دعوة الحق ومكنون الزمن {3} ... القوة الحيوية الكهروضوئية

المزيد من مواضيع سيد الأحجار السبعة

سيد الأحجار السبعة

عابر الزمن الثالث
المشاركات
691
مستوى التفاعل
1,466
الموقع الالكتروني
alkynilogy.blogspot.com
المحتوى التالي من الكتاب سيكون ترجمة موجزة لنظرية الكهرباء الحيوية ( Electricity Psychology ) للبروفيسور دودز ، من كتابه الذي يحمل نفس العنوان والذي ألقاه كدورة من المحاضرات لنخبة رجال العلم والسياسة في أمريكا في القرن التاسع عشر بناء على دعوة وجهت إليه من أحد مجالس النخب :

سيداتي سادتي ، مع كل سروري أن أقدم نفسي هذا المساء أمامكم للمحاضرة حول علم المغناطيسية الحيوية ، فإني أفعل ذلك بناء على دعوة خاصة تلقيتها من عدة أعضاء بارزين في مجلس الشيوخ القائم الآن في مدينتنا ، وأمام هذه الجماهير المزدحمة التي يناهز عددها 2000 شخص يتحدثون عن الشغف الذي تم إيقاظه في صدور مواطنيكم بخصوص هذا الموضوع.

هذا الحشد الكبير والمرتاب يتجلى منه التوقعات العالية التي تتعلق بالقدرات المتواضعة للمتحدث ليقوم بدوره بعدالة وإنصاف. تلك التوقعات التي أعي تماماً أنها خارج ما أستطيع القيام به ، على الرغ من ذلك ، متكئاً على أرض الحقيقة الصلبة ومؤمناً بأنها تستحضر البلاغة وقوة الحياة، أجد أني من ثمة ورغم كل توقعاتكم المثيرة التي حملتموها على ظهري مقدم على ذلك.
قليل من الإحساس بالمسؤولية لأني أمام محفل من المتعلمين الأذكياء ، وقد أعلمتكم أني لم أكتب من قبل أي شيء حول هذا الموضوع وأنا إذن سأقدم محاضرتي من وحي اللحظة الراهنة.

أعي أنكم ستعاملونني بتسامح عقلاني ، إذ ليس من منتي تقديم محاضرات حول هذا الموضوع ، لدي وسائل أخرى للمعاش ولمن يعتمد علي.
قادتني الظروف لهذا المجال العلمي ، لأن الكثير ... الكثير جداً من الأفراد المجهولين الذين لا يعلمون شيئاً عن منظومة الإنسان أكثر من المبادئ العامة لكل علم أصبحوا محاضرين في المغناطيسية الحيوية ، وجعلوها مجرد عرض للدمى وجلبوا الانحطاط للعقل الجمعي.
إن مثل هؤلاء الناس يتسببون في إثارة الشفقة وتسفيه العلوم وهو أمر لا يمكن إصلاحه ..
كان الأفضل لهم أن يؤهلوا أنفسهم أولاً للعمل ، أو يتقاعدوا من هذا الميدان ...

وفي هذه الحالة دفعني مجموعة من العلماء على التقدم دفاعاً عن الحقيقة ولمد يداي أزيل التراب عن وجهها ، ولأمسح سخريات الناس عنها ولأضعها في المقام المناسب ، حيث لا تحظى فقط بالانتباه بل بالاحترام والتبجيل الذي تستحقه من رجال العلم والموهوبين.

وفي هذه المدينة وجدتُ روحاً واحدة نبيلة تكدح وتكدح Dr. Gilbert وهو المؤهل جيداً لهذا العمل ويستحق رعاية أفضل مما يناله حالياً.

هذه هي الظروف التي دفعتني لدخول هذا المجال ، لذا بالطبع ، قررت زيارة هذه البلاد فقط عندما دعيت للمحاضرة عن هذه العلوم.

كنت محاضراً عرضياً في هذا المجال منذ أوكتوبر 1841، دافعت على نحو موحد عن نفس المبادئ التي انا بصدد عرضها وتعزيزها والحفاظ عليها في سياق المحاضرات التي تعهدتُ بإلقائها في هذه المدينة ، هذه هي الحقيقة. الكثيرون يعرفون جيداً عني أو يعرفون من سمعوني من قبل في بلاد وأماكن أخرى أو شاهدوا جوهر ما سأقدمه اليوم عن المسمرية.. وسأؤكد هنا نفس المبادئ.
أدعم المبادئ التي أقدمها بتجارب مرئية عادلة في الكهربائية والكالفانية والمغناطيسية المتبادلة .
لدي اعتذار واحد أقدمه لصالح المتشككين الصادقين ، أولائك الذين حضروا دوراتي عن المسمرية لم يزودوا بأي تعليل للظواهر الرائعة التي رؤها ، كانت تبدو غامضة كالسحر وفهمها عقلهم على هذا النحو ، وليس غريباً تحت هذا الانطباع أن يرفض الآلاف التحقيق في موضوع جعل أنصاره تعليله سراً غنوصياً.
أعتراف بوجود أسرار في المسمرية ، أعترف بأن هذا العلم فيه غموض .
ولكن القول أن الغموض وحده سبب في رفض العلم ، فهذا قول أرفضه جملة وتفصيلاً.
كل شيء في الحياة غامض ، نحن نعلم الكثير عن كيمياء الأرض والنبات والدرجة الدفئ اللازمة لنمو النباتات ، ولكن السؤال : كيف تنتج شجرة البلوط من بذرة البلوط ؟ فيه غموض أكبر بكثير من الذي نعرفه ، جزيئات بذرة البلوط ضمن التربة وحدها لا تنتج شجرة ، ولكن العلاقة العضوية الداخلية بين هذه الجزيئات تفعل ذلك.
لا يمكن الاعتراض على علمية علم معين فقط لأنه غامض في تعليل وقائعه المثبتة تجريبياً ، وبالتالي لا يجوز رفض المسمرية على هذا الأساس ، ومع ذلك ، الآلاف يرفضونها لأنهم يؤكدون أنها غريبة بشكل غير مفهوم !! إنهم لا يعرفون شيئاً في العالم سوى ما هو غريب ، ومع ذلك فما هو غريب عن الغريب الذي يعرفونه مسبقاً لا يمكنهم تصديقه !!
السبب الوحيد الذي يجعلنا نتوقف عن التساؤل عن سبب غرابة الأشياء هو أنها شائعة جداً ، ولذلك فكل هذه الاعتراضات المبنية على الغرائبية لا طائل علمي منها.

أبدأ المحاضرة بأن أقول إن الاسم المناسب لهذا العلم ليس هو المسمرية Mesmerism ولا حتى المغناطيسية الحيوية Animal Magnetism ، ولكنه الأرواحية Spiritualism أو الكهرباء النفسية Electricity Psychology.

وبماأن هذا العلم هو العلم الذي موضوعه طاقة الروح فهو العلم الأعلى والأسمى بين جميع العلوم الطبيعية ، ويتجاوز كل العلوم الأخرى بقدر ما يتجاوز التجلي الإلهي عوالم المادة ....

 
التعديل الأخير:
سنرتفع في مستوى النظر من مظاهر المادة الأكثر خشونة وكثافة إلى تلك الأكثر دقة وتخلخلاً والتي يكمن تشكيل أي مركب منها، وأثناء التدرج لن أضع في الاعتبار كل مادة في هرم الطبيعية ولكني سأعالج المواد التي تشكل التصنيفات الكبرى في الامبراطورية الطبيعية والتي هي الأكثر وضوحاً لكل مراقب ( الصلبة - السائلة - الغازية - الحيوية ) ، وبداية دعنا نعلن : إن هناك قانوناً واحداً وضعه الله في هذا الكون وهو قانون التوازن The Law of Equilibruim .

وفق هذا القانون تنشأ الأفعال وردود الأفعال التي لا حصر لها في كل قسم من أقسام الطبيعة ومستوياتها ، وبقية قوانين الطبيعة ما هي إلا تعبيرات مختلفة عن نفس هذا القانون العام المشترك كل بحسب موقعه الذي يدرسه.

