هناك عدد محدود للقراءات المسموح بها للزوار

[2] هو عدد القراءات المتبقية

لوتان الكنعاني و لوياثان اليهودي أكثر من مجرد أسطورة-بقلم أبو حسن الهاشمي،

  • بادئ الموضوع عضو سابق - 3467
  • تاريخ البدء
ع

عضو سابق - 3467

زائر - عضو سابق
لوتان الكنعاني و لوياثان اليهودي أكثر من مجرد أسطورة
بقلم أبو حسن الهاشمي، الشيخ هرمس (رفع الله درجته وأرضاه بحمده).
عبر التاريخ الطويل لشعوب الحضارات التي نشأت في غرب آسيا وجدت احدى المجموعات الدينية التي استطاعت أن تحافظ على بقائها عبر العصور وأن تطور عقائدها وأساطيرها من خلال ترحالها بين الشعوب واقتباس الكثير من آداب وثقافات وتقاليد الشعوب المجاورة والحضارات القديمة، وبالطبع فإن القارىء الذكي سيعلم أننا نقصد اليهود الذين تعود أصولهم لقبائل العبرانيين البدو الرحل الذين اختلطوا بجميع الحضارات القديمة فأخذوا من كل حضارة اقتباساً عن دينهم وعن تراثهم وتقاليدهم جامعين بذلك خلطة غريبة عجيبة في كتابهم المقدس الذي صار يحتوي الكثير والكثير من أدب الحضارات القديمة الذي اقتبسه اليهود عن تلك الحضارات.
فنحن نجد مثلاً أن قصص التناخ (الكتاب المقدس اليهودي) هي في غالبها قصص وأساطير الحضارات القديمة، حيث يستطيع أي باحث في تراث الحضارات القديمة أن يلاحظ التشابه المذهل بين قصة موسى في التوراة وقصة سرجون المعروفة عند شعوب الحضارات القديمة لبلاد الرافدين، كما يستطيع أن يلاحظ التشابه بين قصة صراع أولاد آدم وقيام قايين بقتل أخيه هابيل وقصة صراع سيث مع أخيه أوزيريس وقيام سيث بقتل أوزيريس كما هو معروف في الأسطورة القديمة لصراع آلهة مصر، الى غير ذلك من التشابهات المذهلة بين القصص التوراتية والأساطير القديمة لشعوب الحضارات القديمة.
في مقالتنا هذه سوف نسلط الضوء على موضوع أسطورة الأفعى لوتان والاله بعل عند الكنعانيين القدماء، وكيف قام اليهود باقتباس هذه الأسطورة وتغيير محتواها في كتابهم المقدس، ثم سنتناول بعد ذلك كيف تم توظيف هذه الأسطورة في سفر زوهار ليصبح تفسيرها ومعناها بحسب زوهار هو التعبير الأوضح عن لب العقيدة اليهودية ورؤية اليهود في موضوع الصراع العربي الاسرائيلي.
تقول الأسطورة الكنعانية أن المياه (رمز العمى والفوضى والعبث) كانت قبل كل شيء وكان هناك ثعبان عظيم اسمه لوتان وله سبعة رؤوس يعيش في تلك المياه (الفوضى) ويتحرك فيها الى أن ظهر الاله بعل (وبعل هنا هو رمز لمفهوم اللوغوس الذي يصنع النظام) فقام بقتل الثعبان العظيم لوتان ثم بدأ يحول الفوضى الى نظام مرتب الى أن ظهر العالم كما نعرفه.
تلك هي الأسطورة الكنعانية عن ثعبان الفوضى لوتان سباعي الرؤوس وعن كيفية قيام الاله بعل بقتله من أجل خلق النظام والقضاء على العبث والفوضى، وهي أسطورة ترمز لتحول المادة من حالة الهيولى والفوضوية الى حالة الانتظام عندما تنطبع عليها الصور التي يفرضها اللوغوس عليها (كما في فلسفة أرسطو عن الوجود بالقوة والوجود بالفعل، حيث تنطبع الصور الفاعلة على مادة الهيولى).
