[ هذه الصفحة تستعمل خاصية AMP من اجل التصفح السريع، انقر هنا من اجل النسخة الأصلية ]

القنقنة - Dowsing

القــنقــنة



أما القدرات التي أظهرها الإنسان ، و المشابهة لحاسة التوجّه عند الكائنات الأخرى هي ما يسميه القدماء بـ " القنقنة " .
يسمونه " قضيب الرمان" أو "فرع البلوط" أو "عود الصّفصاف" أو غيرها من تسميات مختلفة حسب اللهجات و التّقاليد المختلفة الشّائعة بين الشّعوب . هو ذلك الغصن المتفرّع الذي يحمله أشخاص معيّنون و يجولون في الأرض ، ذهاباً و إياباً ، بحثاً عن الماء الكامنة تحت الأرض . ( هذه هي الصورة المألوفة عند جميع الشعوب ) . هذه التقنية التي جاءتنا من موروثات شعبية قديمة ، و التي لازال الناس منقسمين بين أنصار و مستخدمين لها ، و من جهة أخرى المسفّهين و المكفرين .. و قد لقي هؤلاء عنتاً شديداً ، و نعتوا بالسّحرة ، و اتهموا باتّباع الشيطان ، بالرغم من أنّ هؤلاء المساكين يعجزون عن تقديم تفسير مقنع لهذه اللعبة التي يلهون بها من وقت لآخر .

وردت في المعاجم العربية القديمة باسم " عصى القنقن " و معناها " الدليل الهادي " أو " المهندس الذي يعرف مكامن المياه تحت الأرض " . و القنقنة معروفة عامة أنّها "عملية البحث عن الماء أو غيرها من أشياء تحت الأرض". و قد عرفت عند الأوروبيين بإسم Dowsing Rod ، و وصفت في إحدى الأوراق العلمية القديمة كالتالي :
" يقبض المقنقن على فرعي عصاه بيديه ، و يتجوّل بها فوق المواقع المحتملة للمياه أو المناجم ، فتستشعر العصا وجود مادة البحث تحت الأرض ، فتهتزّ ".

و هناك تعريف آخر يقول :
" القنقنة هي حسّ أو فن تقبّل الإشعاعات الكهرمغناطيسية أثناء كشف الينابيع ".
و كذلك التعريف :
" القنقنة هي عملية الحصول على معلومات غيبية أو أشياء ضائعة أو دفينة ".

ـ أقدم السجلاّت التي أشارت إلى "القنقنة" هي تلك الرسومات الموجودة على جدران كهوف "تاسيلي" في جبال الأطلس ، بشمال أفريقيا . و قد اكتشفت في عام 1949م ، و ظهر في تلك الرسومات رجلٌ يحمل عصا القنقن بين يديه ، و يبحث عن المياه ، و هو محاطٌ بجمع من الناس . و أكّدت عمليّة الفحص الكربوني أنّ تاريخ تلك الرسومات يعود إلى أكثر من 8000 عام .

ـ هناك رسومات على جدران بعض المعابد الفرعونية ، يعود تاريخها إلى 4000 عام ، تصور رجالاً يحملون بأيديهم أدوات قنقنة مختلفة .

ـ و ذكرت القنقنة في مراجع فرعونية تعود لأكثر من 3000 عام.

ـ الملكة المصرية " كيلوباترا" كانت تصحب معها على الأقلّ اثنين من المقنقنين أينما ذهبت ، ليس للبحث عن الماء بل عن الكنوز .

ـ كانت تستخدم في زمن الإغريق ، و قد ذكرها الشاعر الإغريقي "هومر"
( كاتب الأوديسة ) ، و أطلق على القنقنة اسم " رابدومانسي" و لازالت تتخذ هذا الاسم عند الإيطاليين .

ـ و قد ذكر الكاتب الروماني " سيسيرو" عصا القنقن في الكثير من كتاباته ، و يشير إلى استخدامات القنقنة الشائعة في أيامه .

ـ أما في شرق آسيا ، فيبدو أنها كانت شائعة بين العامة بالإضافة إلى الملوك ، فصوّر الإمبراطور الصيني " تو" عام 2200 قبل الميلاد ، و هو يحمل عصا قنقن في يده .