وبناء على هذا القانون أقول : لا يمكن أن يكون هناك شيء باقٍ من الأزل أو إلى الأبد.

لا تكون الأرض أبدية ، لأنها لو كانت كذلك لاستوت الجبال والتلال منذ زمن بعيد جداً بفعل الندى اللطيف النازل من السماء، بل إني أزعم أنه حتى جبال الغرانيت الصلبة قد تقتتت إلى ذرات مع مرور الوقت بفعل حركة الرياح اللطيفة نفسها ... أصابع الزمن ... لا تترك شيئاً مادياً دون أن يفنى.

بعد أن بدأنا بأقصى جسيمات المادة دعونا نعرج إلى المواد الأكثر تخلخلاً والتي يمكن تشكيل صورة هندسية محسوسة عنها : الماء ... بنفس طريقة الأواني المستطرقة فإن الماء يسعى إلى التوازن ضمن البيئة التي يشغلها ، لو حفرت خندقاً وقسمته بالنصف عبر لوح ما وكان في أسفل هذا اللوح فجوة ، ثم عبأت النصف الأول بالماء حتى يمتلئ ويفيض فإنه سيبدأ في مرحلة معينة بملئ النصف الثاني الفارغ من نفس مستوى الفجوة ليتحقق التوازن بين النصفين .

ما الذي يجعل الماء يتحرك في جانبي الخندق بنفس الطريقة ؟ إنها الفجوة التي تجعل كلا الجانبين نظاماً واحداً بالنسبة للماء ، والماء يسعى للتوازن في النظام الذي يشغله بما يتوافق مع كثافته وحجمه.

هذا التوازن بين (انتشار الماء) في طرفي الخندق يعود إلى محاولة مادة الماء للوصول إلى الاستقرار الديناميكي ، لأن هذا الاستقرار يجعل الماء يأخذ قيمه الحقيقية.

نفس الشيء سيتكرر مع الهواء ، هواء هذه الغرفة يصبح أكثر حرارة وحركة ، وهذا سيجعل كثافته تنخفض مما يدفع الهواء من كل ثقب أو حفرة للغرفة حتى يدخل إليها لتتوازن حرارة الغرفة وكثافة هوائها مع المحيط الحاوي لها.

الغازات تتصرف بنفس الطريقة ، الغرفة الخالية من الهواء تستقطبه من الخارج حتى يتوازن مستوى الهواء فيها مع مستوى الهواء في الخارج ، إذا افترضنا أن هناك ظرفاً معيناً يجعل مستوى الهواء الطبيعي في الغرفة أقل بنسبة ما من الخارج فإن الهواء في الخارج سيملأ الغرفة إلى الحد الذي تمح به الظروف.

الحرارة تنتشر لأن المحيط أقل حرارة منها.

سحابة الغيم مشحونة بالطاقة الكهربائية ن عندما تمر بسحابة من نفس طبيعة شحنتها فإنها تعبر بجوارها أو من خلالها أو تتحد معها ، ولكن إذا كانت الشحنتان مختلفتين فإن السحابتين ستتصادمان وسيولد البرق والرعد إلى ان تتوازن الشحنات في كل منهما.

وعندما يكون التفاوت بين القيم الكهربية عالياً جداً تبدأ العواصف الرعدية ويومض البرق ويضرب الرعد حتى تتساوى شحنة التيار الكهربائي في كامل الغلاف الجوي وعلى الأرض أيضاً.

يوجد نظام معين تشغله الأشياء القريبة من بعضها ، نظام يسمح لمكوناته بالتفاعل مع بعضها ضمنه ، وضمن هذا النظام تسعى المكونات للاستقرار والتوازن، لتأخذ قيمها الحقيقية فيه.

هذا السعي يتحول إلى حركة وتفاعل وصراع.

والمادة الحيوية أيضاً تمر بنفس الظروف ، وإذا انتقلنا من المادة الخاملة إلى المادة الحيوية سنجد نفس القانون ، الطفل ذو الثلاث سنوات عندما ينام كل ليلة بين جدين متهالكين سيضعف وإذا استمر الوضع سيموت.

ضع طفلاً مفعماً بالحياة بين عجوزين على وشك الموت ، وسترى أنه سيفقد حيويته شيئاً فشيئاً لأن القوة الحيوية الموجودة فيه ستسعى لموازنة المحيط الكئيب والراكد ، وبما أنه طفل صغير فمهما حصل لن يستطيع أن يوازن النقص الكبير في الطاقة الحيوية لهما.
يمتلئ الطفل بالحياة الحيوية التي تنضح من أعصابه ودماغه وقلبه ، وهذا هو السبب في ليونة أطرافه ومفاصله وفكره، وعادة ما يفتقر كبار السن لنفس مستوى القوة الحيوية عند الأطفال ولذلك يصيبهم تصلب العظام والمفاصل والتفكير ،

وعندما يمر السائل العصبي الحيوي من هذا الطفل إلى الشخصين المسنين بالتزامن. يخسر الطفل طاقته، لتتوازن مع مستواهم من المغناطيسية الحيوية وبما أن هذا الطفل الصغير لا يستطيع أبدًا أن يصل بهؤلاء الأشخاص الضعفاء جداً إلى التوازن مع نفسه، فيجب أن ينزل إليهم. ستحصل الطبيعة على توازنها إذا تحولت طاقته في الموت.

يجب أن يجالس الشباب والرجال والنساء كبار السن ، ولكن الأطفال الصغار لا يجب أن يعيشوا لفترة طويلة معهم.

كل شيء يحاول الوصول إلى حالة توازن ( استقرار ديناميكي ) لأن حركة المواد تعني غيابها عن محور التوازن ، تماماً كحركة البندول ، عندما تكون موجبة فستولد طاقة سالبة في القسم الآخر من البندول تدفعها نحو ردة فعل مستقبلية ، لأن عدم التوازن هو منشأ الحركة.

إن الطبيعة ترتاح بعد أن تحقق هدفها في التوازن وتأخذ القيم الحقيقية لمكوناتها.

الدماغ والجهاز العصبي مراكز التواصل الكهروحيوي

مرة أخرى
: لا يوجد دم في الجهاز العصبي والدماغ ، الدم يمر عبر عروق معينة في الدماغ ومن خلال تلافيفه ، ولكن العصب نفسه خالي من الدم. ولذلك فإن الجهاز الدوراني الذي يحتوي على الدم ، والجهاز العصبي الذي يحتوي على السائل المغناطيسي لا يمكن مزجهما معاً. الدماغ مشحون بسائل عصبي كهربائي ، ولا يمكن للدم أن يعوضه عن ذلك.

يجب أن يتم النظر بوضوح إلى هذا الموضوع ، كما أن الإنسان قد يفتقر إلى الكمية المناسبة من الدم في عروقه ، فإنه قد يفتقر إلى التيار الكهربائي المناسب لأعصابه ، ولن يحل الدم محل التيار الكهربائي ولا المصادر التي توفر الدم ستحل مشاكل ضعف الكهروحيوية.​
 
التعديل الأخير:
(1) مدخل إلى علم النفس الكهروحيوي
المعالم والظواهر الأساسية والتفريق بين المسمرية والمنهج الكهروحيوي


بقلم د. دودز..

بما أن خالق الكون قد وهب الإنسان العقل، وخصص له رتبة نبيلة وذكية في ميزان الوجود العقلي والأخلاقي - وكما أمره باستخدام هذه القدرة - فيمكنني بحق أن أعلن : من لا يستطيع التفكير فهو أحمق... من لا يجرؤ على التفكير فهو جبان... من لا يعقل فهو متعصب... لكن من يستطيع ويجرؤ على التفكير هو رجل.

