سيد الأحجار السبعة
عابر الزمن الثالث
- المشاركات
- 882
- مستوى التفاعل
- 1,659
البحث الأول من محاضرات إيدنبورغ مع شرحه
"وأي الأرض تخلو منك حتى ... تعالوا يطلبونك في السماء"
"تراهُم ناظرين إليك جهراً ... وهم لا يُبصرون من العماء"منصور الحلاج ...
"مُحاضراتُ إدنبورغ في علم الذهن والتحكُم الذهني"
توماس تراورد 1904-1909
الروح والمادة
كفاتحة لاستهلال هذا المسار الدراسي ، الذي يتناول العُلوم الذهنية بالتحقيق ، عبر سلسلة من المحاضرات ، يكون من الصعب نوعاً ما ، على المُحاضر ، أن يُحدد أفضل طريقة لكشف الهيكل البحثي لهذا العِلم. حيث من الممكن مقاربة منطلقات هذا البحث التمهيدي ، من خلال العديد من أوجه المحاكاة التعليمية، ولكل وجه من تلك الوجوه، بعض الخصائص والفضائل ذات النكهة الغريبة. إلا أنه ، وبعد التأمل والتفكر الدقيق، يبدو لي ، لأجل غايتي من هذا المسار الدراسي ، ليس هنالك مُنطلق يمكن اختياره أفضل من "العلاقة بين الروح الإلهي والمادة المحدودة"{1}.
اختبار الإدراك للروح والمادة :
لقد اخترت هذا المَبحث كمُنطلق لأن الحد الفاصل ( أو ما تَظنه كذلك ) بينهما ، متجذر في الخبرة العلمية البشرية لدى جميع الناس ، وذلك بالنسبة لكل ما يألفونه من مُعطيات، وأستطيع التأكيد باطمئنان ، أن هذا الحد مُدرَك من قِبل كل كائن له وعي وإدراكٌ. وإنني وبناءً على ذلك ، أذكر الآن مباشرة مَلاك التمييز هذا{2} ، مُستخدماً الصفات التي يتوافق عليها الناس كتَعبيراتٍ عن "الأعراض" التي يَتركها التناقض الوجودي بين الإثنين ، كانطباعات مُختبرة –كما يتمُ إدراكُهما من قبل الذات- : الروح الإلهي (المُطلَق) الحي، والمادة المحدودة الميتة. إن المصطلحات التي ستُستخدم للإشارة لتلك التمايزات ، تُعَبِّر عن "تيار الانطباعات المُباشرة في الإدراك"{3} الذي يعطي إيحاءً –وفقاً لعوامل معينة- باختلاف التَجرُبة الحسية المحكية عن كلٍ من الروح المُطلق والمادة المُحددة. هذه الصفات العَرَضية دقيقة بشكل لا بأس فيه ، إلا أنها تجعل الناس يفكرون أو يتصورون وجود فاصلٍ تامٍ ونهائي ، بين هذين العالمين – اللذان يتم التعرف عليهما من خلال المعطيات الروحية والمعطيات المادية في التجربة الإدراكية – ولا يمكن تجنّبُ التشكيك في مثل هذا الفَصل المزعوم ، إلا إذا تم التَسليم بـ"دراسة الهيئة الخارجية لتلك الانطباعات"، دون السعي لاستبطانها{4}.
المفهوم الاسمي السطحي مقابل عُمق الاختبار :
وهناك حقٌ مع السواد الأعظم من الناس ، الذين يتملكهم إجماعاً عاماً بالثقة في الاستدلال بالحواس المادية – والحس بشكل عام – ، وإن أي منظومة فلسفية أو علمية تحاول إخبارهم بأن عليهم ترك ذلك الحس الطبيعي، سوف لن يُكتب لها أن تحفر في الحِكمة قدماً دائمة الحضور لدى الجماهير العقلانيين والأسوياء. حقيقة ، ليس هُنالك أي شيء خاطئ في الدلالات الحسية الظاهرية ، المنقولة لعقلٍ سليم بواسطة حواس جسمٍ سليم. إلا أن النُقطة التي يتسلل إليها التضليل والالتباس ، تقع بالضبط في تلك اللحظة ، التي تُقدِم فيها على إطلاق حُكم منطقي تأويلي لتلك الانطباعات – ومن هنا يَدخُل الاستخلاص المؤدي للأحكام المُتسرعة والموقف الطبيعي الساذج – فالناسُ مُعتادون على إطلاق الأحكام التأويلية بالاستناد للمظهر الخارجي فقط – في كل شيء في الحياة – ووضع القيود المحددة مُسبقاً على الدلالات{5} التي يربطونها بكلمات. ولكن عندما تبدأ البحث العلمي ، عن داخلية المعنى الحقيقي الباطني للكلمة ، وتحليل العلل التي أدت لعرضِ تلك الظواهر بالتحديد على إدراكك ، ستجدُ مفاهيمك الشبحية القديمة تتساقط تدريجياً.