كيف تحولت هذه الأسطورة ذات البعد الفلسفي التي نسجها العقل الكنعاني الى قصة دينية مقدسة في كتب اليهود، حيث نجد الكتاب المقدس يحدثنا عن لوياثان في مواضع عدة من الكتاب المقدس وتلك المواضع هي كما يلي :
سفر المزامير 74: 14 /
أَنْتَ رَضَضْتَ رُؤُوسَ لِوِيَاثَانَ. جَعَلْتَهُ طَعَامًا لِلشَّعْبِ، لأَهْلِ الْبَرِّيَّةِ.
سفر إشعياء 27: 1 /
فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يُعَاقِبُ الرَّبُّ بِسَيْفِهِ الْقَاسِي الْعَظِيمِ الشَّدِيدِ لَوِيَاثَانَ، الْحَيَّةَ الْهَارِبَةَ. لَوِيَاثَانَ الْحَيَّةَ الْمُتَحَوِّيَةَ، وَيَقْتُلُ التِّنِّينَ الَّذِي فِي الْبَحْرِ.
سفر المزامير 104: 26 /
هُنَاكَ تَجْرِي السُّفُنُ. لِوِيَاثَانُ هذَا خَلَقْتَهُ لِيَلْعَبَ فِيهِ.
وفي سفر ايوب 41 /
1 «أَتَصْطَادُ لَوِيَاثَانَ بِشِصٍّ، أَوْ تَضْغَطُ لِسَانَهُ بِحَبْل؟
2 أَتَضَعُ أَسَلَةً فِي خَطْمِهِ، أَمْ تَثْقُبُ فَكَّهُ بِخِزَامَةٍ؟
3 أَيُكْثِرُ التَّضَرُّعَاتِ إِلَيْكَ، أَمْ يَتَكَلَّمُ مَعَكَ بِاللِّينِ؟
4 هَلْ يَقْطَعُ مَعَكَ عَهْدًا فَتَتَّخِذَهُ عَبْدًا مُؤَبَّدًا؟
5 أَتَلْعَبُ مَعَهُ كَالْعُصْفُورِ، أَوْ تَرْبِطُهُ لأَجْلِ فَتَيَاتِكَ؟
6 هَلْ تَحْفِرُ جَمَاعَةُ الصَّيَّادِينَ لأَجْلِهِ حُفْرَةً، أَوْ يَقْسِمُونَهُ بَيْنَ الْكَنْعَانِيِّينَ؟
7 أَتَمْلأُ جِلْدَهُ حِرَابًا وَرَأْسَهُ بِإِلاَلِ السَّمَكِ؟
8 ضَعْ يَدَكَ عَلَيْهِ. لاَ تَعُدْ تَذْكُرُ الْقِتَالَ!
9 هُوَذَا الرَّجَاءُ بِهِ كَاذِبٌ. أَلاَ يُكَبُّ أَيْضًا بِرُؤْيَتِهِ؟
10 لَيْسَ مِنْ شُجَاعٍ يُوقِظُهُ، فَمَنْ يَقِفُ إِذًا بِوَجْهِي؟
11 مَنْ تَقَدَّمَنِي فَأُوفِيَهُ؟ مَا تَحْتَ كُلِّ السَّمَاوَاتِ هُوَ لِي.
12 «لاَ أَسْكُتُ عَنْ أَعْضَائِهِ، وَخَبَرِ قُوَّتِهِ وَبَهْجَةِ عُدَّتِهِ.
13 مَنْ يَكْشِفُ وَجْهَ لِبْسِهِ، وَمَنْ يَدْنُو مِنْ مَثْنَى لَجَمَتِهِ؟
14 مَنْ يَفْتَحُ مِصْرَاعَيْ فَمِهِ؟ دَائِرَةُ أَسْنَانِهِ مُرْعِبَةٌ.
15 فَخْرُهُ مَجَانُّ مَانِعَةٌ مُحَكَّمَةٌ مَضْغُوطَةٌ بِخَاتِمٍ.
16 الْوَاحِدُ يَمَسُّ الآخَرَ، فَالرِّيحُ لاَ تَدْخُلُ بَيْنَهَا.
17 كُلٌّ مِنْهَا مُلْتَصِقٌ بِصَاحِبِهِ، مُتَلَكِّدَةً لاَ تَنْفَصِلُ.
18 عِطَاسُهُ يَبْعَثُ نُورًا، وَعَيْنَاهُ كَهُدُبِ الصُّبْحِ.
19 مِنْ فَمِهِ تَخْرُجُ مَصَابِيحُ. شَرَارُ نَارٍ تَتَطَايَرُ مِنْهُ.
20 مِنْ مِنْخَرَيْهِ يَخْرُجُ دُخَانٌ كَأَنَّهُ مِنْ قِدْرٍ مَنْفُوخٍ أَوْ مِنْ مِرْجَل.
21 نَفَسُهُ يُشْعِلُ جَمْرًا، وَلَهِيبٌ يَخْرُجُ مِنْ فِيهِ.
22 فِي عُنُقِهِ تَبِيتُ الْقُوَّةُ، وَأَمَامَهُ يَدُوسُ الْهَوْلُ.
23 مَطَاوِي لَحْمِهِ مُتَلاَصِقَةٌ مَسْبُوكَةٌ عَلَيْهِ لاَ تَتَحَرَّكُ.
24 قَلْبُهُ صُلْبٌ كَالْحَجَرِ، وَقَاسٍ كَالرَّحَى.