إن عوالم الطبيعة مفتوحة في آفاق لا حدود لها فوقنا وتحتنا ومن حولنا. باعتبارنا سكان هذه الكرة الأرضية، فإننا لا نحتل سوى بقعة صغيرة - مركز الكون الهائل الذي يعج بعدد لا يحصى من الكائنات الحية، ويحتوي على مصادر لا نهاية لها من المسرات العقلية والأخلاقية. إن النظام والانسجام والجمال منسوج وممزوج بشكل مثالي في جميع أنحاء الطبيعة ليشكل الرداء الرائع الذي ترتديه الطبيعة، والذي لا تسحر وتبهر أعين الناظر إليها عبره فحسب، بل تخفي تحته القوة الساحقة وجلال شخصها. . أثناء تحركها، فإن الانطباعات الأكثر روعة وفظاعة تشير إلى خطواتها على سطح الكرة الأرضية أو مركزها - في الهواء أو المحيط. تبتسم في لطف الهدوء، وتتجهم في غضب العاصفة. ولكن سواء ساد الصمت، أو زلزلت الزلازل، أو وقعت الرعود، فإنها تحافظ على مسارها القوي، دون أن تتأثر بثورات العصور.

في نفس الوقت الذي يوجد فيه تجلي العظيم في عمليات الطبيعة، وحتى في حين أن العقول الأكثر موهبة تبتهل بالبهجة وسط عظمتها، وتتغذى على جلالها، لا يزال هناك شيء مثير في المبدأة، وهو أن عدم الفهم الكامل مستمر لتحتفظ بإمبراطوريتها المظلمة وتلقي الظلال على أسباب العديد من مظاهرها السامية.

لآلاف السنين أخفت تحت ظل يدها، ليس فقط سبب دوران العوالم في مسارها المستمر عبر حقول الفضاء اللامحدودة، ولكن أيضًا صعود وهبوط الغطاء النباتي. وظاهرتي الحياة والموت، فالإنسان كائن ارتقائي في ذكائه حيوياً. على الرغم من أنه محصور في محيط ضيق من الفضاء، ومقيد بهذه الأرض، التي ليست سوى جزء صغير من الكون غير المحدود؛ ومع ذلك، بما أن عقله يحمل طابع العظمة الإلهية الأصلية، فهو مع ذلك قادر على توسيع نطاق أبحاثه وغاياته العليا إلى ما هو أبعد من حدود العالم.

روحه وعقله قادر على التطوير المستمر لقواه. ومن الوميض الخافت للعقل الطفولي، ينتقل إلى تلك القوة الفكرية والعظمة عندما يتمكن من مسح الكواكب، وأبعاد الشمس، وتتبع المذنبات في مساراتها غير المنتظمة، وتحليل أعمال الله، وفهم الغيبيات... عمليات واسعة ومعقدة لعقله. ما أروع التأمل، أنه يستطيع غزو أراضي العوالم الأخرى، ووضعها ضمن مجال رؤية تلسكوبه، ورؤيتهم وهم يلعبون مناوراتهم الجوية تحت إشراف الجذب والتنافر.

الموضوع الذي سأدخل فيه مباشرة الآن هو الذي أعطيته اسم علم النفس الكهربائي، باعتباره المصطلح الأكثر ملاءمة في تقديري. PsychoLogy هي كلمة مركبة من كلمتين يونانيتين : pose، والتي تعني الروح، وlogos، والتي تعني الكلمة، أو الخطاب، أو الحكمة. ومن ثم، فمن خلال علم النفس، يجب علينا أن نفهم العلم الخاص بعلاقة النفس بالروح. وكما أن كل الانطباعات الحسية الخارجية تتم في النفس من خلال وسيط الكهرباء، باعتباره العامل الوحيد الذي من خلاله يتواصل الإدراك مع العالم الخارجي، لذلك يمكنك بسهولة إدراك أن مدى ملاءمة اسم علم النفس الكهربائي ليست كل شيء، بل يوفر الاسم الكفاءة الكاملة للتعبير عن المعنى المقصود.

منذ عشرين عاماً اكتشفت أن الكهرباء هي حلقة الوصل بين العقل والمادة الداخلية، وعلى هذا الاكتشاف تقوم فلسفة العلم الحالي. منذ عام 1830.

لقد أكد أن الكهرباء ليست فقط حلقة الوصل بين. العقل والمادة الخاملة، ولكنها العامل الأعظم الذي يستخدمه الخالق لتحريك الكون وحُكمه. هذه الآراء، التي تتعارض مع مبدأ أصالة الجذب في المادة، دافعتُ عنها في تونتون، ماساتشوستس، في محاضرتين ألقيتهما أمام المدرسة الثانوية في عام 1832. ويتجسد جوهر هذه الرؤية في ست محاضرات ألقيتها في كنيسة مارلبورو، بوسطن ، في يناير 1843، بناءً على طلب من أعضاء كلا فرعي الهيئة التشريعية في ولاية ماساتشوستس المنعقدة في تلك المدينة؛ وقد تم نشرها على نطاق واسع في هذا البلد، وأعيد نشرها في إنجلترا. [إنهم يشكلون الجزء الأول من هذا المجلد.] في هذا العمل يتم تطبيقهم على فلسفة المسمرية.

أدلي بهذه الملاحظات حتى يعرف السيدات والسادة الحاضرون في هذه المناسبة أن آرائي حول النظرية الكهربائية للكون والرابط الذي يربط بين العقل والمادة الخاملة ليست أنفاس دافع لحظي، بل نتاج مداولات طويلة وناضجة. يأخذ علم النفس الكهربائي نطاقًا واسعًا من البحث التجريبي، ويحتضن مجالًا غنيًا بمجموعة متنوعة من الأفكار. إنه أمر مذهل كم تبلغ السذاجة البشرية لدرجة أنه لا يمكن للإنسان تصديق حقيقته الواضحة إلا من خلال اجتياز محنة التدقيق الشديد من خلال التجارب المتكررة في كثير من الأحيان.

أما بالنسبة لطبيعة وقوة هذه التجارب، فلا أستطيع التعبير عنها بشكل أفضل مما في الإشعار التحريري التالي من صحيفة ساراتوجا الجمهورية :

تلقى محرر صحيفة ساراتوجا الجمهوري رسالة من الأسد. كتب ريتشارد دي ديفيس، وهو عضو سابق في الكونجرس، فيما يتعلق بهذا العلم، ما يلي: 'الدكتور دودز، الذي يدعي أنه اكتشف علمًا جديدًا، ويطلق عليه اسم علم النفس الكهربائي، هو في مرحلة ما قبل ذلك.' أرسل لنا يعطي سلسلة من التجارب الرائعة في قريتنا، من خلال توضيح حقيقتها وواقعها الذي لا شك فيه. وهو يدعي من خلاله أنه قادر على إجراء أكثر التجارب رعبًا ومكرًا على الأشخاص المستيقظين تمامًا والذين يمتلكون جميع قدراتهم بشكل مثالي - حيث يتحكم في حركاتهم: عندما يقفون، يجدون أنه من المستحيل الجلوس؛ إذا كانوا في وضعية الجلوس، فإنهم غير قادرين على النهوض حتى يسمح لهم المتلاعب بالقيام بذلك.. يدعي أن لديه القدرة على سحب الصلاحيات من الجملة العصبية بما في ذلك السمع والكلام والبصر والذاكرة، وما إلى ذلك، متى شاء، وأن يعيد هذه القدرات مرة أخرى على الفور؛ أنه يستطيع تغيير الهوية الشخصية لأفراد معينين، مما يجعلهم يتخيلون في الوقت الحالي أنهم أشخاص ملونون، أو أنهم ينتمون إلى الجنس الآخر، أو أنهم جنرالات مشهورون، أو خطباء، أو رجال دولة، أو غير ذلك. يدعي أنه قادر على تغيير مظهر وطعم الماء في تتابع سريع لمظهر الخل ودبس السكر وعصير الليمون والعسل والأفسنتين والقهوة والحليب والبراندي. هذا الأخير ينتج كل التأثيرات المسكرة للكحول. إنه يجلب أمام رعاياه السحابة الرعدية المهددة. يرون البرق وميضًا ويسمعون صوت الرعود؛ تهب العاصفة فوق رؤوسهم، فيهربون إلى مكان مأوى، تحت طاولة أو مقعد أو أي شيء يوفر لهم الحماية. كل هذا بينما يكون الأفراد الذين خضعوا للتجربة مستيقظين تمامًا ويمتلكون قدراتهم المنطقية. ونحن ندرك جيدًا أن الانطباع الأول الذي سيتبادر إلى ذهن القارئ هو أن هذا أمر سخيف ولاعقلاني ومستحيل تمامًا. ستكون هذه هي النتيجة الطبيعية لكل من لم يشهد قط أيًا من هذه الظواهر المدهشة؛ لكن حقيقة كل هذا يتم الحفاظ عليها من قبل بعض الرجال الأكثر احترامًا وموهبة في البلاد. لدينا الإذن بالإشارة إلى العديد من الأفراد ذوي المكانة والشخصية العالية، الذين يؤمنون بهذا العلم، وكانوا تلاميذًا للدكتور دودز. أمامنا رسالة كتبها هون. ريتشارد د. ديفي ديفيس، والذي نصنع منه المقتطف التالي. يقول السيد ديفيس:

«إن العلم الذي يدرسه الدكتور دودز هو في رأيي رواية جديدة ومفيدة ومليئة بالتأملات التي تناسب أرقى العقول، ومليئة بالتعليمات الغنية لكل حالة من حالات الحياة البشرية. بقدر ما أستطيع الحكم، أستطيع أن أقول بأمان أنه لا يمكن لأي شخص يتمتع بقدرة وذكاء عاديين أن يأخذ المسار المعتاد من الدروس من الطبيب، الذي لن يعترف في النهاية بنفسه بإخلاص أنه أنفق أكثر من عشرة أضعاف ما سدده مقابل تكلفة الوقت. والمتاعب والنفقات؛ وكلما زادت قدرة الفرد ومعلوماته، كلما كان الاعتراف أكثر جاهزية. أنا غير راغب في التعبير عن أكثر من نصف الإشباع والتعليمات التي استلمتها، وإذا كانت توصيتي يمكن أن تسود مع أي شخص ليصبح تلميذًا له، فسيتم تقديمها بمرح وجدية.

ما قرأته الآن على مسمعكم، سيعطيكم فكرة عن طبيعة التجارب، وأيضًا ما يدعيه علم النفس الكهربائي، في رأي الرجال المتميزين، فيما يتعلق بادعاءاته العلمية وفائدته. ولكن ليس هناك شك في أن السيدات والسادة، بعد الاعتراف بأن هذه التجارب رائعة حقًا، وأنها غير مفهومة بالنسبة لهم، سوف يتساءلون: ما فائدتها للجنس البشري؟

إن الفائدة العظيمة لهذا العلم وأهميته الفائقة للجنس البشري تكمن في قدراته العلاجية على تلك الأمراض التي لا يستطيع الطب إزالتها. عندما تصل الحقائق إلى صدور الرجال، وتوبخ المتشككين بصوت الرعد، لذلك لا أستطيع أن أعطي إجابة أفضل على السؤال، ولا أقدم لك خدمة أفضل، من قراءة مقتطفات قليلة من صحف مدينة أوبورن، نيو. يورك، حيث قمت بإلقاء المحاضرات والتجارب آخر مرة. وهم على النحو التالي: 'حيرام بوستويك، إسق.، المعروف منذ زمن طويل والمعروف في هذه المدينة [أوبورن] والمقاطعة، خلال أكثر من عامين قبل أن يرى الدكتور دودز، لم يتخذ خطوة طبيعية.' ولمدة سنة ونصف مضت، لم يكن يستطيع إلا أن يجر قدميه ببطء، كما لو كانتا مربوطتين بأرجل خشبية، وفي ذلك الوقت لم يحاول أن يجر نفسه في الشوارع. بالإضافة إلى نوبة الربيع الماضي (والتي كانت نتيجة لسكتة الشلل التي أصيب بها)، لم يتمكن من التمييز حتى بين الضوء والظلام بعينه اليمنى. باختصار، لقد مات من أجل السعادة والمنفعة. التقى بالدكتور دودز، وفي أقل من أسبوع كان يمشي مسافة ميل. بعينه اليمنى يميز بين الأشخاص، وهو يتحسن باستمرار، بينما يتجول يوميًا في شوارعنا مع التحكم الكامل واستخدام كل عضلة، وهو سعيد تمامًا مثل أي رجل نلتقي به».

سأقرأ مرة أخرى من ورقة أخرى في أوبورن. وهو كما يلي: 'هل يتكلم الأخرس والأصم يسمع؟' في أوبورن، في أكتوبر 1849، فعلوا ذلك. في ظهيرة هذا اليوم، ذهبت فتاتان إلى قاعة المدينة، ولم تتمكن أي منهما من سماع محادثة بنبرة عادية. تم تنويمهم حوالي خمسة أو ستة دقيقة واحدة لكل منهما.
وفقًا لمبادئ علم النفس الكهربائي، كما يدرسها الدكتور دودز، وعندما غادروا، كان بإمكان أحدهم سماع محادثة عادية بوضوح، ويمكن للآخر سماع الهمس بوضوح.

«ظهر أمس، زارت سيدة من ماساتشوستس الدكتور دودز في البورصة الغربية. كانت جفونها منسدلة على عينيها لدرجة أنها لم تستطع الرؤية، ولم تستطع التحدث. وفي عشرين دقيقة أصبح يمكنها أن ترى وتتحدث. إذا شكك أي شخص في هذا البيان، فليسأل الجنرال وود، مالك البورصة المهذب. عندما جاءت هذه السيدة العمياء والبكماء، قالت خادمتها للجنرال وود إن صديقتها لم تفتح عينيها منذ ثلاث سنوات، ولم تنطق بأي مقطع طوال العام الماضي. أدلت السيدة المنكوبة بنفس العبارة، بعد أن استعاد الطبيب قدرتها المعتادة على الكلام. خلال السنوات الثلاث، كانت محصورة في غرفة مظلمة، لتجنب تأثيرات الضوء الضارة المفترضة. ولم تستطع رفع الجفن العلوي لعينها

وبعد كل ذلك ...

'إذا كان الأمر كما عرضناه هنا - وقد ذكرنا هنا حقائق لا يمكن أن تُكذب - فما هو واجب الطبيب الصادق؟
هل هو الاستهزاء بنظام أو علم يقدم ، بوجه محترم ، هذه المعلومات والأساليب حتى ولو كانت ادعاءات؟ - العلم الذي يدعي أنه يكشف عن قوانين وقوى العقل والجسد التي لا يفهمونها في العلوم الاعتيادية، ويدعم نظرياته بنتائج فعلية وملموسة، والتي تذهلك كل واحدة منهم تمامًا ؟ فهل الاستهزاء واجب على الطبيب ويداه تحملان الميزان الذي يودع فيه الحياة والموت؟

أليس من واجبه أن يبحث في الأمر، أن يسبره حتى النخاع، أن يعرف كل ما يمكن معرفته عنه؟
'سوف يجيب المجتمع على هذه الأسئلة، لأنهم مهتمون بشدة بالإجابة. في هذه المدينة، سيتم إجراء العلاج في غضون عام واحد، من قبل تلاميذ الدكتور دودز، في الحالات التي يتم فيها استنفاد النظام الطبي الحالي دون جدوى. هذا سوف يمحص السؤال، وبهذا الاختبار، فإن كل طبيب يستهزئ بعلم النفس الكهربائي سوف يُجبر على الالتزام. ومنه لا يستطيع ولن يهرب.

سأشير الآن إلى مجال واحد فقط وهو العلاج الكهرونفسي للألم والمرض. وصيدليتها مثالية دائمًا، فهي من الله. من المقتطفات التي قرأتها الآن على مسامعكم، من أوراق أوبورن، ستدركون على الفور القوة والمجد الذي يحوم حول هذا العلم، والأهمية التي يُطالب بها لصالحه باعتبارها واحدة من أعظم النعم التي تم منحها على الإطلاق إلى الجنس البشري. لكي تتمكن من رؤية التقدير العالي الذي يحظى به هذا العلم من قبل مواطني أوبورن بشكل عام، حيث يتم تنفيذ هذه الإجرائات، سأزعج جمهوري ولكن مرة أخرى، وأطلب منهم التسامح بينما أقرأ القرارات التي وافقوا عليها بالإجماع نيابة عنهم.