حتى تصل في النهاية للحظة اليقظة التي تعيشها في عالمٍ مختلفٍ مُطلقاً عن ذاك الذي كُنت تظنك تعرفه بشكلٍ اعتيادي وطبيعي، الوضعُ المحدود للتفكير يتلاشى بَعيداً دون بذلِ جهدٍ تركيزي لذلك. تبدأ الآن بالإحساس والرؤيا ، لخُطاك وهي تتقدم نحو حكمة الحياة ، هي منظومة جديدة من المُعطيات والموضوعات ، جميعها حُرة وحية ، وهذا الإنجاز الذكائي المُتنور يَنتُج عن القرارِ الصادق والثابت والسعي المُطلق – الغير متعلق بالظروف المُقيدة والسجن الزمني ، بل بالرغبة الحيوية الخالصة والحاضرة – لكشف متنِ الواقع وعين الحقيقة، كشفاً يسمو فوق كلِ إطار ، كشفاً لا تُحدده مسلماتُ ومفاهيم مُضللة مُسبقة ، أياً كان المصدَرُ الذي أتت منه.
القرار أن تتفكر وتبحث بصِدقٍ وإخلاص ، عن ذاتك الحقيقية ، عوضاً عن السعي لإنجاز أفكارك الخاصة – التي تحسَب أنها تُحقق وجودك – ضمن الواقع النسبي في زمان الغياب الذي تعيشه. فدعنا نستهل إذن ، بتعلم ما الذي تعنيه "الحياة" حقاً ، عندما نعزوها للروح ، وما الذي يعنيه "الموت" حقاً ، عندما نعزوه للمادة – وهما علمان سابقان لجميع المعارف والعلوم ، لأنهما أشمل من تفرعاتهما ، فلا يمكن قياسهما من خلال المناهج البحثية ، لأن كل المناهج تأتي بعدهما ، معتمدة على التسليم بهما – ولِما يميل الإنسان للقول ، الحياة مُتلازمة مع الحركة ، والموت مُتلازم مع غياب الحَركة{6}.
حتى تصل في النهاية للحظة اليقظة التي تعيشها في عالمٍ مختلفٍ مُطلقاً عن ذاك الذي كُنت تظنك تعرفه بشكلٍ اعتيادي وطبيعي، الوضعُ المحدود للتفكير يتلاشى بَعيداً دون بذلِ جهدٍ تركيزي لذلك. تبدأ الآن بالإحساس والرؤيا ، لخُطاك وهي تتقدم نحو حكمة الحياة ، هي منظومة جديدة من المُعطيات والموضوعات ، جميعها حُرة وحية ، وهذا الإنجاز الذكائي المُتنور يَنتُج عن القرارِ الصادق والثابت والسعي المُطلق – الغير متعلق بالظروف المُقيدة والسجن الزمني ، بل بالرغبة الحيوية الخالصة والحاضرة – لكشف متنِ الواقع وعين الحقيقة، كشفاً يسمو فوق كلِ إطار ، كشفاً لا تُحدده مسلماتُ ومفاهيم مُضللة مُسبقة ، أياً كان المصدَرُ الذي أتت منه.
القرار أن تتفكر وتبحث بصِدقٍ وإخلاص ، عن ذاتك الحقيقية ، عوضاً عن السعي لإنجاز أفكارك الخاصة – التي تحسَب أنها تُحقق وجودك – ضمن الواقع النسبي في زمان الغياب الذي تعيشه. فدعنا نستهل إذن ، بتعلم ما الذي تعنيه "الحياة" حقاً ، عندما نعزوها للروح ، وما الذي يعنيه "الموت" حقاً ، عندما نعزوه للمادة – وهما علمان سابقان لجميع المعارف والعلوم ، لأنهما أشمل من تفرعاتهما ، فلا يمكن قياسهما من خلال المناهج البحثية ، لأن كل المناهج تأتي بعدهما ، معتمدة على التسليم بهما – ولِما يميل الإنسان للقول ، الحياة مُتلازمة مع الحركة ، والموت مُتلازم مع غياب الحَركة{6}.
