) يعتمد على قطبين : الوعي والفعل، أما الأفعال الجسدية فلا تحتاج إلا إلى التنفيذ المباشر دون المرور بالوعي والإدراك.

طبيعة وجود الذات الحقيقية تعكس الطبيعة الخالصة للطاقة الحيوية، ولكي تعرف نوعية هذه الطبيعة فستحتاج إلى التواصل معها تماماً كما كنت تتواصل مع العالم المادي الموضوعي، هذه الذات لا يعبر عنها القياس الكمي ، والسبب أنها ليست مكونة من مجموعة أجزاء حتى نقدر عدد أجزائها، وكذلك لا تربطها رابطة وجودية بأشياء موجودة خارجياً حتى نقيس صفاتها بالنسبة إلى تلك الأشياء.

الذات خارج دائرة الزمكان النسبي، وخارج دائرة المعقولات، والعناصر المادية هي المفهوم المناقض تماماً لهذه "المطلقية".

ليس هناك جزئيات يمكن تحليل وجود الحياة الحقيقي إليها، والذات الحقيقية كيان واحد، حيوي، واعي، ذاتي الحركة والتحريك، فعله يبدأ منه مباشرة لأنه ليس مقيداً بالخارج، وهذا الفعل بصيغته الذاتية الخالصة هو ما يسمى ب"الفعل الإرادي".

ومع كل هذه الصفات الحيوية والمطلقة، ورغم حرّية الذات من العالم الخارجي، ولكنها قادرة على التفاعل معه، وقادرة على إدراكه، والتأثير عليه، ومنطلق هذا التأثير هو "نواة الذات الحقيقية"، وعندما تركز جيداً على فعل إرادي واحد تقوم به، مثل أن تحرّك يدك حركة دورانية دون سبب عقلي أو فيزيائي خارج، ستدرك أنك وجّهت تأثيراً داخلياً قام بتحريك مادة يدك الخارجية، وإدراكك لهذا التأثير الداخلي هو الإحساس ب"الكِي" أو "البرانا".

يمكننا التعمّق نظرياً في أحاديث قد لا تنتهي عن ميكانيك الكم وعن علوم الأعصاب والدماغ، كلها تشير إلى قدرة الوعي على توليد الكهرباء في الدماغ والجسد من "لا شيء" وعلى التحكم بها، وأن الدماغ أصلاً يعمل بهذه الطريقة، وأن ذلك لا يقتصر على الجسد، بل يشمل الحقل البلازمي (الهالة) والكائنات الموضوعية، وهو ما يدعمه مفهوم "التشابك الكمومي" و"التشابك الزمني"، ولكن هذا الحديث الطويل النظري عن حقيقة الاتصال بين الوعي والجسد، أو بين الذات الحقيقية والوجود الموضوعي، والذي ينتهي بأنهما كيان واحد حيوي مطلَق يتجلى بلا نهاية من التعبيرات الأكوانية، سيجعل معرفتك بالطاقة الحيوية تنزع إلى المعرفة النظرية غير القابلة للتنفيذ واقعياً، فهل تحاول مثلاً إقناع نفسك عند كل لحظة شك تستدع فيها الطاقة الحيوية ، من خلال تذكر ما تعرفه نظرياً ذلك ؟ هذا أحد أهم أسباب الإحباط في التواصل الحر والحضوري المباشر مع معنى ووجود الطاقة الحيوية، دون تدخل العوامل الذهنية.
 
الإحساس بطاقة كي (2) الذاتية والموضوعية
إن المعرفة - العلم في أساليب الطاقة الحيوية هي الأساس، والتدريبات - العمل هو الأداة المساعدة.

لكن الطريقة المعرفية التي يمكن أن تعطي "علماً حقيقياً" عن موضوع الطاقة الحيوية هي طريقة "حيوية"، وليس مجموعة من المعلومات العقلية الافتراضية التراكمية، إن العلم الحيوي هو اتصال مباشر بين الذات والموضوع في الوجود، وفي الحقيقة، لا فرق بين علم الذات بالطاقة الحيوية وبين قدرتها على استدعائها والتعامل معها، فالعلم والقدرة في العلم الحيوي هما تعبيران عن جوهر واحد.