ـ استخدمت القنقنة خلال فترات العصور الوسطى في أوروبا ، حيث كانت تعتبر تقنية فعّالة في معرفة مكامن الفحم الحجري في باطن الأرض . و كان اسمها أثناءها هو " فيرجولا ديفين" Vergula Devine (باللغة اللاتينية) ، و اسماها الباحثون عن المناجم في ألمانيا بـ"دويتر" Deuter و معناها "الدليل" أو "المؤشّر" . و لأن القنقنة كانت واسعة الإستخدام في ألمانيا ، و في مجالات كثيرة كالبحث عن المياه و المعادن و الفحم الحجري و غيرها ، فنلاحظ بالتالي أنّ جميع المتاحف المحلّية و الوطنيّة و المكتبات و حتى المجموعات الفرديّة ، جميعها تحتوي على كتب و تحف و لوحات فنيّة و تماثيل و عملات نقديّة و كذلك مقتنيات شخصيّة و غيرها من أشياء تشير إلى أهمية القنقنة في ألمانيا و أوروبا، و غالباً ما تمثّل هذه الأشياء أشخاص يحملون قضيب القنقن .

ـ و رغم استخداماتها المتعددة و الشّائعة في أوروبا خلال العصور الوسطى و بدايات العصر التنويري ، فغالباً ما كانت القنقنة تمارس في الخفاء ، ذلك بسبب تحريمها من قبل الكنيسة ، حيث كانت هذه السّلطة ، السّائدة في حينه ، تعتبر القنقنة من أعمال الشيطان و تدخل ضمن نطاق الشّعوذة و السّحر ، التي كانت عقوبتها الموت ! . هذا ما جعلها بعيدة عن تناول دراسات و أبحاث رجال العلم في تلك العصور .


ـ من أوّل الدّراسات المطبوعة كانت من أعمال "جورجيوس أغريكولا" Georgius Agricola في العام 1556 م ، أجرى خلالها دراسة على رجل ألماني يحترف القنقنة . و نشرها في كتاب بعنوان : De Re Metalica .

ـ أوّل من أطلق عليها الاسم الإنكليزي الحديث Dowsing ، هو الفيلسوف الإنكليزي الشهير " جون لوك" في مقالة له عام 1650 م ، حيث تحدّث فيها عن ظاهرة القنقنة و استخداماتها الواسعة بين الأوروبيين .

ـ في العام 1691 م نشر كتاب في ليون بفرنسا للكاتب " جين نيكولا دي غرينوبل" Jean Nicholas De Grenoble ، و كان عنوانه : " عصا يعقوب أو فن البحث عن الينابيع و المعادن و المناجم و أشياء أخرى ، عن طريق العود المتشعّب " .

ـ خلال القرنين السّادس و السّابع عشر ، نشرت الكثير من الكتب و الدراسات التي تتناول موضوع المناجم و هندسة الحفريّات ، في كل من بريطانيا و فرنسا و ألمانيا ، و جميعها ذكرت القنقنة و أولتها اهتماماً كبيراً. و كذلك المعاجم التي ذكرت هذا الموضوع بإسهاب ، مثل : " معجم المناجم لعام 1747م" 1747 Mining Dictionary و " تاريخ كورنوال الطبيعي 1758م" 1758 Natural History of Cornwall ، و1831 Quarterly Mining Revew ، و غيرها من كتب و مراجع علمية أخرى .

ـ منذ تلك الفترة ، راحت تذكر المواضيع المختلفة حول القنقنة في الآلاف من الكتب و المجلّات و المراجع العلمية و غير العلميّة . و قام أحد الأشخاص بترجمة ورقة لاتينية عمرها 356 سنة ، تقوم 0اسة القنقنة ، إلى اللغة الإنكليزيّة ، و نشرت في "مجلّة المناجم عام 1912م " Mining Magazine 1912 . و هذا المترجم هو مهندس مناجم أصبح فيما بعد الرئيس الواحد و الثلاثين للولايات المتحدة ، اسمه "هيربيرت كلارك هوفر" .
أشهر المكتبات العالميّة مثل "مكتبة الكونغرس" و "مكتبة هارفارد" و "مكتبة ييل"، على أكثر من 3500 كتاب مخصّص لدراسة القنقنة . أما في الدّول العربيّة ، فلا يوجد كتاب واحد يدرس هذه التقنية بشكل موضوعي دقيق ، و من وجهة نظر علمية .