الحَرَكَة الفيزيائية وملاك الحياة :
قد يميل المرء بداية ، للقول أن مَلاك الحياة هو قوة الحركة ، وملاك الموت هو غياب تلك القوة، إلا أن قليلاً من الاطلاع على النتائج الأخيرة للتحصيل العلمي والبحوث التجريبية – في بدايات القرن العشرين – سيُريك مُباشرة أن هذه النزعة ، لا تتوغل في العُمق بشكل كافٍ لتكوين حُكمٍ على هذا الموضوع – الفرق بين حركة الحياة والموت – في هذه الأثناء ، غدا العِلمُ بكامله مؤسساً على تلك الحقيقة الأولية : ليسَ هنالك ذرة تنتمي للمادة الميتة ، التي يُقصَدُ بها غياب الحركة النشطة التفاعلية ، على الطاولة التي تُقابلني الآن ، تستلقي كُتلة صُلبة ، ثابتة ومُتماسكة من المعدن، لكن بإشراقات من أنوار العلم المعاصر ، أعلم جيداً ، أن هذه الذرات المادية الجامدة حسب ظاهرها المُجمل ، تُبتنى من التواتر الذبذبي النشط الكثيف ، الذي يصلُ لأعلى ما يمكن تصوره من كثافة وتواتر في الطاقة الحركية ، إنها تتحرك باستمرار ، هنا وهناك ( مُندفعة بشكل نشط في كُل مراكز تخليق المادة المحلية ، المنتشرة في الكون المنظور واللامنظور ). تتصادم هذه الذبذبات معاً ، وترتد على بعضها البعض ، وتطوف كمجموعة شمسية بحركة خاطفة لا تكفُ عنها ، ما يكفي لإرباك أي تمثيل خيالي لمجرياتها{7}.
المادة ، باعتبارها مادة مُطلقة ومعزولة أصلاً ، رُبما تستلقي بشكل كثيف على الطاولة – لدرجة تسمحُ بالإحساس بتماسُكها نوعاً ما – بينما في حقيقة الأمر ، هي مُفارقة تماماً لذلك المفهوم الذي يصورها كشيء عطول عن الحركة التفاعلية. "كُنه المادة" ليس إلا المصدر الذي تسكُن فيه طاقة الزمن ، التي لا تأخذها سِنة ولا نوم في خلق الحركة ، على المُستوى الكمومي والجزيئي ، بشكل آني تماماً – لا زمني – بحيثُ تبدو سرعة القطار مُهمشة – متوقفة – أمامها. وبالتالي ، لا يكفي مجرد إطلاق حكم منطقي علمي ، أن الحركة التفاعلية هي أصلُ التمايز الذي يرسمه الناس بين الروح والمادة ، بل يتوجب على الباحث الحقيقي ، التعمق أكثر وأكثر.
المادة ، باعتبارها مادة مُطلقة ومعزولة أصلاً ، رُبما تستلقي بشكل كثيف على الطاولة – لدرجة تسمحُ بالإحساس بتماسُكها نوعاً ما – بينما في حقيقة الأمر ، هي مُفارقة تماماً لذلك المفهوم الذي يصورها كشيء عطول عن الحركة التفاعلية. "كُنه المادة" ليس إلا المصدر الذي تسكُن فيه طاقة الزمن ، التي لا تأخذها سِنة ولا نوم في خلق الحركة ، على المُستوى الكمومي والجزيئي ، بشكل آني تماماً – لا زمني – بحيثُ تبدو سرعة القطار مُهمشة – متوقفة – أمامها. وبالتالي ، لا يكفي مجرد إطلاق حكم منطقي علمي ، أن الحركة التفاعلية هي أصلُ التمايز الذي يرسمه الناس بين الروح والمادة ، بل يتوجب على الباحث الحقيقي ، التعمق أكثر وأكثر.
