ريم أميرة مملكة جوف الارض.
الحلقة الثانية
في الوادي تحت ضوء القمر
دخان فنجان قهوتي يتصاعد برفق ليشكل صورة لجسدها أمامي كانت تشير لي بيديها بغنج وتبتسم وأنا أقول في نفسي،،، الآن أنا بالفعل في طريقي إلى الجنون بشكل رسمي, بينما أنا ضائع بين دخان فنجان قهوتي, وأفكاري ,فجاءة أسمع صوت يأتي من بعيد يناديني؟
فارس,,,, فارس,,,, فارس, أين سرحت وشردت عنا بتفكيرك يا رجل؟
ويد تخرج من الدخان لتربت على كتفي برفق,
أوف إنه صديقي عبد الرحمان
دائما يقطع حبل تفكري كلما شربت معه فنجان القهوة كل مساء جمعة يشدني من كتفي ويقهقه غامزاً بعينيه من هاته السعيدة الحظ, التي أخذت تفكيرك كله عنا يا صاحبي؟ هل تخفي عني سراً وأنا كتاب مفتوح بين يديك, وصندوق أسرارك؟ ويستمر بالقهقهة والضحك........
تبسمت من قوله, وأخذته في حديث بعيد عن موضوع سؤاله؟ تحدثنا في كل شيء، في السياسة، في الاقتصاد، في الفن، في كل شيء إلا الحديث عنها هي.
كانت السماء تمطر بشكل خفيفي, زخات المطر تلتصق على زجاج نوافذ المقهى، وتنزلق ببطء مشكلة خطوط مائية متعرجة, وغروب شمس يترك، على رصيف الشارع ظل شفق محمرا , كان جليسي عبد الرحمان يتكلم عن قصته المفضلة عنوانها خطيبته وطلباتها الكثيرة ألا معقولة، و التي تهدد بنهاية علاقتهما, وطبعا لا يقع أي شيء, واصل عبد الرحمان الحديث بحاجبين معقوفين حتى يشد أنتباهي بأنه يتحدث هذه المرة بجدية، وأن الموضوع مختلف ومصيري, وبأنه سينهي علاقتها بها بشكل نهائي, لقد كرر على مسامعي نفس حديثه الغاضب من خطيبته منذ شهر مضى, وفي نفس المكان, ولم يتغير شيء, طبعا واصل عبد الرحمان كلمه متجهما ينظر إليّ وكانه ينظر إلى خطيبته، أو كأنه يدرب نفسه على المواجهة أمام مرآة, وفي نفس الوقت يحتسي قهوته موجها الكلام إليِّ سأقول لها: (يقصد خطيبته) لقد فاض الكيل بي، لم أعد أتحمل طلباتك المتكررة، ولقد قررت ومن اليوم أن أن٫٫٫٫٫ وفجاءة يرن الهاتف، كانت هي! خطيبته على الطرف الاخر من الهاتف, وتغير الموقف ثلاثمئة وستين دراجة وبسرعة البرق, الوجه الذي كان يشكل إعصارا من الدرجة الخامسة من شدة الغضب, أصبح فجاءة رقيقا يقطر حبا وحنانا وودا..؟!!!
ألو....
يا أهلا وسهلا بالقمر (ياوني بيك) ....
اقسم بالله أنت بنت حلال, كنا نتحدث عنك أنا وفارس بكل خير.
وسمعت صراخها القادم من هاتف عبد الرحمان، والذي يحاول بكل وسيلة وحيلة خنق هاتفه بكلتا يديه, حتى لا اسمع صراخ خطيبته وتهديدها له بفسخ الخطوبة تقول له:
أسمع يا وجه الغراب, لو كنت مع شخص غير فارس كان يومك سيكون أسودا مثل…….
آه ثم آه لو سمعت أنك ترافق علي السكير سيكون اخر يوم ترى فيه وجهي.
ولا تنسى طلباتي التي قلت لك ...