ـ استعمل العالم الفيزيائي الشّهير " ألبرت آينشتاين" عصا القنقنة في مناسبات كثيرة ( بهدف البحث العلمي ) ، و علّق على هذه الظاهرة يقول :
" أعلم جيداً أنّ الكثير من رجال العلم العصريين يعتبرون "القنقنة" نوع من الخرافات ، لكن وفقاً لقناعتي الشخصية ، فتلك النظرة غير صحيحة . إن عصا القنقنة هي أداة تتحرّك نتيجة لرد فعل النّظام العصبي الإنساني بطريقة غامضة لازلنا نجهلها في الوقت الحاضر " .
لم يعترف المنهج العلمي السّائد بهذه الظاهرة ، حيث أنّ جميع المراجع و الموسوعات العلميّة لا تذكرها إطلاقاً ، و إن ذكرت ، يكون ذلك بهدف الانتقاد و التكذيب و السّخرية . لكن رغم ذلك كله ، فقد استخدمت القنقنة منذ بدايات القرن العشرين ، من قبل الكثير من المؤسّسات و الشّركات و حتى الجيوش ، و أثبتت جدارتها في مجالات كثيرة مفيدة .

ـ نالت هذه الظّاهرة اهتمام الكثير من المشاهير مثل ليناردو ديفينشي و روبت بويل و شارل ريشية و الجنرال رومل قائد القوّات الألمانيّة في أفريقيا الشماليّة ، و الجنرال جورج باتون قائد القوّات الأمريكيّة في المغرب العربي أثناء الحرب العالميّة الثّانية . فكلا القائدين استخدما "القنقنة" للبحث عن المياه و الألغام و أهداف أخرى مختلفة ، حتى أنّ الجنرال باتون استورد شجرة صفصاف بكاملها من الولايات المتحدة من أجل استخدام أغصانها للبحث عن مصادر مياه بديلة للآبار التي فجّرها الجيش الألماني .

المرجع :
"Breif History of Dowsing"

Don Nolan
"The Divine Hand"
Christopher Bird

في الحديث عن الحروب و الجيوش الحديثة , سوف نتفاجئ بحقائق لم نسمع عنها من قبل ، حيث أن القنقنة لعبت دوراً كبيراً في معظمها .

ـ استخدمت الدول الاستعماريّة هذه التقنية بشكل واسع في جميع المستعمرات ،غالباً لإيجاد المياه النقية.

ـ في الحرب العالميّة الأولى ، استنجدت الجيوش المتنازعة بالمقنقنين للبحث عن الألغام الأرضيّة و القنابل الغير متفجّرة .

ـ ذكرت القنقنة في وثائق عسكريّة تابعة للاتحاد السوفيتي يعود تاريخها إلى الثلاثينات من القرن الماضي ، حيث استنجد بها سلاح المهندسين التابع للجيش السوفيتي لإيجاد مكامن المياه الصحيّة في المناطق النائية .

ـ و ذكرت في تقارير عسكريّة بريطانيّة، كتلك التي تناولت تكليف القطاعات الهندسيّة الملكيّة بمهمة إنشاء مركز القيادة التابع للجيش البريطاني في ألمانيا عام 1952م . و قد واجهوا مشكلة حقيقيّة في الموارد المائيّة ، حيث أنَّ تسعة آلاف من الجنود كانوا بحاجة إلى 750000 غالون من المياه يومياً . و البريطانيون لا يؤمنون سوى بموارد مياه خاصة بهم دون مشاركة المدنيين الألمان . فقام الكولونيل "هاري غراتان" باستخدام القنقنة لإيجاد مكامن مياه بكميات هائلة في مناطق قريبة من القيادة ، مع أن المهندسين المختصّين استبعدوا وجودها . فوجد الكولونيل الحلّ لمشكلة مستعصية , كما أنه قام بتوفير الأموال الطائلة ( مئات الملايين من الجنيهات ) التي خصّصها الجيش البريطاني كميزانية مخصّصة لمصادر مياه أخرى .

المرجع : A Short History of Deep Dowsing .

David Villanueva

ـ و استخدمت القطعة الأولى و الثالثة من البحرية الأمريكية في فيتنام عام 1967م القنقنة كوسيلة سهلة و غير مكلفة ، من أجل معرفة مكان وجود أنفاق الفيتناميين التي كانت تعمل كعصب حيوي في إدارة حربهم ضدّ الأمريكان . كما قاموا باستخدام القنقنة لاكتشاف الألغام البلاستيكية التي يعجز عن كشفها( جهاز كاشف الألغام الإلكتروني ) ، و كذلك استخدموا هذه الوسيلة لمعرفة مكان وجود الكمائن و الأفخاخ التي اشتهر بها الفيتناميون .

المرجع : Bossart 1968 In The Project Poorboy Annual Progress

Report ; BIRD 1979

ـ " لويس ماتيسا" هو أحد المقنقنين الذين قاموا بتدريب عناصر من سلاح البحريّة الأمريكيّة على استخدام القنقنة من أجل تفادي الكمائن و التجوّل في الغابات الكثيفة بأمان ، و حتى معرفة جهة تواجد العدوّ ! . و قد اعترف الكثير من الجنود أن هذه الوسيلة قد قامت بإنقاذ الكثير من الأرواح أثناء وجودهم في فيتنام .

ـ كما استخدمها الجيش البريطاني في جزر الفوكلاند خلال حربهم على الأرجنتين ، للبحث عن الألغام.

أما المؤسسات المدنيّة الرّسميّة و غير الرّسميّة ، فتقوم الكثير منها بتوظيف المقنقنين المحترفين ، و تدفع لهم أعلى الرواتب . مثل :

ـ شركات هندسيّة مختلفة :
تستخدم المقنقنين لمعرفة الأخطاء في المخططات الهندسيّة الظخمة المختلفة ، كتحديد مواقع التشققات في بنية السّدود أثناء تسرّب المياه ، أو تحديد مواقع الأعطال الحاصلة في شبكات واسعة من تمديدات الأسلاك الكهربائيّة و المعلوماتيّة المختلفة ، أو شبكات المجاري المائيّة و غيرها من مهمات لا يمكن للأجهزة الحديثة القيام بها .

ـ شركات مياه :
تستنجد بالقنقنة من أجل تحديد مواقع مناسبة لحفر الآبار الارتوازية ، و التمكّن من معرفة نوعيّة المياه الكامنة في أعماق الأرض ، و مهمات أخرى زهيدة الثمن نسبة ً للأجهزة الإلكترونية التي تعجز عن تحقيق ما تحقّقه القنقنة.

ـ شركات استخراج المعادن :
للبحث عن خامات المعادن المختلفة ، و البترول ، و الفحم الحجري ، و الرخام , و غيرها من مواد خام طبيعة كامنة تحت الأرض .

ـ شركات تعهدات البناء :
لتحديد مواقع مواسير المياه و الأسلاك الكهربائيّة الموجودة تحت أرضية مواقع البناء ، حيث يقومون بسبر المواقع قبل حفر الأساسات أو غيرها من أعمال حفرية ، لتفادي تخريب تلك التمديدات .

ـ الشركات الزراعيّة الكبرى :
للبحث عن مصادر المياه ، و تحديد مواقع جذور الأشجار الظخمة المدفونة تحت سطح الأرض ، و كتل من التربة السامة التي تعيق نمو المزروعات .

ـ حملات البحث عن الأثار :
ذكرت القنقنة في الكثير من الدّراسات التي وضعها علماء الآثار في بحوثهم المختلفة . نذكر منها ما ورد في دراسة البروفيسور الروسي " الكسندر باوزنيكوف " عن استخدام القنقنة في الاتحاد السوفيتي السابق . و قد استخدم هذه التقنية بنفسه مع زملاؤه للبحث عن العديد من المواقع الأثريّة .
و قد قاموا باكتشاف الكثير من الآثار العمرانيّة المدفونة تماماً تحت الأرض ، دون أن يكون لها أي أثر للاستدلال إليها على سطح الأرض ! و لا حتى أي مرجع تاريخي يشير إليها !. و أكَّد أنَّه بفضل تقنية القنقنة ، بستغرق العمل في موقع أثري معيّن عدة ساعات فقط ، بينما بواسطة الأساليب التقليديّة ، يستغرق العمل عدة أسابيع !. و قاموا باكتشاف الكثير من الممرات و الحجرات و المخازن في مواقع محيطة بأبنية معروفة مثل قصر " كروتسكي" في موسكو ، و دير " فولوكاسكي " بالقرب من موسكو ، و مواقع أخرى مختلفة في البلاد !. أما الرئيس السابق لجمعيّة المقنقنين البريطانيين " سكوت أليوت " ، فقد أمضى سنوات طويلة اكتشف فيها الكثير من المواقع الأثريّة المهمة ، و هو يقيم منذ سنوات ، دورات تدريبيّة يتمّ من خلالها تعليم فن و تقنيّة قنقنة الآثار التي ابتكرها من خلال تجاربه الشّخصيّة في هذا المجال !.

ـ مؤسّسات أمنيّة : ( الشرطة )
للبحث عن أشخاص مفقودين ، و كذلك الأشياء الضّائعة أو المختبئة ، أشخاص مخطوفين أو حتى جثث مخفية .
و طبعاً نحن لم نسمع عن هذه الحقائق الواقعيّة ، و لن نسمعها أبداً ، لأن غالبيّة هذه المؤسسات تستعين بخدمات المقنقنين بشكل سرّي دون محاولة إظهارها للعلن لأسباب كثيرة تسيء لسمعتها بشكل كبير . فقد تفقد شعبيتها و بالتالي تواجه الخسارة الماديّة المؤكّدة . فالناس لم يألفوا هذه التقنيّة بعد ، و هذه عقليّة مدعومة من المنهج العلمي السائد الذي لا يعترف بها أساساً .

فشركة الأدوية العملاقة "هوفمان ـ لاروش" HOFFMAN-La ROCHE ، مركزها في سويسرا ، تعرّضت لفضيحة كبرى في سنة 1944م ، حيث اتهمت باستخدام "القنقنة" التي تعتبر تقنية لا تعتمد على أسس علميّة واضحة . و عند إجراء مقابلة مع الناطق باسم هذه الشركة العملاقة ، اضطرّ لقول الحقيقة ، فصرّح قائلاً :

" شركتنا تتبع وسائل و أساليب تعود إليها بالربح المادي ، فلا يهم إن كانت هذه الأساليب علمية أو غير علمية ، لكن الأهم هو أن القنقنة أثبتت جدارتها بنجاح ‍" .
شخصيات مشهورة :

ـ "آمي كيتمان " :
إبنة مقنقن محترف ، اعتبرت أشهر المقنقنين في ألمانيا . و من أشهر إنجازاتها في هذا المضمار هو أنها استطاعت تحديد مكامن المياه النقيّة ، بدقّة متناهية ، في قريتها "تيغيرنسي" ، فالمعجزة لا تكمن هنا ، بل في أن القرية طالما عانت من مياه ذات نسبة عالية من محتوى السولفور . فاستطاعت "كيتمان" ، بدقّة كبيرة ، تحديد مكان الحفر للوصول إلى مجرى المياه النقيّة ، من بين مجاري المياه الغير صالحة للشّرب . فحدّدت العمق و كذلك حدّدت نسبة اليود في هذه المياه أيضاً ! .

ـ في القرن السابع عشر ، اشتهر الفرنسي " جاك أيمر فارنيه" Jacques Aymar Vernay ، بقدرته على استخدام القنقنة لتتبّع المجرمين . و قد استنجدت به السلطات في الكثير من القضايا التي تتصل بجرائم مختلفة ، و نجح "فارنيه" في معرفة مكان اختباء المجرمين في جميع المهمات التي كلف بها .

ـ في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي ، اكتشف المقنقن "ستيفان ريس" وجود مخزون هائل من المياه النقية تحت صحراء موغافي في جنوب كاليفورنيا ، التي كان سكانها يضخّون المياه من مسافات بعيدة تتجاوز 1000 كم ، بواسطة المواسير التي كانت بدورها تمر بالعديد من محطّات التصفية . و قد نشرت مجلة "كاليفورنيا ماغازين" في العام 1953م ، مقالة تكشف عن مؤامرة السياسيين المسؤولين عن تلك المنطقة ، لإخفاء ذلك الاكتشاف الذي توصّل إليه "ريس"، لأنّهم يَجْنُون الأموال الطائلة نتيجة نقل المياه عبر تلك المسافة البعيدة ، بينما الإعتراف باكتشافات "ريس" قد يحرمهم من تلك الأموال . لأنّ المياه التي ستنقل من المواقع المكتشفة لا تتجاوز عدة كيلومترات فقط ، و دون ضرورة إلى أي محطة تصفيّة بسبب نقاوة المياه . ( و تقوم بتوفير المئات من الملايين على الحكومة سنوياً ) .