الحياةُ المُدركة في الزمن المُفارِق :
أصبحتَ تدرك الآن أن منهج المُقارنات الذي يستخدمه المنطق الصوري – التأويل الخاطئ لأفكار ديكارت ، الذي ولد مُعضلة الروح\الجسد – لا ينفعُ هنا ، وسيتضح السبب أكثر فأكثر ، مع تقادم البحث. لكن ، مفتاح حقيقة الوجود والزمن ، المُقارنة (الإدراكية) بين مُستويين من ظهور الحياة للإدراك . بالتأكيد ، إن إحساساً واحداً يُستخدم في مراقبة الحياة ، لا يُمكن أن يُعرفك بمُستويات الظهور، إلا أن هناك أحاسيس معينة ، إذا ما استخدمتها ، تَكشِف مَلَاك الظهور بصورة كاملة. لابد أنك لن تشُك أبداً بأن النباتات حية – بمعنى الحياة العام ،فهي تنمو وتتحرك – لكنك ستُلاحظ خصائص عرضية معينة ، مُختلفة بشكل صريح ، عن تلك الحياة لدى الحيوانات.
أي صبي – ذو إدراك اعتيادي – هذا الذي لن يُفضّل الكلب الثعلب على السمكة الذهبية كحيوانه المُدلل ؟ بنفس هذه الطريقة البحثية ، اسأل نفسك : ما الذي يجعل الطفل نفسه أرقى – في مظاهر حيويته – من الكَلب ؟ النبات ، السمكة ، الكلب ، والصبي ... جميعها متعادلة في الحياة ، ولكن، يقع الاختلاف في جودة المَلكَات الحيوية لكل مظهر من تلك المظاهر ، هذا الاختلاف الذي لا يتسلل الشك إليه. والفهم البديهي – الشبحي – للعلة ، التي لن يتردد أي شخص في رد تلك الاختلافات إليها ، هو "الذكاء". وأينما وجهنا وجوهنا نحو حيثيات قبلتنا البحثية ، سنجد دائماً ذلك المُدرك الشَمول (الذي نُسميه الحياة) هو الجوهر لأي مظهرٍ حيوي فردي ، سنجدُه مُتحداً بالحكمة – التنظيم القيمي – من خلال ذكائيته. هذا هو المَلاك في ظهور الذكاء لدى الحيوان ، بشكل أعقد منه لدى النبات ، بشكل أعقد منهما لدى الإنسان ، ولدى الشخص الذهني ، يظهر بوضوح أكبر من البهيمي ، فإن تنامي الذكاء ، يولد أنماطاً أكثر نشاطاً في الحركة الحيوية التفاعلية{8}.
رؤية الحكمة والنُظُم الحية عبر الزمان :
ازدياد الذكاء ، يُلزم ازدياد الأنماط النشطة من الحركة – لولب الزمن – فالأنظمة الحيوية ذات السلوك الفائق والتطور العالي ، تنعكس دقتها من جوهرها الذكائي الآخذ بالنمو والاكتمال. الذكاء الأعلى كيفياً يؤدي لاتساع البنيان ضمن أنماط الحركة التي يَحكُمها. ومع انخفاض مُستوى الذكاء – بسبب ازدياد التقييد والتعقيد على قوة الوعي – يضع هذا المستوى المنخفض توقيعه على السلوك : "ازدياد الاستجابات الانعكاسية"، بنفس قدر انخفاض الذكاء، فلا يعود الفاعل قادراً على التحكم بالمُجريات من خلال ذكاء ذاته الواعية. – مما يؤدي لتكاثفه المحلي شيئاً فشيئاً حتى يصبح روحاً مأسورة في وثن فيزيائي. هنا، يدخُل الانتخاب الطبيعي كمُنظم لمجال الاحتمالات ، بَعدَ أن تلاشت القدرة الخلاقة للذات الحية المقفوصة في الزمن وفضاء الاحتمالات المحلية – .
يتدرج هذا السُلّم في البناء الذكائي ، من مُستوى الإدراك المُقدس للذات الحقيقية ، لدى الإنسان الأعلى ارتقاءً في الهُوية ، وحتى أدنى مراتِب الأنماط المنظورة فيزيائياً ، والتي يتحدث الناس عنها كـ"جمادات" ، التي ربما يغيب إدراكها لذاتها كلياً – فقد تشتت تركيزها تماماً – .
يتدرج هذا السُلّم في البناء الذكائي ، من مُستوى الإدراك المُقدس للذات الحقيقية ، لدى الإنسان الأعلى ارتقاءً في الهُوية ، وحتى أدنى مراتِب الأنماط المنظورة فيزيائياً ، والتي يتحدث الناس عنها كـ"جمادات" ، التي ربما يغيب إدراكها لذاتها كلياً – فقد تشتت تركيزها تماماً – .