أسمعت ياوجه البوم؟
عبد الرحمان
أنت فقط حركي أصبعك الصغير، وأنا أنفذ كل طلباتك ياحبي.
كان عبد الرحمان غارقا في عرقه من الإحراج أمامي, وغارق في حب خطيبته، ولسانها السليط رغم القصف جو أرض القادم من طرف الأخر من الهاتف، كان عبد الرحمان سعيدا بهذه المكالمة أو إن صح التعبير الملاكمة اللسانية.
كنت أنظر لمشهد تغزله بها، وتدلله لها، وأنا أبتسم, لم يعد يفاجئني المشهد ( مشهد صديقي وخطيبته) لقد تعودت منهما على ذالك, ولم أعد أسمع حديثهما الهاتفي, كأنما شخصاً ما أغلاق الميكرفون الداخلي في علقي فجاءة, كنت أرى صديقي يفتح فمه, ويغلقه بشكل مضحك, وهو يتودد لها مثل قط أليف,كأنه مشهد لفيلم صامت كوميدي أمامي، أخذت فنجان قهوتي وأنا أكتم ضحكة داخلية من طرافة المشهد, وقبل أن يصل الفنجان إلى شفتي ألتفت, وكأن شيئاً ما صعقني بالكهرباء!! كاد فنجاني أن يندلق من يدي على أرضية المقهى, رأيتها تقف أمامي على مسافة أمتار إنها هي,, أنها هي, لا ,,,لا ,,,لا ,أنا أتوهم ذالك,,,, هل أنا مصاب بالهلوسة ؟!! هذا الأمر فاق احتمالي, كأنما عقلي تم وضعه في معصرة، وعصره بشكل بطيء لكي يستوعب المستحيل؟!
ألتفت للمرة ثانية لأتأكد من الأمر, ووجدتها مازالت تقف هناك بالفعل تجمع ذراعيها بحضنها, وترفع حاجبها بغضب,,, نعم أنها هي وغاضبة جدا؟!!! ولكنه غضب محبب يُحببك للغضب نفسه, أشرت إلي بأن أتبعها لم أحتاج إلى تفكير طويل ولم احتاج لأن استأذن من صديقي عبد الرحمان, فهو غارق في مكالمة الحب إلى ذقنه خلف خطوط الهاتف مع خطيبته.
تبعتها مسلوب الإرادة مثل حكاية البحار الذي سمع صوت حورية البحر تغني فوق جرف, فقفز نحوها بدون إرادته وبدون تفكير مثل قصص الأساطير اليونانية.
كنت أسير بجانبها وشعرها الحرير الأسود يلامس وجهي كلما حملته الرياح في اتجاهي يدعب عطرها روحي قبل أنفاسي, كنت اشعر بحالة غريبة من الذهول وأنا بحضرتها, كان وجهها الناعم يشع نورا, وحاجبها الدقيق كأنه مرسوم بيد فنان مبدع, كانت تنظر إلى وتبتسم وتشيح بوجهها عني وبسرعة, آه ما اجمل ابتسامتها تلك, كان فمها في حجم الفستق يُغلق على أسنان بيضاء مثل اللؤلؤ متراصة بشكل بديع فسبحان احسن الخالقين, لها انف مخطوط، ودقيق كانه صُب ونحت من المرمر شديد البياض, ولها خصر نحيل تحته شيء ظليل, وساق مثل قضيب العاج يخنقه خلخالا ذهبي رقيق مرصع بحجارة كريمة تحمله أقدام صغيرة لُفت في حذاء أبيض براق بدون كعب, كل شيء فيها متناسق كل شيئا فيها متكامل فسبحان من خلق هذه المخلوقة في الحسن والجمال وكأنها حازت النسبة الذهبية في أحسن تقويم لمحياها.
