amr Pegasus
مريد جديد
ولمّا فرغ المأمون من حرب أهل التيماء وأقام بمصر أراد هدم الأهرام، فعرّفه بعض شيوخ المصريّين أنّ ذلك غير ممكن «1» ولا يجمل «2» بمثله أن يطلب شيئا لا يبلغه. فقال: لا بدّ لي أن أعلم علم ما فيها. ثمّ أمر (أن يفتح) «3» من الجانب الشمالي لقلّة دوام الشمس على من يتولّى ذلك. فكانوا يوقدون النار عند الحجر، فإذا حمّى رشّ عليه «4» خلّ ورمي بالمنجنيق «5» حتّى فتحت الثلمة الّتي يدخل منها إلى الهرم اليوم، فوجد بنيانه على ما ذكرنا «6» من الحديد والرصاص، ووجد عرض الحائط عشرين ذراعا.
897 فلمّا وصلوا إلى آخر الفتح «7» وجدوا خلفه مطهرة من حجر أخضر فيها مال على حول الدنانير العراض، وزن «8» كلّ مثقال منها «9» سبعة وعشرون مثقالا وثلثا مثقال بمثقالنا «10» . فقال: زنوه. فوزنوا الجملة فوجدوا فيها مالا عظيما «11» معلوما. وكان المأمون (رحمه الله) «12» فطنا فقال: ارفعوا «13» إليّ ما أنفقتم على فتحه. ففعلوا «14» فوجدوه موازنا لما وجدوا من المال فتعجّب «15» من ذلك ومن معرفتهم بالموضع الّذي يفتح «16» منه على طول الزمان، وازداد «17» يقينا في علم النجوم. فركب حتّى دخله «18» ونظر إلى البيت فوجد «19» فيه صنما أخضر مادّا يده وهو قائم، ونظر إلى الزلاقة والبئر، فأمر بنزولهما، فنزلوا من واحدة إلى واحدة حتّى أفضوا إلى صنم أحمر وعيناه مجزعتان سوادا في بياض كأنّهما حدقتا إنسان، فهالهم أمره وقدّروا أنّ.
له حركة «1» ، فخرجوا «2» وعرّفوه الحال وجراه ذلك على طلب مخاب كثيرة.
898 ووجد المأمون طول كلّ هرم من الهرمين الكبيرين أربعمائة ذراع بالمالكي وكذلك عرض كلّ حائط من حيطانها. ويقال إنّه ليس على وجه الأرض أرفع بناء من هذين الهرمين وهما غربي وسيم «3» ولا في العالم حجر موضوع على حجر أعلى منهما. ويقال إنّ عمقهما في الأرض مثل ارتفاعهما فوق الأرض. وذكر أنّ أبواب هذه الأهرام لا تفتح إلّا بكلام وقرابين وبخورات، والصابئة تحجّ إليها «4» من حرّان.
899 وفي مصحف هرقل «5» - وكان تأريخه لستّمائة سنة من الطوفان- أنّ سوريد ملك مصر نظر في النجوم، فرأى أنّ حادثة من السماء تكون مضرّة بالعالم، فأمر ببناء أعلام تكون نواويس لحفظ «6» أجساد الملوك، وكتب «7» على تلك الأعلام أسماءهم وتواريخهم وكثر فيها من فاخر الجوهر والصنعة وطرائف الحكمة، ومن التماثيل والذهب الملوّن والتيجان الفاخرة ما يستدلّ به على عظم «8» ملكهم، وجعل على ذلك طلسمات تمنع منها إلى أوقات معلومة تكون ذخيرة لهم. ووضع أساسها في وقت السعادة وجعل في «9» أساس كلّ علم منها صنما وكتب «10» في صدورها «11» دفع المضارّ والآفات عنها، وفي يد كلّ صنم منها كالبوق، وهو واضعه في فيه، وفي وسط كلّ علم منها مسارات
موجّهة إلى آزاج ضيّقة المنافذ واسعة المداخل تجتذب الرياح إليها على مرّ الزمان وتخرج في وجه الداخل إليها، فإن لم يحسن دفعها أهلكته، ومنها ما ينطبق عليه بحكمة متقنة وأمر مبرم. وقيل إنّه عمل تحت الأهرام أسرابا تخرج منها «1» إلى ناحية الفيوم وإلى ناحية المغرب على يوم ويومين منها، وأودعت عجائب كثيرة، وإنّ في أسفلها مشارب للماء يفيض «2» فيها إلى مصابّ «3» تجري إلى «4» النيل.