"العلم الحيوي" يتجاوز معنى العلم المستخدم في الحضارة البشرية، الذي يفصل بين النظرية والتطبيق.

أن تعلم الطاقة الحيوية، يعني أن تستطيع التفاعل معها، أي أنك أصبحت "متحداً معها وجودياً".
ماهية الطاقة الحيوية :

كلمة "الذاتي" تعني أن "حضور الموضوع ذاته" هو ما يتم البحث عنه، ذات الشيء الحقيقية هي "الجانب الذاتي"، وعندما يكون العلم بموضوع معين علماً ذاتياً، يمكن إدراك "وجوده الحقيقي" إدراكاً مباشراً بحيث لا ينوب عنه شيء آخر ولا يفصل بينه وبين المدرِك حاجز زمني أو مكاني.

المعارف الموضوعية هي معرفة تُبنى على إدراك شيء آخر ينوب عن ذات الموضوع الغائبة عن المراقب. أبسط مثال هو أن معرفة الإنسان بأخيه أو بأبيه أو بزوجته معرفة موضوعية، يعتمد فيها على الجسد والمظهر الخارجي، فإنه لا يرى حقائقهم ولكن يرى صورهم وأصواتهم الفيزيائية كما يرصدها بأجهزته الجسدية.

هو يرى "أثر وجودهم" الموضوعي، فيتتبع الأثر عقلياً ليعرفهم من خلاله، لكن هذا الأثر قد يتولد من مصادر أخرى : أسهل محاكاة قريبة للذهن العام هي المحاكاة الفنية : يمكن أن يتنكر أحدهم بقناع يشبه وجه الشخص المعروف، أو يقوم بتزوير صوته، وهذا ما يميز المعرفة الظاهرية (الموضوعية) عن العلوم الحقيقية (الذاتية).

معرفة العلماء بالثقب الأسود هي معرفة موضوعية.

معرفة العلماء بالمبرهنات الهندسية هي تقريباً معرفة ذاتية.

معرفة الباحثين بالتاريخ هي معرفة موضوعية بعيدة.

معرفة علماء النفس ب"العقل الباطن" وقوانين اللاشعور هي معرفة ذاتية إلى حد بعيد..

فكلمة ذاتي لا تعني بالضرورة شيئاً يتعلق بالشخص ذاته، ولكن إلى "ذات الوجود" أو ذات موجود معين، أي إلى الحقيقة، ما وراء المظهر الخارجي.

تعرف ذات الموضوع حين تتصل من وعيك به مباشرة دون وسيط ناقل بينك وبينه، وهذا يعني أنك "تعرف ذاتك وذاته" بنفس الوقت، لأن ذاتك هي التي تتصل به، وهذا يعني أنك تتصل بالمستوى الذاتي الموجود والذي كلاكما تشكلان تعبيرين مختلفين عن قيمته "الذاتية".

نعم، العلوم الذاتية تدرس موضوعاً اسمه "القيم"، وهي جوهر وجود أي شيء أو حدث أو نظام، بدلاً من وصف الموضوع بصفات كمية كمقارنة بينه وبين موضوعات أخرى، فإن إدراك القيم هو إدراك ذات الكائن والمعنى الوجودي الذي يشكله، عوضاً عن "التفكير" بماذا يكون هذا الكائن استناداً لظاهره، وعن "قياس" صفاته بالنسبة لصفات الكائنات الأخرى.

تتحول "الطاقة الحيوية" في العلم الذاتي من موضوع "مادي ظاهري مفارق للإدراك" وله قيم حسابية نسبية، إلى "وجود حقيقي حاضر للإدراك" كقيمة جوهرية.

لأنك كطالب كوني، لا تريد أن تعرف كيف تبدو الطاقة "هناك" في الخارج، بل تريد الوصول إلى حقيقتها الجوهرية وصولاً مباشراً دون تصورات ذهنية، وهذا يعني أن ذاتك تلامس ذاتها "تتحد معها".