لقد قرأت لكم فقط شهادة مواطني أوبورن، - التي كان يقيم فيها - ولكن يمكن أن آتي بشهادة آلاف آخرين، من مختلف أنحاء الولايات المتحدة حيث ألقيت محاضرات عن أهمية هذا العلم في علاج الأمراض؛ وتلك أيضًا ذات طابع مذهل أكثر من أي شخصية ذكرتها هنا.

يمكنني تقديم شهادة المئات، بأن هذا العلم قد أعاد إلى "لوسي آن ألين"، من لينشبورج، فيرجينيا، استخدام أطرافها في خمسين دقيقة؛ التي لم تمشي خطوة واحدة منذ ثمانية عشر عامًا، ولم تتمكن حتى من رفع نفسها من وسادتها لتجلس في سريرها لأكثر من أربعة عشر عامًا.

هذه هي طبيعة هذا العلم وعظمته الجوهرية؛ هذه هي التجارب والحقائق المرتبطة به؛ هذه هي نتائجها التي تطبعها بالتأثير الكبير لأهميتها الفائقة للبشرية؛ وهذه هي نهاية مطاف هذا العلم وهدفه النبيل؛ وعلى هذا النحو، يجب أن تقف عندما تسقط أعمدة القوة والجمال التي تدعم مبنى الكابيتول لدينا وتتحول إلى غبار.

لدى البعض انطباع بأن علم النفس الكهربائي هو في نهاية المطاف مجرد مسمرية. وللإجابة على هذا أقول إن هناك فرقا واضحا جدا بين العلمين، وهذا الفرق يمكن الإشارة إليه بسهولة. MESMERIS هو مبدأ مبني على التعاطف. علم النفس الكهربائي هو مبدأ . في المسمرية، هناك تعاطف مثالي للغاية بين الممغنِط ( المنوِّم ) والموضوع ( المنوَّم )، بحيث أن ما يراه المنوّم، تراه الذات - ما يسمعه، الذات تسمع - ما يشعر به، الذات تشعر - ما يتذوقه، الذات تتذوق - وما يتذوقه الروائح، والموضوع أيضا روائح؛ وأخيرًا، ما يريده الممغنط هو أيضًا إرادة موضوعه.

لكن الشخص الذي يستخدم القوة النفسية الكهربائية ليس لديه مثل هذا التعاطف مع منوّمه. إن بصره وسمعه وإحساسه وذوقه ورائحته مستقلة تمامًا عن المنوِّم، وهو يمارس إرادته ضد أوامر المنوِّم بحرية، ويمكنه أن يقاومه بكل قوته العضلية.

فالإنسان الذي يستيقظ من السبات الساحر للمسمرية لا يتذكر ما حدث فيه؛ بينما الشخص في الحالة الكهربية النفسية هو شاهد على أفعاله، ويعرف كل ما حدث. لا يستطيع الشخص في الحالة الساحرة أن يسمع أي صوت سوى صوت ممغنطه أو أصوات أولئك الذين يتم التواصل معهم؛ ولكن الشخص في الحالة الكهربية النفسية يستطيع أن يسمع ويتحدث مع الجميع كالمعتاد.

إذا لم يتم تحديد هذه الفروق بشكل كافٍ لتسوية نقاط الاختلاف، فسأذكر نقطتين أخريين. لقد وجدت أشخاصًا بشكل كامل وطبيعي في الحالة النفسية الكهربائية، الذين لا يمكن أبدًا أن يفتنوا بالتنويم المسمري على الإطلاق، ولا على الأقل أن يتأثروا، في ظل التجارب المتكررة. والنقطة الأخرى هي أنه لا يوجد شخص بشكل طبيعي في الحالة السحرية المسمرية، ولكن الآلاف هم بشكل طبيعي في الحالة الكهربائية النفسية، ويعيشون ويموتون فيها. المسمرة والسمنمة متطابقان إلى حد بعيد؛ إنهما نفس الحالة تقريباً؛ وبما أنه لا يوجد شخص بشكل طبيعي يعيش في حالة المشي أثناء النوم، فلا يوجد أحد بشكل طبيعي يعيش في حالة المسمرة.

[[ بينما حالة الكهروحيوية النفسية لا تختلف شيئاً عن حالة الوعي العادي بالنسبة للموضوع الذي يتعرض لتلك القوى ، ويتم إرفاع مستوى الوعي إرادياً فقط ]]

ومع أن تجارب هاتين الحالتين يتم إجراؤها بواسطة نفس قوة التيار الكهروالعصبي، إلا أن هذا لا يجعل العلمين متطابقين، بقدر ما يجعلهما متعارضين في طريقة الاستخدام التي تنتج نمطين أحدهما طبيعي والآخر مكوّن من الحالات الهيولية الناجمة عن نفس هذه القوة العصبية. وبما أن هذه الملاحظات كافية لتحقيق هدفي، فهي مقدمة إليك بكل احترام للنظر فيها بصراحة.
 
(2) القوة الكهروبائية الحيوية ( الكهرونفسية ) ما هي بالضبط ؟ ما علاقتها بالكون والوجود ؟ ما تقنيات استخدامها

استخدمت مصطلح القوة الكهروحيوية عوضاً عن الأورا والبرانا والأوفال والكي والتشي ونحو ذلك ، لأن هذا الوصف هو التعبير العلمي الدقيق تماماً لماهية القوة التي تنبعث منها تجليات الحياة ، أو للطاقة بحالتها الخالصة.

أولاً : تعريف معنى الطاقة ( مدخل إلى التعريف الإدراكي مقابل التعريف الوظيفي ) :

الكلمات ومعانيها بالنسبة للإنسان ، هي العناصر المعرفية الأولية التي يبني من خلالها رؤيته عن العالم كما تبنى البروج من قطع الطوب ، وهذا التفاعل بين الإنسان وعالمه عبر اللغة، يجعل البحث عن علاقة الكلمة بالمعنى ودلالة الرمز على المضمون أهم بحث إبستمولوجي على الإطلاق ، بالنسبة للمعرفة القابلة للإدراك الجماعي.

في هذه الأيام ، أصبحت اللغة مصدر إدراك العالم الجديد ، أي مصدر إدراك الناس جميعهم للمعاني متوقف على الكلمات ، لأن الإنسان أصبح يعول على الاستفادة من سجلات التجارب عوض التجريب بنفسه، من أجل محاكاة سرعة العصر ، ولذلك فالاتصال بين الإنسان والعالم الواقعي ينقطع شيئاً فشيئاً وينوب عنه الاتصال بالعالم الرقمي والرمزي والإلكتروني.

أي أن موضوع الدلالة اللغوية لم يعد محض ترف فكري منوط بالدراسات العليا في اللغويات واللسانيات ، أو مجرد موضوع يشغل الأرسطوقراطيين ، لقد أصبح يؤثر على حياة كل إنسان في كل شيء ، وعلى نحو متزايد ، وصارت حياة الإنسان كلها لعبة بيد اللغة ، أو بيد من يملك قواعد بناء اللغة.

لذلك فلنبدا أولاً بتعريف الرموز على نحو مجمل ، الكلمة رمز والرمز صورة ذهنية تقع بينك وبين المعنى الحقيقي المباشر ، وأنت تستخدم الرمز لينوب عن المعنى لأنك لا تدرك المعنى مباشرة ، فتستخدم شيئاً حاضراً إلى نطاق رصدك ليشير إلى المعنى الغائب عنك إدراكياً ، ومن المستحيل أن يتطابق الرمز والمعنى ، وكل ما يفعله الرمز هو تذكيرك بالمعنى الذي اختبرته من قبل.

الرمز أيضاً يمكنه التعبير عن الناحية الوظيفية للمعنى الذاتي الذي يشير إليه ، لأن وظيفة الشيء هي علاقته بشيء آخر وتأثيره عليه أو تأثره به ، مجموعة علاقات الكائن بالبيئة المحيطة هي ( المعنى الوظيفي ) للكائن أما حقيقته فهي ( المعنى الذاتي أو البنيوي ).