900 وفي خبر آخر «5» أنّه وكل بالأهرام روحانيّين، فجعل في الهرم الغربي روحانيا في صورة امرأة عريانة مكشوفة الفرج، لها ذؤابتان، فإذا أرادت أن تستفزّ الإنسان ضحكت إليه واستجرّته إلى نفسها. وقد ذكر ذلك «6» من رآها وقصدها. ووكل بالهرم القبلي روحانيا في صورة غلام أمرد عريان قد ريء من خارجه مرّة بعد مرّة ثمّ تغيّب عنهم. وفي الهرم الملوّن صورة شيخ في كفّه مجمرة «7» كنائسية «8» كأنّه يتبخّر وعليه ثياب الرهبان. وكذلك وكل لجميع «9» الأفرونيات حتّى إنّ أهل «10» أخميم (لا شكّ عند جماعتهم) «11» أنّ روحاني البربى الّذي بها غلام أسود أمرد معه عصا، ولا يستطيع أحد أن يدخل البربى من بعد العصر إلى الصبح. ولم يكن أهل سمنّود يشكّون في أنّ روحاني البربى الّذي فيها رجل طويل أدم صغير اللحية أشيب. وأمّا بربى قفط فجارية «12» سوداء معها صبي صغير أسود تحمله.
وأمّا بربى بوصير ففيها «13» شيخ أبيض عليه زي الرهبان وفي يده مصحف.
ولكل واحد من هؤلاء الروحانيين قربان وكلام يطيع به ويدلّ معه على علوم البربى وكنوزه. ويقال إنّ ذا النون الأخميمي إنّما قدر على ما قدر من علوم البربى حتّى عمل الصنعة والجوهر وحمل إلى العراق «1» في ليلة «2» وغير ذلك من العلم، لأنّه خدم راهبا كان بأخميم يقال له ساس مدّة صباه، فعلّمه الخطّ ودلّه على القربان والبخور واسم الروحاني وأوصاه بأن يكتم ذلك. فلمّا علم ذو النون ما علم طيّن (مبنى الحكماء) «3» (بطين الحكمة) «4» الّذي لا ينقلع إلّا مع الحجر ويفسد بقلعه الخطّ المرموز به.
902 وفي بعض أخبار المصريّين أنّ قوما قصدوا الأهرام (في وقت المتوكّل) «5» وكان على مصر حينئذ ابن المدبّر، فنزلوا من الزلاقات والآبار وطلبوا أن يدخلوا من تلك المضايق الّتي تخرج الرياح منها وحملوا «6» سرجهم في أواني زجاج، فأتتهم رياح أخرجتهم وكسّرت «7» أوانيهم وأطفأت سرجهم.
فأخذوا أحدهم فربطوا وسطه «8» بالحبال وقالوا له: ادخل، فإن رأيت «9» شيئا تكرهه جررناك. ففعل ذلك. فلمّا دخل وأمعن وزاحم الرياح انطبق عليه ذلك المصبّ «10» وجذبوه، فانقطعت حبالهم وبقي الرجل «11» في ذلك الشقّ لا يقفون له على خبر، فاغتمّوا لذلك وصعدوا هاربين حتّى خرجوا من الهرم وجلسوا عند باب الثلمة المفتوحة ينظرون «12» في أمر ذلك الرجل وأمرهم وما (أقدمهم على ما) «13» أقدموا عليه، فإنّهم لكذلك إذ انفرجت لهم فرجة من الأرض كالوهدة، فأثارت لهم ذلك الرجل عريانا مشوّه
الخلق «1» ميّت الدم جامد العينين، وهو «2» يتكلّم بكلام عجيب لا يفقه. فلمّا فرغ من كلامه سقط ميّتا، فازداد ولههم وتضاعف جزعهم واحتملوه إلى منزله، فأخذهم الحرس «3» وانطلقوا بهم مع الرجل الميّت إلى ابن المدبّر، فسألهم عن أمرهم فأخبروه، فعجب من ذلك وأمر أن يكتب ذلك الكلام على حسب ما لقنوه، فأقام يطلب من يفسّره (إلى أن لقي) «4» رجلا من أهل العلم «5» الأقصى يعرف شيئا من