لذلك كان السبيل الأمثل لدراسة وتعلّم الطاقة الحيوية هو "إدراكها ذاتياً". وهذا يعني البدأ من الوجود الحاضر مباشرة والمتحد بالذات الحية.

الطاقة الحيوية في الذات الحية لا يمكن التعبير عنها بطرق كمية، ولا يوجد شيء يمكن تسميته "مقدار كمي" يتم إسناد هذه الطاقة الحيوية إليه. ومع ذلك فإن طبيعة حضورها تختلف في مستوى قدرة التأثير الفعلي كونياً (القوّة) من شخص لآخر، وتختلف مع نفس الشخص من زمن لآخر ومن حالة لأخرى. ومن الواضح أنه كلما هدأ الإنسان واتجه سبيله نحو الروح والسماء كلما أصبح اتصاله بالطاقة الحيوية أعلى وأكمل، لكن هذا ليس اختلافاً كمياً، وإنما اختلاف في "نوعية ومستوى الاتصال" بين الذات والوجود الحق.

الذات التي تحقق الاتصال بالمستويات العليا من الوجود، والاتصال بالقيم العليا، يمكنها استدعاء طاقة أكبر من الطاقات التي تستدعيها ذات تركّز على تحقيق هدف موضوعي معين.

الصمت عن العالم الخارجي ومشوشاته هو ما يجعل نوعية الاتصال ممتازة : كلما توجهت الذات الحقيقية إلى "المستوى الجوهري" وصمتت عن المؤثرات الخارجية كلما أصبحت تتصل بطاقة الحياة على نحو أعمق.

ستجد أنك في أوقات الهدوء تكون طاقتك الحيوية عالية، بينما حين تكون هائجاً تنخفض طاقتك الحيوية، حتى لو ارتفع مستوى "فاعليتك الموضوعية"، الذي يستنزف طاقتك.


كيف يمكن الاتصال بمستوى القيم ؟

الاتصال الحيوي بين الذات والوجود يبدأ من "الرغبة" التي تقود الذات إلى البحث عن مقابلها الوجودي، وهذه الرغبة توجه الذات إلى محاولة "إدراك" العالم ومستوياته بحثاً عن القيمة التي رغبت الذات إليها، وهذا الإدراك عندما يكتمل يتحول إلى "سعي\فعل" بحيث تركز الذات بإرادتها على الهدف الموضوعي الذي يحقق رغبتها.

فإذا رغبتَ حقاً بأمر ما، وأدركت بالتحديد ما هو والطريق الموصل إليه، فإنك حينها ستستخدم إرادتك الحقيقية ولن تجد ما يعيقك. هذه هي المعادلة المثالية والنهائية للتفاعل الحيوي من جهة الذات..

مشكلة الإنسان ليست عدم وجود القوة أو الإرادة بقدر ما هي عدم وضوح "الرغبة الحقيقية" لذلك لا يمكنه تحقيق المعادلة السابقة.

الاتصال بالطاقة الحيوية التي توجد في مستوى القيم يحتاج أولاً إلى "الرغبة الحقيقية"، ولكي تعرف ما هي رغبتك الحقيقية فهناك مهمة شاقة تنتظرك واسمها "اكتشاف الذات".

في الحقيقة ، كل التدريب الذي تقدمه مختلف مدارس الطاقة الحيوية إنما يهدف إلى "كشف الذات" وكشف الرغبة الحقيقية للمريد، وحين يكتشف ذاته لن يحتاج إلى وسيط أو تقنية معينة، لأنه سيجد في ذاته كامل القوة.


لذلك نقول ، إن الرغبة الحقيقية هي المشاعر الأكثر صدقاً لدى الإنسان، وهكذا يبدو أن "المشاعر" هي البوابة الصحيحة التي تؤدي إلى الاتصال ذاتياً مع الطاقة الحيوية.

تذكر أن الطاقة الحيوية التي نسعى إلى التواصل معها تختلف عن "الطاقة المادية" وهذا الاختلاف ليس فقط في نوعية التأثير لكليهما، بل - والأهم - في طبيعة المجال الذي يسمح باستدعائها أو التواصل معها.