لأن الرمز مختلف ذاتياً عن الشيء ، فإن لم تختبر الشيء مباشرة فلا يمكن للرمز نقل معناه الذاتي إليك ، ولكن يمكنه إخبارك عن وظيفته ضمن المحيط.

ولنفترض جدلاً أنك رأيت حجرة الألماس مباشرة ، فاختبارك الحسي لمظهرها هو اختبار إدراكي ، لا تستخدم فيه اللغة ، ولكن عندما تسميها بالالماس فإنك تريد إخبار شخص آخر بعيد عنها بما رأيته منها ، ولكن هذا الشخص لن يرى الألماس لمجرد وصفك له أو تسميتك ، لأن مجال المعاني الذي يعرفه هذا الشخص عبر الاختبار المباشر ليس فيه تلك الكينونة الظاهرية التي تسمى بالألماس.

وهو بالتالي فاقد للتجربة الحسية المتعلقة بالماس ، وسيسقط كلمة الالماس على المعاني التي يعرفها مسبقاً ، وهذا يجعلك مضطراً لشرح معنى الألماس وفق مجال المعاني الخاص بهذا الشخص ، والذي سيتضمن مثلاً : الأشكال المصقولة ، البلور ، اللمعان ، الصلابة ، الشفافية ، الحجم الصغير ، القيمة العالية ، إلى آخره ....

هذه التعبيرات الرمزية التي وظفتها لتعريف الألماس ، تعبر عن صفاته ضمن البيئة ، وتجعل الشخص يكون نموذجاً تصورياً ذهنياً واضحاً بما يكفي عنه ، هذه الرموز التي استخدمتها تعبر عن معاني وظيفية ، تركيبها معاً في وحدة كوالية يعطي مفهوماً محدداً للإدراك.

ورغم كل ذلك التعبير الرمزي المعقد الذي استخدمته ، لن يحس الشخص الآخر بمعنى حقيقة الألماس حتى يراه بعينه ويلمسه بيده ، ويكون يقظاً كفاية لحظة الرؤية واللمس. فكذلك الأمر بالنسبة للمحسوسات والمسموعات والمشمومات والمرئيات والملموسات الأخرى ، التعريف الوظيفي لها لا يقدم معنىً حقيقياً يمكن اختباره إدراكياً ، ولكنه يقدم تصوراً ذهنياً يمكن توظيفه في علاقة معينة.

(إذا) لم يكن للشيء أو الموضوع خاصية تشبه الخاصيات التي يعرفها الجميع عبر حواسهم المادية ، فمهما تحدثت عنه لن يفهموا ما الذي تحاول إيصاله إليهم ، أي أنك حين تختبر معنىً ذاتياً ليس له خصائص موضوعية تميزه عن غيره فلا يمكن أن تنقل هذا المعنى إلى إدراك الآخرين ، لأن حقل الدلالة المعنوي الذي يستخدمونه لا يحتوي رموزاً تعبر عن المعنى الذي تحاول إيصاله ، لا يوجد لديهم كلمات تشرحه أو تشير إليه ، لا يوجد لديهم مجال معنوي اختبروا من خلاله مثل هذا المعنى الذاتي الذي اختبرته.

ولكنك اختبرته كحقيقة وهو كذلك بالنسبة لك ، وليس بالنسبة للجميع ، ولكي تنقل هذه الحقيقة للجميع وتجعلهم يختبرون نفس ما اختبرته فعليك أن (ترفع مستوى إدراكهم ) أو تغير طبيعته ، بحيث تجعلهم يتفاعلون مباشرة مع الشيء أو الكيان الذي تريد كشفه لهم.

هذا يعني أن الكلمات التي ستستخدمها للتعبير عن المعنى الذاتي الذي لا يدركه الآخرون ستكون جوفاء بالنسبة لهم حتى يدركونه ، وهذا يعني أن إدراكهم لن يتغير حتى يغيروا مستوى إدراكهم عبر تغيير تفاعلهم مع الوجود ليصلوا إلى نفس خط التفاعل الذي سمح لك بإدراك ما أدركته من قبل.

درج الناس على وضع المفهوم قبل المعنى وهذا ما يأسر إدراكهم عن الحقيقة دائماً ... فهم يقومون بتعريف اللفظ لغوياً ثم التقيد بهذا التعريف ، وبما أن التجربة المعرفية للإنسان مقيدة تقريباً باللغة طوال الوقت ، فلن يعرف شيئاً خارج إطار كلمات لغته وحقولها الدلالية ، وإذا عاين أو عايش شيئاً أو حالة ليس لها كلمة مرادفة في لغته فلن يحسن التعبير عنها للآخرين.

وقد لا يجد وسيلة لتصنيفها أو فهمها ضمن عقله الذي يستخدم مفاهيم مسبقة الصنع ، وهذا هو ما يولد "الدهشة" بالنسبة للمعايش ، ويولّد "التكذيب والاستغراب والنفور" بالنسبة لمن لم يعايش الشيء ووصله الخبر.

النموذج الإنساني العالمي يعزم الوصول إلى لغة موحدة، بحيث يستخدم كل الناس نفس المفردات للتعبير عن نفس الأشياء، وهذا يعني أن أي معنى أو تجربة لم يعايشها البشر من قبل ويضربون لها اسماً في اللغة العالمية خاصتهم، لن تتاح لهم فرصة إدراكها أو اختبارها وهم منشغلون في إطار التجارب التي تسمح بها لغتهم مسبقة الصنع.

هذه هي مشكلة نظرية الإنسان الموحد ( الإنسان العالمي ) الذي سيفكر بنفس الطريقة في كل مكان في العالم وسيقوم بنفس الأشياء التي يقوم بها أي إنسان آخر على الأرض ، وسينتمي لنفس هرم الطبقات البشرية المحدد مسبقاً ... لأن اللغة العالمية تقتضي أن تكون الكلمات واصفة لمعاني يمكن للجميع أن يختبرونها ولتجارب يمكن للجميع أن يمروا بها ، ومثل هذه المعاني والتجارب التي يمر بها الجميع على اختلاف مستويات الإدراك التي يستخدمها كل منهم ، ستلتزم بالحد الأدنى من تلك المستويات ، ذلك الحد الذي يدركه الجميع ، وهو ما يصطلح عليه باسم ( اللغة العالمية Meta Language ) .

وفي اللغة العالمية لا مجال لوصف التجارب الروحية العميقة أو المعاني الذاتية ، أو حتى المشاعر الوجدانية ، بل الفن نفسه سيغدو مجرد تهريج في سياقات هذه اللغة ، لأن الشيء الوحيد القابل للإدراك من قبل اللجميع بلا استثناء هو المادة والمادة فقط.

سيكون أي شيء غير مادي هو شيء غير معرّف في نسق لغة ميتا ، وبما أن أدمغة الناس تماهت مع هذا النسق وصار يشكل ( النموذج العقلي التكويني ) لرؤية البشرية فمن المستحيل أن يفهموا أصلاً ما الذي تريد إخبارهم به ، وهذا ما يجعل اللغة التي تستخدمها لوصف علوم الروح لغة ( غامضة ) و (غنوصية ) و(سحرية) بالنسبة لهم ، مع أنها تصف أشياء شديدة الدقة علمياً ( بالنسبة لك ولطالب العلوم الروحية ).

والمشكلة أنه لا يوجد غرابة في علوم الروح ، ولكن يوجد ( اغتراب عن المعنى الذاتي ) بسبب تبني العقل البشري الجمعي للغة لا تصف إلا المعاني الموضوعية ، وهذا الاغتراب عن الذات والذوبان في الموضوع هو ما يولد حالة ( اللاإدراك الروحي ) والتي تبدو بسببها العلوم الروحية غريبة وغامضة وسحرية.

ما كتبته للتو كان نتائج بحث الدلالة الذي قضيت فيه سنيناً وقد أوجزته على مقام الحال في هذا الكتاب ، إن بحث الدلالة اللغوي هو أهم بحث إبستمولوجي معاصر على الإطلاق ، ودون أي مبالغة ن وهذا البحث من شأنه أن يحبط حركة أمم ويرفع قواعد عالم جديد ...