25 عِنْدَ نُهُوضِهِ تَفْزَعُ الأَقْوِيَاءُ. مِنَ الْمَخَاوِفِ يَتِيهُونَ.
26 سَيْفُ الَّذِي يَلْحَقُهُ لاَ يَقُومُ، وَلاَ رُمْحٌ وَلاَ مِزْرَاقٌ وَلاَ دِرْعٌ.
27 يَحْسِبُ الْحَدِيدَ كَالتِّبْنِ، وَالنُّحَاسَ كَالْعُودِ النَّخِرِ.
28 لاَ يَسْتَفِزُّهُ نُبْلُ الْقَوْسِ. حِجَارَةُ الْمِقْلاَعِ تَرْجعُ عَنْهُ كَالْقَشِّ.
29 يَحْسِبُ الْمِقْمَعَةَ كَقَشٍّ، وَيَضْحَكُ عَلَى اهْتِزَازِ الرُّمْحِ.
30 تَحْتَهُ قُطَعُ خَزَفٍ حَادَّةٌ. يُمَدِّدُ نَوْرَجًا عَلَى الطِّينِ.
31 يَجْعَلُ الْعُمْقَ يَغْلِي كَالْقِدْرِ، وَيَجْعَلُ الْبَحْرَ كَقِدْرِ عِطَارَةٍ.
32 يُضِيءُ السَّبِيلُ وَرَاءَهُ فَيُحْسَبُ اللُّجُّ أَشْيَبَ.
33 لَيْسَ لَهُ فِي الأَرْضِ نَظِيرٌ. صُنِعَ لِعَدَمِ الْخَوْفِ.
34 يُشْرِفُ عَلَى كُلِّ مُتَعَال. هُوَ مَلِكٌ عَلَى كُلِّ بَنِي الْكِبْرِيَاءِ».
فـلوياثان كما يظهر من نصوص الكتاب المقدس هو ذلك الثعبان أو التنين الذي يعيش في المياه (رمز الفوضى) وقد خلقه الرب قبل أن يخلق العالم، ويبدو التشابه مذهلاً مع الأسطورة الكنعانية رغم اختلاف الاسم بعض الشيء (لوتان/لوياثان)، وتنحية الإله بعل الكنعاني من الأسطورة التي تروى بالنسخة اليهودية.
وبكل الأحوال فإن غرضنا هو أن نبين ونوضح البعد الأخطر الذي تتخذه أسطورة لوياثان في الشروحات الحاخامية عند اليهود لتلك الأسطورة.
يعتبر سفر زوهار كتاب التصوف اليهودي الأبرز، وهو كتاب حديث النشأة مقارنة مع غيره من كتب اليهود المقدسة حيث يعود تاريخ تأليفه الى القرن الثاني عشر على يد الحاخام موسى دي ليون الذي قام بتأليف الكتاب وزعم نسبته الى الحاخام شمعون بار يوحاي من القرن الثاني رغم أن ذلك الزعم غير صحيح (وقد ناقشنا موضوع الأصول الحقيقية للزوهار في مجالسنا السابقة التي يمكن للاعزاء أن يعودوا إليها لمعرفة الأصول الحقيقية الغامضة لكتاب الزوهار).
في سفر زوهار تتحدث النصوص بوضوح عن أن عهد الرب يكون مع ابراهيم من جهة إسحاق فقط بينما بالنسبة لإسماعيل ولعيسو فلا عهد للرب معهم، لأن الرب قد عرض التوراة على اسماعيل ابن ابراهيم وعلى عيسو ابن إسحاق فرفضوا القبول بها ولم يقبل التوراة بحسب الزوهار الا اسرائيل ولذلك يبارك الرب اسرائيل ونسله من أبناء يعقوب ويقيم عهده معهم.
وعلى الرغم من أنه من الواضح جداً أن الغرض الحقيقي من وراء كتابة تلك النصوص الموجودة في زوهار هو التقليل من شأن اسماعيل وعيسو والتمجيد والتعظيم لشأن اسحاق ويعقوب (آباء اليهود)، إلا أن هنالك جانب آخر يتعلق بتفسير وشروحات الحاخامات لتلك النصوص في زوهار والتي يتم ربطها غالباً بأسطورة لوياثان.
في التفاسير الحاخامية اليهودية غالباً ما يتم الربط بين اسماعيل (الابن البكر لابراهيم) وبين لوياثان أفعى الفوضى، فيقال أن لوياثان قد استطاع التسلل الى عقل اسماعيل والتحكم فيه ولذلك فإن إسماعيل ونسله (العرب) يرتبطون بأفعى الفوضى لوياثان وبالتالي فإن شخص إسماعيل والعرب من نسله يرتبطون باللاعقلانية والفوضى والعبث، بينما يشير اسحاق الى العقلانية والفهم والنظام.