ويختلف المعنى الذي تشير إليه كلمة "المشاعر" عن المعنى الخاص بكلمتي "الانفعالات" و"العواطف"، ذواتا المنشأ الجسدي والذهني، فالجسد يولد أحاسيس تقع ضمن حدوده فقط، إنه يجوع ويعطش ويشبع ويرتوي ويتوتر ويسترخي ويشتهي وينتشي، والنفس تعرف أحاسيس ضمن حدود المستوى النفسي مثل الخوف والجرأة والقلق والراحة والتعلق والمتعة، وهذه الأحاسيس لا تتسم بالمعاني القيميّة (ذات الأصل الوجودي المحض) مثل "النبالة" أو "الإخلاص" أو "الجمال" أو "العطاء"، كما أنها لا تعطي استحقاقاً لاستدعاء طاقات تتعالى على طاقة العقل والجسد، فطالما الهدف صغير فالطاقة المناسبة له صغيرة وضعيفة.

هل ستسدعي طاقة كونية نقية من أجل مجرد إزالة القلق !! هناك طرق أبسط بكثير ...

الذات الحقيقية لا تعرف مثل هذه الأحاسيس، إنها "تحس بمشاعر وجدانية عميقة" وهذه المشاعر تجعلها "تتآثر" مع مجال الطاقة الحيوية وتستدعي منه الطاقة المتناغمة مع مشاعرها.

يمكنك أن تفرّق على عملياً بين "المشاعر" وبين العواطف والانفعالات كالتالي : المشاعر تحضر في حالة من الاسترخاء والهدوء بحيث لا يوجد ضجيج نفسي وجسدي، العواطف والانفعالات متلازمة مع الهلع أو الهياج أو التوتر، المشاعر تتسبب في انفعالات جسدية ونفسية عميقة وقوية مثل البكاء الصادق أو "وقوف شعر البدن"، العواطف والانفعالات تؤدي إلى ردود فعل "سطحية ومتلاشية". حتى البكاء يكون سطحياً لأن الأنا تبكي على أشياء لا تستحقها، بينما الذات تبكي من محبة الوجود، وتحزن على ذات الآخرين.

ثلاث فروق جوهرية بين "الطاقة الحيوية" و"الطاقة الموضوعية" :

1. الطاقة الحيوية "قيّمة" وليست "كميّة".

2. الطاقة الحيوية غير مقيدة بحدود ضمن الزمان والمكان.

3. العلاقة بين الذات والطاقة الحيوية هي علاقة "تآلف" تفاعلي ، وليست علاقة سالب وموجب (سيطرة وعبودية).

بإيجاز ......


الطاقة الحيوية قيمة وجودية ، والقيم هي المعاني النقية (الوجود الخالص)، والتي لا تتألف من عناصر مركّبة وعلاقات، لأنها منطلق الوجود والجوهر الذي ينبعث منه الكون، فهي نقاء مطلق، فالقيم ليست شيئاً ينشأ بالتفاعل بين شيئين آخرين ... ولكنها وجود ذاتي مستقل.

كلمة "القيم" في المبحث الوجودي تحمل معنىً مختلفاً عن القيم في المبحث الاجتماعي والأخلاقي، أي ، ليس الأمر وكأننا نقصد "قيمة الفضيلة" مقابل سوء الخلق.

لكن حضور الوجود الخالص ، دون تدخل التأويل الذهني، هو "تجلي القيم"، فحين تدرك الوجود بحقيقته أو أي كائن فيه، فإنك تدرك "قيماّ" لا أشياء. ويمكن أن تتمثّل "القيم الخالصة" في تكوينات متراكبة ومعقدة، يمكن عزلها ظاهرياً ، كالأجسام ، لكنك لو ركزت على حضورها الحقيقي بالنسبة إلى الزمن والوجود وكما تتبدى في حالتها الزمانية الوجودية أمام وعيك فستجد أنها حالات تركيبية للقيم الإلهية الخالصة، حين ترد الكائن إلى أعماقه.

كل الكائنات المركّبة حين تدرسها إدراكياً تجدها "تجليات متنوعة للقيم العليا"، في أعمق نقطة من وجود الشيء، إنها تفاعل جدلي قيمي.