ولننتقل الآن إلى النتيجة التي خلصنا إليها : إدراك المعنى أولاً ثم تعريفه لغوياً هو أسلوب المعرفة الذاتي المباشر ويصنع الدلالة التوقيفية للكلمة ، لأنك تدرك بالضبط معنى الكلمة حين تستخدمها.

إدراك المعنى اللغوي للكلمة قبل إدراك معناها المباشر هو إدراك لصورتها الذهنية حسب عقلك التكويني ومعتقداتك ورسومها الذهنية ، وهو أسلوب المعرفة الموضوعي ( الذي يهمل عامل إدراك الذات المباشر للمعنى ) ويصنع دلالة وضعية للكلمة ، أنت تضعها ، أوغيرك يضعها ، المهم أنها لا تعبر عن حقيقة ، ولكن عن معنى متفق عليه ذهنياً.

 
ثانياً : إدراك معنى الطاقة ذاتياً :

يوجد معطيات تدركها عبر كامل مسار حياتك لأنها جوهرية لوجودك، إحساسك بها ذاتي ، يسبق رصد وجودها الموضوعي الخارجي، وهذه المعطيات تسمى ب(العلم الحضوري).

ولكي تتعرف إلى العلم الحضوري أو المعطيات الحضورية ، فيجب أن توجه تيار انتباهك نحوها ، وتزيل عوامل التشتيت البيئي عن تيار انتباهك الشعوري ، تماماً كالشخص الذي يبحث عن نظارته وهو يرتديها أصلاً ، أو الذي يبحث عن مفتاح بيته وهو في يده ، ولكن تشويش عوامل البيئة يفقد الإنسان ثبات تيار الانتباه نحو الحضور ، ويدخل الانتباه في عوالم ذهنية صناعية لا وجود حقيقي لها.

ومن هنا تبدأ الكينياء بتطوير وتهذيب قدرة الإدراك والتركيز والتأمل الحيوي ( قوى الحضور ).

فما نتحدث عنه اليوم هو ما نعرّفه في الكينياء ب"تيار الانتباه المباشر" ، هذا التيار الذي يسمى بالوعي بالموضوع ، يسمح لك بالتركيز على موضوع مادي أمامك ، أو بالتركيز على موضوع آخر بجانبه ، أو بالتركيز على موضوع فكري أو خيالي مثل شكل حامورابي أو سنة وفاة نابوليون ، أي أن تيار الانتباه الخاص بك يتحرك وفق إرادتك الحرة من حيث المبدأ.

تركيزك البصري مثلاً على شيء معين مثل كأس الماء أمامك ، ورؤيتك لأبعادها الهندسية ولسكون الماء فيها ... شفافية الماء ، موقعها على الطاولة ، موقعها بالنسبة لك ، هذا هو الإدراك البصري لصورة حاضرة لك حالياً.

عدم تحكمك بتيار الانتباه هو منشأ المعاناة والشر في حياتك ، لأنك حين تتحكم بانتباهك تتحكم بانفعالك، وتدرك رغبتك وتوجهك ، وتحس بإيمانك وبالوجود وتبحث عن الحلول والفاعلية.

حالة التشتت الذهني أو ضبابية الانتباه ، أو كما تسمى بالعرفان : الغفلة ، هي السبب أنك لا تتصل بزمن الحقيقة ولا تستخدم طاقتك الكلية ، وهذه الحالة تنشأ من ترك الاتصال الواعي والتركيز على الملهيات البيئية

{( فخلف من بعدهم خلفٌ أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً )} فالصلاة هنا ليست مجموعة حركات ، إنها حالة وجودية تتصل فيها بزمن الحقيقة إدراكياً وتخلص له وتتواضع عنده ، وهو ما لا يفعله أغلب الناس.

توجيهك لتيار الانتباه هو ممارسة لفعل معين يؤثر على جسدك ، وبنفس الطريقة ، حين توجه تيار الانتباه نحو يدك وتحركها يميناً ويساراً فهذا (تأثير) يمارسه الوعي على الجسد ، إحساسك ب(تيار الانتباه الموجه الفاعل) : هو ما نسميه ب(الطاقة) أو القوة المؤثرة في الزمن.

وسواء كانت هذه القوة التي تؤثر في زمنك تنبع من تيار انتباهك ، أو من العوامل الزمنية الخارجية ، فسيبقى اسمها طاقة لأنها ستبقى قادرة على التأثير في الزمن. ولكن في حالة إدراكك لفاعلية تيار الوعي فأنت تُدرك معنى (الطاقة) أو (الفاعلية) إدراكاً حضورياً ، أي ليس بينك وبين هذه الطاقة وسيط.

كما تدرك قدرتك على استدعائها ... وهذه الطاقة هي السبب الحقيقي في تغيير أي شيء في الزمن {( لهُ دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال )} فهذه هي دعوة الحق ... لأن الطاقة المؤثرة في الزمن واحدة لا تتغير ، وهي طاقة الله ، وأنت تدعو الله حين تستدعي هذه الطاقة ، فكل فعل يقوم به كل إنسان وينجح في تحقيقه هو دعوة الحق لله ، سواء كان هذا الإنسان مؤمناً أو ملحداً ، لأنه استدعى قوة الحقيقة في فعل الحدث الزمني ، وهذه القوة الإلهية تعبر عن نفسها بحسب الهوية القيمية للذي يدعو الله وبحسب صدقه وإخلاصه في دعوته.

التفاعل بين الذات والوجود هو استدعاء لقوة الله ، مهما كانت طبيعة ومستوى هذا التفاعل ، فما تسميه استعانة بالأسباب المادية هو أيضاً تفاعل مع الوجود واستعانة بقوة الوجود ، التي هي قوة الله ، والتي فهمتها على أنها مقيدة بالأسباب المادية ( أو لم يستطع اللاشعور عندك أن يطمئن لغير ذلك ...

وكلما تواصلت مع الحقيقة الإلهية العظمى كلما كانت دعوة الحق أقوى وأوضح لديك ، إن نفس المبدأ الذي تتفاعل فيه مع الكأس الذي تشرب الماء به ، ومع اليد التي تحركها والعين التي تبصر بها هو استخدام لطاقة الوجود ( دعوة حق ) ونفس هذا المبدأ هو الذي يحرك القنابل النووية والكواكب والمجرات ، إنه طاقة الحياة الإلهية.

كل استخدام لهذه الطاقة هو دعوة لله {( وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفّار )} لأنك لا تستطيع استخدام قوة الحياة إلا بالاتصال معها وهذه هي دعوة الحق ، وما قيل لك عن التضرع إلى كائن مادي غائب له السلطة على القدر والأحداث عبر لسانك دون قلبك ، ليس دعوة الحق ، لأن اللسان لا يدعو أصلاً، إنه يردد عبارات صوتية فقط ومن يسمعها هو الأذن الفيزيائية التي لا تملك حولاً ولا قوة.

أن يكون الكائن الحي أقرب إلى دعوة الحق ، أن يكون أقرب للتفاعل مع الله والاتصال بقوته واستحضارها في كينونته وزمنه، والتآلف الحيوي القيمي معها ، فلذلك من حسُن خلقه فتحت له أبواب العالمين ، والدعوة ليست مخاطبة غائب برسائل ، ولكن الدعوة طلب عبر اتصال تتناسب طبيعته مع طبيعة من تدعوه.

قوة الحياة هي قوة الله ، والله ليس منفصلاً عنك ، إنه حقيقتك ولذلك يمكنك استدعاء قوة الله عندما تكون حقيقياً (( الصدق باب الله )).

حان الوقت لتحرر ذهنك من قفل الدين عليه ، حين يوهمونك أن هناك كائناً منفصلاً عنك تدعوه وكأنك تدعو امبراطوراً متغطرساً ، هذه إساءة للحقيقة ، أنك أنت الحقيقة ولذلك أنت تجلي من الله ، وحضورك الحقيقي هو اتصالك بالله لأن الله متحد مع حقيقتك ولستما شيئين منفصلين.

أدرك تيار انتباهك وستستشعر معنى الطاقة ، وحينها ترى أن حياتك نفسها طاقة، وعيك نفسه طاقة، تيار انتباهك طاقة سواء استخدمته في التأثير على موضوعات خارجية أو لم تستخدمه.