ذلك اللسان، فإذا معناه: هذا جزاء من طلب «6» ما ليس له وكشف عمّا «7» يخباه فليعتبر من رآه. فمنع ابن المدبّر من تعرض للأهرام «8» 903 وفي خبر آخر أنّ جماعة وجدوا في بعض البيوت الوسطى زلاقة إلى بئر، فنزلوها فوجدوا سربا «9» ، فساروا فيه نصف يوم حتّى انتهوا إلى حفير عميق، وفي عدوته باب لطيف يتبيّنون منه شعاع الذهب والجوهر «10» ، ومن رأس الحفير ممّا يليهم إلى الباب المحاذي لهم عمود حديد قد ألبس محورا «11» من حديد يدور عليه «12» ولا يستمسك. فاحتالوا في وقوفه وذهاب حركته فلم يصلوا إلى ذلك، فربطوا أحدهم في حبل وتعلّق به ليصل إلى الجانب الآخر، فدار به المحور «13» فتحيّر وسقط، فخرجوا هاربين لا يلوون. ودخل نفر بعض الأسراب الّتي في الهرم فانتهوا إلى صنم أخضر في صورة شيخ بين يديه أصنام صغار (كأنّه يعلمهم، وساروا فوجدوا فوّارة تحت قبّة يقع فيها ماء من أعلى تلك القبّة، فيكون له نشيش شديد) «14» كأنّه طفي «15» نار ويغوص «16» فيها فلا يتبيّن. فداروا «17» فوجدوا بيتا مسدودا بحجر فيه دويّ
شديد «1» لا يدرى ما هو، ووجدوا عنده شبيها بالمطهرة الكبيرة فيها دنانير «2» عليها صورة أسد من وجه وصورة طير من وجه «3» . فأخذ بعضهم منها شيئا «4» ، فلم يقدر على حركة ولا كلام حتّى طرحها من يده.
وكلّما فسد من هذه الأفرونيات وتهدّم وتغيّر مثل بربى بوصير وبربى سمنّود وغيرهما من الهياكل يتركهم الاستقصاء في أخذ الطالع وصحّته قبل وضع الأساس. وكذلك ما بقي منها فلقرب الطالع من الصحّة لأنّ الّذين بنوا هذه البرابي كانوا على بعد من الملك «5» ولم يكونوا بحضرته «6» ، فيتقنون النظر كما اتّفق في «7» عمل الأهرام. وهم لا يشكّون أنّهم لمّا هدموا بربى سمنّود فحملوا حجارته إلى أشتوم دمياط ووهبوا بقيته لبني الهندس أنّ اليوم الّذي فرغ من هدم الحائط الغربي دخل حباسه الإسكندرية وخربها وكثرت الرمال حتّى انقطع البحر في شهور الصيف وقلّ زكاء الزرع وكثر الفأر والجراد وأشياء من الفساد (كثيرة.
905 ويتحدّث أهل سمنّود عن هذا البربى بعجائب كثيرة) «8» يطول شرحها، منها أنّ بعض من دخلها كتب على كتفه «9» صورة من تلك الصور أعجبته، فانطبقت عينه حتّى أتاه من كتب على كتفه «10» الصورة المحاذية لها فانفتحت عينه. قال الوصيفي: وأخبرني من أثق به أنّه رأى فيها صورة شيطانين تحوط بهما سلسلة بكتابة، وهما يمسكان طرفيها وبينهما كتابة. (فأخذ
صورته) «1» ، فكانت عنده إلى أن عرّفه بعض من رآها عنده أنّها حرز عظيم، وذكر أنّه لو جعل عليها لحما وجوّع كلبا أو شيئا من السباع وخلاه عليه لم يقرب منه. قال: فعجبت «2» منه وامتحنت ذلك «3» فوجدته كما ذكر.
قال الوصيفي: وقد رأيت أنا في بربى أخميم صورة عقرب، فألصقت عليها شمعا وكانت عندي، فلم أتركها في موضع إلّا انحاشت إليها «4» العقارب، وإن كانت في تابوت اجتمعت تحته وحوله حتّى «5» كنت أتجافى عن حملها.
