خطة امريكية لتعقيم نصف الشعب البرازيلي؟
في عام 1991 ثار الرأي العام البرازيلي بعد كشف عدة صحف محلية لبعض جوانب خطة سرية كان قد أعدها مجلس الأمن القومي الأمريكي تهدف لتقليل عدد سكان البلاد من خلال تعقيم النساء وذلك من أجل السيطرة على موارد البرازيل الطبيعية.
حققت الحكومة البرازيلية من خلال وزارة الصحة في ادعاءات تعقيم النساء وكانت النتائج صادمة! فمن سوء حظ البرازيليين أنهم اكتشفوا الخطة السرية الأمريكية المسماة (NSSM 200) بعد أكثر من 15 عاماً من البدء في تنفيذها.
سري للغاية
خضعت المذكرة لأعلى درجات السرية وذلك لاعتقاد واشنطن بأن نشرها أو تسريبها سيكون مزلزلاً، وظلت المذكرة في الظلام لمدة 15 عاماً إلى أن أجبرت المحكمة في عام 1989 السلطات الأمريكية على نشرها وذلك في إطار دعوى قضائية رفعتها إحدى المنظمات القانونية.
الموقف المتشدد من قبل البرازيل وغيرها من الدول النامية أقنع الدوائر السياسية الأمريكية بأنهم لن يصلوا إلى مبتغاهم إلا بطرق سرية، وبناءً على أمر أصدره الرئيس "نيكسون" – بإيعاز من رجل الأعمال الأمريكي "جون روكفلر" – قام "هنري كسينجر" بإعداد مذكرة "NSSM 200".
نظرة على الخطة
بحلول 1974 كان "كسينجر" قد أكمل المذكرة التي تضمنت استنتاجات دقيقة تتعلق بالنمو السكاني والتي كان من بينها العبارة التالية:
يقول كسينجر في المذكرة: "إن العالم يعتمد بشكل متزايد على إمدادات المعادن من البلدان النامية وإذا أدى النمو السكاني المتسارع بتلك البلدان إلى إحباط آفاق التنمية الاقتصادية والاجتماعية فإن عدم الاستقرار الناتج عن ذلك قد يقوض أنشطة التوسع في إنتاج المعادن وهو ما سيؤثر على التدفقات المستدامة من تلك المعادن إلينا".
كانت سياسة واشنطن باختصار هي أن الزيادة السكانية في البلدان النامية الغنية بالموارد تهدد وصولها إلى احتياجاتها من تلك الموارد، ولذلك عليها أن توقف هذه الزيادة بأي شكل حتى لو لزم الأمر نشر تدابير قسرية للحد من السكان.
قبل أن يتمكن من تنفيذ تلك الخطة، باغت القدر "نيكسون" الذي استقال من منصبه في عام 1975 على خلفية فضيحة ولكن في نفس الشهر قام الرئيس الأمريكي الجديد ونائب "نيكسون" السابق باعتماد "NSSM 200" سياسة رسمية للولايات المتحدة.
تم تطبيق خطة "كسينجر" السرية على اعتبار أن ذلك سيسمح للولايات المتحدة باستغلال موادها الخام، خلال السنوات الثلاثين اللاحقة، خضعت هذه البلدان لتغييرات جذرية في معدلات الخصوبة، ومعظمها لم يدرك ما كان يحدث إلا بعد فوات الآوان. مثل البرازيل التي لم تكتشف الأمر إلا بعد نحو 15 عاماً من البدء في تنفيذ الخطة الأمريكية.
صدمت الحكومة البرازيلية حين اكتشفت أن 44% من جميع النساء البرازيليات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 14 و55 عاماً تم تعقيمهن بشكل دائم. وأن معظم النساء الأكبر سناً تم تعقيمهن عندما بدأ تنفيذ الخطة الأمريكية في منتصف السبعينيات.
وجدت الحكومة أن التعقيم تم بواسطة مجموعة متنوعة من المنظمات والوكالات الأجنبية في معظمها وأن جميع البرامج التي نفذتها تلك المنظمات كانت برعاية وتوجيه الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، وربما ليس من قبيل المصادفة إشارة إلى الاتحاد الدولي لتنظيم الأسرة جنباً إلى جنب مع صندوق السكان التابع للأمم المتحدة باعتبارها الوسيلة المثالية لتنفيذ سياستها السكانية.
من بين التفاصيل الصادمة التي اكتشفتها وزارة الصحة هو أنه في إطار هذه البرامج تم تعقيم ما يصل إلى 90% من جميع النساء البرازيليات المنحدرات من أصل إفريقي، في دولة يحتل عدد سكانها السود المرتبة الثانية بعد نيجيريا؛ فقد كان ما يقرب من نصف سكان البرازيل البالغ عددهم 154 مليون نسمة في الثمانينيات من أصل إفريقي.
أدى التطبيق الخفي للسياسة الإمبريالية الأمريكية إلى التعقيم غير القانوني وذلك وفقاً لما صرح به وزير الصحة البرازيلي في ذلك الوقت ...
المصادر في نهاية الرابط