وِحدة الوعي والإدراك والحكمة \ البرهان على حيوية الزمن وجميع الكائنات :
نرى بوضوح إذن ، حيوية الحياة تتجلى موضوعياً في الذكاء ، بكلمات أخرى : في قوة التفكير البنّاءة. وربما تقول حينها ، أن الملاك المميز الفاصل بين الروح وما سواها ، هو التفكير البنّاء ، وعلى النقيض من ذلك ، يكون الملاك المميز للمادة ، هو "النمطية الثابتة للتفكير" ، فلا يمكن تصور "مادة بلا روح" دون أن تسلُكَ هذه المادة مسالِكَ مقيدة ، مؤطرة بأطر ثابتة – يفرضها اللولب الزمني المحلي عندما يتكاثف بشكل متطرف ، فلكي تكون مادة عليك أن تملأ الفضاء "البعد الزمكاني العقلي" من خلال تناسُجك معه ، ضمن تفاعُلاتك العقلية التي تقيد حركتك الزمنية – يجب أن تخضع لنمطٍ محلي مناظر للنمط المسموح به في تلك المنطقة. كذلك إذن ، من المناسب القول عنها أنها "قاعدة علمية انطلاقية" أن الملاك الخاص بالظاهرة الروحية الموضوعية ، هو "التفكير البنّاء" ، والملاك الخاص بالظاهرة المادية الموضوعية هو "التفكير المُنمَّط\المؤطَّر" ... هذا هو القانون الراديكالي – معرفياً – للتمييز بين المعطيات الظاهرية المُفارقة للذات المُدرِكة – وقد تمت الإشارة إلى القانون الذي يشرح كيف ترتد الظاهرة نحو الإدراك وملاك التمييز بين المُعطيات المُدركة الحاضرة للذات والمتحدة معها، في الحاشية {6} – فيجبُ على طالب هذه العلوم ، أن يتلفت بعناية نحو هذه المعايير.
استنتاجاً من فرضية وجوب التوسع في الفضاء المحلي لأي شيء حي، وأيضاً التقيد بحدود معينة – القوانين الفيزيائية – .. عندما تفكر بالحياة كوجود مُحدد بنمط ثابت نسبياً ، فأنت تربطها بقيدية الامتداد في الفضاء المحلي. يغدو الفيل حينها ، محتوياً على قدر من جوهر الظاهرة الحيوية ، أكبر من ذلك الذي يحتويه الفأر. أما إذا أدركت قوة الحياة كـ"علة لظهور الحياة" ، لن تربط بينها وبين أي فكرة تقيد إدراكك لها ضمن نطاق فضائي – أو أي قيدٍ آخر – ، وستغدو حياة الفأر حينها مُعادلة لحياة للفيل، دون الاكتراث باختلاف الهيئة المنظورة{9}.
استنتاجاً من فرضية وجوب التوسع في الفضاء المحلي لأي شيء حي، وأيضاً التقيد بحدود معينة – القوانين الفيزيائية – .. عندما تفكر بالحياة كوجود مُحدد بنمط ثابت نسبياً ، فأنت تربطها بقيدية الامتداد في الفضاء المحلي. يغدو الفيل حينها ، محتوياً على قدر من جوهر الظاهرة الحيوية ، أكبر من ذلك الذي يحتويه الفأر. أما إذا أدركت قوة الحياة كـ"علة لظهور الحياة" ، لن تربط بينها وبين أي فكرة تقيد إدراكك لها ضمن نطاق فضائي – أو أي قيدٍ آخر – ، وستغدو حياة الفأر حينها مُعادلة لحياة للفيل، دون الاكتراث باختلاف الهيئة المنظورة{9}.
التفاعُل القائم بين الزمن والحياة :
القاعدة المُهمة التي يمكنك استنتاجُها من هذا التمايز : إذا استطعتَ تخيُل أي شيء محرراً تماماً من "قيد التناسُج الزمكاني المحلي" ضمن فضاء ما ، فلابد أنه حاضرٌ بكينونته الكاملة ، في أي زمكان وكل زمكان – التناسُج المحلي ، تقييد لقوة لولب الزمن العقلي ضمن بُعد مكاني نسبي – فكُلما تكاثف الذكاء الحيوي ، اقتربَ أكثر للصيغة المحلية المُطلقة كظهور له ، وكُلما تحرر ، يقترب إلى الوجود المُطلق ، يبتعدُ عن النسبية.
