سيد الأحجار السبعة
عابر الزمن الثالث
- المشاركات
- 947
- مستوى التفاعل
- 1,661
الرصاص
Lead
Lead

دراستنا الأولى عن الرصاص ، نظراً لأنه المعدن الأكثر قاعدية بين جميع المعادن السبعة، وبالتالي الأصعب في إستخلاصه إلى المادة النقية الأولى "المادة الروحية". إنه متحد بتأثير كوكب زُحل Saturn وهذا يعني بالضرورة أننا أمام كل المشاعر والتعبيرات ، والاندفاعات ، والأفكار ، والتجارب التي يتم جلبها إلى الحياة ويدفعها زُحل "ذلك الكوكب الأكثر إيذاءً بين الكواكب".
كما هو معدن الرصاص ثقيل ، ضبابي ، كالح وباهت كذلك يجلب كوكب زُحل إلى الحياة مسؤوليات ثقيلة ، عملاً تثاقلياً باهتاً وتصرفات كئيبة. إنه المعدن الأقصى في قدرته على إعادة التشكيل ، وهو ما نلاحظه في الحياة كـ"سياسة" ( معدن قيادي ) وكما يمكن تشويهه شكلياً بسرعة ، يحرّض على الأفعال التافهة والدنيئة، ويعمل كمرادف للأنانية وجزء كبير من العقبات والتقييد وخيبات الأمل في العالم يرجع مباشرة إلى تأثيره.
في ظل الظروف الأكثر ملاءمة يجلب زُحل ( الرصاص ) المكاسب المادية الناتجة عن أفعال مؤلمة ، وعن المثابرة والتفوق الفكري المتأني والعميق ، والبراعة والبصيرة غير العادية.
دون إدراك هذه المقدمة في دستوره سيكون الإنسان خالياً من الحذر ، يتصرف دون النظر إلى النتيجة ، وسيشتري دون التفكير في التكلفة ، ولن يتخذ أي ترتيب للمستقبل ، سيكون عنيداً ومتهوراً ومحكوماً بالكامل بدوافع لحظية ، غير قادر على تكوين استنتاجات منطقية.
هذا المعدن أيضاً هو الأكثر أهمية في الخيمياء الروحية لأن الأحزان التي يجلبها تميل إلى تأديب النفس وتحسين علاقتها بالروح، يمكن استخدامها بطريقة فعّالة للتخلص من خُبث الشهوة ...
قبل أن يتم إخلاصها إلى مادتها الأولى ، تظهر وجهة النظر الرصاصية النموذجية للحياة في الصيغة القائلة : إن الحفاظ على بقاء الذات هو قانون الطبيعة الأول.
هذا مبدأ المصلحة الذاتية ، ومن المؤكد أن المصلحة الذاتية على أي مستوى من الوجود هي أمر ضروري للبقاء ، فدون الرغبة بالحياة والتقدم سرعان ما تستسلم الروح لقوى التفكيك الكوني. ولكن هذا جانب جزئي فحسب لناموس الحياة الأكثر اكتمالاً ، هذه القاعدة لا تولّد سوى أوامر عقلية تقود العاطفة والسلوك، تهيمن عليها فكرة All may sink if I may swim أو مصير الجميع مستقل عن مصيري "أنا".
يتطلب القانون الأكثر اكتمالاً الاعتراف بالوحدانية بين جميع أشكال الحياة وتأثير المواقف العقلية على الشخصية ، عندما تقود الرؤية الروحية الحياة فإن العذر الوحيد لي للوجود والأمل الوحيد لي للبقاء في عوالم الروح هو قيمتي للمجتمع الكوني والخدمة التي أقدمها للآخرين.
من الرؤية الخيميائية فإن الأنانية دائماً تهزم نفسها وتحطم أهدافها ، فعندما نسعى إلى تعظيم قيمة الذات على حساب قيمة المجتمع تتضاءل قوة الروح وتبلغ الذات أقل مستوى ممكن من الحيوية. عندما نعمل لخير الوجود الكوني بأسره دون النظر لمصالحنا الفردية إلا بقدر ما تكون موجهة كمؤهلات للكفائة في العمل غير الأناني ، فإننا نكسب حقاً ، لأننا نضيف قيماً إلى الجزء الوحيد الحق ، والباقي إلى الأبد من كينونتنا من ما قدمناه هدية من أرواحنا للكون.
(( قيم الله يمكن الإحساس بها ولكن لا يمكن البحث عنها بالعقل والتفكير - مداخلة ))
بمبدأ الغرور : سيكون الرصاص رصاصاً والأنانية أنانية عبر الزمن ، والطريقة الوحيدة لإقناع زحل بأنه مخطئ في نزعته وإدراكه هي جعله يرى أن الأنانية لا تجدي نفعاً.
الإنسان أناني فقط بحالة الجهل ، لأن فكرة أنه من الممكن أن يحصل بعض الأشخاص على مزايا حقيقية على حساب أشخاص آخرين لا تزال قائمة في عقله الضيق، ليس ثمة ما هو أبعد عن الحقيقة من ذلك، ومحاولة القيام بمثل هذا العمل ستؤدي إلى خسارة التجارة الحقيقية.
حرمان آخر من المال ربما يكون ظلماً ، لكنه لا يضعف الإنسان بالضرورة، إذ يمكن اتخاذ الموقف العقلي الصحيح تجاه هذه الخسارة فإن ما يكسبه من الثبات والقوة قد يعوضه أكثر من الإزعاج المادي الذي حدث له.
ولكن ثمة أمر واحد مؤكد كشروق الشمس وغروبها ... هو أن مثل هذا الفعل الظالم للآخرين والمنبعث من رغبة الأنانية يؤثر على هوية فاعله الحقيقية ويضعف حيوية روحه ، فكما أن زُحل في خريطة الميلاد يصيب مستوى النجوم للهوية بضعف ينعكس في الحيوية الجسدية فإن تكرار مثل هذه الأفعال يؤدي إلى أمراض مزمنة تهدر الأنسجة الحيوية كما يؤدي السل إلى تدمير الجسم.
كل عمل أناني في الحياة يعني مقايضة الذهب الخالص بالرصاص المادي المزيف ، لأن الثروات والمزايا المادية المكتسبة بطرق غير شريفة تقتل النفس وتعوّق تقدمها، تماماً كما يعيق الرصاص الذي يحمله الإنسان أنشطة جسده.
تصرف الأنانية كما يتجلى بحقيقته في ضوء أشعة شعلة المعرفة ، هو تصرف يتعارض بشكل كامل مع المصلحة الذاتية التي قام في سبيل خدمتها، لأن مصلحة الذات الحقيقية لا يمكن أن تسعى إلا إلى استقامة النفس واستعادة الروح وهي الوحيدة التي قد تصبح رصيداً خالصاً خالداً ومُطلقاً عوض المكاسب المادية التي لا تدوم إلا لوقت قصير.
التصرف بشكل غير أناني عند أخذ القيم الذاتية في الاعتبار هو التصرف في اتجاه المصلحة الذاتية (عكس ما يريك إياه إدراك زحل). ذلك هو العمل الأعظم لأنه يبني الصفات الأبدية التي تستمر عند تحلل كل الثروة الأرضية إلى الغبار النجمي الذي جاءت منه.
هكذا تصبح الأنانية وعدم الأنانية في رؤية الخيميائي مرادفاً للجهل والحكمة ، كلٌ يهزم نقيضه ، لا يمكن التصرف بأنانية دون إيذاء النفس ، ولا يمكن التصرف بغير أنانية دون إفناء النفس واعتصامها، الرصاص هو الرصاص. ولكي نذيب الرصاص في النور الإلهي علينا أن نضعه في الفرن العاكس لعلاقاته الكونية ، من خلال اللجوء إلى جعل زحل في مواجهة مباشرة مع حقيقة نزعته المظلمة ، ومن خلال اللجوء إلى عكس نتيجة الأنانية بيئياً ليراها يصبح زحل مقتنعًا بحماقتها ويدرك أن الأنانية الذهبية (الذات الحقيقية) تفوق بكثير من حيث القيمة المزايا الرصاصية للحياة الفيزيائية.
التعديل الأخير: