سيد الأحجار السبعة
عابر الزمن الثالث
- المشاركات
- 937
- مستوى التفاعل
- 1,653
مصدر المعرفة والوجود ... الفاصل الحقيقي بين الرؤية الوجودية لكل من الفيزياء والفلسفة والإيزوتيريك (علم الوجود الإدراكي)
عند دراسة الواقع المادي المحلي، فإن كلاً من الفيزيائي والإيزوتيريكي والفيلسوف يتعاملون مع نفس المعطيات تقريباً، لكن رؤية كل منهم تختلف جوهرياً عن الرؤيتين الباقيتين.
ينظر الفيزيائي إلى الواقع المادي كواقع أعزل مكتفي بذاته تفسيرياً ولا يحتاج إلى افتراض ما يسميه ب"الخوارق" والكائنات الغيبية حتى يعمل.
تماماً كساعة هائلة مصممة بدقة لا متناهية، الفرق الوحيد بينها وبين مكوناتها أنها تكون بلا مصدر لانوجادها، فقد وجدت من العدم، الفوضى والشواش. وهكذا ساعة الكون بكل ما تعرضه من الدقة تنشأ من العدم ، الفوضى، والشواش .. الفيزياء تحتم على الفيزيائي أن يفكر بهذه الطريقة حتى وإن كان بينه وبين نفسه مؤمناً، لأن إدخال مجال للغيبيات على علوم الفيزياء النظرية سيسمح بتحولها إلى ميتافيزيقا غير قابلة للبرهان التجريبي، لذلك هو يفترض مسبقاً أن الكون نظام مغلق على نفسه، ونعني بالكون أي الواقع المادي، سواء كان كوناً واحداً أو عدة أكوان، وسواء كان يظهر بنوسان أعظم أو حتى كان أزلياً فهو دائماً نظام مغلق بإحكام، لا تدخله قوى تتحكم به من خارجه أبداً.
بينما يرى الفيلسوف الكونَ نظاماً غير مغلق، فهو يحتاج إلى حد أدنى من العلل العالية لكي يتم له الوجود، ويتخذ طريق معرفة معقولاً كما هو محسوس، فالفيلسوف يختلف عن العالم بأنه لا يصغي لحواسه وتجاربه فقط، ودائماً يشك في كل شيء قابل للتغير والتشكيك، والواقع المادي أقرب الاشياء لتشكيك الفيلسوف. ويرى أن التعامل مع ناحيته المحسوسة دون المعقولة سيسبب الفوضى في بنا التصور العلمي الصحيح، وسيحول دون اكتشاف ما هية الواقع حقاً، ولذلك هناك "عالم مرصود" يسمى بالمواد والطبيعة، و"عالم مجرد" يسمى بالميتافيزيقا.
أما الإيزوتيريكي ، وهو الباحث العلمي الذي لا يتقيد بمنهج عقلي ولا حسي وإنما يرد المعطيات إلى أصولها، فهو ينحو منحىً آخر تماماً ... سنكتشفه معاً في هذا البحث، لكن قبل ذلك لابد من التعقيب بمسألة مهمة جداً بالنسبة لك كباحث حر أو أكاديمي، وهي أن اختلاف رؤية الباحثين تتنوع حسب طرائق المعرفة التي يستخدمونها في معالجة الواقع بأسره ومن حيثيته الكلانية.
إذن، الخلاف حول مادية الوجود أو تجرده أو حقيقته المطلقة الروحية، ليس خلافاً على تفرعات الفيزياء أو على بعض قوانينها الثانوية، أو على ظاهرة فيزيائية بعينها أو تفسير فيزيائي بحد ذاته، وإنما هو خلاف في "الرؤية الكونية والمعرفية والعقائدية" لكل واحد من هؤلاء الثلاث، بمعنى آخر، لا فائدة من محاولة إثبات تجرد الحقيقة عن المادة عبر النظريات الفيزيائية نفسها، كذلك لن تثبت للفيلسوف مادية الكون بمحض التجارب التي تذكرها له، فهو يرى كامل هذه التجارب وعلوم الفيزياء موجودة في مستوى محدد من مستويات الوجود، أي أنها بالنسبة له تخضع جميعها لنفس النوع من الإدراك، وبما أن الإدراك هو مصدر المعرفة بالعالم بأسره، فهو الذي يقرر ما وراء الكيان الكوني المحسوس والمادي، وهذا الإدراك هو ما يخبر بالمعقولات وميتافيزيقا الوجود.
وهو أيضاً ما يخبر بالحقائق العليا الروحية ... كيف ذلك ؟
رد الواقع المادي إلى معرفتك الخاصة عنه كذات، يعني استغناءك عن البحث في معارف الآخرين، وهذا هو السبب في أن مثل ذلك الرد المعرفي يجعل الواقع الموضوعي المفارق لإدراكك نوعاً من المعرفة المظنونة، ووجوداً افتراضياً غير جوهري ولا أصيل.
بينما المادي يريد فقط أن "يحجب" هذا الإدراك وينشغل ويشغلك بالواقع الموضوعي نفسه ... الرؤية المادية أصلاً لا تبيح التعمق كثيراً في المنطلقات الإدراكية للكون المنظور، وتحب أن تعامله هكذا دون اعتبار للمراقب والذات التي تدركه بوعي.
إذن هي مسألة تتعلق بالرغبات والتكوين النفسي التفاعلي أكثر من تعلقها بالمعطيات العلمية والمعرفية، فلا تتوقع أن تكفي علومك ومعارفك لإثبات وجهة نظر معينة للآخر، والأهم من ذلك، لا تتوقع أنها تكفي لإيصالك للحقيقة وحدها من دون تغيير ما في النفوس.
بينما يرى الفيلسوف الكونَ نظاماً غير مغلق، فهو يحتاج إلى حد أدنى من العلل العالية لكي يتم له الوجود، ويتخذ طريق معرفة معقولاً كما هو محسوس، فالفيلسوف يختلف عن العالم بأنه لا يصغي لحواسه وتجاربه فقط، ودائماً يشك في كل شيء قابل للتغير والتشكيك، والواقع المادي أقرب الاشياء لتشكيك الفيلسوف. ويرى أن التعامل مع ناحيته المحسوسة دون المعقولة سيسبب الفوضى في بنا التصور العلمي الصحيح، وسيحول دون اكتشاف ما هية الواقع حقاً، ولذلك هناك "عالم مرصود" يسمى بالمواد والطبيعة، و"عالم مجرد" يسمى بالميتافيزيقا.
أما الإيزوتيريكي ، وهو الباحث العلمي الذي لا يتقيد بمنهج عقلي ولا حسي وإنما يرد المعطيات إلى أصولها، فهو ينحو منحىً آخر تماماً ... سنكتشفه معاً في هذا البحث، لكن قبل ذلك لابد من التعقيب بمسألة مهمة جداً بالنسبة لك كباحث حر أو أكاديمي، وهي أن اختلاف رؤية الباحثين تتنوع حسب طرائق المعرفة التي يستخدمونها في معالجة الواقع بأسره ومن حيثيته الكلانية.
إذن، الخلاف حول مادية الوجود أو تجرده أو حقيقته المطلقة الروحية، ليس خلافاً على تفرعات الفيزياء أو على بعض قوانينها الثانوية، أو على ظاهرة فيزيائية بعينها أو تفسير فيزيائي بحد ذاته، وإنما هو خلاف في "الرؤية الكونية والمعرفية والعقائدية" لكل واحد من هؤلاء الثلاث، بمعنى آخر، لا فائدة من محاولة إثبات تجرد الحقيقة عن المادة عبر النظريات الفيزيائية نفسها، كذلك لن تثبت للفيلسوف مادية الكون بمحض التجارب التي تذكرها له، فهو يرى كامل هذه التجارب وعلوم الفيزياء موجودة في مستوى محدد من مستويات الوجود، أي أنها بالنسبة له تخضع جميعها لنفس النوع من الإدراك، وبما أن الإدراك هو مصدر المعرفة بالعالم بأسره، فهو الذي يقرر ما وراء الكيان الكوني المحسوس والمادي، وهذا الإدراك هو ما يخبر بالمعقولات وميتافيزيقا الوجود.
وهو أيضاً ما يخبر بالحقائق العليا الروحية ... كيف ذلك ؟
رد الواقع المادي إلى معرفتك الخاصة عنه كذات، يعني استغناءك عن البحث في معارف الآخرين، وهذا هو السبب في أن مثل ذلك الرد المعرفي يجعل الواقع الموضوعي المفارق لإدراكك نوعاً من المعرفة المظنونة، ووجوداً افتراضياً غير جوهري ولا أصيل.
بينما المادي يريد فقط أن "يحجب" هذا الإدراك وينشغل ويشغلك بالواقع الموضوعي نفسه ... الرؤية المادية أصلاً لا تبيح التعمق كثيراً في المنطلقات الإدراكية للكون المنظور، وتحب أن تعامله هكذا دون اعتبار للمراقب والذات التي تدركه بوعي.
إذن هي مسألة تتعلق بالرغبات والتكوين النفسي التفاعلي أكثر من تعلقها بالمعطيات العلمية والمعرفية، فلا تتوقع أن تكفي علومك ومعارفك لإثبات وجهة نظر معينة للآخر، والأهم من ذلك، لا تتوقع أنها تكفي لإيصالك للحقيقة وحدها من دون تغيير ما في النفوس.
الدراسة الكُمّية للفراغ
من المعروف في تجارب فيزياء الكموم والجسيمات دون الذرية، أن تفريغ موقع مكاني معين من كل الحقول المؤثرة عليه بطريقة شبه تامة، توصل هذا الفراغ الناشئ إلى نقطة قريبة من "صفر طاقة" بالنسبة لكل القوى المعروفة، ويبقى تأثير شبه مهمل لا يمكن إزالته لأنه ناتج عن ارتباط هذا المكان بالرصد، والذي يحتاج إلى تسليط ضوء أو تأثير فيزيائي ما على هذا المكان الخالي لكي يتم رصد ما يحدث فيه عبر طاقة الارتداد للضوء، والتي تخبر بحسب تغيرات عن ذلك الشيء الذي أصابه.
الأمر المثير للدهشة بالنسبة للفيزيائيين ، أن القوى التي يتم رصدها في مثل هذه الحالة لا تعتمد فقط على المجال الكهروضوئي الذي يعبر ذلك الفراغ ، فهناك شيء آخر يحدث تغييراً في بنية الضوء، إذ أن هذا المجال يتآثر مع قوى أخرى، ولكن هذه القوى لا تأتي من عامل خارجي، فقيمتها أكبر بكثير من التأثيرات التي تأتي من المحيط والتي تم عزلها بشكل تام تقريباً عن المكان الفارغ المرصود، والذي يتم قياسه، بكلمة أكثر دقة : إنها لا تأتي من الفيزياء ، وتواجدها في هذا الفراغ ينبع من الفراغ نفسه...
وهناك ملاحظة أخرى لابد من ذكرها ، فهذه القوى تقع في تأرجح مستمر ، فتارة يكون لها وجود فيزيائي مؤثر على الرصد ، وتارة تكون صفراً تقريباً وينخفض تأثيرها بشكل كبير جداً، وتارة تؤثر تأثيراً "عكسياً" أي أن وجودها الفيزيائي يصبح سالباً، فبدل أن يتم رصد تآثرها مع حقل الضوء العابر للفراغ ، يتم رصد إلغائها للوجود الموضوعي لذلك الضوء الذي عبر ، وعوضاً عن دالة تشير إلى قيم رياضية موجبة لوجود تأثير متبادل مع الحقل الكهروضوئي ، هناك دالة ذات قيم رياضية سالبة ، أي أن التآثر لا يختفي فقط وإنما يصبح امتصاصياً لوجود الضوء المؤثر على الفراغ ، بحيث أن الفوتونات العابرة للفراغ تفنى من الوجود الموضوعي فجأة ثم تعود بعد فترة بطريقة تنتمي لمبدأ اللاتحديد.
إذن ما هي خواص الفراغ في مستواه الكمومي ؟
1. الفراغ يخضع لمبدأ حفظ الطاقة في حالته الكلية، أي خلال كامل الزمان والمكان الذي يتأرجح فيه، فإنه يبدي سلوكاً تكون فيه كمية الفوضى فراغية في محصلتها وتساوي الصفر، هذا لم يتم اكتشافه على نحو حاسم بالتجربة ولكنه مجمع من نتائج الإحصاء الدقيق.
2. خلال زمن التفاعل وقبل انقضاءه يحدث نوع من "ضباب الواقع" في الفراغ فتظهر قوى تفاعلية تؤثر على الأشياء والحقول التي تعبره أحياناً، وأحياناً أخرى تختفي هذه القوى، وتفاعلاته في ذلك الزمن يمكن أن تغير الوجود الموضوعي سلباً أو إيجاباً، أي أن تؤثر به دون أن يفقد وجوده، أو أن تمتصه إلى حيز ما.
3. الصفر الحراري المُطلق ضمن الفراغ لا يمكن تحقيقه، هناك دائماً تفاعلات، لذا هناك دائماً حركة ونتيجة هذه الحركة والتفاعلات هو "الحرارة" وهي طاقة تنبعث من تحرير المُتفاعلات الكمومية لمجالات التآثر فيما بينها، لكن المحصلة النهائية لحرارة الفراغ هي مجموع الحرارة السالبة والموجبة بالمعنى المطلق ولذلك هي حرارة صفرية ( نتحدث عن الفراغ التام ).
هذه الصفات أصبحت خاصية جوهرية في الفراغ الفيزيائي، إنه ليس خالياً من التآثرات في أي لحظة من الزمن، هناك دائماً تموجات تخلق الحقول من العدم الفيزيائي وتفني حقولاً أخرى بشكل نهائي ثم تعيدها. السؤال الذي يطرح نفسه هو : ما مصدر انوجاد هذه الحقول والأمواج الفراغية وكيف يمكن فهم ماهيتها ؟ لتقريب الأمر يمكنك أن تتخيل أن لديك قلنسوة قديمة فارغة ، وجاء ساحرٌ شاب وأخرج منها أرنباً حياً، ولقد رأيت الأرنب بأم عينك ، ولقد رأيت يد الساحر وهي تدخل خالية إلى عمق القلنسوة التي فحصتها للتو ، من أين يأتي الأرنب ؟
إحدى النظريات الخاصة بالخداع البصري تحاول تفسير هذه الظاهرة بأن الساحر تدرب على خفة حركة اليد بشكل لا تلاحظه العيون التي تحاول ملاحقتها ، ولكن ماذا لو قمت بوضع جهاز تسجيل يحسب 3000 صورة في الثانية ؟ من غير المعقول أن يستطيع الساحر التحايل على جهاز رصد دقيق كهذا ... ثم إنك تستطيع مثلاً تفتيش الساحر أو حساب وزنه قبل وبعد الألعوبة ، ولكنه يستطيع دائماً أن يظهر الأرانب من القلنسوات السوداء، وأن يخفي الأرانب أيضاً بإعادتها إلى تلك القلنسوة.
وإذا كنت باحثاً في المخابر الفيزيائية الذرية ، فستقدر على ضبط التجربة بشكل تتأكد فيه من خلو الغرفة الحاوية للساحر وللقلنسوة من أي أثر ثقالي أو كهربي لأي جسد أرنب مشاكس، ورغم ذلك ، بطريقة ما ، يظهر الأرنب مرة أخرى ويختفي ، ثم يظهر ويختفي ...
هذا بالضبط ما يحدث في الفراغ على المستوي الذي يقاس بالوحدات المتناهية الصغر للطول والثقل والكميات الفيزيائية الأخرى، ومن الواضح أن الأمر مخالف للمنطق الذي اعتاده الناس، ، إذ أنه يضع المرء أمام خيارين :
- إما أن الفيزياء ليست نظاماً وجودياً مستقلاً بذاته، وهناك "قوى ماورائية تؤثر فيها بطريقة لا يمكن إدراكها حسابياً بالطرق البشرية".
- وإما أن الفيزياء لا تصغي لقوانين المنطق وأوامره ، فهي لا تخضع لقوانين مثل السببية ، فتحدث الأحداث الفيزيائية دون أسباب فيزيائية ولا حتى غير فيزيائية ، ويمكن أيضاً أن يكون الشيء ولا يكون ، وينعدم من الوجود ويستحدث مرة أخرى ، دون أي انضباط منطقي، بعبارة أخرى فإن الوجود الفيزيائي هو "لاحتمي بطبيعته" و"غير قابل للاتساق مع التفكير المنطقي السليم".
بالنظر إلى النتائج التجريبية المتعاقبة للفيزياء فقد ثبت أن النموذج المنطقي الفيزيائي الموحد الذي كان أيام نيوتن وصولاً إلى ماكسويل أصبح نموذجاً غير مجدي في تصور العالم الفيزيائي... يمكن للجسيم أن يتصرف كموجة كمومية ، ليس لها أي وجود محدد بخصائص محلية ، مثل أن يكون له موقع معين في الفراغ ، موقع معين في مداره الذري ، اتجاه محدد لحركته ، قيمة محددة لدورانه حول نفسه.. وهذه الموجة هي الأصل في العالم الفيزيائي، ولكن لا أحد من الفيزيائيين تقريباً يفهم بالضبط ما هي هذه الموجة ؟ إنها مجردة من أي قيود محلية ، بعبارة أخرى ليس لها وجود محلي تام ، يوجد فقط "نطاق واسع" من العالم المحلي تملؤه هذه الموجة، وضمن هذا النطاق لا يمكن أن تحدد أي صفة فيزيائية لها ، لكن النطاق نفسه له خصائص فيزيائية بالنسبة لنطاقات موجية أخرى.
يتّبع ...