المكان بما هو مكان أيضاً يمثّل "قيمة"، إنه ليس موجوداً في مكان أكبر منه مساحياً، إنه مصدر الأماكن والمساحات، الزمان بما هو زمان هو قيمة، لأنه غير محدد في ميقات معين، حتى المادة نفسها تمثل "قيمة"، قيمة الوجود الواقعي، الموضوعية كذلك هي قيمة، وحتى الشر يمثل قيمة أو بالأحرى "سلباً للقيمة".

جوهر الكليات العليا، أو "منطلقات الوجود" هو ما نقصده بالقيم.

فالوجود لم يبدأ مركّباً وصيرورياً وتكثّراً ونسبياً، كما أنه لم يبدأ ضمن الزمان والمكان، فكل شيء يمكن رده إلى منطلقات، والوجود المادي ليس استثناء، ولكن المنطلقات الأولى للوجود بكل مستوياته وتجلياته هي "القيم الإلهية".

أصبح معنى القيم في هذا البحث أقرب للوضوح من حيث هو معنى وجودي (أنطولوجي) وليس معنى أخلاقي أو معياري أو تربوي.

والطاقة الحيوية هي أيضاً "قيمة" متعالية على الزمان والمكان مثلاً ككل القيم، ومن المهم أن ندرك أن القيم في حالاتها المطلقة لا تنفصل عن بعضها بفواصل موضوعية، فالرحمة الخالصة ليست شيئاً منفصلاً عن القوّة الخالصة، والجمال الخالص ليس منفصلاً عن الجلال الخالص، ولكن نظراً لأن عالمنا المادي تركيبي ومعقّد فإن ما نراه حالات جزئية ومحدودة من الرحمة والقوة والجمال والجلال، وليس قيماً خالصة، بل قيم متجلية ومقيدة في تجليها، أما القيم الخالصة فبينها "وحدة جوهرية" لأن الوجود الخاص بها مطلق، تتعالى على الحدود والفواصل وتسبر أغوار الكائنات وتكوّنها، إنها بلا حدود.. ولذلك جوهرها واحد مطلق.

والطاقة الحيوية هي الوجود القيمي وهو في حالة التجلي التي تتسم بالفاعلية أو الاتصالية مع الكائنات الجزئية، ولهذا تسمى "طاقة حيوية".

الكِي : هو الطاقة الإلهية التي تكوّن العالم ( هو طاقة الوجود ). الكي كونغ هو الاتصال بطاقة الوجود.

مفهوم الطاقة في العلوم المادية يصورها كـ"تجمّع كثرة من الذرات في حزمة واحدة" وهذا ما تبدو عليه بالنسبة لمن يراها من الخارج، إنه مناسب لو كان الموضوع هو "طاقة معينة في مكان وزمن محدد". ولكن من منطلق الطاقة الوجودي ( من العُمق .. ) فإنها ليست ذرية، لكن الطاقة الحيوية تجلّت في كثرة من النقط التي تبدو ظاهرياً كأنها تتجمع بقوانين طبيعية ( ولكن هناك ما هو أعمق من ذلك )، ويمكن أن تتجلى ذات هذه الطاقة بطريقة مختلفة ( غير ذرية )، وموضوع البحث الآن هو "جوهر الطاقة" .. وجودها الحق.

عندما تدرك الحقيقة لن تجد للكثرة التي تراها في العالم المادي أي معنىً، هناك وجود واحد غير متشخص، ومن الغريب حقاً أن تختلف درجات صعوبة الأهداف أو مستويات قدرة الأشياء في العالم الموضوعي بينما كل هذه الصور الظاهرية متساوية الهوية في المستوى الجوهري.

من منطلق رؤية تبدأ من العالَم الجوهري ، فإن الطاقة الصادرة إلى العالم الواقعي تكون أقوى أو أضعف بحسب اتصالها بالقيم (ما تحمله من القيم الحيوية)، فالطاقة التي تحمل قيمة "الإخلاص" أو "الرغبة المتعالية" تَكبُر الطاقة المقترنة برغبات مركّبة أو أنانية.. والطاقة الموجهة لنفع الآخرين أعلى من الطاقة الموجهة لمصالح دنيوية أنانية.