هكذا تتعرف معنى الطاقة إدراكياً ، وهذا الشرح البسيط جداً والعميق جداً لن يفيدك إذا لم تمارسه عملياً ، بأن تتأمل تيار الوعي وتتواصل معه ، كتأمل حركة يديك ولو لبضع دقائق حتى تصل لحالة من السكون وتتوقف المشوشات الخارجية عن إزاحة تيار انتباهك عن القوة المحركة ليديك.

وفي حقيقة الأمر ، كل مناهج تعليم حيازة القدرات الخارقة تبدأ بالضبط من هذه النقطة، سوائ كانت صينية أو يابانية أو هندية أو تبتية أو غربية، إن طريقة لفت الانتباه نحو الطاقة في تعاليم اليوغا تختلف في شكل المنهج عنها في تعاليم التاي تشي ، وربما يستخدم اليابانيون طرقاً قاسية جداً لكسر حاجز الذهن عن إدراكها، ويستخدم الغربيون طرقاً تمتلئ بالطقوس السحرية والفنية ولكن البؤرة التي تركز عليها كل هذه التعاليم بسيطة إلى حد أنها تتحد بالنواة الحقيقية للحياة ولكل كائن وزمن.

هناك حقيقة صادمة أخرى إليك ، وأحب في الحقيقة أن أصدمك ، ما أصبحنا نسميه "الطاقة" هو الشيء المحسوس الوحيد في عالمك، وكل الأشياء التي تراها هي طاقات … شكلها يختلف فقط.

لأن أي شيء حتى يؤثر عليك بالقدر الذي يسمح لك بإدراك تأثيره، يرسل طاقته إليك والتي تدركها على هيئة حضوره الصوري المؤثر. فالطاقة بمفهومها الحيوي الكلاني لا تحتاج إلى إثبات ، إنها تحتاج إلى انتباه ويقظة.

كان قديماً ، يسمى مبدأ الطاقة ب"العلة الفعّالة"، أو القوة الفاعلة، كما شرحه أرسطو، وهذه القوة، بالأصل هي حرة وليس هناك حدود تقيد حركتها ، لكن ماذا لو تم تقييدها ؟

كما ترى ، علمك بالطاقة والوجود ، علم حضوري ، قبلي ، يسبق علمك بالفيزياء والكيمياء والرياضيات ، أي أنك تدرك أولاً الطاقة والوجود والمعاني الحضورية العليا ، ثم تدرك بعدها كل المعارف والنظريات التي تتعلمها في المدرسة والجامعة والانترنت والدورات والكورسات.

فعلمك بالطاقة الحيوية مقابل علمك بالعلوم الأكاديمية ، كعلمك باليقين مقابل الشك والظنون ، وإذا كنت ستشك بأي شيء في الوجود فلا يسعك أن تشك بالطاقة الحيوية والحضور الوجودي ...

الطاقة بالأصل ، قيمة غير حسابية رقيمة، وغير متكتلة ( لا قيود عليها ) ، وعندما تحاول تعريفها تعريفاً وظيفياً منطقياً من الخارج فقط ، ستقول إنها "السبب المباشر في وقوع الحدث الزمني".

ونقصد بهذا الحدث، تحقق أي واقع زمني … سواء كان شعوراً داخلياً تدركه، أو شيئاً في عالم المادة الموضوعي، أو بناء هيكل من الخيال، أو نسيجاً من الأحلام، حتى الفكرة تفكر بها فإنك تحتاج إلى طاقة لكي تقوم بعملية التفكير.

عندما نستخدم كلمة ( الطاقة ) ، ما الذي يتبادر إلى ذهنك بخصوصها ؟

ماذا ؟؟ ولماذا سيتبادر شيء إلى ذهنك بخصوص موضوع ما أصلاً؟ هل تعرف الأشياء بذهنك أم بإدراكك ؟

طريقة التعريف التي تستخدم أسلوب ( ما الذي يتبادر إلى ذهنك ) تعني أنك تستخدم ذاكرتك ومفاهيمك ومعتقداتك لتعريف الشيء ، ولا تتصل بالشيء نفسه أو بحقيقته ، أو تستذكر اختباراً عايشت الشيء نفسه من خلاله.

فتكون الطاقة أيضاً مفهوماً أعم من مفهوم ( الطاقة الفيزيائية ) لأن الطاقة ضمن هذا المعنى هي أي قوة تستطيع التأثير ضمن الوجود على أي شيء فيه ، وتحقق هذا المعنى هو ما يجعلها طاقة ، فهي أعم من أن تكون فيزيائية ، المهم أنها تؤثر بغض النظر عن تكوينها الحقيقي.

يمكنك إدراك الطاقة على نحو مباشر وبنفس الطريقة التي أدركت من خلالها الوجود ، أنت تعرفها كمعنى إدراكي ذاتي لا كشيء مقاس بالأرقام ، فعندما تحس القوة تسري في عروق يدك ، فما تحس به هو الطاقة ، أما النتائج الرهينة لهذه الطاقة مثل قوة تأثير يدك ومدى قياسها فهذه ليست الطاقة الخالصة ، هذه مجرد قياس موضوعي للطاقة الحقيقية.

ما هي الطاقة الحقيقية ؟ هي تلك الكينونة الحركية التي أحسست بها مباشرة من دون وسيط خارجي أو قياس أو ملاحظة للأثر الناتج عنها ، هذه هي الطاقة ، إنها معطى إدراكي وليس معطى مادياً تماماً كالوجود.

فالطاقة والوجود مفاهيم أو (معطيات) مباشرة للوعي وتسمى ب(الفينومات) ، لا تحتاج إلى عقل للتفكير بها ولا إلى جسد وسيط بينك وبينها ولا إلى صورة ذهنية عنها أو أرقام تعبر عن قيمها ، كل ما تحتاجه هو (تركيز انتباه الوعي) إليها.


فقرة :

هل هذه الطاقة معزولة عن طاقات الكون الأخرى ؟ في البداية إنك لمست "جوهر الطاقة" حين التفتت ... ويجب أن تقدس الله أنك تستطيع فعل أمر عظيم كهذا بوعيك وإدراكك ، وأن تكون ممتناً على منحك هذا التقويم الإلهي الذي بالتأكيد لا يستحقه بشر على عمله ...

جوهر الطاقة هذا هو حالتها الخالصة قبل أن تتقولب في قوالب زمنية معينة ن وكل الطاقات بما هي تأثير تنتمي بالأصل لهذا الجوهر ، مهما اختلفت أنواع حواملها وأشكال وجودها ومستويات وقودها ، الأمر أشبه بالوجود الخالص وبتجلياته التي لا تنتهي ، فكذلك هي الطاقة الخالصة وتعبيراتها التي لا تنتهي.

هناك أمور يصعب إثباتها إذا لم تجرب بنفسك مراراً ومراراً عبر التأمل والإدراك والتركيز ، ولكن كل فعل تقوم به تستخدم لأجله الطاقة ، وكل فعل يحدث على الأرض أو في الكون أو في السماء يستخدم الطاقة ، فكما تغلق عينك بالطاقة وتفتحها بالطاقة وتحرك يدك بالطاقة وتحرك فكرتك بالطاقة ، فكما الأرض تزلزل بالطاقة وتنشق بالطاقة وتربو بالطاقة وتحيا بالطاقة.

وهذه الطاقة لا يمكن أسرها لأن أي تفاعل سيعتمد عليها لكي يتم أولاً بما فيه التفاعل الهادف إلى أسر حالتها الخام ، وبمجرد تحقيق هذا الأسر تتحول من طاقة خالصة إلى طاقة مقيدة مرقومة.
 

أداب الحوار

المرجو التحلي بأداب الحوار وعدم الإنجرار خلف المشاحنات، بحال مضايقة إستخدم زر الإبلاغ وسنتخذ الإجراء المناسب، يمكنك الإطلاع على [ قوانين وسياسة الموقع ] و [ ماهو سايكوجين ]

مواضيع مشابهة

أعلى أسفل