فطلبها بعض إخواني ودفعتها إليه ورجعت إلى أخميم، فوجدت الصورة قد نقرت وأفسدت.
ومن المتعارف عند أهل أخميم أنّه كان في البربى صورة شيطان قائم على رجل واحدة وله يد واحدة وقد رفعها الهواء «6» ، وفي جبهته وحواليه كتابة وله إحليل ظاهر ملصّق بحائط البربى، فكان من احتال على ذلك «7» الإحليل حتّى (نقب عليه ونزعه) «8» من غير أن ينكسر، وعلّقه في وسطه لم يزل منعّظا إلى أن ينزعه ويجامع ما أحبّ ولا ينكسر ما دام عليه، وأنّ ابن أبي «9» الغمر لمّا ولّي البلد أخبر بذلك فطلبه «10» ، فلم يوجد له غير صورة واحدة كانت قرب السقف، فاحتيل عليها حتّى أخذ له الإحليل، فكان يستعمله ويخبر بصحّته. وكانت فيها «11» صورة بومة إذا ألصق عليها الشمع وجعل في
موضع لم تقربه بومة. وكانت فيها صورة شيطان يسوق كبشا بحبل في عنقه، فمن صوّره في صفيحة «1» رصاص وما حوله من الكتابة وحمله معه ومرّ على قطيع من الكباش اتّبعته.
908 وفي بربى أخميم في الباب الّذي يدخل منه إلى المصعد في عقب الباب على يسار الداخل منه صورة رأس «2» عظيم بلحية كبيرة وشعر كثير كأنّه رأس رومي بغير جسد، فذكروا أنّ الأوائل كانوا يبخرون ذلك الرأس ببخور لهم معروف، فكلّ من بخره وجد عنده دينارا، فكان ذلك «3» معونة لأهل المسكنة. قال الوصيفي: فتصفّحت موضع الرأس فوجدت آثار البخور والطيب بيّنة (فيه و) «4» في القبّة الداخلة الّتي (ينزل منها إلى) «5» سطح البربى المعروفة بقبّة مسمطاسيين «6» ، ولها بخور وكلام، من تكلّم به وسأل عن كلّ أمر أخبر به من البئر «7» بكلام يسمعه ويفهمه «8»
أنتهى الموضوع .....
897 فلمّا وصلوا إلى آخر الفتح «7» وجدوا خلفه مطهرة من حجر أخضر فيها مال على حول الدنانير العراض، وزن «8» كلّ مثقال منها «9» سبعة وعشرون مثقالا وثلثا مثقال بمثقالنا «10» . فقال: زنوه. فوزنوا الجملة فوجدوا فيها مالا عظيما «11» معلوما. وكان المأمون (رحمه الله) «12» فطنا فقال: ارفعوا «13» إليّ ما أنفقتم على فتحه. ففعلوا «14» فوجدوه موازنا لما وجدوا من المال فتعجّب «15» من ذلك ومن معرفتهم بالموضع الّذي يفتح «16» منه على طول الزمان، وازداد «17» يقينا في علم النجوم. فركب حتّى دخله «18» ونظر إلى البيت فوجد «19» فيه صنما أخضر مادّا يده وهو قائم، ونظر إلى الزلاقة والبئر، فأمر بنزولهما، فنزلوا من واحدة إلى واحدة حتّى أفضوا إلى صنم أحمر وعيناه مجزعتان سوادا في بياض كأنّهما حدقتا إنسان، فهالهم أمره وقدّروا أنّ.
تسجيل الدخول
أو
تسجيل
لمشاهدة الروابط
له حركة «1» ، فخرجوا «2» وعرّفوه الحال وجراه ذلك على طلب مخاب كثيرة.
898 ووجد المأمون طول كلّ هرم من الهرمين الكبيرين أربعمائة ذراع بالمالكي وكذلك عرض كلّ حائط من حيطانها. ويقال إنّه ليس على وجه الأرض أرفع بناء من هذين الهرمين وهما غربي وسيم «3» ولا في العالم حجر موضوع على حجر أعلى منهما. ويقال إنّ عمقهما في الأرض مثل ارتفاعهما فوق الأرض. وذكر أنّ أبواب هذه الأهرام لا تفتح إلّا بكلام وقرابين وبخورات، والصابئة تحجّ إليها «4» من حرّان.