المشهد يختلف في الواقع المادي الذي نعيشه ...

إذن لماذا لا يحدث مثل هذا الأمر في العالم الدنوي الذي نحيا ضمنه كبشر ؟ المشهد هنا يقول أن البقاء والغلبة ل"الأقوى" و"الأذكى" وليس للأصدق والأحق، وأن التمايز بين الطاقات هو تمايز كمي وليس "نوعي"، فحين يتحارب جيشان فالغلبة تكون للمتفوق عسكرياً، ولن يصدقك أحد إذا قلت أن عجوزاً فقيراً غلب عشرة آلاف جندي لأنه على حق وهم على باطل.

الجواب الحقيقي هو أن أكثر الناس أخياراً وأشراراً يستخدمون مستوى الوجود نفسه ويعتمدون على الأسباب نفسها، ويستعينون بنفس نوعية التعبير الوجودي للطاقة الكونية ( أي الطاقة الفيزيائية التي لا تعترف إلا بالمادة والقوة) ولذلك سيكون الحكم بينهم هو ذلك القانون الذي يعترفون به، ربما بعضهم يحب القيم ويؤمن بها ولكن لا يتفاعلون معها، عقلهم لا يعترف بقدرة القيم على تجاوز حدود الزمكان والتعالي عليه في القوة والتعليل، عقلهم مصمم حسب النظام العالمي ليعترف فقط بمنطق المادة الموضوعية ، وهذا يجعلهم ضعفاء، غير قادرين على استدعاء الطاقة التي تنتمي إلى إيمانهم ومشاعرهم أمام العالم، والمجتمع، والطبيعة الظاهرية.. رؤيتهم تقول : إن الغلبة للأقوى، وإن الطاقة غير حيّة، وإن الله لا يتفاعل مع الناس، بل يذرهم ليعتمدوا على مواردهم الضعيفة، ونتيجة رؤيتهم هذه هي ولادة العالم الغَابي المادي الذي نراه موضوعياً ونحيا فيه اليوم.

إن رؤية الناس للكون والحياة تفرض عليهم حدوداً في تفاعلاتهم وفي طاقتهم، ولذلك لا يمكنهم أن يعتمدوا على الطاقة الإلهية.

أن تقولوا "إياك نعبد" لا تكفي لتغيير العالم والواقع ... بل أن تقولوا {( إياك نعبد وإياك نستعين )} ...

إذن قدرة الطاقة الحيوية لا تعتمد في الأصل على "مقدار الطاقة" التي يتم استدعاؤها، بل على نوعية الدافع ((النوايا)) الذي يوجه الذات للتآثر معها" ، الطاقة الحيوية قيّمة وحساسة.. في حقيقتها الخالصة.

كما أن العلاقة الصحيحة مع الطاقة الحيوية هي علاقة "تآلف"، أنت تتحد بالطاقة وتستحضرها في كيانك، لا أن ترغمها على الوجود كما تريد، لا أن تصبح "قطباً موجباً" وهي قطب سالب، فلا يمكنك إجبار القيم على أن تكون على غير ما هي عليه أو تحقق لك أعمالاً لا تتوافق مع وجودها القيّم، إذا أردت إجبار الطاقة الحيوية على الظهور، فأنت لا تستدعي طاقة حقيقية، إنك حينها ستحتاج إلى أن تتبع منطقاً آخر، يسمح باستدعاء الطاقة بناء على "الحساب والعمل الجاد" وليس بناء على الإحساس والإيمان والتآلف.
 
ولكن حين تريد تحقيق إنجاز، بينما لا تشعر بدافع روحي لتحقيقه، مثل شفاء شخص ما مقابل أجر يعطيه لك، أو فك السحر عنه مقابل خدمة معينة، فلا يمكنك استخدام طاقة حيوية خالصة وقيّمة، ولذلك سوف تستدعي الطاقة الحيوية من "مجال خارجي" مفارق لذاتك، وستحاول أن تأمره وتوجّهه بطريقة معينة ليخدم غرضك أنت، لا غاية الذات الحقيقية.

