سيد الأحجار السبعة
عابر الزمن الثالث
هل يكون صعباً ومؤلماً أن يكتشف كائن وحيد ذات يوم أنّ هذا العالم الذي يعيش فيه هو "سحر على مرايا زجاجية" تطوق الروح من كل الجهات ... ؟
مرايا تعكس أفكار الروح في سُحُب مادية لا وجود لها إلا على سطح المرايا الزجاجي ؟
كما تكون المرايا شفافة وصافية ، فإن حقيقة العالم الموضوعي المطلقة هي "العدم الشفاف" الذي يتحول إلى "الشواش" بعد أن تحرّكه الروح ، الشواش هو الضباب الذي لا يخفي وراه شيئاً، بل يتخفى وراء كل الأشياء.
فإن كانت الروح رافضة لاكتشاف الحقيقة ومواجهة الوحدة إلى الحد الذي تضلل فيه نفسها، فستعمد إلى "إعادة تشكيل الضباب" بهندسة معقدة توحي بأنه ليس ضباباً، من خلال تثبيته وترسيخه وبناء أسس تنظيمية وواقعية للهلاوس التي ينشؤها. تجعله عالماً مُحكماً ومُقنِعاً، وتتجاهل أنها الوحيدة التي تراه، وأن سعته الحقيقية لم تتجاوز قياس محيطها الجسماني، لا أكثر..
ككائن وحيد، نشأ آدم في أعماق الليل المظلم الخالي من الكائنات، ماشياً في الحديقة السرية وحيداً، على ضياء القناديل التي لا يراها أحد غيره، آخذة بيمينه الرغبة الجامحة بلقاء روح حقيقية، ولأنه الروح الحقيقية الوحيدة فكّر بتحطيم نفسه إلى أجزاء حتى يتمكن من الإحساس بمحدوديته وبالتحديات والأهداف والعيش في سرديات صغرى تمكنه من تحمل وحدة الوجود.
هذه هي الرؤية النهائية للوجود في الأساطير اليونانية، من العدم جاء الضباب، ومن الضباب جاء الشواش، ومن الشواش جاءت الأرض والسماء، ومنها جاءت كل الأشياء، رؤية مأساوية عدمية لا تحمل طريقة التفكير البسيطة لإنسان بدائي مقبل على الحياة، بل طريقة التفكير العميقة لوعي يواجه أسوء ما تحتمله الحياة بشجاعة وصدق ... ولا يهرب من قدره إلى عوالم الوهم الذهنية أو سكرة الواقع المادي.
مرايا تعكس أفكار الروح في سُحُب مادية لا وجود لها إلا على سطح المرايا الزجاجي ؟
كما تكون المرايا شفافة وصافية ، فإن حقيقة العالم الموضوعي المطلقة هي "العدم الشفاف" الذي يتحول إلى "الشواش" بعد أن تحرّكه الروح ، الشواش هو الضباب الذي لا يخفي وراه شيئاً، بل يتخفى وراء كل الأشياء.
فإن كانت الروح رافضة لاكتشاف الحقيقة ومواجهة الوحدة إلى الحد الذي تضلل فيه نفسها، فستعمد إلى "إعادة تشكيل الضباب" بهندسة معقدة توحي بأنه ليس ضباباً، من خلال تثبيته وترسيخه وبناء أسس تنظيمية وواقعية للهلاوس التي ينشؤها. تجعله عالماً مُحكماً ومُقنِعاً، وتتجاهل أنها الوحيدة التي تراه، وأن سعته الحقيقية لم تتجاوز قياس محيطها الجسماني، لا أكثر..
الحياة في الأساطير اليونانية هي "روح امرأة بلا جسد" .. الوجود روح أنثوية قاطنة في الضباب الأبدي الرامز إلى السراب ، وحقيقة الضباب هي الظلام الرامز إلى العدم ..
اسمها "أخليس"...
تكوّن العالم من شواش ، تكوّن الشواش من مقاومة الحياة للضباب ، أخليس .. حسرة الوجود حين أراد الخروج من الظلمات فبث العالم من رغبته بالخروج.. وأدرك في نهاية المطاف أنه لا زال في الظلمات وأن كل ما حدث كان سراباً ، وحينها أدرك الروح أنه لا يخرج من الظلمات إلا في حيز الوجود الذهني الذي يرمز الضباب إليه. وفي النهاية كل شيء يرتد إلى الشواش والشواش يرتد إلى أخليس ، إلى حالة الروح في الضباب الأبدي.
تكوّن العالم من حالة "الهيولى المادية" التي انفجرت لسبب مجهول مكوّنة الدخان الكوني ، ومن ضباب الكون توالدت الكواكب والنجوم والمجرات ، وجاء كائن واعي قادر على رؤية هذه "الصيرورة" للضباب الكوني ، رافضاً حدوده الوجودية ، قرر الإنسان اقتحام الضباب وكشف أسرار الحياة ، فأنشأ الميتافيزيقا والعلوم المادية وفي النهاية فهم أن ما يعرفه الذهن موجود في الذهن فقط، وما يعرفه الجسم موجود في المجال المادي ، وأن محاولة الإنسانية التمرد على المجال المادي وكشف "الحقيقة" باءت بالفشل، ومحاولة الإنسان تحرير كينونته من المجال المادي لم تجد نفعاً وكانت تحقق محض ما يسمح به المجال المادي نفسه ، وكل وعود الحضارة بتجاوز الآفاق وكشف النهايات فشلت في البقاء ، حين أدرك الإنسان أن "المجال الذهني" و"المجال الواقعي المادي" منفصلان تماماً عن بعضهما ، وفي حين حاولت الحداثة أن تجعل الإنسان إلهاً على العالم ، كشفت ما بعد الحداثة أن الإنسان لن يكون إلهاً على العالم ولن يتجاوز كينونته إلا بطريقة واحدة وهي "العيش في ذهنه" وبالتالي لا يغير الواقع، وإنما "يعزل نفسه" عن الواقع… كما كشفت أخليس أنها كانت تنسج حكايا الزمن حتى تعزل نفسها عن جداره العتيد ، حيث لا شيء إلا الخلاء ، ولا بوابة للعبور..
ككائن وحيد، نشأ آدم في أعماق الليل المظلم الخالي من الكائنات، ماشياً في الحديقة السرية وحيداً، على ضياء القناديل التي لا يراها أحد غيره، آخذة بيمينه الرغبة الجامحة بلقاء روح حقيقية، ولأنه الروح الحقيقية الوحيدة فكّر بتحطيم نفسه إلى أجزاء حتى يتمكن من الإحساس بمحدوديته وبالتحديات والأهداف والعيش في سرديات صغرى تمكنه من تحمل وحدة الوجود.
هذه هي الرؤية النهائية للوجود في الأساطير اليونانية، من العدم جاء الضباب، ومن الضباب جاء الشواش، ومن الشواش جاءت الأرض والسماء، ومنها جاءت كل الأشياء، رؤية مأساوية عدمية لا تحمل طريقة التفكير البسيطة لإنسان بدائي مقبل على الحياة، بل طريقة التفكير العميقة لوعي يواجه أسوء ما تحتمله الحياة بشجاعة وصدق ... ولا يهرب من قدره إلى عوالم الوهم الذهنية أو سكرة الواقع المادي.