ومن هنا يمكننا أن نفهم ذلك الشعور لدى اليهود اليوم بأن عليهم أن يكونوا أسياداً وقادة على العرب، وأن على جميع العرب التطبيع معهم والخضوع لهم بكل ما تعنيه كلمة الخضوع والتبعية وتحمله من معاني، فإسماعيل وأولاده في نظرهم مجرد تنانين عمياء (لوياثان)، أو بمعنى آخر مجرد أجسام قوية بدون عقول بينما هم كيهود يعتبرون أنفسهم أصحاب العقول والفهم الذين يحتاجون الى جسم قوي (اسماعيل والعرب) لكي يتحكموا فيه كما يتحكم العقل بالجسد ويحركه حيثما يشاء.
اذا نظرنا اليوم الى حال العرب فيمكن لنا أن نصدق ما تصفهم به كل تلك الكتابات بأنهم مجرد أجسام كبيرة وأعداد كثيرة بدون عقول (مجرد لوياثان او ثعبان اعمى يعيش في حالة من التخبط والفوضوية)، ولكن ذلك غير صحيح لأن العرب اليوم لا تنقصهم العقول ولا تنقصهم الكفاءات وإنما ينقصهم شيء واحد فقط وهو قيام دولة حقيقية لهم تحمل مشروعهم القومي في المنطقة، وبدون تلك الدولة ستبقى بلادهم مجرد أماكن يتصارع عليها اللاعبين الدوليين الكبار واللاعبين الإقليميين الصغار كما يحدث في الوقت الحالي.
لقد أبدع العرب القدماء في كثير من العلوم و شيدوا حضارة عاشت لفترة طويلة من الزمان، كما أنهم برعوا في العلوم الباطنية كالتنجيم والفلسفة اللاهوتية والخيمياء وغيرها من فروع المعرفة، ولا ننسى أن لغتهم التي ترتبط بالمنازل الفلكية للقمر هي لغة السحر والأسرار، وإلى أن يعود العرب الى التراث الباطني الروحاني الحقيقي لهم فسوف يبقوا مفككين تنازعهم رياح الشرق والغرب.
وعلى الرغم من كل شيء فإنه يمكننا أن نبقى متفائلين بشأن المستقبل، لأننا أقوياء واستطعنا في الماضي التغلب على تبعية عرب الشمال للفرس والروم وشتات عرب الجنوب في صحراء الجزيرة بين قبائل متناحرة، كما استطعنا أن نتغلب على الغزو المغولي لبلداننا، واستطعنا أن نقاتل بشراسة ضد الحملات الاستعمارية علينا، ولأجل كل ذلك يجب أن نبقى متفائلين وأن نعلم جيداً أنه مهما كنا اليوم في حالة ضعف شديدة فإننا نستطيع دائماً أن نقوم من جديد.
وكما أن برج العقرب في علم التنجيم يعتبر البيت الثامن الذي يرتبط بالموت والولادة من جديد والتحولات الغامضة والأسرار الباطنية الخالدة، فكذلك العرب الذين يرتبطون بذلك البرج بالإضافة لارتباطهم بالسرطان يستطيعون خلق الولادة من جديد كما يفعل ذلك طائر العنقاء الذي يجدد وجوده وينهض من الرماد.
محتوى مخفي تسجيل الدخول أو تسجيل لمشاهدة الروابط

محتوى مخفي تسجيل الدخول أو تسجيل لمشاهدة الروابط

محتوى مخفي تسجيل الدخول أو تسجيل لمشاهدة الروابط

محتوى مخفي تسجيل الدخول أو تسجيل لمشاهدة الروابط
 

أداب الحوار

المرجو التحلي بأداب الحوار وعدم الإنجرار خلف المشاحنات، بحال مضايقة إستخدم زر الإبلاغ وسنتخذ الإجراء المناسب، يمكنك الإطلاع على [ قوانين وسياسة الموقع ] و [ ماهو سايكوجين ]
أعلى