ـ "هانز سكروتر" Hans Schroter :
رئيس المنظمة الألمانية للمساعدات التقنية الخارجية GTZ ، في الثمانينات من القرن الماضي . عملت هذه المنظمة على البحث عن المياه في مناطق شبه جرداء حيث مصادر المياه فيها غير دائمة ، و درجة نقاوتها متدنية جداً من مصادر لا يعتمد عليها . قام "سكروتر" ( و هو مقنقن محترف ) بتحديد مصادر مياه نقية في كل من سيريلانكا و ناميبيا و سيناء في مصر و كينيا و اليمن و النيجر و الكونغو و جمهورية الدومينيكان . و كانت قدراته القنقنية تمثّل تحدّي كبير للعلماء الذين قاموا 0استها . فكان يستطيع تحديد مواقع حفر الآبار و كذلك عمق المياه بدقّة متناهية .
( هذه إحدى الآلاف من الأمثلة على إنجازات مشهورة موثقة )

ـ بقيت ظاهرة "القنقنة" مصنّفة كعملية فلكلورية شعبيّة غامضة لم تَنل الاهتمام العلمي سوى في أوائل القرن العشرين ، حيث أجريت منذ ذلك التاريخ الكثير من التجارب و الأبحاث العلمية ، محاولين إيجاد تفسير علمي يليق بهذه الظاهرة الغريبة .
و أفضّل عدم الخوض في ذكر هذه التجارب و تفاصيلها المملّة و ما نتج عنها من تفسيرات و نظريّات ناقصة تعتمد على مبادئ علميَّة منهجيّة ليس لها صلة بهذه الظّاهرة لا من قريب و لا بعيد . و قد أساؤا تفسيرها كما فعلوا خلال تفسيرهم لظاهرة هجرة الطيور و الأسماك و غيرها من ظواهر غريبة أخرى . و قد نشرت الكثير من الكتب و الدّراسات التي تناولت هذه الظاهرة ، و وضعت النّظريات العديدة من قبل الكثير من العلماء البارزين و حتى الروحانيين أيضاً . و يمكن أن نصنّف هذه التفسيرات إلى قسمين رئيسيين :

ـ المجموعة الأولى فسّرت القنقنة بأنها قدرة الإنسان على استشعار المجال الكهرومغناطيسي الذي تسببه المياه أو المعادن الموجودة تحت الأرض . و عصا القنقن هو أداة تساعد على استشعار تفاعل المجالات الكهرومغناطيسية المختلفة التي تنبعث من الأشياء ، مع مجال جسم الإنسان الكهرومغناطيسي الطبيعي .

ـ أما المجموعة الثانية ، فهم يعتبرون هذه الظّاهرة من إحدى الظّواهر الماورائية ( التعامل مع الأرواح أو السحر أو غيرها من تفسيرات خرافية أخرى ) . فهم يسندون تفسيرهم هذا على حقيقة أن المقنقنين يستطيعون الكشف عن أشياء مجرّدة من حقول كهرومغناطيسية (غير معدنية أو سائلة ) .

ـ لا بدّ من أن نسلّم بحقيقة أنَّ الأسباب وراء هذه الظاهرة ليست أسباب كهرومغناطيسية أو ما شابه ، و كذلك هي ليست عمل الأرواح أو كائنات غيبيّة أخرى ، أو سحر أو غير ذلك من معتقدات بالية ، بالرغم من أنّها تبدو قوّة خفية لم يتوصّل إليها العلم . و اعتقد بأنّ الوقت لازال مبكراً لوضع تفسيرات مناسبة على أساس القوانين العلميّة الحاضرة . فيبدو أنَّ الإنسان لازال بعيداً عن معرفة حقيقة هذا العالم الذي يعيش فيه . لكنّه في طريقه إلى المعرفة ، و لا بدّ من أن يصل في النهاية . فمعظم العلوم السّائدة اليوم ، كانت تعتبر في الماضي خيال علمي أو مجرّد خرافات ، فبالتّالي ، إنّ ما نعتبره اليوم خيال علمي أو خرافة سوف يكون علماً واقعياً في المستقبل ، هكذا علّمنا التاريخ العلمي الطويل .
إنها فقط مسألة وقت ..
 

أداب الحوار

المرجو التحلي بأداب الحوار وعدم الإنجرار خلف المشاحنات، بحال مضايقة إستخدم زر الإبلاغ وسنتخذ الإجراء المناسب، يمكنك الإطلاع على [ قوانين وسياسة الموقع ] و [ ماهو سايكوجين ]