أحاول أن أتكلم فتقع عيني على عينها الواسعة مثل قبة السماء المزينة بالنجوم فتهرب مني الكلمات، وأبقى أنا أسيرا لتلك النظرات, مشيت معها بين ازقة المدينة, ولا أدري كيف مشيت أحيانا اشعر معها كانني حية تزحف على بطنها أو مجنون فقد عقله في شوارع المدينة الشبه خالية, حتى خرجنا من المدينة, ألتفتت و قالت لي لنذهب إلى الجنوب ولم أطرح سؤالا، ولم انبس بكلمة؟ سرنا على جنبات الوادي لمدة ساعة, وفجاءة رن هاتفي كان عبد الرحمان!!!
ألو ….
كيف تخفي عني علاقتك بتلك الفتاة الجميلة يا رجل؟
ألست صديقك المفضل, وخازن أسرارك؟ وأضاف قائلا: الحقيقة هي تجاوزت الجمال بمراحل عديدة, بل هي قنبلة العصر, أين تعرفت عليها يا فارس؟
من تكون؟
لم أرى في حياتي التعيسة فتاة في مثل جمال فتاتك يافارس, اسمع أقسم بالله ثلاث خطيبتي أمام فتاتك ستكون مثل القرد, بل في الحقيقة ستكون مسخاً قبيحاُ أمامها و....
لم اشعر بيديها وهي تأخذ هاتفي مني وترميه في النهر.
ماذا فعلت يا مجنونة؟
صرخت في وجهها
لماذا رميتي هاتفي في النهر؟
أخذت تدور حول نفسها وتصفق، وتضحك إنهم البشر عندما يغضبون، وعندما يفقدون شيء ليس له قيمة روحية في حياتهم. وأضافت قائلة:
أتبكي مثل الطفل من اجل هاتف؟ وتنسى من تقف أمامك يا أحمق, هل رأيت فتاة في مثل جمالي طبعا لا, ولم تكن تحلم ان انظر إليك في حياتك كلها.
لقد كنت غاضبا من غرورها واعتدادها بنفسها لقد جعلتني شدة غضبي عليها أتغلب على ضعفي أمام جمالها.
ولم أشعر من شدة الغضب إلا وأنا أمسكها من خصرها النحيل, وارميها في النهر سمعت فقط صرختها من شدة المفاجئة, وصوت ارتطامها بماء النهر المختلط مع الوحل.
خرجت من النهر وهي تشتم وتسب غاضبة, وكل الطين والوحل عالق على ملابسها ووجهها وشعر رأسها.
وأنا انظر إلى المشهد مشدوها من ما فعلت بها! وبدون شعور مني انفجرت من الضحك, كانت طريقة غضبها ومشيتها مضحكة وجميلة وانيقة في نفس الوقت, حتى وهي بهذا المظهر كانت رائعة مبهرة كأنها لوحة تشكيلية عندما انتهى الفنان من رسمها أدلق عليها كل الألوان الطيف دفعة واحدة, وكانت النتيجة لوحة فنية في قمة الإبداع، يجب أن تعلق في اشهر معارض الفن في العالم.
عندما رأتني اضحك زاد غضبها مني جدا وحنقها, ووقفت عن الشتم والصراخ فجاءة! وهزت دفعة واحدة جسدها كله بسرعة كالجان, فتناثر الوحل والطين في كل أرجاء المكان, حتى أن بعض الوحل المتطاير منها ألتصق بجبهتي, اقسم بالله عندما توقفت عن هز جسدها مثل غزال مبلل ينفض الماء عن جسمه, لقد عادت ملابسها نظيفة جدا مثل ما كانت وشعرها الطويل اكثر أشراقا ولماعان, لقد صدمت من هول المفاجئة وأنا فاتح فمي فاغرا من الصدمة.
كيف حدث هذا؟
أخذت تمسح شعرها بيديها, وهي مبتسمة وفي عينيها لمعان وانتصارا بسبب الدهشة التي رأتها على وجهي, قالت: ساخرة اغلق فمك يا رجل الأمر ليس فيه سحر أو عزائم الأمر وما فيها وهو أننا نسبقكم بالأف السنين الضوئية في مجال العلوم والتقنية.
قلت لها كيف وصوتي تعلوه بحة ودهشة؟!!!
عقفت بحاجبيها على مضض وقالت: حسناً
سأشرح لك رغم أن رأسك ثقيل جدا وغبي.
هناك تقنية يقال لها تقنية النانو يحاول البشر اكتسابها اليوم ( تقنية النانو لمن لا يعلم تقنية الجزيئات متناهية الصغر أو تقنية الصغائر أو تقنية النانو هي العلم الذي يهتم ب معالجة المادة على المقياس الذري والجزيئي.تم اكتشافه حديثا).
فملابسي مصنوعة بتقنية النانو تنظف نفسها بنفسها ولا يلتصق فيها لا الغبار ولا حتى الماء, ولا أي شيء, حتى شعري قمت برشه برذاذ عطري مصنوع بتقنية النانو يحميه من البلل وفي نفس القوت يقوم بتغذيته والحفاظ عليه من المناخ القاسي.
فكل جسدي ارشه بهذا الرذاذ العطري ليحميني من تقلبات المناخ الخارجي للأرض فأنا كما ترى غير قابلة للبلال.
وأضافت لولا غباءك وتصرفك الاحمق لما ضيعنا الكثير من الوقت.
لم أتحمل وفاض بي الكأس هنا صرخت في وجهها، هل أنا من ضيع الوقت؟ هل أنا من رمى الهاتف في النهر.؟
هل أنا من بدأ العراك والشجار.....؟
نظرت إلى بعتاب وقالت: أنا أسفة المهم أغمض عينيك يا فارس فليس هناك متسع من الوقت...
قاطعتها لن اغمض عيني حتى أعرف من أنتِ؟
ريم: لهذا قلت لك أغمض عنيك حتى تعرف من أنا ومن أكون؟
فرفضت على مضض وأخذت أحدق فيها بدون أن يغمض لي جفن.
ضحكت وهي تراني أحدق فيها بدون ان ارمش بجفن, يا الله كانت ضحكتها مثل الشمس التي تظهر من خلف غيوم الغضب كم هي جميلة في كل ظروفها في فرحها وفي غضبها وفي جنونها معا..
اقتربت مني وعطرها المختلط مع أنفاسها يلهب رقبتي وصدري. وصدرها الطري الناعم تحت قميصها يلامس جسدي, اقسم بالله كانت النار تشتعل في كل ذرة من كياني... وضعت يديها على جبهتي لتمسح الوحل العالق بجبهتي وقلت لي لا تكن عنيدا كالأطفال يا فارس اغمض فقط عنيك رجاءا...؟
اللعنة كم أنا ضعيف أمامها، وكم هي قريبة مني الآن أكثر من أي وقت مضى, وجهها بكامل استدارته مثل القمر في ليلة اربعة عشر يسد الأفق أمامي, وعطرها الشذي يحيط بي من كل جانب ويحتويني إنه شعور آسر وفاتن أريده أن يستمر إلى ما نهاية.......
قالت: هيا يا فارس لا تكن عنيدا أغمض عينيك من فضلك وفي نفس الوقت يديها تداعب وجنتي, وعيونها كانت تلمع بكل ألوان الكون في عيني,
كنت اسمع صوتها العذب القادم من بئر عميقة يقول:
سأعد لك من واحد إلى سبعة وأفتح عينيك عندما تسمع رقم سبعة.
هل اتفقنا؟
ولم تنتظر جوابي..
واحد
اثنان
ثلاثة
أربعة
خمسة
ستة
سبعة
فتحت عيني لأجد نفسي, واقفا معها في غرفة نومي وهي تحتضني بذراعيها كم هي قريبة مني الآن أكثر من أي وقت مضى تحضنني وراسها الصغير على صدري.!!
ولا يشوب سكون تلك اللحظة الحميمية سوى صوت أمي تناديني من الطبق السفلي
متى عدت يا فارس للمنزل لم أسمعك وأنت تدخل؟!!
بقلم الرايس حسن