كشفُ الروح والمادة \ الزمن ككائنٍ حيوي تفاعلي :
لهذا نقول : في جميع نقاط النسيج الزمكاني ، يوجد "تَحاكي" ، جميع تلك النقاط ، تكتنهُ بـ"التحاكي فيما بينها" جميعها ، "مُحاكاة للجوهر" الذي تنبعثُ منه ، الواحد – الذي ليس له نقيض لأنه بلا نوع ولا قيد – بمستويات ظهوره المتعددة{10}.
-: التعريفُ الفيزيائي للزمن :هو الفترة المُستغرقة لجسم يعبُر من نُقطة لأخرى ومن ثم، تِبعاً لذلك ، عندما لا يكون هناك فضاء ، لا يكون هناك زمن{11} ، ومن ثم ، لتفهم أو لتُدرك أن الروح الحرة\المُجردة عن قيد الفضاء المحلي ، على أنها حرة\مُجردة عن قيد الزمن المحلي أيضاً ، فقوانين السببية المحلية ، والمنطقُ المحلي ، تتعطل ولا تعود تعمل أيضاً ( بل ليس لها وجودٌ أصلاً خارج نطاق المحلية ) وهذا هو القانون الأساسي في السحر وكذلك في العرفان{12}.
وهكذا تكتشف مفهوم (أو مُدرَك) الروح "كقوة بنّاءة خالصة" وليس كموضوع ذو نمط ثابت محدود ، أما الحقيقة الروحية ، هي الحضور الفعّال الغني عن قيود الفضاء والزمن المحليان – فهما مظهرٌ لها ... ذلك المفهوم الخاطئ عن الروح ، الذي يُعدِم ارتباطها التآثري مع الوقت والفضاء المحلي تماماً ، أمر طبيعي لمن يتعامل مع الروح بالإدراك الساذج ، الذي لَم يدرك صاحبه معنى الروح ولا معنى المادة ، بل أدرك فقط الترميز الشبحي المُحاكي لكل منهما ، ولم ينفذ لما وراءه – ومن هذه "الحقيقة" ، تُدرِك تباعاً ، أن الخيال البنّاء الموجه والمكثف ، يجعل أي موضوع خيالي ، موضوعاً حاضراً بتأثيره "هنا" و"الآن".
-: التعريفُ الفيزيائي للزمن :هو الفترة المُستغرقة لجسم يعبُر من نُقطة لأخرى ومن ثم، تِبعاً لذلك ، عندما لا يكون هناك فضاء ، لا يكون هناك زمن{11} ، ومن ثم ، لتفهم أو لتُدرك أن الروح الحرة\المُجردة عن قيد الفضاء المحلي ، على أنها حرة\مُجردة عن قيد الزمن المحلي أيضاً ، فقوانين السببية المحلية ، والمنطقُ المحلي ، تتعطل ولا تعود تعمل أيضاً ( بل ليس لها وجودٌ أصلاً خارج نطاق المحلية ) وهذا هو القانون الأساسي في السحر وكذلك في العرفان{12}.
وهكذا تكتشف مفهوم (أو مُدرَك) الروح "كقوة بنّاءة خالصة" وليس كموضوع ذو نمط ثابت محدود ، أما الحقيقة الروحية ، هي الحضور الفعّال الغني عن قيود الفضاء والزمن المحليان – فهما مظهرٌ لها ... ذلك المفهوم الخاطئ عن الروح ، الذي يُعدِم ارتباطها التآثري مع الوقت والفضاء المحلي تماماً ، أمر طبيعي لمن يتعامل مع الروح بالإدراك الساذج ، الذي لَم يدرك صاحبه معنى الروح ولا معنى المادة ، بل أدرك فقط الترميز الشبحي المُحاكي لكل منهما ، ولم ينفذ لما وراءه – ومن هذه "الحقيقة" ، تُدرِك تباعاً ، أن الخيال البنّاء الموجه والمكثف ، يجعل أي موضوع خيالي ، موضوعاً حاضراً بتأثيره "هنا" و"الآن".