899 وفي مصحف هرقل «5» - وكان تأريخه لستّمائة سنة من الطوفان- أنّ سوريد ملك مصر نظر في النجوم، فرأى أنّ حادثة من السماء تكون مضرّة بالعالم، فأمر ببناء أعلام تكون نواويس لحفظ «6» أجساد الملوك، وكتب «7» على تلك الأعلام أسماءهم وتواريخهم وكثر فيها من فاخر الجوهر والصنعة وطرائف الحكمة، ومن التماثيل والذهب الملوّن والتيجان الفاخرة ما يستدلّ به على عظم «8» ملكهم، وجعل على ذلك طلسمات تمنع منها إلى أوقات معلومة تكون ذخيرة لهم. ووضع أساسها في وقت السعادة وجعل في «9» أساس كلّ علم منها صنما وكتب «10» في صدورها «11» دفع المضارّ والآفات عنها، وفي يد كلّ صنم منها كالبوق، وهو واضعه في فيه، وفي وسط كلّ علم منها مسارات
موجّهة إلى آزاج ضيّقة المنافذ واسعة المداخل تجتذب الرياح إليها على مرّ الزمان وتخرج في وجه الداخل إليها، فإن لم يحسن دفعها أهلكته، ومنها ما ينطبق عليه بحكمة متقنة وأمر مبرم. وقيل إنّه عمل تحت الأهرام أسرابا تخرج منها «1» إلى ناحية الفيوم وإلى ناحية المغرب على يوم ويومين منها، وأودعت عجائب كثيرة، وإنّ في أسفلها مشارب للماء يفيض «2» فيها إلى مصابّ «3» تجري إلى «4» النيل.
900 وفي خبر آخر «5» أنّه وكل بالأهرام روحانيّين، فجعل في الهرم الغربي روحانيا في صورة امرأة عريانة مكشوفة الفرج، لها ذؤابتان، فإذا أرادت أن تستفزّ الإنسان ضحكت إليه واستجرّته إلى نفسها. وقد ذكر ذلك «6» من رآها وقصدها. ووكل بالهرم القبلي روحانيا في صورة غلام أمرد عريان قد ريء من خارجه مرّة بعد مرّة ثمّ تغيّب عنهم. وفي الهرم الملوّن صورة شيخ في كفّه مجمرة «7» كنائسية «8» كأنّه يتبخّر وعليه ثياب الرهبان. وكذلك وكل لجميع «9» الأفرونيات حتّى إنّ أهل «10» أخميم (لا شكّ عند جماعتهم) «11» أنّ روحاني البربى الّذي بها غلام أسود أمرد معه عصا، ولا يستطيع أحد أن يدخل البربى من بعد العصر إلى الصبح. ولم يكن أهل سمنّود يشكّون في أنّ روحاني البربى الّذي فيها رجل طويل أدم صغير اللحية أشيب. وأمّا بربى قفط فجارية «12» سوداء معها صبي صغير أسود تحمله.
وأمّا بربى بوصير ففيها «13» شيخ أبيض عليه زي الرهبان وفي يده مصحف.
تسجيل الدخول
أو
تسجيل
لمشاهدة الروابط
ولكل واحد من هؤلاء الروحانيين قربان وكلام يطيع به ويدلّ معه على علوم البربى وكنوزه. ويقال إنّ ذا النون الأخميمي إنّما قدر على ما قدر من علوم البربى حتّى عمل الصنعة والجوهر وحمل إلى العراق «1» في ليلة «2» وغير ذلك من العلم، لأنّه خدم راهبا كان بأخميم يقال له ساس مدّة صباه، فعلّمه الخطّ ودلّه على القربان والبخور واسم الروحاني وأوصاه بأن يكتم ذلك. فلمّا علم ذو النون ما علم طيّن (مبنى الحكماء) «3» (بطين الحكمة) «4» الّذي لا ينقلع إلّا مع الحجر ويفسد بقلعه الخطّ المرموز به.
