سيد الأحجار السبعة
عابر الزمن الثالث
البوابة الأولى : الروح سجينة في الدماغ والدماغ سجين في الجرة
الدماغ المعزول Isolated Brain هو نموذج زمني لإحدى الحالات الممكنة للتحكم بوجود الروح باستخدام ارتباط الدماغ معها، يمكن تحقيق هذا التقييد استناداً إلى آلية عمل الدماغ المادية وبقاء الروح في ارتهانه، في هذه الحالة يكون تقييد الروح أو الذات محققاً عبر عزل الدماغ الحي الذي يقيد الروح عن البيئة المادية الخارجية الأساسية ( مهما كان شكلها ) وعن جسد الكائن نفسه وتقييد هذا الدماغ ببيئة أخرى، مما يقطع الاتصال الحسي بالعالم الذي كان يراه ويحسه عبر منافذ جسده، ومن الممكن حينها صنع محاكاة زمنية لحياة افتراضية لا تمت للواقع الأساسي بصلة، وهذا يحتاج إلى توفير بيئة بديلة عن البيئة الأصلية وآلة تغذي الدماغ وتوفر حاضنة له عوضاً عن الجسد.
وبشكل أكثر تجريداً يمكن أن نقول إن الروح ترتبط بشي وسيط بينها وبين الواقع الحقيقي ، ومن يتحكم بهذا الشي الوسيط يمكنه توجيه الروح وعزلها عن الواقع الحقيقي الذي تتصل به عبر هذا الوسيط ، ففي النهاية قد لا يكون الوسيط نوعاً من الدماغ الذي نعرفه، خاصة وأن الواقع الحقيقي ليس مجرد إشارات كهربائية يترجمها الدماغ دون إدراك لحقيقتها.
يمكن تصوير الأمر على النحو التالي :
- أن هناك حاملاً للذات الحقيقية ( الروح) منفصلاً عنها ويشكل صلة الوصل بين إدراكها وتفاعلها وبين العالم الحقيقي ( الأصل ).
- وأن هذا الحامل يسمح للروح بالاتصال بالعالم الحقيقي من خلاله فقط.
- وأن عزل اتصال هذا الحامل الوسيط عن العالم الحقيقي وربط اتصاله بعالم افتراضي أو بمحاكاة زمنية غير حقيقية، يمكن أن يجعل الروح تنسى ذلك العالم الأصل وتقع تحت تقييد العالم الجديد وتفاعلاته وعلاقاته وتعزيزاته ومكافآته ومتناقضاته.
فإذا قلنا إن الذات الحقيقية هي أ والعالم الحقيقي هو مجموعة أ ، والوسيط ب ، وإدراك الذات للعالم هو ج وتفاعلها مع العالم هو د، فإن تغيير ج ود لا يعتمد على تغيير أ ومجموعة أ، بل على التأثير على (ب)، وهذا التأثير الممارس على ب من شأنه أن يغير ج ود يخلق عالماً جديداً يمكن تسميته بالمجموعة ج أو المجموعة د ، أو المجموعة ج-د.
إذن ، أ المعزولة عن الحقيقة ، تتصل بعالم افتراضي (مجموعة ج-د) ، وهي مجموعة جزئية ومقيدة ومشوهة من العالم الحقيقي (مجموعة أ) والسبب في كل ذلك أن الوساطة ب عزلت بين أ والحقيقة، وربطت بينها وبين ج-د (العالم الافتراضي الجزئي).
إذن ، أ المعزولة عن الحقيقة ، تتصل بعالم افتراضي (مجموعة ج-د) ، وهي مجموعة جزئية ومقيدة ومشوهة من العالم الحقيقي (مجموعة أ) والسبب في كل ذلك أن الوساطة ب عزلت بين أ والحقيقة، وربطت بينها وبين ج-د (العالم الافتراضي الجزئي).
الصورة النموذجية لدماغ معزول عن العالم الحقيقي ومربوط بمحاكاة حاسوبية
الروح الأسيرة في الدماغ ترى أشياء يصنعها الحاسوب المتصل به وتعتقد أنها ترى الحقيقة
الدماغ المعزول أحد أشكال "السيطرة الزمنية المطلقة" على الأرواح في الزمن المادي ، إذا أنك تستطيع عزله عن الواقع الأساسي المشترك بينكما عزلاً كاملاً، وتوفير واقع بديل من خلال المحاكاة الرقمية التي تصل إلى الدماغ على هيئة نبضات كهربائية تحاكي الإشارات الأصلية التي كان يترجمها الدماغ من الواقع المادي المشترك بينكما.
ومع ذلك فلا ينبغي فهم الموضوع من هذا المشهد وحده، فيمكننا أن نقوم بفهم العلاقة السابقة على نحو أكثر تجريداً ومطلقية، فالدماغ يرمز في عالمنا للوسيط التفاعلي بين الروح والعالم المادي، ولكن الوسيط في العالم الأصل لا يجب أن يكون دماغياً أو حتى مادياً بالمعنى الذي نفهمه، قد يكون شيئاً غير موجود في مفاهيم عالمنا الحالي، بما أنه افتراضي بالكامل فمن الطبيعي أن هناك أشياء تنتمي للحقيقة لا يعبر عنها ولو على نحو التصوير، ومع ذلك فالوظيفة الوجودية للدماغ بالنسبة للحياة، يمكن أن تكون أكثر شمولية وكلانية إذا فهمنا أن الدماغ هو (الوسيط) وأن العالم الحالي يحتاج إلى وسيط يشابه الدماغ، بينما العالم الأصلي قد لا يكون وسيطه ذو قوام مشابه للدماغ.
العالم الحالي الذي تراه، يعلن لك أنه افتراضي مباشرة، لأنك لا تستطيع التيقن من مطابقته لنفس الأمر، أي أن ما تراه لا يكفي لنفي صحة قضية ( المادة لا وجود لها ) أو بتعبير دقيق
_ ( وجود الأشياء المادية وعدم جودها أو وهميتها لا يتوقف إلا على مدى اكتراثك به)
– كل من الوهم والواقع المادي لا يحملان معنىً ذاتياً وقيمة جوهرية مستقلة عن التفاعلات بينك وبينهما، كلاهما نفس الشيء مساويان في وجودهما لوجود لعبة الكترونية، ولا يختلفان إلا بمدى شدة تفاعلك الموضوعي مع أحدهما،
_ ليس هناك حقيقة ذاتية في الوجود المادي لا تعتمد واقعيتها على مقدار التفاعل الموضوعي بينك وبينها
إذا كانت معرفتك بالعالم مادية بالكامل، ليس ممكناً نفي صدق ما تقوله هذه القضايا الوجودية والمعرفية على الواقع المادي الذي أمامك، لا من الناحية العقلية ولا من الناحية الإدراكية، فأنت لا تدرك أن المادة حقيقة عندما تجرّد الإدراك من الأبعاد غير المادية كالحدس، ولا يسعك إثبات أنها حقيقة بالاستناد إلى استدلال عقلي له مقدمات تنتمي للواقع المادي نفسه ( لأن هذا استدلال دائري من فئة : عالم المادة حقيقة، وعالم المادة يقول أن المادة حقيقة إذن عالم المادة حقيقة ).