هل من كتب معينة؟
انا دخلت عالم الروحانيات في بعد صحوة روحية واشعر اني دخلت من الأعلى وسادعي اني استلم بالفعل تنزيلات كونية. ما اسعى اليه الان هو فهم الاساس واللاهوت ربما بترتيب حتى تكتمل الصورة قدر الامكان
من أين ابدأ ؟
MasterL ابن عربي
سبب اتخاذ الخلوات والأذكار
اعلم أن حظ العقل هو التوحيد بالدليل العقلي ، والعلم الضروري بوجود الحق تعالى ، ثم إنا رأينا أهل طريق اللّه تعالى من رسول ونبي وولي قد جاؤوا بأمور من المعرفة - بنعوت الإله في طريقهم - أحالتها الأدلة العقلية ، وجاءت بصحتها الألفاظ النبوية والأخبار الإلهية ، فبحث أهل الطريق عن هذه المعاني ، ليحصلوا منها على أمر يتميزون به عن أهل النظر ، الذين وقفوا حيث بلغت بهم أفكارهم ، مع تحققهم صدق الأخبار ،
فقالوا : نعلم أن ثمّ طورا آخر وراء طور إدراك العقل الذي يستقل به ، وهو للأنبياء وكبار الأولياء ، به يقبلون هذه الأمور الواردة عليهم في الجناب الإلهي ،
فعملت هذه الطائفة في تحصيل ذلك بطريق الخلوات والأذكار المشروعة ، لصفاء القلوب وطهارتها من دنس الفكر ،
إذا كان المفكر لا يفكر إلا في المحدثات لا في ذات الحق ، وما ينبغي أن يكون عليه في نفسه الذي هو مسمى اللّه ، فتعملت هذه الطائفة في تحصيل شيء مما وردت به الأخبار الإلهية من جانب الحق ، وشرعت في صقالة قلوبها بالأذكار ،
وتلاوة القرآن ، وتفريغ المحل من النظر في الممكنات ، والحضور والمراقبة ، مع طهارة الظاهر بالوقوف عند الحدود المشروعة ، من غض البصر عن الأمور التي نهى أن ينظر إليها من العورات وغيرها ، وإرسالها في الأشياء
التي تعطيه الاعتبار والاستبصار ، وكذلك سمعه ولسانه ويده ورجله وبطنه وفرجه وقلبه ، وما ثمّ في ظاهره سوى هذه السبعة والقلب ثامنها ، ويزيل التفكير عن نفسه جملة واحدة ، فإنه مفرق لهمه ، ويعتكف على مراقبة قلبه عند باب ربه ، عسى أن يفتح له الباب إليه ، ويعلم ما لم يكن يعلمه ، مما علمته الرسل وأهل اللّه ، مما لم تستقل العقول بإدراكه وأحالته .
فلما رأت عقول أهل الإيمان باللّه تعالى أن اللّه قد طلب منها أن تعرفه ، بعد أن عرفته بأدلتها النظرية ، علمت أن ثمّ علما آخر باللّه لا تصل إليه من طريق الفكر ، فاستعملت الرياضات والخلوات والمجاهدات ، وقطع العلائق والانفراد ، والجلوس مع اللّه بتفريغ المحل ، وتقديس القلب عن شوائب الأفكار ، إذ كان متعلق الأفكار الأكوان ، واتخذت هذه الطريقة من الأنبياء والرسل « 1 » .
( الفتوحات المكية ج 1 / 270 ، 289 )