902 وفي بعض أخبار المصريّين أنّ قوما قصدوا الأهرام (في وقت المتوكّل) «5» وكان على مصر حينئذ ابن المدبّر، فنزلوا من الزلاقات والآبار وطلبوا أن يدخلوا من تلك المضايق الّتي تخرج الرياح منها وحملوا «6» سرجهم في أواني زجاج، فأتتهم رياح أخرجتهم وكسّرت «7» أوانيهم وأطفأت سرجهم.
فأخذوا أحدهم فربطوا وسطه «8» بالحبال وقالوا له: ادخل، فإن رأيت «9» شيئا تكرهه جررناك. ففعل ذلك. فلمّا دخل وأمعن وزاحم الرياح انطبق عليه ذلك المصبّ «10» وجذبوه، فانقطعت حبالهم وبقي الرجل «11» في ذلك الشقّ لا يقفون له على خبر، فاغتمّوا لذلك وصعدوا هاربين حتّى خرجوا من الهرم وجلسوا عند باب الثلمة المفتوحة ينظرون «12» في أمر ذلك الرجل وأمرهم وما (أقدمهم على ما) «13» أقدموا عليه، فإنّهم لكذلك إذ انفرجت لهم فرجة من الأرض كالوهدة، فأثارت لهم ذلك الرجل عريانا مشوّه
تسجيل الدخول
أو
تسجيل
لمشاهدة الروابط
الخلق «1» ميّت الدم جامد العينين، وهو «2» يتكلّم بكلام عجيب لا يفقه. فلمّا فرغ من كلامه سقط ميّتا، فازداد ولههم وتضاعف جزعهم واحتملوه إلى منزله، فأخذهم الحرس «3» وانطلقوا بهم مع الرجل الميّت إلى ابن المدبّر، فسألهم عن أمرهم فأخبروه، فعجب من ذلك وأمر أن يكتب ذلك الكلام على حسب ما لقنوه، فأقام يطلب من يفسّره (إلى أن لقي) «4» رجلا من أهل العلم «5» الأقصى يعرف شيئا من ذلك اللسان، فإذا معناه: هذا جزاء من طلب «6» ما ليس له وكشف عمّا «7» يخباه فليعتبر من رآه. فمنع ابن المدبّر من تعرض للأهرام «8» 903 وفي خبر آخر أنّ جماعة وجدوا في بعض البيوت الوسطى زلاقة إلى بئر، فنزلوها فوجدوا سربا «9» ، فساروا فيه نصف يوم حتّى انتهوا إلى حفير عميق، وفي عدوته باب لطيف يتبيّنون منه شعاع الذهب والجوهر «10» ، ومن رأس الحفير ممّا يليهم إلى الباب المحاذي لهم عمود حديد قد ألبس محورا «11» من حديد يدور عليه «12» ولا يستمسك. فاحتالوا في وقوفه وذهاب حركته فلم يصلوا إلى ذلك، فربطوا أحدهم في حبل وتعلّق به ليصل إلى الجانب الآخر، فدار به المحور «13» فتحيّر وسقط، فخرجوا هاربين لا يلوون. ودخل نفر بعض الأسراب الّتي في الهرم فانتهوا إلى صنم أخضر في صورة شيخ بين يديه أصنام صغار (كأنّه يعلمهم، وساروا فوجدوا فوّارة تحت قبّة يقع فيها ماء من أعلى تلك القبّة، فيكون له نشيش شديد) «14» كأنّه طفي «15» نار ويغوص «16» فيها فلا يتبيّن. فداروا «17» فوجدوا بيتا مسدودا بحجر فيه دويّ
تسجيل الدخول
أو
تسجيل
لمشاهدة الروابط
شديد «1» لا يدرى ما هو، ووجدوا عنده شبيها بالمطهرة الكبيرة فيها دنانير «2» عليها صورة أسد من وجه وصورة طير من وجه «3» . فأخذ بعضهم منها شيئا «4» ، فلم يقدر على حركة ولا كلام حتّى طرحها من يده.
وكلّما فسد من هذه الأفرونيات وتهدّم وتغيّر مثل بربى بوصير وبربى سمنّود وغيرهما من الهياكل يتركهم الاستقصاء في أخذ الطالع وصحّته قبل وضع الأساس. وكذلك ما بقي منها فلقرب الطالع من الصحّة لأنّ الّذين بنوا هذه البرابي كانوا على بعد من الملك «5» ولم يكونوا بحضرته «6» ، فيتقنون النظر كما اتّفق في «7» عمل الأهرام. وهم لا يشكّون أنّهم لمّا هدموا بربى سمنّود فحملوا حجارته إلى أشتوم دمياط ووهبوا بقيته لبني الهندس أنّ اليوم الّذي فرغ من هدم الحائط الغربي دخل حباسه الإسكندرية وخربها وكثرت الرمال حتّى انقطع البحر في شهور الصيف وقلّ زكاء الزرع وكثر الفأر والجراد وأشياء من الفساد (كثيرة.
905 ويتحدّث أهل سمنّود عن هذا البربى بعجائب كثيرة) «8» يطول شرحها، منها أنّ بعض من دخلها كتب على كتفه «9» صورة من تلك الصور أعجبته، فانطبقت عينه حتّى أتاه من كتب على كتفه «10» الصورة المحاذية لها فانفتحت عينه. قال الوصيفي: وأخبرني من أثق به أنّه رأى فيها صورة شيطانين تحوط بهما سلسلة بكتابة، وهما يمسكان طرفيها وبينهما كتابة. (فأخذ
صورته) «1» ، فكانت عنده إلى أن عرّفه بعض من رآها عنده أنّها حرز عظيم، وذكر أنّه لو جعل عليها لحما وجوّع كلبا أو شيئا من السباع وخلاه عليه لم يقرب منه. قال: فعجبت «2» منه وامتحنت ذلك «3» فوجدته كما ذكر.
قال الوصيفي: وقد رأيت أنا في بربى أخميم صورة عقرب، فألصقت عليها شمعا وكانت عندي، فلم أتركها في موضع إلّا انحاشت إليها «4» العقارب، وإن كانت في تابوت اجتمعت تحته وحوله حتّى «5» كنت أتجافى عن حملها.
فطلبها بعض إخواني ودفعتها إليه ورجعت إلى أخميم، فوجدت الصورة قد نقرت وأفسدت.
ومن المتعارف عند أهل أخميم أنّه كان في البربى صورة شيطان قائم على رجل واحدة وله يد واحدة وقد رفعها الهواء «6» ، وفي جبهته وحواليه كتابة وله إحليل ظاهر ملصّق بحائط البربى، فكان من احتال على ذلك «7» الإحليل حتّى (نقب عليه ونزعه) «8» من غير أن ينكسر، وعلّقه في وسطه لم يزل منعّظا إلى أن ينزعه ويجامع ما أحبّ ولا ينكسر ما دام عليه، وأنّ ابن أبي «9» الغمر لمّا ولّي البلد أخبر بذلك فطلبه «10» ، فلم يوجد له غير صورة واحدة كانت قرب السقف، فاحتيل عليها حتّى أخذ له الإحليل، فكان يستعمله ويخبر بصحّته. وكانت فيها «11» صورة بومة إذا ألصق عليها الشمع وجعل في
تسجيل الدخول
أو
تسجيل
لمشاهدة الروابط
موضع لم تقربه بومة. وكانت فيها صورة شيطان يسوق كبشا بحبل في عنقه، فمن صوّره في صفيحة «1» رصاص وما حوله من الكتابة وحمله معه ومرّ على قطيع من الكباش اتّبعته.
908 وفي بربى أخميم في الباب الّذي يدخل منه إلى المصعد في عقب الباب على يسار الداخل منه صورة رأس «2» عظيم بلحية كبيرة وشعر كثير كأنّه رأس رومي بغير جسد، فذكروا أنّ الأوائل كانوا يبخرون ذلك الرأس ببخور لهم معروف، فكلّ من بخره وجد عنده دينارا، فكان ذلك «3» معونة لأهل المسكنة. قال الوصيفي: فتصفّحت موضع الرأس فوجدت آثار البخور والطيب بيّنة (فيه و) «4» في القبّة الداخلة الّتي (ينزل منها إلى) «5» سطح البربى المعروفة بقبّة مسمطاسيين «6» ، ولها بخور وكلام، من تكلّم به وسأل عن كلّ أمر أخبر به من البئر «7» بكلام يسمعه ويفهمه «8»
أنتهى الموضوع .....