وهذا ينطبق على معظم الأعمال التي قد تستخدم طاقة الوجود كي من أجل تحقيقها، فطالما انك لا تنطلق من إدراك قيّم وإحساس عميق، فستحتاج إل قوّة موضوعية كوسيلة لذلك.


هادو النور وهادو الظلام :

إن الطريقة الصحيحة من أجل الإحساس بالكي الصافي هي التواصل مع الذات الحقيقية، أو بالأحرى هي التواصل مع الزمن الحقيقي والوجود الحقيقي والذي تشكل الذات الحقيقية أحد معالمه، ففي الزمن الحقيقي ليس هناك "تأويل ذهني" أو توقّع للمستقبل أو تفكير بالماضي، والعالم يكون حقيقياً بقدر م يكون "حضورياً" وفي حضرة الآن يمكنك أن تحس بالطاقة الحيوية لأنك متحرر من القيود الفسية والجسدية على إدراكك وتواصلك الحيوي.

ولكي تصل إلى مرحلة الإحساس بالآن الممهدة للإحساس بالطاقة الحيوية، يجب أن يهدأ "التوتر الداخلي" الجسدي (الفيزيولوجي) والنفسي (المخاوف والتعلقات) فهذا التوتر هو الذي يمنعك من الإدراك بصفاء للوجود والزمن والذات الحقيقية، لأنه يحاول "دفعك" طوال الوقت من أجل فعل شيء ما، إنه يخيفك من عدم الفعل، يحاول تجنيبك حالة الصمت والإدراك الهادئ، لأن الصمت يعني وفاة الأنا المزيفة، فالانفعال هو محاولة تطورية لحفظ بقاء الأنا المزيفة، وخوف الأنا المزيفة على بقائها هو ما يولد الانفعالات، لذلك لا يهم كيراً ما هي "العقدة" التي تعرضت لها في الطفولة، أو "أين يقع السحر" المربوط عليك، أو ما هي "الظروف" المعيشية الصعبة التي تقاسيها، هذه الأشياء ليست هي ما يجعلك غير هادئ، ولكن تهديدها ل"الأنا المزيفة" هو ما يجعلك تخاف، ولو تخليت عن محاولتك لضمان بقائك، تتحرر بنفس اللحظة من قبضة التوتر، ولذلك يقال أن تبقل الموت والتخلي عن الحياة هو بداية الطريق نحو الحقيقة.

محتوى مخفي تسجيل الدخول أو تسجيل لمشاهدة الروابط

هذا هو الأسلوب القوّم حقاً، ولكنه طويل ويحتاج الصبر والهدوء والتواضع، في قصة "Street fighter" كان يشار إلى هذا الأسلوب المعتمد على الهدوء والصمت التدريجي المؤدي إلى اكتشاف الذات والتواصل الواعي مع الوجود باسم Kyosui No Hado "طاقة اللاشيء" أو بدقة أكبر "الطاقة الخالصة" أي التي ليس لها أسباب تؤدي إليها، فوقودها معدوم الوجود وكأنها تنبع من العدم.

على النقيض من ذلك ، الأسلوب المعتمد على "السيطرة على الانفعال والانفجار الغريزي" والذي يهدف إلى زيادة "قوة الإرادة" عوض الاتصال بالذات الحقيقية يسمى Satsui No Hado "طاقة الظلمات".


محتوى مخفي تسجيل الدخول أو تسجيل لمشاهدة الروابط

هادو النور يعتمد على "إدراك الذات وقوة الآن" أما هادو الظلام فيعتمد على "المقارنة والتفوّق" ... أنا والآخرين مثابل "الذات الحقيقية".

وكما تم شرحه في القصة ، رغبة تعزيز الإرادة إلى الحد الأقصى مما يسمح بالسيطرة المطلقة على الوجود الموضوعي من خلال التركيز والقهر الإدراكي له تحتاج إلى تفجير الغرائز والرغبات الشرسة وخوض حياة قاسية جداً ، لكي تسحق قوة الإرادة هذه الصعوبات وتتجاوزها فتبصح متصاعدة إلى الحد الذي يمكنها فيه توجيه الطبيعة والجسد والأرض، ولكن النتيجة بالطبع ستكون فقدان الاتصال مع "الذات الحقيقية" كما حدث لأكوما، فدوافعه الجديدة لم يقررها بوعي، لأنه ركز فقط على "القوة والسيطرة" وتجاهل النوايا المضيئة تماماً، وتجاهل حتى نفسه ووجوده الشخصي ليحقق المثال الأكبر للسيطرة، وبينما اصبح يسيطر فعلاً على الأرض جميعاً لكن من يسيطر على إدراكه ومشاعره أصبح شيئاً آخر، مظلم، يسمى الشيطان Akuma.

الخطأ الأكبر الذي يجب عليك أن تتجنّبه هو "الاستعجال" والمبالغة في الالتزام على حساب المشاعر، والتركيز على "الإنجاز والنتائج". إلا إذا كنت تريد الوصول إلى مفهوم الكي الظلامية التي تعني السيطرة على كي الآخرين، عوض الاتصال بكي ذاتك الحقيقية.

وأنا أنصحك من خبرتي الخاصة والرهبية ...

لقد استخدمت أسلوب "الدارك هادو" دون أن أعرف ذلك، ودمجته بأسلوب "التنويم المغناطيسي" من أجل أن أصل إلى السيطرة المطلقة ... وفعلاً أصبحت قادراً على تنويم الآخر والتحكم به بإصدار "صوت" عادي مع نية التحكم. وأشفي الجروح بمجرد النظر إليها وأمور أخرى كثيرة، معتمداً فقط على قوة الإرادة.

التضحيات التي تطلبها الدارك هادو كانت مؤلمة .... لفترة طويلة صرت غضوباً وفوضوياً، وجلدي أصبح مظلماً ومطاطياً، لم أعد أتحسس الموسيقى والفن، لم أعد أحس بشيء، لم أعد أعرف نفسي، لم أعد أهتم بأحد، أو أتعاطف مع أحد، أو أكترث لأي كائن، كنت أريد فقط الدمير والانتقام، وكنت أقاوم هذه الرغبة طوال الوقت، التي لا أعلم كيف وجدت سبيلها لي.. اختلفت دوافعي وقيمي وكأن شخصاً آخر ينازعني على كياني ... وصلت الإجابات في وقت لاحق بعد أن عشت أكثر التجارب جحيماً في حياتي.

استعادة التحكم كانت تشبه كسر نظام الكون وإعادة بناءه من جديد..


القوة ليست الحق ... الحق هو القوّة.
 
هل اكتساب قوة الارادة ان تتبع القوة الظلمانية
 
هل قوة الارادة تكتسبها من القوى الظلمانية
وقوى النور لايمكن استعمالها في الشفاء والتحكم بالآخرين
 
قال أحد معلمي الطاقة الحكماء :
" إن البنية الفراغية للمادة ماهي إلا بنية هشة إذا ما قورنت بمستوى جيد من طاقة الإرادة البشرية "
 
  • لايك
التفاعلات: Ile
قال أحد معلمي الطاقة الحكماء :
" إن البنية الفراغية للمادة ماهي إلا بنية هشة إذا ما قورنت بمستوى جيد من طاقة الإرادة البشرية "
يمكن توضيح اكثر
 
يمكن توضيح اكثر
هذا هو الجواب الذي تبحث عنه :

1719343108079.png


قوة الإرادة بمعزل عن قوة الإدراك ستولّد فجوة، وكلما كانت الروح المريدة أقوى كلما اتسعت الفجوة ( الظلام ) التي تستخدمها الروح كمتمم لقوة الإرادة الداخلية، أي أن الإرادة دون بصيرة ستكون عمياء عن الحق والقيم، ولذلك سيبدو أن المعيار الحقيقي للحسم هو القوة فقط.
 

أداب الحوار

المرجو التحلي بأداب الحوار وعدم الإنجرار خلف المشاحنات، بحال مضايقة إستخدم زر الإبلاغ وسنتخذ الإجراء المناسب، يمكنك الإطلاع على [ قوانين وسياسة الموقع ] و [ ماهو سايكوجين ]
أعلى