حكمة الحياة القيمية والوجود الكُلاني :\ الزّمان المُطلَق ومستواه المحلي :
وفقاً لهذه الرؤيا – رؤيا العرفان والسحر – للأمور ، لا شيء يمكنُ أن يكون منفصلاً عنك سواءً ضمن الزمان أو المكان ... سواءً كانت الفكرة أو الصورة التي تُدركها سرابية تماماً ، أو موجودة بفعالية حاضرة الآن لا في المُستقبل. فحيثُ لا يوجد تسلسل ، لا يوجد "مُستقبل" – أنت تصنع التسلسل – وبنفس المنطق ، عندما لا يكون هناك فضاء محلي ، لن يكون هناك مسافة فاصلة بينك وبين الموضوعات الأخرى – أنت تصنع المسافة – ، عندما تُزال جميع القيود التي تُقيد بها الزمان والفضاء عن إدراكك ، كّلُ أفكارك وتصوراتك ومشاعرك ، ستكونُ فاعلة في "الهنا العالمي" وفي "الآن السرمدي" . بلا شك ، هذا تجريدٌ عالٍ جداً للوجود المُدرَك ، إلا أنني أطلُب من الطالب ، السعي الصادق حتى الإحاطة الكاملة به ، فهو ذو قيمة حيوية في الوصول للتَحَكُّم وتطبيقه ، من خلال علوم الذهن ، كما سيتضحُ مع تقادمك في البحوث{13}.
مبدأ المعنى المقابل – المنعكس من الجوهر – أن الأشياء تُعبر عن نفسها، من خلال شروط التواجد الزمني\الفضائي المحلي. إن شرط الفيزياء المحلي ، يؤسس "التنوع النسبي" ضمن العلاقات بين تلك الموضوعات ، مِثل الحجم – الذي يأخذ معناه فقط عند قياسه لحجم آخر – والمسافة ، والاتجاه ، وكذلك ، الخط التسلسلي للزمن المحلي ... هذان المبدآن ، على التوالي ، هما ما يُشكل مُدركية\مفهوم "المُجرد" و"المقيد" ، الذي بشرط واللابشرط ، المُطلق والنسبي – كُنه المادة وكُنه الروح -. إنهما غير مُتعارضين إذا رأيتهم عبر الحس الصافي بعيداً عن المُقارنة المنطقية، هما مُتكاملان مع بعضهما ، والحقيقة الوحيدة ، هي أنهما "مُندمجان\واحد". خطأ المثالية المُتطرفة ، سعيُها إدراكَ المطلق بعزله عن ظهوره النسبي ، خطأ المادية المُتطرفة ، سعيها إدراك النسبي بعزله عن جوهره المُطلق. في جِهة ما ، كانت الخطيئة في محاولة إدراك الداخل دون الخارج ، في جهة أخرى ، كانت الخطيئة هي محاولة إدراك الخارج دون الداخل ، حيثُ ، كلاهما أوليٌ لأجل كَشفِ الحكمة ، حكمة الوجود الكلاني{14}.
مبدأ المعنى المقابل – المنعكس من الجوهر – أن الأشياء تُعبر عن نفسها، من خلال شروط التواجد الزمني\الفضائي المحلي. إن شرط الفيزياء المحلي ، يؤسس "التنوع النسبي" ضمن العلاقات بين تلك الموضوعات ، مِثل الحجم – الذي يأخذ معناه فقط عند قياسه لحجم آخر – والمسافة ، والاتجاه ، وكذلك ، الخط التسلسلي للزمن المحلي ... هذان المبدآن ، على التوالي ، هما ما يُشكل مُدركية\مفهوم "المُجرد" و"المقيد" ، الذي بشرط واللابشرط ، المُطلق والنسبي – كُنه المادة وكُنه الروح -. إنهما غير مُتعارضين إذا رأيتهم عبر الحس الصافي بعيداً عن المُقارنة المنطقية، هما مُتكاملان مع بعضهما ، والحقيقة الوحيدة ، هي أنهما "مُندمجان\واحد". خطأ المثالية المُتطرفة ، سعيُها إدراكَ المطلق بعزله عن ظهوره النسبي ، خطأ المادية المُتطرفة ، سعيها إدراك النسبي بعزله عن جوهره المُطلق. في جِهة ما ، كانت الخطيئة في محاولة إدراك الداخل دون الخارج ، في جهة أخرى ، كانت الخطيئة هي محاولة إدراك الخارج دون الداخل ، حيثُ ، كلاهما أوليٌ لأجل كَشفِ الحكمة ، حكمة الوجود الكلاني{14}.
التعديل الأخير: